بقلم: جان كورد
24.07.2006
مئات القتلى وآلاف الجرحى من المدنيين، أطفالاً ونساءً وشيوخاً، مسلمين ومسيحيين ويهوداً، على طرفي الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، مدن إسرائيلية تقصف بصواريخ “حزب الله!”، وتصب قذائفها المدمرة طائرات وسفن وآليات “شعب الله” على مدن لبنانية، كما تدمر بشكل منظم البنى التحتية للاقتصاد اللبناني ومرافق الحياة ووسائل الاتصال في سياق “عقوبة جماعية” وضمن إطار “حصار شعب”… ولايعقل أن يكون “الله تعالى” سبب هذه المأساة على طرفي الحدود، أو أن يكون مع هذا ضد ذاك وبالعكس في الوقت ذاته…
أنصار حسن نصر الله يختطفون جنديين اسرائيليين، ربما كانا في خدمتهما الإجبارية وربما كانا من المعادين للحرب والمطالبين بالسلام، مثل كثيرين من الاسرائيليين المعادين لسياسة حكومتهم، وجنود أولمرت الاسرائيلي يختطفون لبنان بأسره انتقاماً من ذلك….
حرب كريهة في لبنان لم يفكر بها اللبنانيون ولم يطلبوها… ولسان حالهم، رئيس وزرائهم، يدعو العالم لانقاذ بلده “المنكوب” من “التسونامي والكاترين” معاً ومن الخارجين على إرادة الدولة الذين يتصرفون وكأنهم دولة خاصة في جنوب لبنان، ترفع فيها صور خاميني الكبيرة بدلاً عن صور رئيس الجمهورية اللبنانية….
مشكلة الحكومة اللبنانية تكمن فيها أنها لم تستطع فرض سيطرتها السياسية والعسكرية على كل أنحاء البلاد، وبخاصة في الجنوب… وعلى العكس من ذلك فإن “حزب الله” قد تمكن في ظل الاحتلال السوري الطويل الأمد من أن يتطور من منظمة صغيرة إلى قوة مؤثرة وخارجة عن قبضة الدولة اللبنانية، واسرائيل تعلم ذلك تماماً ولكنها مع ذلك تصب حمم قذائفها على رأس اللبنانيين لفرض ضغوطها الشديدة على الحكومة ودفعها إلى القيام بمغامرة كبيرة لعزل “حزب الله” وليقوم المجتمع الدولي بالتحرك ضد هذا الحزب الذي تعتبره اسرائيل الخطر الداهم على مدنها ومزارعها وسكانها اليوم.
طبعاً هناك في القيادة اللبنانية وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية اميل لحود لم يفعلوا شيئاً ملموساً للجم “حزب الله” أو تجريده من السلاح الذي تحول من الكلاشينكوف إلى آلاف من الصواريخ الهجومية…
وعلى الرغم مما يدعيه السيد حسن نصر الله بأنه ملتزم بالقرار اللبناني الموحد إلا أن ما قام به “حزب الله” من عمليات استفزازية ضد اسرائيل ومنها اختطاف جنديين اسرائيليين يثبت بأنه لم يستشر في ذلك أي طرف لبناني سياسي، وفجر بذلك أزمة كبيرة أدت بلبنان الذي خرج لتوه من احتلال ليدخل في احتلال جديد، كما سمعنا من عدة سياسيين لبنانيين وعرب وفي مقدمتهم الأستاذ وليد جنبلاط والناطق الرسمي بإسم المملكة العربية السعودية وغيرها…
خلف هذه الصورة الدامية نرى شبحين في سماء لبنان الأسير المحاصر المنكوب، شبح الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد الذي يستفيد من الحرب على لبنان لتصفية حساباته مع الذين تمردوا عليه وطردوه وأذلوا جيشه في لبنان، وليظهر للعالم بأنه “قادرعلى فعل شيء ما” في هذه الأزمة اللبنانية الجديدة كما فعل ذلك أباه أثناء الحرب اللبنانية الكريهة السابقة، حيث سمح العالم له بالدخول إلى لبنان وانتشار قواته فيه بهدف ايقاف الاقتتال الأخوي اللبناني، وجنى بذلك مكاسب كبيرة لسوريا… النظام البعثي الحاكم في سوريا متخوف جداً من أن يأخذ بخناقه براميرتس رئيس اللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق الشهيد رفيق الحريري ويجر رؤوسه الكبيرة إلى محاكمة دولية تقصم ظهرالنظام… ولذا لابد من القيام بعمل ما يلهي العالم ويشد انتباهه ويؤجل الصراع مع سوريا إلى حين… والشبح الآخر، الأكثر إلحاحاً بضرورة حدوث شيء ما يبعد أنظار العالم عن أفعاله وتصرفاته ومحاولاته المستمرة لامتلاك السلاح النووي هو الرئيس الايراني الغريب الأطوار محمود أحمدى نجاد الذي شبهه بعض اليهود بأدولف هتلر ، إذ أنه يطالب الاسرائيليين بحزم حقائبهم ومغادرة فلسطين ويهدد بازالة “الورم الخبيث” بمختلف أنواع الأسلحة ويطالب الأوربيين باخلاء فلسطين ومنح اليهود اللجوء في دولهم… هذا الرئيس الذي يملك مختلف أصناف السلاح ويسعى لبناء ترسانة نووية وتحت تصرفه أموال لاتعد ولاتحصى ويدعم مختلف المنظمات الشبيهة بحزب الله بكل ما تحتاجه من صواريخ وشبكات اتصال واستطلاع وملايين الدولارات، لايشكل خطراً على اسرائيل وحدها وانما على سائر الدول العربية الخليجية، وكذلك على عقائد السنة في قلب العالم الإسلامي، وكذلك على التواجد الأمريكي في العراق وعلى مصالح الغرب البترولية والاستراتيجية الأمريكية العامة في المنطقة و”مشروع الشرق الأوسط الكبير”… ولكن نقطة الضعف لدى الطرف الايراني اليوم هي أن العالم الغربي يقف موحداً ضد رغبتها ومحاولتها امتلاك السلاح النووي ومجلس الأمن على طريقه للحسم في الموضوع ولن يكون قراره لصالح ايران… لذا فإن حرباً جديدة في المنطقة بعيداً عن ايران ستكون خير وسيلة لابعاد الأخطار الداهمة عن طهران…
بعضهم يرى بأن حسن نصر الله لم يختطف الجنديين الاسرائيليين إلا بموجب أمر صادر له من طهران، فهو يعلم قبل غيره بأن اسرائيل لن تتوقف هذه المرة قبل أن تعيده إلى قمقم ضيق وصغير وفي وضع مشين ومهين.
ولكن هل يستطيع حسن نصر الله رد طلب آيات الله؟ إنه في علاقته مع طهران يذكرنا بعلاقة زعيم حزب العمال الكوردستاني السيد عبد الله أوجلان بالنظام السوري….
ايران تهدد بأنها ستدخل الحرب فيما إذا هاجمت اسرائيل سوريا، وهي تحرض في الوقت نفسه تركيا لغزو كوردستان العراق لتحقيق هدفين: شطر حلف الناتو الذي تشكل فيه تركيا القوة العسكرية الثانية بعد أمريكا، والتخريب بين العرب والكورد والترك وبالتالي الهاء العالم بمشاكل خارج ايران… وسوريا تهدد بأنها ستدخل الحرب إذا ما هاجمت اسرائيل لبنان عن طريق البر وعلى مقربة من الحدود السورية..
وهل يحتاج المرء في الحرب الحديثة إلى قوات برية للتدميرالشامل، إذا كان بالإمكان تحقيق ذلك بالصواريخ والطائرات والسفن من بعيد؟… إنه كلام فارغ حقاً، فلبنان محتل اليوم وسوريا لاتستطيع القيام بشيء.
بل يمكن القول بأن سوريا لاتريد –أصلاً- عمل شيء حتى ينتهي العالم من موضوع لجنة التحقيق الدولية التي ذكرنا آنفاً…وحرب لبنان يزيد من أهمية دور سوريا، ليس لكونها معبر لنزوح الهاربين من أتون الحرب فحسب وانما للقيام بشيء ما لتلميع صورتها أمام أمريكا وأوروبا، وعلى سبيل المثال: كشف مواقع “القاعدة” في لبنان ليسيل بذلك لعاب الإدارة الأمريكية…!!!
ولكن بعض العقلاء يرون بأن الولايات المتحدة تريد استدراج ايران وسريا إلى حرب بعيداً عن آبار البترول في الخليج واستنزاف قواهما وتلقينهما درساً في الطاعة والولاء والتبعية….
إنها “لعبة الأمم”…
حرب كريهة في لبنان لم يفكر بها اللبنانيون ولم يطلبوها… ولسان حالهم، رئيس وزرائهم، يدعو العالم لانقاذ بلده “المنكوب” من “التسونامي والكاترين” معاً ومن الخارجين على إرادة الدولة الذين يتصرفون وكأنهم دولة خاصة في جنوب لبنان، ترفع فيها صور خاميني الكبيرة بدلاً عن صور رئيس الجمهورية اللبنانية….
مشكلة الحكومة اللبنانية تكمن فيها أنها لم تستطع فرض سيطرتها السياسية والعسكرية على كل أنحاء البلاد، وبخاصة في الجنوب… وعلى العكس من ذلك فإن “حزب الله” قد تمكن في ظل الاحتلال السوري الطويل الأمد من أن يتطور من منظمة صغيرة إلى قوة مؤثرة وخارجة عن قبضة الدولة اللبنانية، واسرائيل تعلم ذلك تماماً ولكنها مع ذلك تصب حمم قذائفها على رأس اللبنانيين لفرض ضغوطها الشديدة على الحكومة ودفعها إلى القيام بمغامرة كبيرة لعزل “حزب الله” وليقوم المجتمع الدولي بالتحرك ضد هذا الحزب الذي تعتبره اسرائيل الخطر الداهم على مدنها ومزارعها وسكانها اليوم.
طبعاً هناك في القيادة اللبنانية وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية اميل لحود لم يفعلوا شيئاً ملموساً للجم “حزب الله” أو تجريده من السلاح الذي تحول من الكلاشينكوف إلى آلاف من الصواريخ الهجومية…
وعلى الرغم مما يدعيه السيد حسن نصر الله بأنه ملتزم بالقرار اللبناني الموحد إلا أن ما قام به “حزب الله” من عمليات استفزازية ضد اسرائيل ومنها اختطاف جنديين اسرائيليين يثبت بأنه لم يستشر في ذلك أي طرف لبناني سياسي، وفجر بذلك أزمة كبيرة أدت بلبنان الذي خرج لتوه من احتلال ليدخل في احتلال جديد، كما سمعنا من عدة سياسيين لبنانيين وعرب وفي مقدمتهم الأستاذ وليد جنبلاط والناطق الرسمي بإسم المملكة العربية السعودية وغيرها…
خلف هذه الصورة الدامية نرى شبحين في سماء لبنان الأسير المحاصر المنكوب، شبح الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد الذي يستفيد من الحرب على لبنان لتصفية حساباته مع الذين تمردوا عليه وطردوه وأذلوا جيشه في لبنان، وليظهر للعالم بأنه “قادرعلى فعل شيء ما” في هذه الأزمة اللبنانية الجديدة كما فعل ذلك أباه أثناء الحرب اللبنانية الكريهة السابقة، حيث سمح العالم له بالدخول إلى لبنان وانتشار قواته فيه بهدف ايقاف الاقتتال الأخوي اللبناني، وجنى بذلك مكاسب كبيرة لسوريا… النظام البعثي الحاكم في سوريا متخوف جداً من أن يأخذ بخناقه براميرتس رئيس اللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق الشهيد رفيق الحريري ويجر رؤوسه الكبيرة إلى محاكمة دولية تقصم ظهرالنظام… ولذا لابد من القيام بعمل ما يلهي العالم ويشد انتباهه ويؤجل الصراع مع سوريا إلى حين… والشبح الآخر، الأكثر إلحاحاً بضرورة حدوث شيء ما يبعد أنظار العالم عن أفعاله وتصرفاته ومحاولاته المستمرة لامتلاك السلاح النووي هو الرئيس الايراني الغريب الأطوار محمود أحمدى نجاد الذي شبهه بعض اليهود بأدولف هتلر ، إذ أنه يطالب الاسرائيليين بحزم حقائبهم ومغادرة فلسطين ويهدد بازالة “الورم الخبيث” بمختلف أنواع الأسلحة ويطالب الأوربيين باخلاء فلسطين ومنح اليهود اللجوء في دولهم… هذا الرئيس الذي يملك مختلف أصناف السلاح ويسعى لبناء ترسانة نووية وتحت تصرفه أموال لاتعد ولاتحصى ويدعم مختلف المنظمات الشبيهة بحزب الله بكل ما تحتاجه من صواريخ وشبكات اتصال واستطلاع وملايين الدولارات، لايشكل خطراً على اسرائيل وحدها وانما على سائر الدول العربية الخليجية، وكذلك على عقائد السنة في قلب العالم الإسلامي، وكذلك على التواجد الأمريكي في العراق وعلى مصالح الغرب البترولية والاستراتيجية الأمريكية العامة في المنطقة و”مشروع الشرق الأوسط الكبير”… ولكن نقطة الضعف لدى الطرف الايراني اليوم هي أن العالم الغربي يقف موحداً ضد رغبتها ومحاولتها امتلاك السلاح النووي ومجلس الأمن على طريقه للحسم في الموضوع ولن يكون قراره لصالح ايران… لذا فإن حرباً جديدة في المنطقة بعيداً عن ايران ستكون خير وسيلة لابعاد الأخطار الداهمة عن طهران…
بعضهم يرى بأن حسن نصر الله لم يختطف الجنديين الاسرائيليين إلا بموجب أمر صادر له من طهران، فهو يعلم قبل غيره بأن اسرائيل لن تتوقف هذه المرة قبل أن تعيده إلى قمقم ضيق وصغير وفي وضع مشين ومهين.
ولكن هل يستطيع حسن نصر الله رد طلب آيات الله؟ إنه في علاقته مع طهران يذكرنا بعلاقة زعيم حزب العمال الكوردستاني السيد عبد الله أوجلان بالنظام السوري….
ايران تهدد بأنها ستدخل الحرب فيما إذا هاجمت اسرائيل سوريا، وهي تحرض في الوقت نفسه تركيا لغزو كوردستان العراق لتحقيق هدفين: شطر حلف الناتو الذي تشكل فيه تركيا القوة العسكرية الثانية بعد أمريكا، والتخريب بين العرب والكورد والترك وبالتالي الهاء العالم بمشاكل خارج ايران… وسوريا تهدد بأنها ستدخل الحرب إذا ما هاجمت اسرائيل لبنان عن طريق البر وعلى مقربة من الحدود السورية..
وهل يحتاج المرء في الحرب الحديثة إلى قوات برية للتدميرالشامل، إذا كان بالإمكان تحقيق ذلك بالصواريخ والطائرات والسفن من بعيد؟… إنه كلام فارغ حقاً، فلبنان محتل اليوم وسوريا لاتستطيع القيام بشيء.
بل يمكن القول بأن سوريا لاتريد –أصلاً- عمل شيء حتى ينتهي العالم من موضوع لجنة التحقيق الدولية التي ذكرنا آنفاً…وحرب لبنان يزيد من أهمية دور سوريا، ليس لكونها معبر لنزوح الهاربين من أتون الحرب فحسب وانما للقيام بشيء ما لتلميع صورتها أمام أمريكا وأوروبا، وعلى سبيل المثال: كشف مواقع “القاعدة” في لبنان ليسيل بذلك لعاب الإدارة الأمريكية…!!!
ولكن بعض العقلاء يرون بأن الولايات المتحدة تريد استدراج ايران وسريا إلى حرب بعيداً عن آبار البترول في الخليج واستنزاف قواهما وتلقينهما درساً في الطاعة والولاء والتبعية….
إنها “لعبة الأمم”…