تطور الحركة الكردية في سوريا

حسين عيسو  

منذ فترة يبدو واضحا أن هناك تطورا فكريا يحدث داخل الحركة الكردية في سوريا وليس عيبا أن تختلف الآراء بين من ينادي بالحقوق القومية للشعب الكردي كقومية ثانية ضمن الوطن السوري الواحد وبين من ينادي بسوريا “الدولة المدنية الحديثة” دولة الكل الاجتماعي المتعددة الاثنيات والأديان والطوائف كما هو الحال في الدول الأوروبية , فهذا الاختلاف في الآراء دليل على التطور الفكري للشعب الكردي في سوريا خاصة وأن القسم الكردي الذي الحق بسوريا الحالية نتيجة معاهدة سايكس بيكو يختلف بتضاريسه وجغرافيته وديموغرافيته عن باقي أجزاء كردستان.
القضية الأهم في هذا التطور وكما أرى هو ظهور هذه الأفكار الجديدة الى العلن وبعيدا عن الغرف الضيقة وهذا ما أزعج النيام والمرضى الذين احتكروا التكلم باسم هذه الحركة لفترة دون أن يفعلوا شيئا وانما ليجتروا على ما أسموه نضالا ذاك الذي لم يتعد تلك الغرف والتي لم يسمع بها غيرهم وأستطيع القول أن الفضل في ذلك يعود الى الفضائيات والشبكة العنكبوتية التي صنعها الغرب وحولوا بها العالم الى قرية صغيرة , فالشكر لهم على ذلك برغم أننا تعلمنا استخدام ما صنعوه بعد جهد جهيد ورغم أن البعض ما يزال لا يستطيع تصور هذا العنكبوت الذي أقلق نومهم وأفاقهم من سباتهم الطويل ليروا أن التطور لم يكن في التكنولوجيا الغربية فحسب بل وفي فكر الشعوب المضطهدة أيضا وبخاصة بعد دخولنا الألفية الثالثة وانتخاب أوباما الأسود الذي لم يكن حتى قبل سنوات يستطيع التحرك بحرية داخل الوطن الذي انتخب رئيسا له اليوم , قلت أن أولئك المرضى وبعد أن استفاقوا ورأوا التغير الذي حصل وكيف أن هنالك أيضا مناضلين يقفون أمام القاضي ويردون التهم الموجهة اليهم بجرأة لم يتعودوها , مثلا حين يقف مشعل التمو أمام القاضي لا لطلب الرأفة به بل ليقول في دفاعه “إن دعوتي لنشر الديمقراطية في سورية ليست جريمة، وكذلك الدعوة إلى المساواة والعدالة في سورية ليست جريمة أيضاً، وإن الدعوة إلى إنهاء عقلية الاحتكار وإنهاء تفكك المجتمع ليست جريمة، إن كل ما قمت به هو الدعوة إلى الوحدة الوطنية وإنهاء مظاهر التمييز العنصري ضد الشعب الكردي ، فالشعب الكردي شعب أصيل ، وهو يقيم على أرضه التاريخية في سوريا ، وإنني أدعو إلى أن تكون سورية دولة الحق والقانون ..

دولة تشاركية، يتشارك فيها جميع أبناء سوريا ، لقد آن الأوان لتغيير قواعد اللعبة السياسية في سوريا ، حتى يكون هناك مجالاً للرأي والرأي الأخر, وقبول ثقافة الاختلاف بما يحسن من منعة هذا الوطن ويجعله قادراً على مواجهة التحديات .


هنا يصاب أولئك المرضى بالرعب من جرأة هذا الشخص “مشعل التمو” الذي حضرت محاكمته تضامنا مع معتقل رأي ورغم اختلافي معه في الرأي الا أنني احترمت الرجل ومع أنه بقي مصرا على نقد مهمتنا المطلبية كوفد يحمل أكثر من ستة وأربعين ألف توقيع الى رئيس الجمهورية احتجاجا على المرسوم 49 الا أنني ورفاقي في الوفد مازلنا أيضا مصرين على نقد رأيه واحترامه في نفس الوقت وأن تقديري له زاد عن ما كان قبل حضوري محاكمته كرجل اعتقل في سبيل ما يؤمن به من مبادئ ولم يتخاذل وعندما ينتقدنا فإننا نحترم رأيه وما يؤمن به.
المشكلة هي عند أولئك المرضى الذين رأوا فيما فعله مشعل عملا غريبا فكيف يرد إنسان معتقل وبهذه الجرأة بدل أن يطلب العفو والمغفرة أو الهرب من وجه الأمن عند أول استدعاء , هذا ما أربك أولئك الناس فدسوا أزلامهم بين الناس في المناسبات ليتكلموا بسوء عن الرجل وبما أنه ليس لديهم شيء يقولوه في حق شخص واجه القاضي وأمام المئات من النظارة بكل جرأة , لذا كان لابد من اكتشاف عيب جديد فيه وهو أنه فعل كل ذلك في سبيل أمجاد شخصية !.
منذ فترة وفي احدى المناسبات سمعت دعاية من هذا النوع حين قال أحد الأزلام أن اعتقال مشعل التمو كان “صدفة” وأنه قام بهذا العمل في سبيل مجد شخصي وللتغطية على تصرفات بعض أفراد عائلته فكان ردي عليه أولا اذا كان الاعتقال صدفة فلماذا لم تعتقل أنت وأمثالك وأنك كما هو معروف تعمل حتى في مجال النصب على الناس البسطاء وتدعي النضال ثم هل يحتاج مشعل الى مجد شخصي وهو سليل عائلة من كبار عوائل المنطقة ولا يعيبه كونها تحوي الصالح كما الطالح مثل كل العائلات العريقة والكبيرة الأخرى أما تاريخهم فلا يحق لأمثالك إنكاره أو الكلام عنه ثم ومن الناحية المادية التي تقوم بنشر هذه الدعايات السخيفة مقابل الحصول على فتات منها فكلنا يعلم أنه يملك الكفاية وغير محتاج الى مجد شخصي بل أنه يصرف الكثير من أمواله الخاصة التي أتته من ارثه العائلي ينفقها في سبيل ما يؤمن به , هنا وللحقيقة كان رد الحاضرين جميعا على التابع مؤيدا للحقائق التي ذكرتها.
 لكن يبدو أن أولئك المرضى لن يرتاحوا ولن يسكتوا عما يقوم به من يريدون التغيير والعمل لمصلحة شعبهم والخروج من الرتابة التي أصابت الحركة وبعض من احتكروها وما أكثر الأزلام والتهم الجاهزة هذه الأيام.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…