صلاح بدرالدين
قبل أعوام وخلال زيارة الرئيس السوري الى – برلين – تنادى أبناء الجالية الكردية السورية لاجتماع احتجاجي سلمي بعد الحصول على الموافقة القانونية للسلطات الألمانية أمام مقر اقامة الوفد السوري للتعبير عن استنكارهم لما يجري بحق ذويهم في الوطن من اضطهاد قومي وحرمان من الحقوق الأساسية ومطالبتهم بتلبية الحقوق القومية المشروعة وفي مقدمتها اعادة الجنسية الى المسلوب منهم لأسباب عنصرية بغيضة ورغم الطابع السلمي للاحتجاج وتواجد قوات الأمن الألماني بكثافة لوحظ تجمع من عشرات العناصر التابعة لتنظيم حزب الله اللبناني في الجانب الآخر جاء بهم أمن السفارة السورية من الشطر الغربي لبرلين لحماية الرئيس السوري !! .
عندما كان الرئيس السوري يهدد الشهيد رفيق الحريري ومن بعده رموز وقادة قوى الحركة الديموقراطية واستطرادا أغلبية الشعب اللبناني لم تكن أداته التخويفية المنفذة الضاربة سوى ” حزب الله ” رغم كل محاولات الكتمان .
وعندما تهدد قيادة جمهورية ايران الاسلامية الأعداء والخصوم على المستويين الاقليمي والدولي فالأداة الرئيسية تكمن في ” حزب الله ” .
وعندما قررت الجمهورية الاساءة الى المملكة العربية السعودية والانتقام من مواقفها أو محاولة فرض الاملاءات عليها كلفت ارهابيي ” حزب الله – لتنفيذ جريمة – الخبر – المعروفة وعلى نفس المنوال تعاملت مع الأردن ومصر وتركيا والأرجنتين وغيرها .
وعندما قررت الجمهورية الاسلامية تصفية خصومها من المعارضة الوطنية الكردية في برلين – الشهيد شرف كندي ورفاقه – لم تجد سوى أنصار حركتي – أمل – و” حزب الله ” كأدوات لتنفيذ الجريمة .
وعندما أراد النظام السوري ضرب المقاومة الفلسطينية في لبنان نفذ جريمته النكراء المعروفة بحرب المخيمات بواسطة مسلحي حركة – أمل – .
أردنا التذكير بهذه الحقائق ليس من أجل تبرير العدوان الاسرائيلي الهمجي على لبنان أو اغماض العين عن النتائج الكارثية للآلة الحربية الصهيونية التي تقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتقتلع المواطنين من ديارهم وتحرق الأخضر واليابس وتهدم البيوت على رؤوس أصحابها نعم ليس من أجل كل ذلك بل من أجل أن نقول أن الحرب الدائرة التي فجرها ” حزب الله ” أو أعطى ذريعة لتفجيرها لافرق كانت رسالة من المحور السوري – الايراني لتحسين شروطه التفاوضية مع الادارة الأمريكية حيث لكل نظام منهما مشاكله وملفاته الخاصة به وكما يبدو لم يكن في نية هذا المحور أن يكون الرد على رسالته بهذه القوة والحجم حيث الجواب الاسرائيلي فاق توقعات الجميع , قد يجوز أن مصلحة هذا المحور كانت تقتضي تحويل الأنظار عن أزمات النظامين وكسب الوقت اللازم لتجاوز مسألة التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري بالنسبة لسورية ومنح المهلة الكافية لتخصيب اليورانيوم بالنسبة لايران ولكن بدأت الأمور تسير في اتجاه آخر : مزيد من التوافق الدولي حول تحجيم ” حزب الله ” ونشر القوات الدولية في الجنوب وتفعيل سيطرة الحكومة الشرعية اللبنانية على مقدرات البلاد وترسيم الحدود اللبنانية – الاسرائيلية واللبنانية – السورية الذي كان يرفضه النظام السوري طوال عقود بالاضافة – وهذا هو الأهم – سحب البساط من تحت أرجل قادة المحور السوري – الايراني وتوابعه من جماعات – الاسلام السياسي – في لبنان والعراق وفلسطين وعودة المبادرة عربيا الى أيدي الطرف الآخر وهو محور الاعتدال بقيادة السعودية مع استحواذه على مباركة أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية , فليس من المصادفة أن تكون السعودية أول من افتتحت باب التبرعات والهبات وبسخاء من اجل اعمار لبنان ودعم فلسطين وكذلك وصول أول طائرة اردنية الى مطار بيروت لنقل الجرحى والأمر لا يخلو من معان عميقة أولها عزلة وتراجع نظامي سورية وايران المعنيين – افتراضا – بالوضع اللبناني والشريكين في اشعال الفتنة وتدمير لبنان وتهجير شعبه في سبيل مصالحهما الضيقة .
من الملاحظ أن مجموعات – الاسلام السياسي – بدأت تسلك دروبا جديدة في العقدين الأخيرين خاصة بعد حصول فراغ وردات في العمل الوطني نتيجة فشل برامج البعث والحركات القوميةمن أصحاب الشعارات الفضفاضة وطغيان الاستبداد في النظام العربي الرسمي , ومن هذه الدروب – تقمص – دور واسم المقاومة ومحاولة التسلل الى أطر حركات التحرر الوطني علما أن تلك المجموعات لا تنطبق عليها سمات ومزايا التحرر لامن قريب أو بعيد فهي – المجموعات – لاتمثل الطيف الوطني العام كما هي حال حركات التحرر الوطني في المنطقة والعالم بل تنطلق من أطر أديان ومذاهب بعينها وتمارس السلطتين الروحية والاقتصادية بل تحولت أغلبيتها الى طغم مالية تتحكم بمصائر الملايين وتستغلهم آيديولوجيا وتحولهم الى أدوات أمنية في خدمة المجموعة ومنظومات – الاسلام السياسي – تتوزع أساسا بين قطبي – الطائفية السياسية – من جهة أخرى اذا كان تاريخ حركات التحرر مليء بالشواهد في مجال مواجهة الاستعمار الكولونيالي والامبريالية فان جماعات – الاسلام السياسي – متورطة في التعاون مع هذا العدو الرئيسي للشعوب في حقب ومراحل محددة تحت يافطات وشعارات متنوعة , واذا كان أحد المبررات الأساسية لقيام ووجود حركات التحرر تحقيق الديموقراطية وحق تقرير المصير والكفاح من أجل ذلك فان مجموعات – الاسلام السياسي – وعلى رأسها ” حزب الله – هي الخادم المطيع لأنظمة الاستبداد المعادية للديموقراطية وحق الشعوب وحقوق المرأة وحقوق الانسان , وأخيرا اذا كانت حركات التحرر قد قامت أصلا من أجل التغيير والتقدم فان جماعات – الاسلام السياسي – في عصرنا الراهن تقف عقبة كأداء أمام سبل التطور والاصلاح مثل ما وقف ” حزب الله – ضد حرية لبنان واستقلاله وخلاصه من نير وصاية النظام السوري .
وفي الحالة الخاصة ” بحزب الله ” والأزمة اللبنانية واضافة الى ما تقدم فان مغامرة الحزب كانت عملا انفراديا تم دون التشاور مع ممثلي الشعب اللبناني والحكومة الشرعية بل جاء تحديا واضحا لمكونات لبنان الأخرى من طوائف وقوى سياسية ومؤسسات شرعية تلك المغامرة المجردة من أي أساس سياسي مقبول متوافق عليه أو مبرر وطني أو اجماع شعبي كلفت ثمنا غاليا من الضحايا البشرية والبنية التحتية للاقتصاد اللبناني لن تعوض بسهولة فهل يمكن أمام كل ذلك الادعاء بالمقاومة بمعناها التحرري الأصيل قبل معرفة طبيعة وتعريف من يدعي المقاومة ومقاومة من ؟ ومن أجل من ؟ وفي سبيل من ؟ وبأموال وسلاح من ؟
وعندما تهدد قيادة جمهورية ايران الاسلامية الأعداء والخصوم على المستويين الاقليمي والدولي فالأداة الرئيسية تكمن في ” حزب الله ” .
وعندما قررت الجمهورية الاساءة الى المملكة العربية السعودية والانتقام من مواقفها أو محاولة فرض الاملاءات عليها كلفت ارهابيي ” حزب الله – لتنفيذ جريمة – الخبر – المعروفة وعلى نفس المنوال تعاملت مع الأردن ومصر وتركيا والأرجنتين وغيرها .
وعندما قررت الجمهورية الاسلامية تصفية خصومها من المعارضة الوطنية الكردية في برلين – الشهيد شرف كندي ورفاقه – لم تجد سوى أنصار حركتي – أمل – و” حزب الله ” كأدوات لتنفيذ الجريمة .
وعندما أراد النظام السوري ضرب المقاومة الفلسطينية في لبنان نفذ جريمته النكراء المعروفة بحرب المخيمات بواسطة مسلحي حركة – أمل – .
أردنا التذكير بهذه الحقائق ليس من أجل تبرير العدوان الاسرائيلي الهمجي على لبنان أو اغماض العين عن النتائج الكارثية للآلة الحربية الصهيونية التي تقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتقتلع المواطنين من ديارهم وتحرق الأخضر واليابس وتهدم البيوت على رؤوس أصحابها نعم ليس من أجل كل ذلك بل من أجل أن نقول أن الحرب الدائرة التي فجرها ” حزب الله ” أو أعطى ذريعة لتفجيرها لافرق كانت رسالة من المحور السوري – الايراني لتحسين شروطه التفاوضية مع الادارة الأمريكية حيث لكل نظام منهما مشاكله وملفاته الخاصة به وكما يبدو لم يكن في نية هذا المحور أن يكون الرد على رسالته بهذه القوة والحجم حيث الجواب الاسرائيلي فاق توقعات الجميع , قد يجوز أن مصلحة هذا المحور كانت تقتضي تحويل الأنظار عن أزمات النظامين وكسب الوقت اللازم لتجاوز مسألة التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري بالنسبة لسورية ومنح المهلة الكافية لتخصيب اليورانيوم بالنسبة لايران ولكن بدأت الأمور تسير في اتجاه آخر : مزيد من التوافق الدولي حول تحجيم ” حزب الله ” ونشر القوات الدولية في الجنوب وتفعيل سيطرة الحكومة الشرعية اللبنانية على مقدرات البلاد وترسيم الحدود اللبنانية – الاسرائيلية واللبنانية – السورية الذي كان يرفضه النظام السوري طوال عقود بالاضافة – وهذا هو الأهم – سحب البساط من تحت أرجل قادة المحور السوري – الايراني وتوابعه من جماعات – الاسلام السياسي – في لبنان والعراق وفلسطين وعودة المبادرة عربيا الى أيدي الطرف الآخر وهو محور الاعتدال بقيادة السعودية مع استحواذه على مباركة أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية , فليس من المصادفة أن تكون السعودية أول من افتتحت باب التبرعات والهبات وبسخاء من اجل اعمار لبنان ودعم فلسطين وكذلك وصول أول طائرة اردنية الى مطار بيروت لنقل الجرحى والأمر لا يخلو من معان عميقة أولها عزلة وتراجع نظامي سورية وايران المعنيين – افتراضا – بالوضع اللبناني والشريكين في اشعال الفتنة وتدمير لبنان وتهجير شعبه في سبيل مصالحهما الضيقة .
من الملاحظ أن مجموعات – الاسلام السياسي – بدأت تسلك دروبا جديدة في العقدين الأخيرين خاصة بعد حصول فراغ وردات في العمل الوطني نتيجة فشل برامج البعث والحركات القوميةمن أصحاب الشعارات الفضفاضة وطغيان الاستبداد في النظام العربي الرسمي , ومن هذه الدروب – تقمص – دور واسم المقاومة ومحاولة التسلل الى أطر حركات التحرر الوطني علما أن تلك المجموعات لا تنطبق عليها سمات ومزايا التحرر لامن قريب أو بعيد فهي – المجموعات – لاتمثل الطيف الوطني العام كما هي حال حركات التحرر الوطني في المنطقة والعالم بل تنطلق من أطر أديان ومذاهب بعينها وتمارس السلطتين الروحية والاقتصادية بل تحولت أغلبيتها الى طغم مالية تتحكم بمصائر الملايين وتستغلهم آيديولوجيا وتحولهم الى أدوات أمنية في خدمة المجموعة ومنظومات – الاسلام السياسي – تتوزع أساسا بين قطبي – الطائفية السياسية – من جهة أخرى اذا كان تاريخ حركات التحرر مليء بالشواهد في مجال مواجهة الاستعمار الكولونيالي والامبريالية فان جماعات – الاسلام السياسي – متورطة في التعاون مع هذا العدو الرئيسي للشعوب في حقب ومراحل محددة تحت يافطات وشعارات متنوعة , واذا كان أحد المبررات الأساسية لقيام ووجود حركات التحرر تحقيق الديموقراطية وحق تقرير المصير والكفاح من أجل ذلك فان مجموعات – الاسلام السياسي – وعلى رأسها ” حزب الله – هي الخادم المطيع لأنظمة الاستبداد المعادية للديموقراطية وحق الشعوب وحقوق المرأة وحقوق الانسان , وأخيرا اذا كانت حركات التحرر قد قامت أصلا من أجل التغيير والتقدم فان جماعات – الاسلام السياسي – في عصرنا الراهن تقف عقبة كأداء أمام سبل التطور والاصلاح مثل ما وقف ” حزب الله – ضد حرية لبنان واستقلاله وخلاصه من نير وصاية النظام السوري .
وفي الحالة الخاصة ” بحزب الله ” والأزمة اللبنانية واضافة الى ما تقدم فان مغامرة الحزب كانت عملا انفراديا تم دون التشاور مع ممثلي الشعب اللبناني والحكومة الشرعية بل جاء تحديا واضحا لمكونات لبنان الأخرى من طوائف وقوى سياسية ومؤسسات شرعية تلك المغامرة المجردة من أي أساس سياسي مقبول متوافق عليه أو مبرر وطني أو اجماع شعبي كلفت ثمنا غاليا من الضحايا البشرية والبنية التحتية للاقتصاد اللبناني لن تعوض بسهولة فهل يمكن أمام كل ذلك الادعاء بالمقاومة بمعناها التحرري الأصيل قبل معرفة طبيعة وتعريف من يدعي المقاومة ومقاومة من ؟ ومن أجل من ؟ وفي سبيل من ؟ وبأموال وسلاح من ؟