رأي كل من شيرزاد عادل يزيدي وزهير كاظم عبود بالحوار العربي الكردي

اعداد زنار كوباني

أتوجه ، بالشكر الجزيل إلى جميع السادة والأساتذة الأفاضل من العرب والكرد الذين شاركوا، وسيشاركوا لاحقاً ،في إبداء أراهم السديدة، ومقترحاتهم القيمة،وأغنوا بكل تواضع موضوع ملف حوارنا، الحوار/ العربي الكردي ….الكردي العربي/ الذي أرتأنيا إعداده لإيمانناالقوي بأهميته ،وإدراكنا المطلق بنجاحه سوياً،بهدف لوصول  إلى رؤية حوارية ديموقراطية حرة، وصيغة عقلانية جمة ،قوامها النظرة الانسانية ومشاعرالأخوة المثلى بين الطرفين العربي و الكردي.

هذا الحوار
الذي نحن بأمس الحاجة إليه اليوم .

في وقت أزدادت فيه الشروخات والفجوات السياسية والاجتماعية والمعرفية بين الشعبين العربي الكردي، وتكالبت على الأثنين  مصائب الجهل والخطأ  لأسباب لا يتحمل مسؤوليتها إلا المغرضين والمنتفعين  .

لاأريد الخوض هنا في العلاقات التاريخية الكردية العربية ـ العربية الكردية .لكني أترك للأساتذة المشاركين من الكتاب والمفكرين والسياسيين ذوي الشأن السياسي والثقافي ،حرية المشاركة والتحليل والتعقيب والرد ،على أمل الوصول إلى الأهداف المنشودة على أساس الحوار العقلاني البنّاء ، بعد الإجابة والرد علىالأسئلة المدرجة أدناه ،مع التنوية بأنه يمكن للجميع المشاركة وإبداء آرائهم ومقترحاتهم مباشرة من خلال الموقع .

الأسئلة :

  ما إشكالية الحوار الكردي العربي ـ العربي الكردي ومعايير نجاحه ؟
ـ إلى أي مدى يمكن أن يشكل الحوار/ العربي الكردي … الكردي العربي / حلاً لإزالة الفجوة والمشاكل العالقة بين الطرفين العربي والكردي  في المنطقة .

وما
أهمية ذلك عربياً وكردياً ودولياً ؟
ـ من هم أصحاب القرار / الجهات والأطراف / التي يمكن أن تكون أكثر فعالية وتأثيرًاوقدرة في تحقيق نتائج إيجابية للحوار ؟
ـ أسباب إخفاق وفشل الحوارات السابقة وغيابه حالياً بين الجهتين العربية والكردية ؟

ملاحظة : يرجى من السادة والأساتذة الأفاضل المشاركين في الرد على هذه الأسئلة كتابة صفتهم التمثيلية والثقافية والوظيفية تحت الرد

    و شكراً لحسن مشاركتكم

 زنار كوباني


  ـ   شيرزاد عادل اليزيدي ـ كاتب وباحث كردي

ـ  جواب السؤال الأول : بداية أعتقد أن ليس ثمة حتى الآن ما يمكن تسميته حوارا عربيا – كرديا أي كحوار مبرمج وممنهج يرتكز إلى أجندة واضحة محددة والى معايير التكافؤ والتراضي والاحترام المتبادل والرغبة المشتركة في التوصل إلى توافقات بين طرفي الحوار ولا تطعن في هذه الحقيقة بعض المحاولات الحوارية العربية – الكردية المتقطعة والمتناثرة هنا وهناك ولعل لب الإشكالية في موضوعة الحوار العربي – الكردي هو انعدام الرغبة والدافع لدى الطرف العربي للشروع في حوار جاد ومثمر مع الطرف الكردي واقتصار الحماسة والدعوة إلى الحوار على الطرف الأخير ( الكردي ) الذي ما فتئ يشدد على أهمية وأولوية الحوار مع الجانب العربي وواقع الحال أن الحوار أي حوار لا يستقيم حاله ولا يستتب أمره في حال تمنع أحد طرفيه وتزمته وتعاليه العنصري الفج على الطرف الآخر .
بيد أن لا بد من الإشارة هنا إلى أن الخيارات الآن باتت مفتوحة على مصراعيها أمام الشعب الكردي ففي كردستان العراق حيث تتشكل وتترسخ رويدا رويدا نواة
الكيان القومي الكردي الذي سيتمخض في المحصلة عن دولة كردية مستقلة طال الزمن أم قصر بات بإمكان الأكراد من خلال تجربتهم الديموقراطية الواعدة هناك الانفتاح والتعاون والتحاور والتواصل مع فضاءات وعوالم ديموقراطية حضارية فاعلة ومؤثرة في المشهد الدولي إذ أن ثمة مثلا توجها كرديا قويا للانفتاح على كوريا الجنوبية استنادا إلى تواجد القوات الكورية العاملة في إطار التحالف الدولي  في إقليم كردستان العراق مع ما يعنيه ذلك من تلاقح وتثاقف واستلهام للنموذج الكوري الجنوبي ( وليس الكوري الشمالي حيث نموذج جمهورية الجوع الوراثية ) الرائد آسيويا في الدمقرطة والتحديث والتطور والازدهار فكوريا الجنوبية باتت تزاحم اليابان حتى في كونها دولة شرقية سباقة في استلهام واعتماد النموذج الديموقراطي الحداثي الغربي وتطبيقه ببراعة فذة فضلا عن العلاقات الإستراتيجية التي تربط الأكراد بالفضاء الديموقراطي الغربي في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وكندا وأستراليا والمعززة بجاليات كردية كبيرة مؤثرة ومنظمة في تلك الدول
المركزية في النظام الدولي وبعبارة أخرى فالأكراد الآن في موقع قوة وفي مرحلة نهوض قومي وصعود ديموقراطي وهم يلعبون دورا تأسيسيا ومحوريا في الجهود الدولية الرامية إلى دمقرطة هذه المنطقة المنكوبة وإدراجها في السياق العولمي الديموقراطي الكوني أي أن الأكراد والحال هذه ليسوا في وارد استجداء الحوار مع
أي طرف إقليمي أكان عربيا أم فارسيا أم تركيا فالأصل في أي حوار كما لا يخفى هو توفر القناعة لدى الطرفين المتحاورين بوجود مشكلة بينية أو معضلة مشتركة بينهما تستدعي الحوار وهذه القناعة التأسيسية لأي حوار معدومة تماما لدى الطرف العربي الذي لا يرى إلى القضية الكردية إلا بوصفها محض مؤامرة استعمارية غربية –
صهيونية تتوسل الأكراد للنيل من الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة وبناء عليه تنتفي أي إمكانية لحوار جدي ومسؤول بين العرب والأكراد إذ أن المقاربة العربية السائدة حيال الأكراد تأبى الاعتراف بهم ناهيك عن الحوار معهم وحتى إذا ما تم الحوار مع الأكراد كما حدث غير مرة سابقا فذلك ليس إلا لغايات تكتيكية وأهداف آنية إما لكسب الوقت والتقاط الأنفاس للانقضاض مجددا على “الفريسة” الكردية وإما رضوخا وامتصاصا لضغوط خارجية دولية وليس عن قناعة راسخة
بضرورة هذا الحوار وأهميته الإستراتيجية عربيا وكرديا والمؤسف أن غياب هذه القناعة يشمل وينطبق على الوسط الثقافي العربي انطباقه على الوسط الرسمي العربي فالنظام الاستبدادي العربي لاسيما في العراق وسورية الذي أمم وصادر كل شئ في المجتمعات العربية لم يتوان عن مصادرة الثقافة العربية وتدجينها وتفريغها من مضمونها الإنساني التفاعلي وأفقها الكوسموبوليتي الكوني المفتوح على الآخر حتى أن المقاربة الفاشية البعثية للقضية الكردية غدت مقاربة جماعية معتمدة ( أنظر إلى الموقف العربي حيال مجزرة حلبجة مثلا ) لدى جل المثقفين العرب بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم فأنت تجد المثقفين العرب القوميين منهم والاسلامويين
والماركسيين والليبراليين قد يختلفون على كل شئ وفي أي شئ ما خلا موقفهم الموحد والثابت الرافض دوما لحقيقة الوجود الكردي والمتنكر أبدا للحقوق الكردية
المشروعة والأنكى أن هذه المقاربة العنصرية المريضة لدى البنى الفوقية العربية السياسية والثقافية أخذت تنسحب على البنى القاعدية المجتمعية العربية فكثير من
القطاعات الشعبية العربية تتملكها مشاعر عدائية بدائية تجاه الشعب الكردي وانطباعات وتصورات نمطية مسبقة وحاقدة على كل ما هو كردي  فالأكراد والحال هذه
هم الشماعة التي تعلق عليها النظم والمجتمعات العربية المأزومة واليائسة كل أزماتها الوجودية وهزائمها وإخفاقاتها الروحية والمادية .
ولا بد هنا من التوكيد مجددا على أن الشعب الكردي لن يكون إلى ما لا نهاية ساعيا وداعيا إلى الحوار مع الطرف العربي إذا ما استمر الأخير في سياساته العدائية المعروفة ضد القضية الكردية ومواقفه السلبية العدمية من موضوعة الحوار العربي – الكردي لاسيما وأننا قد أشرنا أعلاه إلى شروع الأكراد في توسيع دائرة
أصدقائهم وحلفائهم حول العالم عبر تدشين علاقات حضارية حوارية واسعة قوامها تحقيق المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة .
والراهن أن من أهم متطلبات ومعايير نجاح أي حوار عربي – كردي مستقبلا هو الاتفاق أولا وقبل الشروع في الحوار العتيد على جملة مبادئ عامة ناظمة كي لا
يتحول الحوار إلى غاية لذاته وكي تتمخض عنه نتائج ايجابية مثمرة وملموسة عبر توفيره زوايا متعددة للنظر إلى القضايا محور البحث والنقاش ما يفضي إلى قواسم
مشتركة وتفاهمات محددة وصولا إلى بلورة مقاربات علمية وعملية وحلول عادلة وعصرية بما يتسق مع مبادئ الحق والعدل والمساواة للقضية الكردية ولمجمل القضايا المطروحة على طاولة الحوار ولعل من أهم المبادئ الواجب الاتفاق عليها قبل البدء بالحوار المنشود الإقرار بحقيقة وجود الشعب الكردي على أرضه التاريخية كردستان وبحقه الطبيعي في تقرير مصيره ما يجعله ندا وشريكا للشعب العربي في العراق وسورية وليس كما يروج عتاة البعث الفاشي ومن لف لفهم بان الأكراد أقلية مهاجرة تعيش في كنف العروبة وسقف ما ينبغي أن يطمح إليه الأكراد هو التهليل لما تجود به العروبة عليهم من كرم الضيافة وحسن الوفادة كما لا بد من التشديد على أن الحوار العربي – الكردي لا يهدف البتة إلى الوصول إلى حالة وحدة اندماجية انصهارية بين الشعبين العربي والكردي كما قد يتوهم البعض في الجانب العربي إذ ليس مقبولا ولا متاحا بعد الآن السعي إلى إعادة القضية الكردية إلى القمقم البعثي والإقليمي تحت يافطات الحوار العربي – الكردي تارة والأخوة العربية –
الكردية تارة أخرى فالمأمول والمطلوب من هكذا حوار هو توفير أرضية للتعايش والتعاون والتواصل الايجابي بين العرب والأكراد في العراق وسورية وحتى في عموم العالم العربي على قاعدة الاتحاد الاختياري والشراكة الطوعية بين الشعبين والإقليمين العربي والكردي في إطار دولتين مدنيتين ديموقراطيتين في كل من
العراق وسورية بعيدا عن أهازيج الوطن الواحد والشعب الواحد … الخ ما هنالك من محفوظات وحدوية فاشية لطالما استخدمت كشعارات في تبرير وتسيير حملات القتل والتدمير والتطهير العرقي والإبادة الجماعية والأرض المحروقة بحق كردستان وشعبها الكردي المسالم والمكافح في سبيل حريته وانعتاقه .
جواب السؤال الثاني : لا شك أن الحوار هو لغة العصر والآلية الأمثل والأنجع لحل وتذليل العقبات الكبيرة والفجوات الهائلة الفاصلة بين الطرفين العربي والكردي
والتي هي نتاج عقود من القمع السلطوي المنهجي والمدروس وإرهاب الدولة المنظم والمخطط لطمس وحجب الهوية والحقيقة الكرديتين في العراق وسورية بغربال
الآيديولوجيات العروبية المفلسة وفي مقدمها آيديولوجيا البعث الفاشية وعليه فالمهمة الأساسية للحوار العربي – الكردي هي العمل على دحض وتفكيك الآيديولوجيا
العروبية وخطابها القومجي العفن وإزالة آثار ومفاعيل ممارساتها العملية بحق الأكراد قتلا وإبادة وتعريبا وتهجيرا إن في كردستان الجنوبية ( كردستان العراق
) أو في كردستان الغربية ( كردستان سورية ) .
والحق أن تعرية هذه الآيديولوجيا المتهالكة والمتهافتة وفضحها هو في مصلحة الجانب العربي بالدرجة الأولى إذ يتيح للشعب العربي في العراق وسورية الخروج من إسار الوعي الآيديولوجي المتخلف بكل أشكاله القومية والدينية … وهذا بطبيعة الحال يعود بالنفع على الأكراد أيضا إذ أن الوعي الآيديولوجي المأزوم والسائد
في المنطقة العربية يشكل عقبة كأداء أمام حل القضية الكردية وتوصل الشعبين العربي والكردي إلى صيغة اتحادية ديموقراطية عصرية تحقق مصالحهما المشتركة على قدم المساواة فالقومي العروبي لا يرى إلى الأكراد في أحسن الأحوال إلا كمجموعة مواطنين عرب من أصل كردي لا فرق بينهم كمستعربين وبين أخوتهم في العروبة من العرب العاربة الأقحاح والاسلاموي العربي لا يرى إلى الأكراد إلا كقوم من المسلمين لا فرق بينهم وبين أخوتهم في الدين من العرب وأما الشيوعي العربي فلا يرى إلى الأكراد إلا وفق نظرية الصراع الطبقي ووحدة البروليتاريا العالمية وبالتالي فلا فرق بين الطبقة العاملة الكردية وبين رفاقها في الطبقة العاملة
العربية أما الليبرالي العربي فلا يرى بدوره إلى الأكراد إلا كمواطنين مفترضين لا فرق بينهم وبين مواطنيهم العرب في دولة المواطنة المفترضة .
يمكن القول والحال هذه أن الشرط الشارط لنجاح الحوار العربي – الكردي هو تجاوز الجانب العربي لهذه المسبقات الآيديولوجية السقيمة وتخليه عن النزعة الاختزالية التسطيحية للقضية الكردية بما هي قضية شعب وأرض وبما هي قضية قومية –
ديموقراطية بامتياز ولا ريب أن نجاح هذا الحوار مرهون كذلك بمدى تمكن العرب من تجاوز مآزقهم التاريخي عبر تبني خيارات ديموقراطية ومقاربات حضارية للتعاطي مع مشاكلهم وأزماتهم المزمنة وعلى رأسها إشكالية علاقتهم المتوترة المتردية مع الأكراد في العراق وسورية والقطع مع كل أشكال الوعي الآيديولوجي المزيف للواقع والحقيقة وخصوصا الواقع والحقيقة الكرديين .
أن حوارا عربيا – كرديا وفق هذه الشروط والمعايير هو لا شك حدث تأسيسي في عموم المنطقة بما يدشن ويكرس مناخات الحوار البناء والتفاهم والسلام والتعايش
الحضاري الخلاق بين سائر شعوب المنطقة والعالم وبما يقطع مع تقاليد ورواسب الحروب والصراعات والأحقاد الراسخة في هذه المنطقة التعيسة بفعل آيديولوجيات
الكراهية والتنابذ والاستعلاء القومي والديني …
جواب السؤال الثالث : الواقع أنني لا أعول من حيث المبدأ على أصحاب القرار بالمعنى السلطوي في الدول العربية ولا أرى طائلا من الحوار معهم وعليه فالجهات المعنية الأكثر فعالية وقدرة على تحقيق نتائج مثمرة وعملية من هذا الحوار المفترض وترجمة مقرراته على الأرض هي بالتأكيد النخب السياسية والثقافية
الكردية والعربية ( والمقصود بالنخب العربية هنا هي النخب الديموقراطية الحداثية المنفتحة على العصر والآخر وليس النخب المتزمتة المتقوقعة على ذاتها العروبية النرجسية المتضخمة ) عبر تنظيرها لحال من الحوار والتلاقي والتقارب وصولا إلى ترجمة هذه الحال الحوارية العقلانية والايجابية إلى الواقع اليومي المعاش لدى عامة الناس إذ أن بقاء هكذا حوار محصورا في حلقات بحث ونقاش نخبوية وفي أبراج عاجية معزولة عن نبض الناس وعاجزة عن ملامسة تضاريس واقعهم وهمومهم ومشاكلهم التي يشترك العرب والأكراد في الكثير منها يجعل من الحوار غير ذي جدوى ويعرضه لخطر الدوران في حلقة مفرغة ولذا ينبغي أن لا يقتصر أي حوار عربي – كردي مأمول على الطاولات المستديرة في القاعات الفارهة المغلقة بل ينبغي توسيع مجالات الحوار والتواصل والتلاقح والتبادل فنيا ورياضيا وسياحيا واقتصاديا في هيئة مهرجانات مشتركة سينمائية ومسرحية وغنائية … ومعارض كتب ونشر وتبادل بعثات سياحية ورياضية واقتصادية الأمر الذي ينعكس إيجابا على الحوار العربي –
الكردي في بعده الاستراتيجي – السياسي ويوفر أرضية صلبة له ويشكل عاملا أساسيا في إنجاحه وهذا ما باتت تظهر إرهاصاته بجلاء يبعث على التفاؤل في كردستان العراق التي تشهد نشاطات وفعاليات عدة معنية بالتواصل مع والانفتاح على العالم العربي بما يقدم الصورة الحضارية الحقيقية للشعب الكردي إلى الشعوب العربية على أنقاض الصورة المشوهة المزيفة للشعب الكردي في الوعي والمخيال الجمعيين العربيين التي روجتها وكرستها الفاشية البعثية .
جواب السؤال الرابع : لا أعتقد أن الحوارات العربية – الكردية السابقة ترقى بأي حال من الأحوال إلى سوية حوار حقيقي شامل وعقلاني بعيدا عن التابوات المقدسة والمجاملات الديبلوماسية إذ أن حوارا في حجم وأهمية وتاريخية الحوار العربي –
الكردي يقتضي قدرا عاليا من الشفافية والصراحة والجرأة في الطرح والجهر بالحقوق والمطالب المشروعة والعادلة وتسمية الأشياء بأسمائها وإلا فما الداعي للحوار
إذا ما تم تجاهل مكامن وأسباب وجذور إشكاليات العلاقة العربية – الكردية فالبحث في النتائج والإفرازات دون سبر ومعالجة الأسباب والبواعث  لا يفضي إلى الحلول المتوخاة والمرجوة ولا يحول دون تكرار المآسي والكوارث مرة أخرى طالما بقيت المعالجات سطحية ومبتسرة .
وعموما لا أعتقد أن الحوار غائب تماما الآن بين العرب والأكراد فالمداولات والمساومات والمناقشات المعمقة العربية – الكردية التي سبقت صياغة وإقرار الدستور العراقي الدائم بما تضمنه من حقوق وضمانات للشعب الكردي في العراق الجديد الديموقراطي الفيديرالي والمفاوضات الخاصة بتشكيل الحكومات العراقية الثلاث بعد تحرير العراق ( الحكومة المؤقتة برئاسة الدكتور إياد علاوي والحكومة الانتقالية برئاسة إبراهيم الجعفري والحكومة الجديدة برئاسة نوري المالكي ) بين كتلة التحالف الكردستاني وبقية الكتل السياسية البرلمانية العربية هي وان لم تكن حوارا بالمعنى الثنائي للكلمة إلا أنها تندرج عمليا وواقعيا في سياق الحوار العربي – الكردي الذي أخذ يعتمد الآن على تقديم النماذج الناجحة الجاذبة والمحفزة على المحاكاة والاقتداء فالتجربة الديموقراطية الراسخة في كردستان العراق والحراك الديموقراطي المدني النشط في كردستان سورية عقب الانتفاضة الرائعة في 12 آذار ( مارس ) 2004 يقدمان بلا شك نموذجين صارخين على حيوية الشعب الكردي وحبه للحياة وعشقه للحرية وسعيه الدؤوب إلى البناء والازدهار والتطور وانفتاحه تاليا على الآخر العربي وغير العربي .
وختاما أجد لزاما علي عند الخوض في شؤون وشجون الحوار العربي – الكردي الإشادة بدور كوكبة من المفكرين والمثقفين العرب التنويريين الديموقراطيين الأحرار وتوجيه تحية ملؤها المحبة والتقدير باسم الشعب الكردي التواق إلى الحرية والمساواة لكل صاحب قلم حر خط بحبره كلمة حق في الشعب الكردي وقضيته العادلة فيما كان الكثيرون من منظري العروبة والاستبداد يطعنون ذلك الشعب بخناجرهم –
أقلامهم التي تقطر حبرا مسموما والتي لطالما تلطخت بدماء مئات آلاف الأبرياء من الأكراد فتحية شكر وامتنان مع حفظ الألقاب إلى حازم صاغية وفالح عبد الجبار
وعبد الرحمن الراشد وغسان شربل وهدى الحسيني والعفيف الأخضر وكريم مروة وعدنان حسين وغيرهم من دعاة الحرية وأصدقاء الشعب الكردي في العالم العربي خاصة وفي العالم عامة .


زهير كاظم عبود   ـ كاتب وقاضي عراقي سابق

لاشك أن الهيمنة الشوفينية وسيادة الفكر الشمولي أستطاع ان يساهم في إحداث الشروخ بين العرب والكرد وأن يعمل على تعميق هذه الشروخ فترة ليست بالقصيرة ، ولانغفل المحاولات الحثيثة للتيارات السياسية الوطنية العربية منها والكردية من
أجل العمل على إزالة بعض هذه الشروخ أو على الأقل إيجاد مصدات لها ، لكن الواقع المرير الذي عاشته المنطقة تحت ظل الأنظمة الدكتاتورية كان يدفع بإتجاه تأجيج الفرقة والتباعد .
ومع كل ما حدث لم يزل ضوء إنساني يربط العرب والكرد والأمل بالمستقبل في إزالة هذه الشروخ البغيضة توفر حسن النية والبناء المستقبلي للحياة المشتركة تحت ظل النظام الفيدرالي سيكون الركيزة التي يمكن الإستناد عليها في الحوار البناء وتبادل التجارب المشتركة بالإضافة الى وجوب مساهمة التيارات السياسية جميعها إذا كنا نعتبرها جميعا تريد ترميم الخراب العراقي أن تعمل على هدم الفجوات والتصدي للتيارات الشوفينية المتبقية كامنة في العقل العربي أو الكردي ومواجهتها بصراحة وبحزم بالإضافة الى ضرورة إعادة كتابة التأريخ العربي الكردي ليس من اجل استعادة المأساة والمحاكمة وإنما بصدد وضع الحقيقة في نصابها لتكون شاهدة من شواهد العصر الذي كان فيه العرب والكرد الوقود والحطب الذي تستخدمه الأنظمة الدكتاتورية والشوفينية ومهمة مثل هذه تقع على عاتق المثقف العربي والكردي بالإضافة الى مساندة قوية من منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان مع حملة تثقيفية هادفة الى إضعاف الفكر الشوفيني وغبن حق الآخر في الحياة وإبراز مسألة حق الشعوب في تقرير مصيرها وتوضيح المعاني النبيلة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان عمليا على الواقع العراقي بعد ان تخلص من أدران الشوفينية .

نعم يشكل الحوار العربي الكردي مساهمة فعالة وأكيدة في ترسيخ معالم الحياة الجديدة وبناء العلاقات الإنسانية الموجودة أصلا بين العرب والكرد والتي أريد لها أن لا تتفكك ولم تكن هذه الحوارات بناءة وجدية في ظل أنظمة تتعكز على الفرقة والتباعد بين الشعوب ، واليوم بعد أن بدأت الخطوات الديمقراطية في العراق الجديد تتوضح ومعالم الفيدرالية راسخة يتوجب على الجميع المساهمة في إغناء هذا المشروع الإنساني الذي سيزيد من معالم الحرية والديمقراطية في ظل النظام الفيدرالي رسوخاً وقوة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…