عدسة الكاميرا في المواقع الساخنة

 

سيامند إبراهيم *
تعبر عدسة الكاميرا بصدق وحساسية بالغة وهي تجول متنقلة مع الصحفي في نقل الأحداث في المواقع الساخنة والبالغة الخطورة في شتى بقاع العالم, نعم الكاميرا التي ترافق مبدعها, تساعده في رفد المشاهد أهمية الحدث بصدقيته, وفي الروعة التي تنقل لنا ما يجري على الطبيعة لترسخ هذا الحدث في خيالنا,  إن الإبداع العالي هو الذي يجعل الفنان الذي يجوب قلب هذه الأماكن حاملاً عدسته وهو يصور وينتقل معه وتنقلب برقة في التقاط أدق تفاصيل الحدث من حروب, احتفالات قومية مختلفة, الحياة بالكلمات وتعبر عنها الكاميرا بالصور.

تبقى هذه الكلمات الغير مقروءة قراءة أجمل برؤية دقيقة, الهاجس الأول والأخير في التقديم, لكن ما هو السؤال الذي يخطر على البال وهو ما الذي يدفع المصور الصحفي المغامرة في الذهاب إلى الصومال مثلاً, أو العراق, أو أفغانستان وتصوير ونقل المعارك الحية بين الأطراف المتنازعة, ويصبح هدفاً لمقاتل أرعن يصوب بندقيته على المصور على الرغم من إشارة (press) , ولكن جنون هؤلاء المقاتلون ونفسيتهم المرتزقة في النيل من صاحب هذه الآلة التي تكشف عن وحشية هذا المقاتل الذي يزهق أرواح المدنيين من الأطفال, مثل محمد الدرة في فلسطين, ومعصوم في ديار بكر حيث قام أحد الجنود الأتراك النار عليه وهو يسير في الشارع, وكما هو حال المجرمين الذين قتلوا المصور السويدي في الصومال, والصحفية أطوار بهجت في بغداد والتي قتلت بدم بارد, هؤلاء الذين يدفعون حياتهم لإظهار الحقيقة للعالم , كي يحكموا بضمير الإنسانية, على  المشاهد المروعة التي يرتكبها هؤلاء السفاحين بحق المدنيين الأبرياء من أطفال وشيوخ ونساء , أطفال لا يستطيعون الهرب من مجرم متمرس على القتل والإرهاب, كل هذا صاحب العدسة له الفضل الأكبر لتقييم المشهد الذي يراه الرائي من جرائم ترتكب ضد الإنسانية , تحية لكل من حمل الكاميرا ودخل قلب الحدث لينقل لنا بالصورة كل ما يدور في الحروب الجائرة على الأبرياء والمدنيين ؟!

——-
رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية
عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…

د. محمود عباس صرخة في وجه التكفير والخراب والإرهاب. من يهاجم المكون الدرزي في السويداء؟ من يحاصر مدنها، ويهدد شيوخها، ويحرّض على أبنائها بذريعة كلمة قيلت أو لم تُقَل؟ من نصب نفسه حاميًا للرسول الكريم وكأن الإسلام ملكيته الخاصة، وكأن نبي الرحمة جاء لقوم دون قوم، ولدين دون آخر، متناسين أن محمدًا عليه السلام نبي الإنسانية كلها، لا نبي التنظيمات…

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…