بعد قرار نقله التعسفي: حوارمع االكاتب الشيخ عبد القادر الخزنوي

  اجراى الحوار: ابراهيم بركات

الكاتب والمربي الشيخ عبد القادر الخزنوي من عائلة معروفة على مستوى سورية, وكوردستان والعالم الإسلامي , ناشط في مجال حقوق الإنسان , وطني مخلص , مثقف جريء.

يحمل درجة الإجازة الجامعية في التاريخ ودبلوم التأهيل التربوي من الجامعة السورية .

سافر عدة مرات إلى دول عربية ، وأوروبية غربية , وشرقية , و”ممنوع من السفر” إلى الخارج حالياً شأن آلاف السوريين.

مارس مهنة التدريس في المدارس الإعدادية والثانوية في الرقة والقامشلي قرابة ثلاثة عقود ، كاتب و مربٍ من الطراز الأول .في نهاية حزيران القادم سيتقاعد بحكم سنه الذي ناهز الستين .

كوفيء قبيل نهاية خدمته بالنقل بشكل تعسفي بطلب من الجهات الأمنية في المحافظة ، وبقرار أوتوماتيكي من مدير التربية في الحسكة- غير المسؤول عن توقيعه بشهادته أمام جمع من المدرسين- من ثانوية تشرين في القامشلي إلى المجمع التربوي في اليعربية /تل كوجر/ في 31/3/2009 لأنه يدافع عن حقوق الإنسان السوري بكل مكوناته , وعليه قطع مسافة 180كم يومياً على الطريق وأخطاره، ولقد جاء هذا القرار بعد أيام قليلة فقط ، من تكريمه ، وتقديم شهادة تكريم إليه فيها “كل الإطراء”، وبعد أن هنأه محافظ الحسكة وبحضور  رئيس فرع نقابة المعلمين والقيادة السياسية كمدرس بارز وناجح !….، عن هذا الإجراء التعسفي بحقه وحق زملائه توجهنا إلى الشيخ الكاتب وكان بيننا هذا الحوار :
س1- كيف تقرأهذا الإجراء بحقك ومجموعة من زملائك المدرسين وخلفياته السياسية ؟

الجواب: بالنسبة لي أعتبره وسام شرف من الدرجة الثانية , وهذا خير تكريم لي في نهاية الخدمة ، ولن يحد من نشاطاتي في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان السوري عرباً وكورداً ومكونات أخرى .أما بالنسبة لبقية زملائي المنقولين , فعليك بطرح أسئلتك عليهم ، كل على حدا.

أما بالنسبة لخلفياته السياسية , فهو إنذار لكل موظف ، أو مدرس شريف مخلص لمهنته ولاؤه لله والوطن فقط .

س2- الفساد مستشر ٍفي كل مكان في البلاد , هل هناك بوادر إنفراج؟

الجواب:الفساد منتشر في الكثير من البلدان المجاورة وهو نسبي , ولكن في بلادنا موجود بكل أبعاده ، وعلينا أن نستعمل الأساليب القانونية والشرعية لفضح المفسدين ومحاسبتهم مهما كان شانهم ومقامهم .أما بوادر الانفراج فصعبة جداً ، ولا يأتي إلا بالتصميم والعمل الدءوب وفضح المفسدين وتعريتهم بالأدلة الدامغة , ونشر ثقافة الديمقراطية والمساواة بين جميع مكونات الشعب السوري والتعيين في دوائر الدولة على أساس الكفاءة والرجل المناسب في المكان المناسب والمساءلة لا على أساس الانتساب الحزبي ، والعائلي أو الطائفي أو القومي ، وتعيين موظفي الدرجة الأولى على أساس التوزيع العادل بين مكونات الشعب السوري في الوظائف والمحاسبة بشكل دوري وقانوني وصارم.

س3- الكورد مكون رئيس وثانٍ في البلاد بعد الأخوة العرب وهم محرومون من أبسط الحقوق.

كيف الحل لمشكلتهم في سورية؟

الجواب: الكورد السوريون جزء من النسيج السوري الاجتماعي مع الأخوة العرب والمكونات الأخرى ، يشكلون المجتمع السوري .الكورد محرومون من ابسط الحقوق الإنسانية في سوريا ثقافياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً ، وخصوصاً بعد قيام الوحدة بين سوريا ومصر نهاية  شباط 1958وانتهت في أواخر أيلول 1961وبدء الانفراج الديمقراطي  في عهد ما يسمى بالانفصال , ثم جاء الحرمان مرة أخرى بعد الثامن من آذار 1963الذي أوصل حزب البعث إلى رأس السلطة ، بعد الصراع مع الوحدويين الناصريين ، فاستأثر حزب البعث  بالسلطة وأبعد الآخرين وانفرد بالحكم  وطبقت بحق الكورد السوريين التفرقة وأصدرت القوانين الاستثنائية بحقهم، فجردوا من جنسيتهم السورية، وطبق بحقهم مشروع الحزام العربي ، وحرموا من المشاركة في إدارة البلاد ومنعتهم السلطة الحاكمة من التعليم بلغتهم الأم وحاصرتهم اقتصاديا في مناطقهم , وأخيرا المرسوم 49 وخلفياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وإذا سألتني عن الحل فالحل الناجع و الأمثل هو في إعادة الجنسية لهم ولورثتهم وإلغاء القوانين الاستثنائية , وتطبيق مبدأ المساواة الكاملة بين العرب وبقية المكونات السورية , من حيث الحقوق والواجبات وإشراك جميع المكونات في إدارة البلاد بشكل توافقي ديمقراطي حسب النسبة بعد إجراء الإحصاء الشامل لهذه المكونات بشكل صحيح ,وتضمين ذلك دستوريا وتعديل الدستور حسب متطلبات المرحلة الراهنة وإجراء الانتخابات الحرة النزيهة للمؤسسات الدستورية في البلاد .

س4- هل ترى أن القوى والأحزاب الكردية في سوريا لديها المقومات الكافية للدفاع عن حقوق الكورد ؟

الجواب: لا ليس لديها المقومات الكافية , بل ليس للأحزاب السورية جميعاً المقومات الكافية للدفاع عن حقوق الإنسان السوري ، أو الاعتراض على قرار صادر عن السلطة الحاكمة لأنها جميعا ممزقة.

أصبح الحزب الواحد عدة أحزاب كالحزب الشيوعي السوري، والحزب البارتي الديمقراطي الكردي السوري، والأحزاب الناصرية…..الخ والحبل على الجرار وتتنافس بعض هذه الأحزاب على مغازلة السلطة الحاكمة، رغم أن مناهج وبرامج معظمها متشابهة، ولا تتوحد إلا لأغراض شخصية.

تنافس وحقد وكراهية بين بعض القيادات الحزبية في البلاد.

فإن لم تتحد هذه القوى والأحزاب ولم تتأهل للدفاع عن حقوق السوريين دون استثناء, فلن نحلم بالديمقراطية أبدا وعلى الأحزاب الكردية السورية أن توحد خطابها السياسي وان لا تفرط في الحدود الدنيا من الحقوق الكردية في وطنهم سوريا حتى نبني سورية القوية بمؤسساتها المتقدمة والمتطورة بوحدة مكوناتها جميعا, سورية التعددية والديمقراطية.

س5- كناشط في مجال حقوق الإنسان ومن المؤسسين لمنظمة حقوق الإنسان في سوريا / ماف في انطلاقتها الفعلية والميدانية / كيف تنظر لمسألة حقوق الإنسان في سوريا وكيف تقيم المنظمات الحقوقية الناشطة في الداخل ؟

الجواب: الإنسان السوري لا يحق له أن يعبر عن رأيه إلا وفق منظور السلطة الحاكمة في البلاد، أما الكورد السوريون فهم محرومون من أبسط الحقوق المدنية في هذا العصر /عصر العولمة/ محرومون من إصدار الجرائد والمجلات ومن استعمال لغتهم الكردية ومن تشكيل الأحزاب والجمعيات مهما كان هدفها حتى لو كانت جمعية سكنية, ليس له الحق في القيام بمظاهرة سلمية، أو اعتصام، أو تشكيل فرقة فنية موسيقية كانت، أو مسرحية، ولا يحق له أن يخرج في رحلة جماعية، ولا أن يقيم حفلة زفاف في نادٍ إلا بإذن مسبق من الجهات الأمنية المختصة.

أما المنظمات الحقوقية في الداخل فنشاطاتها شبه مشلولة إلا بعضها التي تتحدى الضغوطات الهائلة من الجهات الأمنية وتؤدي واجباتها الإنسانية بشكل متعثر.

ومن يتأمل في قائمة المنقولين من المدرسين والموظفين المبعدين عن مكان سكناهم سيجد أنهم من الفاعلين لحقوق الإنسان وفي هذه المرة الجهات الأمنية في البلاد أعلنت الحرب على الكتاب والمربين والفنانين الناشطين في  لقمتهم وهذا نابع عن أبشع أنواع الحقد والكراهية المتجذرة في سلوكها.

س6- بعد حوالي شهر ستمر الذكرى الثالثة لاستشهاد شيخ شهداء قامشلو ابن عمك الشيخ محمد معشوق الشيخ عز الدين الخزنوي , ماذا تعني لك هذه الذكرى ؟

الجواب: تعني لي هذه الذكرى موت صوت التجديد في الدعوى الإسلامية وإحياء أصوات المتشددين الغلاة وقتل التجديد في مهده لا يهم أياً كان القتلى المجرمون فالهدف واحد.

س7- اسمح لي أن أتدخل في خصوصيات عائلتكم الخزنوية الكريمة , من أنتم وإلى من تنتمي أسرتكم الكريمة ومن أين جئتم إلى هذه البلاد ؟

الجواب: نحن من أسرة عملت على نشر العلوم الشرعية في البلاد العثمانية ثم البلاد السورية وما جاورها بعد الحرب العالمية الأولى وتشكيل الدول في المنطقة بعد تقسيم تركة الرجل العثماني المريض , حارب أجدادنا الفساد وعملوا على إصلاح أخلاق الناس وعاداتهم وجعلها متفقة والشريعة الإسلامية نحن من عشيرة آلي رشكا الكوردية موطننا الأصلي قلعة شيروان من بايزيد في كوردستان الشمالية هاجر أجدادنا جراء الحروب والصراعات في المنطقة إلى قرية بانح الواقعة على خط الحدود السورية التركية حالياً بنوا فيها مسجدها الجامع وعملوا على إدارتها حتى هجرة جدنا الملا مراد إلى قرية خزنة عام 1840 م حيث استوطن جدي الملا مراد في هذه القرية منذ ذاك التاريخ، وبنى فيها مسجدها الجامع وأصبح إمامها ومدرسها وولد له جدي الشيخ أحمد الخزنوي في هذه القرية سنة1887م وتعلم على يد والده وعلماء آخرين، وارتحل لطلب العلم، وبعد الانتهاء من العلوم وبعد وفاة والده حل محله في خزنة عام 1907م وبنى فيها تكية ومدرسة عالية للعلوم العربية والشرعية والمنطق , وبعد بناء تل معروف نقل إليها التكية، وبنى فيها أيضا مسجدها الجامع ومدرستها العالية وتكايا في كل أنحاء العالم، مازالت تؤدي دورها حتى اليوم ولو بشكل محدود، وتدار من قبل ولده وأحفاده وخلفائه ومريديه .نحن كوردٌ أباً عن جد، مسلمون سنة مذهبنا الشافعية أبائي وأهلي علي الطريقة النقشبندية، أما أنا فعلماني مسلم تشربت من الفكر الكوردي اليساري منذ الثانية عشرة من عمري وتتلمذت على يد بعض العلماء الكورد في تكية والدي ممن كانوا الرواد الأوائل في الكوردايتية كشقيقي المرحوم الشيخ سيف الدين الخزنوي، والمرحوم سيد ملا رمضان البرزنجي، والملا عبد الله ملا رشيد حفظه الله، ووقفت إلى جانب الشيخ محمد عيسى سيدا، والدكتور نور الدين ظاظا في انتخابات مجلس النواب سنة1962م ، وكنت في الصف الأول الإعدادي …الخ .وهذا لا يعني انغلاقنا وتقوقعنا البتة، لأن علاقاتنا مع جميع  مكونات الفسيفساء السوري مميزة، وأتباع طريقة جدي ووالدي وأعمامي النقشبندية كانوا ومازالوا من جميع الأطياف عرباً وتركا وكوردا وشيشان من سورية ودول الجوار.

وكان جدي الشيخ أحمد الخزنوي وأولاده من بعده وأحفاده الآن مازالوا يعملون في نشر الإصلاح ومحاربة الفساد دون استثناء، وعلى جميع الأصعدة.

وكان جدي الشيخ أحمد الخزنوي النقشبندي وخلفاؤه الكرام وعلى رأسهم خليفته الوفي الصادق ملا إبراهيم الكرسواري- أول خلفاء الشيخ أحمد الخزنوي – جد الكاتب والشاعر المعروف الناشط في مجال حقوق الإنسان إبراهيم ملا عبد الوهاب اليوسف حفظه الله ، وبعض مقربيه وطلابه من أمثال ملا صديق الشيشاني في طليعة الذين وقفوا إلى جانب جدي في مقاومة الاحتلال الفرنسي بكل بسالة، وكانوا سندا لجدي ، وبمثابة ضباط  ميدانيين، وكانوا من الملاحقين معه من قبل المحتل الفرنسي ، وابعد جدي وأسرتي من خزنة إلى الحصوية جنوبي تل معروف ، ثم نفي جدي إلى الحسكة ثم إلى دير الزور وكان يرافقه الملا إبراهيم الكرسواري نفسه…الخ.

وبهذا فان الحديث عن الوطنية وأي حديث عن اللبنة الأولى لبناء سورية الأولى الوطن والإنسان تشعرني بالفخر والاعتزاز لان لنا كاسرة خزنوية وككورد حصتنا الكبيرة في بنائها وان كان سيثتاثر بالمكاسب من كان جنديا في جيش فرنسا يصوب بندقيته على صدور الوطنيين السوريين في عامودا وبياندور وجبل الزاوية والغوطة وجبل العرب، وارتكبوا جرائم التعذيب والقتل والتشريد بحق الوطنيين الأحرار بكل حقد وكراهية بل كانوا من قبل في الجيش العثماني ثم الكمال التركي يمارسون المهام نفسها ويسوقون الوطنيين إلى أتون الحروب حيث سفر بلك .
 أجل ، الآن يقرأ التاريخ مقلوباً ، ماذا نفعل؟ كم من حفيد مجاهد يدفع الضريبة على يدي  حفيد عميل الاستعمار ….

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…