المتضررين من الكتابة النقدية كرديا ً

زيور العمر

بعد أن إستفاقت الأحزاب الكردية في سوريا و رموزها , على وقع التأثيرات التي خلقتها الكتابات النقدية  , في الأونة الأخيرة , في الشارع الكردي , و بين الشرائح السياسية و الإجتماعية التي تتابع بقلق بالغ , ما تشهدها الساحة السياسية الكردية , من حالة ضعف و إنقسام و تردي , غير مسبوق , سيما و أنها تأتي في مرحلة خطيرة , يتعرض فيها الشعب الكردي لسياسة تصفية عنصرية و شوفينية على جميع المستويات , و عجز الأحزاب الكردية عن مواجهتها , أو حتى مجرد  تحذير النظام من تداعيات و نتائج سياساته , من خلال التلويح بإجراءات و خطوات , بإمكانها إلقاء الأذى به , و بمكانته بين المجتمع الدولي , طل علينا بعد سبات عميق من يحاول أن يخرج النقاش من مساره الطبيعي , المتجه الى المحطة التي من الواجب الوصول إليها , لمعرفة ما يجري على الأرض , من حقائق و وقائع , مهما كانت قاسية و مؤلمة في حقنا , كشعب و قضية و حركة , و ذلك بعد مرور أكثر من نصف قرن , من الإنكسارات و الهزائم و تلقي الضربات العنصرية و الحاقدة , الواحدة تلو الأخرى .
و لعل السؤال الملح هنا , هو : لماذا الهجوم على الرأي الأخر من بعض المثقفين الكرد , دون غيرهم ؟ و من هم المقصود حسبهم ؟ أي أننا أمام حالتين : القصد من الكتابة المضادة في إتجاه الرأي الأخر , و المقصود منها .

وقبل الحديث عن المحور الأول , لا بد في مقابل تصنيف المثقفين أو أصحاب الكتابات النقدية , من تصنيف المتضررين من الكتابات النقدية هذه .

لا شك أن المتضرر الأول هو الأحزاب الكردية و قياداتها و المدافعين عن نهجها و ممارساتها و أفعالها , لأن الجاني و المتستر عليه سيان , و المتضرر الأخر هو ثلة من المثقفين الكرد الذين يعتقدون أن بإمكانهم أو من حقهم , توزيع صكوك حول أحقية إبداء الرأي أو النقد أو المشاركة في مناقشة شأن عام .
 فهؤلاء المثقفون إعتقدوا أنهم تسيدوا منصة الكتابة السياسية و الصحفية , و أن لا أحد يحق له أن يتجاوز أو يخرج عن المعايير التي تثبتت على أيديهم , و لكن الأهم من كل ذلك أن إستيائهم كان مصدره , من الأساس, الإنتشار الواسع و الإحترام المتزايد لأصحاب الكتابات النقدية التي تتعرض لممارسات الأحزاب الكردية , و تفضح مؤامراتها , و تعري ممارساتها أمام الرأي العام الكردي , الأمر الذي أمن لأصحابها موقعاً متقدماً في الصحافة الإلكترونية , و مصداقية لدى الجمهور الكردي .

فالقيادات الكردية عجزت في مواجهة الكتابات النقدية عن تبرير تصرفاتها , و إخفاء آثار جرائمها بحق شعبها , ووجدت نفسها في مواجهة شريحة جديدة من المثقفين الكرد , الذين ينشدون التغيير , و يحاولون تشييد الطريق أمام البديل الحقيقي القادر على حمل المسؤولية التاريخية , و يتحدثون بلغة الحقائق و الأرقام .

وكان لا بد من هذه القيادات , في مواجهة هذه الشريحة الجديدة , أن تستعين ببعض المثقفين الذين يدورون في فلكها , بعد أن حازوا على صك الصداقة معها , مستفيدة من نزعاتهم الإنتهازية المتطلعة الى الوجاهة الإجتماعية في مضافاتها, على حساب المسؤولية الأخلاقية و الإنسانية و التاريخية .

فكما أغلقت القيادات الكردية  الأبواب في وجهة التنافس الحر على منصب المسؤولية , مما أدى الى تفريخ أكثر من دزينة أحزاب , يفعل بعض المثقفين نفس الشيء في مقابل ظهور أصوات جديدة , و كتابات حديثة عصرية , من خلال التشكيك في نوايا أصحابها , و إعتبار كتاباتهم مجرد تصفية حساب لا غير.

 
 لا شك أن الآراء السطحية , و الإتهامات الغير مسندة بحقائق , و لا أصحابها هم المقصودون , لأن المتضرر , و نعني به الأحزاب الكردية و رموزها القيادية و المتعاطفون معها  , يعي وعي الشارع و الجمهور الكردي , و يدرك أن ما يخرج بين الحين و الأخر من كتابات بهذا الشكل , لا تلق أي إهتمام , ناهيك عن الأخذ بها , و نعي تماما ً أن المقصود , هم أولئك الذين يحيطون بخفايا الأمور من آلاعيب و ممارسات هدامة , و يعرفون الأحزاب الكردية , و طبيعة قياداتها , و طريقة تفكيرها , و سقف ما يمكن أن تذهب إليه من أفعال و تحركات , علاوة على أن هذه الكتابات تلامس هموم الشارع , و تعبر عن هواجس الجمهور و قلقه حيال المرحلة القادمة .


و إذا قرر هؤلاء أخذ جانب الأحزاب الكردية , و التبرع بالدفاع عن ممارساتها و سياساتها , فإن عليهم أن يخرجوا ما في جعبتهم , من فنون الرد و الدحض و النقض في مواجهة الكتابات النقدية المسؤولة , و ليس التشكيك بنوايا اصحابها , و خلفياتهم , و في ما يخبئها القلوب .

في مواجهة المرحلة الراهنة , لا بد أن يحدد هؤلاء موقفهم بكل وضوح , و أن يعبروا عن أراهم بشفافية و صدق , و يجاوبوا عن السؤال الأساسي التالي : هل الحركة الكردية , الممثلة بأحزابها القائمة الآن , قابلة للإصلاح , أم لا ؟  و ليس تصنيف المثقفين و الكتابات السياسية النقدية و أصحابها , فهل أنتم على إستعداد للنقاش و الحوار ؟ نننتظر الرد .
27/07/2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…