ليست الركاكة حاجزا

  دكتور محمد أحمد برازي

الصديق العزيز مروان حمكو المحترم

السيد قهار رمكو مناضل كردى عانى مرارة السجن لمرات عدة، وقبلها كان يعاني من قساوة الحياة وضنكها.

هذا الإنسان الذي دهسته عجلة الحياة ووهنته زنزانات المحتل يكتب عن تجربة شخصية وينصح انطلاقا لما يراه صوابا، ليس من الإنصاف اعتبار ما يكتبه المناضل رمكو صفرا.

يلمس السيد رمكو جوانب الحقيقة في العديد من كتاباته.

وأيضا له تحليلات صائبة في نواح من معركتنا النضالية.

هذا الإنسان الذي ثقف نفسه بنفسه ودخل معترك الحياة السياسية عندما كانت الكلمة ممنوعة.

زج به في السجن لمرات، ليس بسبب جنح مدني أو مخالفة اقتصادية أو بسبب الاتجار بالبضائع المهربة؛ إنما كان دخوله السجن لنضاله السياسي ومن أجل قضية شعب ووطن مجزأ.

السيد رمكو يكتب العربية بمفهوم كردي، ربما لا يفهمه العربي جيدا، ولكن الكردي الذي يجيد البهدينانية يفهم مغزى السيد رمكو، ويتوصل إلى ما يقصده، والدليل على ذلك رد بعض المدافعين عن الأحزاب والمنظمات الكردية عليه.

اعتقد أنه لو لم يكن السيد رمكو مفهوما لهؤلاء لما ردوا عليه دفاعا عن تنظيماتهم.

لقد وصلتني رسائل بعد نشر المقابلة معه تخبرني أن السيد رمكو لا يخلو من العلاقة مع جهات مشبوهة.

آلمتني تلك الرسائل.

ووجدت المتهمين للسيد رمكو بصلاته مع الجهات غير المحبذة هم من الموالين لأحزابنا في الداخل.

ولا يخفى على أحد طبيعة النظام الشمولي، وبشكل خاص التخطيط الحكومي الرسمي في التغيير الديموغرافي لأراضينا الكردستانية في سوريا.

أقول لأصحاب الرسائل معتذرا أن السيد رمكو يعيش في دولة بعيدة عن الوطن بآلاف الكيلومترات، كما تفصله عن الوطن محيط وقارات ودول.

بالإضافة إلى هذا، لا أجهزة أمنية تهدد أمنه في موطنه الجديد، وكذلك فهو غير مهدد من قبل المحتل اقتصاديا.

بالنظر إلى هذا، لا يمكنني أن آخذ ما كتب إليّ في حقه مأخذ الجد.

أفهم السيد رمكو كتابة عندما أقرأ ما يخطه قلمه.

لا أجد في ذلك حرجا كما يشاع عنه من قبل منتقديه.

هذا لا يعني أنني أوافق السيد رمكو كل أفكاره، ولكنه، برأي، يلامس واقعنا السياسي في جوانب منه.

ولماذا نعيّب على الرجل لغته العربية متجاهلين ما يريد إيصاله إلينا.

أما لم يأتِ بجديد هذا لا يعني أن الحالي هو حديث، فالسيد رمكو يرى الواقع المتجلد منذ أيام الحرب الباردة، ويجاهد في الحت منه لكي يصار مجاريا مع ركب الزمن.

فالحركة الكردية الحالية لم تجدد شيئا على الساحة حتى يتناوله السيد رمكو.

وما تكراره لما يظنه البعض أنه ممجوج بما فيه الكفاية يعود إلى فقدان الحاضر لعناصر التجديد والسير في القديم المستهلك.

أرى أن السيد رمكو أحد المناضلين الكرد الذين ضحوا في فترة من فترات نضالهم بحريتهم ووقفوا من المحتل موقف الشجاع ودخلوا السجن لمرات، وهذا خير دليل على تميزه عن غيره.

لم يخلد السيد رمكو إلى الراحة عندما استقر الأمر به في دولة غربية، بل يتابع نضاله من هناك في تعريف معارفه من مواطني تلك الدولة بالكرد وبالقضية الكردية.

يتابع نضاله مع أبناء وطنه في الوطن والمهجر من خلال مشاركاته البالتوكية وكتاباته التي تأخذ عليه لركاكتها.

وهذا ليس خافيا ولكنها مفهومة للكردي المتتبع لقضيته.

أظن أننا سنفهم لهجة المارديني العربية أفضل من عرب دمشق وحمص ودرعا والسويداء، لا لأننا نفهم العربية أكثر منهم، بل لكون تلك اللهجة مشبعة بكلماتنا الكردية وكذلك بعباراتنا الصارخة.

على سبيل المثال عندما يطلب المارديني من أحد أن يزوره يقول بلسان عربي “أُضْرِبُوْنَا رأس” وهذه العبارة هي الترجمة الحرفية للكلمة الكردية التي إن أرجعناها إلى مصدرها لوجدناها تعني في الترجمة الحرفية إلى العربية ما يقوله المارديني، ولكننا نفهمه جيدا ونزوره كتلبية لدعوته، بينما سيستغرب ابن دمشق والسويداء وحمص ودرعا.

وهذه الحالة في ركاكة اللغة ليست حدثا غريبا على الساحة، إن كنتم صديقي العزيز ممن اطلعتم على الكتابات الماوية بالعربية في بداياتها لوجدتم فيها الركاكة واضحة، مع ذلك تداولها الملمون بالفكر اليساري الماوي آنذاك.

ومثال آخر إذا عدت إلى الستينات من القرن المنصرم لوجدت كتابا مخصصا لإحدى الصفوف في المرحلة الإعدادية كمادة ملحقة لمادة اللغة العربية وهي قصة مادام كيوري البولونية التي اكتشفت مادة الراديوم.

مع ذلك كانت وزارة التربية والتعليم قد قررت ذلك الكتاب المترجم للطلاب بالرغم من عدم توافق ترجمتها مع طابع الترجمة إلى اللغة العربية.

كما هو واضح السيد رمكو يترجم من لغته الأم إلى العربية.

كازاخستان –ألمأتأ

Zurkurd006@yahoo.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…