قتلة الحلم الكردي

حسن خالد
 قبل الخوض في هذا الموضوع لابد لي من القول أن توجهي في كتابة الموضوع سيكون فكرياً اجتماعياً وليس سياسياً مع علمي التام أنه لا يمكن فصل السياسي عن غيره إلا نظرياً، عموماً القضية الكردية ليست وليدة هذه المرحلة، إنما هي موغلة في عمق التاريخ بتراكماته السياسية والمؤامرات من الأطراف القوية الفاعلة ( الأقليمية والدولية) من جهة وبين الأطراف الداخلية والاقليمية من جهة أخرى،
 لكن لايمكن رمي كل شيء في سلة التاريخ دون ذكر الجغرافية من خلال الموقع الهام الذي جلب النقمة والدمار كقدر لا يمكن الفكاك منه لشعوب هذه المنطقة ،لست هنا في موضع السرد التاريخي لقضية شعب أبى إلا أن يحمل قضيته حتى في أحلامه بعد أن منع من تحقيقه في واقعه الذي يتميز بالأحمر والأسود وقليل من البياض ، لا كون أصحاب القضية يريدون ذلك ، بل لأنه فرض عليهم بالحديد والنار ،فتاريخ الدول الحديثة لازال فيه الكثير من المصالح القليل من المبادىء وما واقع الجغرافية السياسية في منطقتنا إلا ضحية هذه القاعدة، فنتيجة تضارب المصالح بين القوي و الأقوى من جهة والضعيف والأضعف من جهة أخرى ، والعلاقة التي ربطت بين تلك الأطراف بتشعباتها ، نرى واقع حال الكرد، وإن بدأ اتجاه سياسي في الغرب يلتفت إلى هذه الكارثة والجريمة السياسية والإنسانية بكل ما تحمله العبارة من معنى،لا أريد أن يكون الموضوع سرداً لذا فحري بنا أن ندخل في لب الموضوع وهي وجهة نظر كما يراها الكاتب دون نكران لزواية الرؤية لدى الآخرين، فكلنا ينظر لما حوله ويتناوله من الزاوية التي يراها بأنها الصائبة دون غيرها من الزوايا ، وتقبلنا لزوايا الآخرين هي من مقومات ثقافة الحوار والأعتراف بحق الآخر في إبداء وجهة نظره مع مراعاة النظرة العامة لأصحاب القضية ( وكلنا أصحاب قضية) ولا يحق لأي طرف احتكار الحقيقة والتفرد بالقضية وكل من مكانه وبحسب ظروفه ، يمكن من العنوان أن نحدد القتلة للحلم الذي يراود أكثر من (45) مليون كردي، مع علمي أن الكثير سينتقدون هذا الرقم ويعتبرونه مبالغ فيه ، لست هنا في عرض ديمغرافي للكرد وعددهم، وكما أسلفت يمكن تحديد القتلة بحسب تأثيرهم في مجرى القضية 1- الدول ذات القرار: وهي مجموعة الدول التي برزت بعد الصراع الذي جرى فيما بينها في القرن التاسع عشر/ فرنسا – بريطانيا –ألمانيا- روسيا القيصرية… الخ/ والتي تصارعت من أجل مد نفوذها خارج حدود أمبراطورياتها، ونتجت عنها تقسم للدول وتفتيت لوحدة الشعوب،؟؟؟؟ مستغلة الوضع العثماني المتخلف؟ 2- الدول الأقليمية: وهي مجموعة الدول المحيطة التي برزت كنتيجة لصراع الدول القوية صاحبة القرار، وتناغمت مع سياساتها ومصالحها وتقبلت الأمر كما هو في الواقع وإن تظاهرت بمحاربتها لتنال الشرعية أمام شعوبها ؟ ورضا دول القرار.

3- فئات محلية في الجسم الكردي: وهي أيضاً فئات تناغمت مع العزف الإقليمي، الذي بدوره تناغم مع العزف الدولي ، وبالتالي تلاقت مصالح كل هذه الجهات ليساهموا في وأد أي حلم يمكن أن يتحقق في الواقع الكردي .

عموماً لايمكن في هذه العجالة، أن نعطي الموضوع حقه،فالدول ذات القرار هي دول تبحث عن مصالحها / كفئة حاكمة أو حتى كشعوب/ ومنطقها مبرر، لكن ليس على حساب مصالح غير شعوبها ،وإن استغلت كل ما يمكن استغلاله لتمرير سياساتها وحماية مصالحها وتأمين استمراريتها على المدى المنظور والبعيد،وهي مستعدة لفعل أي شيء في سبيل تحقيق ما تصبو إليه ،فهي ديمقراطية إلى أبعد حدود بعيداً عن المصالح ، لكن عند التعارض ما بين المهم والأهم يمكن أن يضحوا بكل ما هو ديمقراطي وإنساني ،وطريقة تعاملهم مع الكرد في أجزاء كردستان الأربعة ، خير دليل على ذلك ؟ فطالما أن للكرد قضية مشروعة ، فكيف يمكن تبرير أعمال جهة ما ، واللامبالاة تجاه ما يمارس بحق جهة أخرى وكلهم كرد أصحاب نفس القضية وإن اختلفت الوسيلة في التعبير عنها؟ ثم كيف يمكن لي ككردي / من عامة الشعب/ فهم التعاون غير المحدود بيت أنظمة القرار العالمي وأنظمة القمع الشرقية عموماً والتي تتحكم بمصير الشعب الكردي خصوصاً، وتقديم التسهيلات الاقتصادية والحوافز المختلفة فقط لتقدم الطاعة، مع اعترافي بأن جماعات الضغط في دول القرار فاعلة وتتحرك ضمن هامش كبير من الحرية والحراك الاجتماعي قبل السياسي، لكن السياسة هي لعبة الأذكياء إما أن تكون فيه لاعباً وتنال رضا واحترام خصمك ، أو تكون مجرد متفرج حتى في حيزك الجغرافي، وما يجري في لبنان لهي رسالة إلى الكرد قبل غيرهم كي يكونوا حذرين من ضبابية المواقف الغربية، واستغلال تركيا وإيران للوضع كي تحاولا عبر تحالف شيطاني النيل من التجربة الكردية الرائدة بحسب المقاييس الزمنية والامكانات المتاحة بحجج واهية لايمكن هضمها بسهولة، حتى القيادة الكردية في كردستان الجنوبية رغم الحسابات الدقيقة/ سياسياً/ لا تهضم المشاريع المعلن عنها وما خفي أعظم؟؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…