«برقية في رثاء مناضل»

أحمد حسين ـ ألمانيا

المناضل محمد فهيم ملا حسن الخالدي { أبو آزاد } : تحية إلى مسيرتك النضالية الفذة ، حيث أحرقت  عبرها وهج عمرك في سبيل قضيتك المقدسة ، وجعلت من سنوات عمرك وقوداً أشعلت بها شموع المحبة والشفافية في دائرة نضالاتك ، ومن خلال علاقاتك مع الحزبيين من الأحزاب الكردية الأخرى .

كنت القاسم المشترك المشبع بالمحبة القومية ، والألق الوطني بين الكل .

وهذا دليل على مانشأت عليه في حزبك من مبادئ التقارب بين الفصائل الكردية.

عرفتك في انتخابات عام ألف وتسعمائة وتسعين مناضلاً فذاً ، لايعرف الكلل والملل ، لايعرف الحقد ، ولاالتفرقة .

يتعامل مع الآخرين بروح وطنية شفافة ، يتجاوز الحدود الحزبية الضيقة إلى رحاب المحبة حول الراية النضالية من أجل تحقيق الحقوق القومية المشروعة .

وتوالت اللقاءات ، وتعمقت المعرفة  أكثر على امتداد التسعينات ، العقد الأكثر غرائبية في القرن العشرين.

حقيقة تفاجأت عندما قرأت نعوتك ، وربما تكون المفاجأة في كثير من الأحوال نوعاً من نكران الخبر ، ومن تجاوز المعتاد ، ولكن قوانين الحياة تبقى هي سيدة الموقف في كل الأحوال ، كنت أنبهك كثيراً على عشقك الصوفي لتلك المعشوقة ، والمحبوبة القاتلة المسماة ” بالسيكارة ” ، التي ماكانت تفارق شفتيك .

وكان ردك دائماً : ” بيني وبينها زواج أبدي .

” ، وصدقت في قولك ، وبقيت تداعبها ، تتأمل حريقها الدائمي ، تفتنك جمرتها ، تسحرك أمواج دخانها، وبقيت ملتصقاً بها ، مغرماً بحضورها ، متلذذاً بنكهتها .

وحين فقت من حلمك العشقي ، تفاجأت بالمحبوبة تلتهم رئتك وكبدك ، وتنخر جسدك ، تدمر خلاياك ، وكأنها كانت تجد اللذة في عذاباتك ، وآلامك .
 أبا آزاد مازلت أتذكر بسمتك ، ملامح وجهك ، وهي تقطر بساطة ، وشفافية ، وعشقاً للقضية ، بعكس الكثيرين ممن يدعون علم السياسة ، ويغرقون في متاهات مصطلحاتها ، ويضيعون في أروقتها المتشابكة والمتداخلة ، ناسين أو متناسين الهدف الأساسي الذي يناضلون من أجله .
ومن هنا ، ومن قلب يقطر ألماً ودماً على رحيلك المفاجأ ، أقول : سلاماً عليك حيثما رحلت وحيثما حللت ، سلاماً على من علموك المحبة ، وسلاماً على الأخت أم آزاد التي تحملت الكثير من تبعات نضالك ، وعانت الأمرين من غياباتك عن البيت والأولاد ، سلاماًعلى الرحيل والإمتداد بين أولادك ، ورفاقك .

.

البقاء للأفضل والأنقى دائماً .

.

التعازي الحارة إلى الأخت أم آزاد ، وإلى أولادك القديرين ، وإلى رفاقك المناضلين .

في 31 ـ 3 ـ 2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…