التقــرير الســياسي الشهري لحزب الوحدة (يكيتي)

تدخل منطقة الشرق الأوسط ، مرحلة إرهاصات جديدة وسط تشابك المسارات ، حيث تنشط الإدارة الأمريكية في لعب دورها الفاعل لإعادة ترتيب الأولويات بدءاً بمواصلة حشد وتنسيق مواقف الأسرة الدولية حيال ملف إيران النووي، ووضع حد لسياسة الاستيطان الإسرائيلية، مروراً بتحضيرات الانسحاب العسكري من العراق، وتعزيز دور مؤسسات الدولة اللبنانية، ووصولاً إلى تشديد الحصار وملاحقة الجماعات الإرهابية في كل من أفغانستان وباكستان.

إلا أن تحقيق أي تقدم على صعيد تلك المسارات ، وخاصة في العراق وأفغانستان،  يبقى مرهوناً إلى حد كبير بإحراز تقدم ملموس على طريق الحل السلمي للصراع العربي الإسرائيلي، وهو ما يدفع إدارة أوباما لممارسة الضغط على إسرائيل لقبول مشروع حل الدولتين ، وتوجيه رسائل واضحة بفتح قنوات الحوار مع إيران، تزامناً مع انتعاش التواصل الأمريكي السوري الرسمي.
وفي حين تترقب فيه الإدارة الأمريكية تشكيل حكومة لبنانية جديدة ومآلات الاحتجاجات والأوضاع الداخلية في إيران، فقد تجدد الحديث عن احتمال توسيع وتشديد العقوبات الدولية حيال إيران، والإشارة ،بين حين وآخر، إلى لغة الحرب عبر تصريحات صادرة من هنا وهناك.
ورغم إمكانية الحوار تحت الطاولة مع الإدارة الأمريكية، فإن احتمالات التصعيد معها من جانب طهران، لا تزال واردة للتغطية على حقيقة ما يجري في الداخل الإيراني من صراعات ، واتهام الإصلاحيين فيها بالولاء للخارج .

إلا أنه من الواضح أن النظام الإيراني لم يعد، كما كان سابقاً بالنسبة لحلفائه في المنطقة، سنداً يمكن الركون إليه.


وتأتي أهمية استئناف المفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة بوساطة الجانب التركي وتشجيع أمريكي ، ليغتنم الجانب السوري فرصةً لفتح صفحة جديدة من العلاقات مع واشنطن وليلعب دوراً غير متصادم مع التوجهات العامة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وعلى الصعيد العراقي كان الحدث الأبرز هو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في إقليم كردستان ، حيث تجسد النصر والنجاح في سلامة وحرية تلك الانتخابات ونزاهتها، وبروز حقيقة التعددية السياسية، وارتفاع نسبة التصويت، حيث حصلت قائمة التحالف الكردستاني للحزبين الرئيسيين (الإتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني) على نسبة تفوق 57 % ، لتليها قائمة التغيير ومن بعدها قائمة الخدمات والإصلاح .

وكان النجاح المتوقع للأخ مسعود البارزاني رئيساً للإقليم لدورة أخرى ، معبراً عن مواكبة مواطني كردستان العراق واهتمامهم بمصير إقليمهم، والحرص على حماية تجربة الديمقراطية فيه ، والتأكيد على التعامل الديمقراطي واحترام حقوق الأفراد والجماعات، واعتماد الشفافية على طريق مكافحة أوجه الفساد والمحسوبية ، وذلك صوناً لما تحقق من مكاسب ، للمضي قدما ً في عملية البناء، وحل الإشكالات القائمة مع الحكومة المركزية في بغداد وفق الدستور.
وفي مجالنا الوطني، فإن قضايا البطالة والفقر تبقى تشكل الشغل الشاغل لاهتمامات الشعب السوري بشكل عام، حيث بات الحصول على فرصة عمل حلماً يصعب تحقيقه ، وتتسع دوائر الفقر بشكل مضطرد لتشمل أكثرية الأسر في الريف والمدينة ، وذلك جراء فساد إدارات الدولة ونهب المال العام وغياب برنامج حقيقي للإصلاح ، تزامناً مع حالة الاستبداد والقمع بحق الرأي الآخر، وكذلك التردي الفاضح في أحوال القضاء والتربية والتعليم.
ورغم المناخات الجديدة التي عنوانها تحضيرات التوقيع على اتفاقية الشراكة السورية الأوربية، وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية والمجموعة العربية، وكذلك الاستعداد لإستئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، ليست ثمة بادرة توحي بانفراج ما ، أو فتح صفحة جديدة من التعامل مع قضايا المواطنين وملفات الداخل السوري ، التي من بينها الشأن الكردي وأوجه الحرمان والمعاناة التي يقاسيها الشعب الكردي جراء العديد من السياسات الإستثنائية والتمييزية، وكذلك المراسيم والقوانين الخاصة التي تخدم فرض سياسات التعريب والصهر بحق الكرد، تحت يافطة (الدفاع عن العروبة) ومقتضيات (المصلحة العامة)، هذا ناهيك عن استمرار التضييق والإستدعاءات الأمنية والاعتقالات الكيفية بحق النشطاء في المجتمع عرباً كانوا أم أكراداً …
في 31-7-2009 
اللجنة السياسية

لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا(يكيتي)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…