لمصلحة من إضعاف الحركة السياسية الكردية في سوريا ؟

   كادار محي

بين الفينة والاخرى اعتدنا ان نقرأ على صفحات المواقع الالكترونية تهجما على الحركة الكردية ورموزها القيادية , من فئة  تدعي انتمائها الى شريحة المثقفين الكرد او بالأحرى المستقلين الكرد , الا انه في الأونة الاخيرة اشتدت الحملة كظاهرة غريبة برزت ضمن شريحة معينة , واصبحت سمة من سمات العديد ممن يسمون انفسهم بالكتاب، وهي ان هدفهم من الكتابة لم يعد إيصال الحقيقة للجماهير وتوعيتهم وتثقيفهم كجزء من دورهم المفترض في عملية النضال ، بل حب الظهور وإبراز ذاتهم التي يبدو انها مفقوده , وهذه الظاهرة بدأت تغزو المجتمع , والتي تعبر عن فقر الوعي في الاوساط العديدة او في افضل الحالات وصفها بإنحدار الوعي الى مستوى متدني لتصل الى حد تلفيق تهم التخوين والعمالة والاساءة  الى اناس قضوا اياما  وشهورا في اقبية النظام , واخرين سيقضون سنينا بعد احكام قضائية مجحفة بحقهم
وبدلا من التضامن معهم  والسير على النهج الذي دفعهم الى التضحية بجزء من حياتهم في سبيلها .

تتالت المقالات الموجهة باتجاه معين لغرض غير معلن , لاتخدم في كل الاحوال الا السلطة بقصد او غير قصد كون الحركة الكردية الى الان هي الاطار الوحيد التي تبنت الدفاع عن الحقوق القومية الكردية , كاطر منظمة  بمختلف تياراتها وان تباينت الاراء من حزب الى اخر .

واضعاف هذا التوجه او تحيد الجماهير عنها هي في خدمة السلطة التي لاتقف مكتوفة الايدي , بحثا عن وسائل متطورة للحد من النزعة القومية  الكردية .

وان كان نضال نصف قرن لايروق للبعض , فمن الافضل السعي لايجاد البديل بدلا من توجيه تهم التخوين لاناس منتخبين من قواعد حزبية بطرق ديمقراطية و يعملون حسب قناعات  وبرامج مصدقة من المؤتمرات ذاتها .

فمواجهة الحدث تأتي  بعدد من الافكار والخبرات لتصحيح السلبيات والاخطاء , فما يراه المثقف جراء حدث ما .من الممكن ان يراه غدا في اطار أخر.
الا ان شريحة من مثقفي هذه الايام باتوا يتمتعون بالازدواجية والانفصام في المواقف, فتارة تراهم صامتين مكممي الافواه ردحا من الزمن تجاه قضايا معينة ولااحد يسمع حتى همساتهم  وتارة اخرى تراهم  يلبسون قناع الثورية من خلال طروحاتهم وانتقاداتهم للاوضاع السلبية  ومطالبتهم بتصحيح ذلك ليس من منطلق نضالي بل نتيجة عدم انسجامها مع مصالحهم .

وما اثار استغرابي ان بعض من اصحاب هذه الاقلام هم كانوا الى الامس القريب ضمن صفوف الحركة الكردية وبمثابة ابواق لبعض اطرافها في كل المناسبات حين كانوا يشغلون مناصب في احزابهم تلك , واخص بالذكر هنا زيور العمر على سبيل المثال لا الحصر لاسيما انني لا ارغب بالتطرق الى كتاباته , كوننا كنا لعقد من الزمن ابني التنظيم ذاته , وانني كنت من بين المتهمين بالتهجم عليه تحت اسماء مستعارة.

او لاننا متواجدين في الساحة ذاتها ويمكن الجدال حول كتاباته بعيدا عن صفحات النت .

بالأضافة الى انشغالي بهموم الجناح النسائي للمقاومة الشيشانية منذ سنتين .

الا ان معظم الردود اقتصرت على مبدا كل يبكي على ليلاه وانا على ليلاي سابكي , كونه تكرر في مقالاته التطرق الى مواقف حزب الوحدة واعتقال سكرتيره لدعم رؤيته النقدية.

وما يستحق الوقوف عنده ادعائه بان السلطة بادرت الى اعتقال بعض القيادات من الصف الاول في احزابهم  لرفع شؤونهم , وتلميع صورهم, وتحسين  ارصدتهم التي شحت في الشارع الكردي…حسب تعبيره .

ومنهم بالطبع سكرتير حزب الوحدة الذي لم يجد زيور العمر مبررا لاعتقاله كون حزبه لا يبخل جهدا في شرزمة الواقع الكردي , ويتبنى خطابا سياسيا ظاهره حق وباطنه باطل .وهنا يجدر الذكر بان ذاكره العمر خانته , او ربما تناسى بان حزب الوحدة تكون جراء عملية وحدوية ولولاها لكان الان عدد الاحزاب الكردية + خمسة احزاب .

وان الحزب نفسه اول من طرح مشروع المرجعية الكردية التي  يتباكى عليها الان معظم التيارات الكردية , ومؤتمر وطني سوري مالبثت ان اصبحت من طموحات المعارضة السورية جمعاء.

واذا كانت برامج واهداف حزب الوحدة لاتحوي في طياتها ما يغضب السلطات , وهو من الاحزاب الكبيرة قياسا باقرانه و وزيور العمر يعي هذا بحكم تواجده في الساحة الاوربية هذه الساحة التي لم يتوانى منظمات حزب الوحدة عن اي نشاطات فيه , وهو من اكبر التنظيمات الكردية تواجدا في اوربا .

وعلى سبيل المثال لا الحصر يملك اكثر من 13 عشر فرعا في اوروبا , ويقود حاليا هيئات اعلان دمشق في الخارج , ومن مؤسسي الداخل .

ولم يخلو السجون السورية من كوادره , ومازال في صفوفه  مناضليين مخضرمين قضوا عقودا في قيادة الحزب ليناضلوا بعدها في قاعدة الحزب  ولم يبادروا الى العصيان والاستنكاف .

وهو الحزب الذي بادر الى نكران الذات منذ مدة .

بعيدا عن الدعاية الحزبوية بدليل عدم وضع الفيتو على اي طرف .

وقيامه بنشاطات مشتركة مع الجناح الاخر من يكيتي بعد فترة وجيزة من الانشقاق, والنتازل عن حصته من الكعة في اعلان دمشق , والقبول بمشروع الجبهة الديمقراطية انذاك تمهيدا للمرجعية الكردية .

وكذلك القبول بالتمثيل العددي في المرجعية المنشودة على الرغم من الاجحاف الذي سيلحق به , كونه من الجائر المساواة بين الاطراف الكردية بالنسبة الى التمثيل العددي , والكل يدرك الفرق الشاسع  بين حزب واخر , والتحفظ الوحيد يكمن في مشاركة المستقلين , كون الحزب يرى بان المرجعية مالم يكن فيه تمثيل جماهيري خارج الاطر السياسية سيكون ناقصا , وحزب الوحدة هو الذي  اقترح توسيع التحالف بانضمام المستقلين , وانشاء المجلس العام للتحالف الذي يضم في هيئاته 270 مستقلا وهو عدد يفوق اعداد دزينة من الاحزاب الكردية مجتمعة من حيث العضوية .

ويجدر الاشارة بان محي الدين شيخ الي كان سكرتيرا قبل اعتقاله و وبقي سكرتيرا وسيبقى مادام قادرا على العطاء والعمل في سبيل تحقيق اهداف الحزب ومبادئه , ولا احد يصدق بان خروج خمسين الفا من مناصري الحزب لاستقبال سكرتيره , نتيجة تحسين صورته امنيا وهو تجمع لم تشهده الساحة الكردية منذ انتفاضة اذار 2004 .

ومن الطريف ان زيور العمر تضامن معه في لائحة التضامن برقم تسلسل 739  وهو من المفارقات .

اما رئيس الحزب فبالرغم من عدم اعتقاله كونه لايحتاج الى التلميع ورفع الشان بمساعدة السلطات .

احتفظ هو الاخر بمنصبه في المؤتمر الاخير دون منافس .

واعتقد ان  زيور العمر لايشك في نزاهة الانتخابات الحزبية ايضا .

وكان يهمنا راي العمر في البقية الباقية من المعتقليين القياديين الذين تولوا مناصب اعلى من مناصبهم قبل الاعتقال , من امثال المناضلين عبد الباقي يوسف وحسن صالح , ومن همش بضم الهاء وكسر الميم حزبيا بعد اعتقاله مثل المناضلين محمد اومري ومروان عثمان ومن بقي في منصبه من قياديي ازادي وقيادي البارتي ومؤخرا قياديي يكيتي والقائمة تطول …واذا ماتركنا حزب الوحدة جانبا .

وعدنا الى زيور العمر الذي كان عضوا فعالا في حزب يكيتي الكردي , ومازال مستنكفا على الرغم من وجود قرار فصل صدر بحقه ورفاقه.

وهذا لايعنينا ايضا .

وما اقصده هو ان زيور العمر لم يغادر البناء الكردي الذي هو وصفه بالقديم يحتاج الى الترميم والهدم بارادته وقناعه , بل لاسباب تنظيمية بعد الانقلاب الابيض عليه من قبل رفاقه في التنظيم ليفقد منصبه بعد كونفرانسيين متتاليين.

وحسب مصادر مطلعة في حزبه فهو مازال يقرع الابواب ويستخدم نفوذه وعلاقاته ويرسل بتقارير وشاية , على امل ان يتدخل اطراف من قيادة الحزب لانصافه.

وهنا هو يناقض نفسه كونه ذكر في احدى كتاباته بانه ناضل عشرين عاما في صفوف الحركة الكردية ليتهم الحركة ذاتها بالمستنقع النتن.

ولا اعرف كيف بمقدور احدهم النضال عشرين عاما في مستنقع نتن.

ويجاهد للعودة اليه مجددا .

وكوننا من المقربين اليه وكان لنا نشاطات مشتركة من خلال منظمات بلجيكا للاحزاب الكردية لم نجد زيور يوما يبادر الى الاعتراض على قرارات القيادات .

او حتى توجيه النقد اليهم , اللهم مرة واحدة احتج على قرار قيادته فاعلن انسحاب منظمته من مظاهرة امام السفارة السورية قبل يوم واحدة من التظاهرة , وسط جدال بينه وبين رفاقه الذين ساندوا حليفهم منظمة الوحدة حفاظا على ماء الوجه .

ومالفت انتباهي ايضا حديثه عن نكران الذات والدعوة الى العمل المشترك .

وهذا ايضا يناقض الوقائع .

فحينما كان هو المسؤول الاول لحزبه في بلجيكا , لم نلمس نكران الذات عنده .

وكانت مجمل الخلافات مع منظمة الوحدة حول ترتيب اسماء الموقعة على البيانات المشتركة , ومن سيحمل اللافتات , ومن سيقدم الرخصة , واي صورة سيحمل , واستغلال الفرص للدعاية لحزبه.

لحد وصل الامر بمنظمة الوحدة الامتناع عن اي تشاور يكون زيور ممثلا لحزبه فيها.
وحتى لايفهم الغرض من كتابتي هذه بسوء اؤكد على وطنية زيور العمر وانحرافه الفكري , وكنا رفاق درب لامد بعيد .

وان تباينت اراءنا ومواقفنا ويرجى منه مستقبلا ان يبادر الى تحليل مواقف الاحزاب كل بحدة بنقد موضوعي , والعمل لايجاد البديل الذي يوافق توجهاته .

وتناول برامج واهداف الاحزاب الكردية بموضوعية وحرفية .

ولابد من لعب دوره كمثقف, فالمثقف- في رأي سارتر – ليس مسؤلا عن نفسه فحسب وانما هو مسؤول عن كل البشر .

والانسان يرى قيمة الأختيار ولايستطيع الا ان يختار الخير , والخير لايكون كذلك الا اذا كان للجميع , وهو من يسعى الى الشعب في الجماعة بأفكاره .

وعليه ان يوجه وينصح ويحذر.

واعتقد انه ليس هناك مثقف واحد بل مجموعة من المثقفين .

ومنهم التقنيون والمحايدون والملتزمون واخرون  يعتبرون انفسهم ليسوا اطرافا من اي نوع .

لذلك على المثقف حمل رسالة أمل امام الظلام الحالك والتخويف والدعاية السوداء .

فالتقنية المجردة يمكن ان تكون لنا ويمكن ان تكون علينا , وافضل طريقة يمكن ان يتبعها هو الاقتراب اكثر من التنظيمات وجماهيرها التواقة الى العدل والحرية و والتي فضلت ان تمشي مرفوعة الرأس رغم الجراح العميقة.

وبذلك على المثقف الكردي ان يسير في ثلاثة اتجاهات
 اولا- الايمان والعمل لأحقاق الحقوق القومية وبمختلف الوسائل والأساليب ولعب الدور الريادي  في ايجاد السبيل لعملية التغيير  
ثانيا – تكريس المثقف الكردي لجهوده في سبيل المصلحة القومية العليا وذوبان مصالحه الشخصية    
 ثالثا – استقلاليته وعدم تبعيته ورهن مواقفه السياسية بالمصلحة الشخصية لتحقيق مصالح الشعب وتنويره 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…