ما أقسى أن تكون غنياً في القامشلي ؟

 زردشت ميتاني*

قد يبدو هذا العنوان غريباً بعض الشيء, لكن لا تستغرب, آن لنا أن نتساءل كما تساءل الشاعر السوري أدونيس  فقال “غيري دخل عصر الذرّة, هذا الشبح الذي أُسميه الفكر العروبي المعاصر, أتهمه- وأنا جزء منه-بأنه عاجز جاهل, لا أحد يعرف أحداً-“(1) ونحن لا نزال نكتب في مواضيع الديمقراطية والحرية, والمساواة, و الفساد المستشري بقوة أكبرمن احتمال مقياس ريختر بل يفوق إعصار تسو نامي,  ندرس في الإنجيل عن المحبة والرحمة الإنسانية, ونذهب إلى القرآن الكريم, ونجد أن الله سبحانه وتعالى يقول, يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم.

ونجد من ممارسات هؤلاء المعممين من شيوخ السنة العرب والشيعة العرب والفرس والأتراك ما يندى له جبين الإنسانية وكأن الزمن عاد بنا إلى آلاف السنين!! مجتمعنا بحاجة إلى إصلاحات جمة سياسياً واقتصادياً ونزع فتيل العنصرية العروبية التي تغذى روحها في مختلف وسائل الإعلام, سياسة الإقصاء للقومية الأخرى فشلت فشلاً ذريعاً, فالروح القومية لا تموت عند الأمم والشعوب مهما بلغ بها درجة الظلم والاضطهاد, ونحن في سورية منذ بروز التيار القوموي العروبي, ونحن نعيش الاضطهاد بجميع أشكاله, مأساة حقيقية يعيشها الكورد في سوريا, ممنوعين من افتتاح مدارس لتعليم اللغة الكردية, , ومايسمح لنا بطبع مجلاتنا الكردية السياسية والثقافية, وسمعنا مرات عديدة من رئيس الوزراء عن تعديل قانون المطبوعات ولم نرى شيئاً يتغير, والمأساة والمشكلة والمعضلة والحل، هو الاعتراف بالقومية الكردية والقوميات الأخرى السريانية, الآشورية وغيرها في البلاد, و ثمة البعض من ضعاف النفوس الذين ما إن تحدثهم عن الثقافة الكردية والقضية الكردية, فيقفلون الأبواب أمامك, وأما الطابور الخامس من العملاء الذين لا يتوانون في مد الجهات الأمنية بكل الأخبار والحوادث وماذا سوف نأكل مستقبلاً, بحيث يتفوقون على الشيف (رمزي) في مهارة فن الطبخ, لكن طبخ التهم والابتزاز كما هو حاصل مع مجموعة من الشخصيات الاجتماعية والوطنية الذين اعتقلوا من قبل الجهاز الأمني الجوي في القامشلي, و اعتقالهم وأخذهم من منازلهم بطرق مشينة وبعيدة عن الكرامة الإنسانية, ولم ؟- ما الحجة؟- ما التهمة؟- مع أن التهم جاهزة في قواميس السلطات الأمنية؟!, وما أكثرها, لكن التهمة هنا هي شرائهم لجريدة (خبات) الكردستانية التي كانت تصدر في كردستان العراق في التسعينات من القرن الماضي, والآن تحولت إلى الصدور باللغة الكردية, القصة أن السيد (جميل) هذا الرجل الفقير أتهم بتوزيع جريدة (خبات ) التي كانت توزع بشكل نصف علني على مرمى من أعين السلطات السورية, وقد كانت توزع لجميع الدوائر السياسية, وكانت تصل إلى القصر الجمهوري, فما معنى أعتقال هؤلاء في هذا الوقت بالذا, وماا الغرض منه ؟, إن البعض من هؤلاء لم يرى هذه الجريدة مطلقاً, إذاً فالتهمة ملفقة, وهي ابتزاز في ابتزاز ولا شيء غير هذا؟!  هذه الحوادث تجعل الكثيرين من شعبنا وخاصة الشباب منهم يدخلون في إطار الحقد لكل ماهو عربي, وقد يزداد هذا الحقد يوماً بعد يوم, ويصبح تطرفاً,  وقد رأيت شاباً كردياً قال لي يا أستاذ, تكتبون عن الوطن السوري, وتمجدون في أدبياتكم شعار الوحدة الوطنية, والتلاحم المصيري لأبناء الوطن, وتحثوننا على أن سورية بلد الحريات وها قد ترون كيف تعامل السلطات السورية الشعب الكوردي؟! من اعتقالات كيفية منذ أحداث (12) آذار, وفترة اغتيال شيخ الشهداء (محمد معشوق الخزنوي), ولازالت المعتقلات تعج بأبناء جلدتي فكيف أثق بهذه الحكومة, وكيف أرى هذا الظلم و لا أكفر بممارسات هذه السلطات التي تسحقنا, ترمي بشخصياتنا الوطنية في الزنازين القذرة,  فلا يكون عندي إلا شعور واحد وهو الحقد والكراهية, والحقيقة أن الناس عندما يرون هذه الممارسات يكفرون بهذه الدولة, كما قال الشاعر السوري نزار قباني:” وكفرت بممارسات العرب وفي أرحام أمهاتنا حيث تلفتنا وجوه المخبر السري في انتظارنا, يشرب قهوتنا ينام في فراشنا, لا إننا لا نكفر بممارسات كل العرب, نحن نكره ونمقت ممارسات القوميين العرب الذين ينظرون إلى الشعوب الأخرى من باب التعالي, والشعوب الأخرى هم أصحاب الأرض الحقيقيون وهم صانعوا هذه الحضارة وهم أكثر تقدما ورقياً, هذه الوقائع تذكرني بأحد أصدقائي العرب الذي عاد من أوروبا, وقال لي إننا في أوروبا لا نستطيع أن نعرّف بأنفسنا أننا عرب, لآن هؤلاء القوميين العرب والاسلامويين التكفيريين شوهوا سمعة العرب والمسلمين في الغرب.

·        كاتب كردي سوري.
-(1)- بيان من أجل 5 حزيران 1067- الشاعر أدونيس- مجلة الآداب اللبنانية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…