مؤتمرات مبعثرة….. والمؤتمر الوطني الكردي متى يولد؟

  بانكَى كرد

  رغم ما يجري في المنطقة من تغيرات على الساحة السياسية، مازال الحراك السياسي الكردي السوري يقبع في السبات ويستسلم للشتات والتفرقة.

ونحن نعلم أنه ما من أمة نالت حقوقها إلا بوحدة صفوفها وبالعمل الجاد من أجل تقويم مسارها السياسي لأن المرحلة التي نحياها ، لامكان فيها للمتفككين والمتشرذمين  على شاكلة الحالة الوراثية التي تعيشها الأجيال المتعاقبة من أعضاء وقيادات الحركة الوطنية الكردية في سوريا ، والخلل  قد يكمن في النفوس الضعيفة أو قد تكون الذوات هي من اعتادت على التناهي في ظلال الغير أو ربما الاتفاق على عدم الاتفاق إرثنا الثمين نتيجة الخلافات الشخصية والحزبية .
قد تهدر الحركة الوطنية الكردية طاقات جبارة دون أن تعود عليها بالحلول الناجعة والوصول إلى النقطة الجوهرية التي يتفق الجميع حيالها في الحالة العامة وضمن البرامج والأدبيات الحزبية ، والذي من شأنه أن يمدنا ببصيص من الأمل في حالك التخبط والضياع الذي نعيشه !
يعبرون القارات والمحيطات إلى أقاصي الأرض والدنيا في سبيل مؤتمر أو اجتماع  أو دعوة إلى رص الصفوف والاتفاق ، ويترفعون عن النداءات المتكررة التي يطلقها العقلاء من بني القوم بين ضفتي الوطن الحبيب وكأن الخارج بيده مفتاح علي بابا والكنوز الثمينة ، وتبقى الحسرة في قلوبنا على إجماع وطنيٍ كرديٍ تزغرد لإشراقه فتياتنا  ويهلل لوهجه رجالنا (مع العلم إن جميع أطياف حركتنا هذه ودون استثناء يريدون  لملمة الشمل نظرياً على أقل تقدير) وما يثير الدهشة هنا أن المؤتمرات الخارجية لم تجلب شيئاً جديداً إلى الساحة الكردية السورية إلى الآن ، اللهم سوى التكتلات والمهاترات بين الأطراف التي تحضرها والتي تتغيب عنها ويكثر القيل والقال وتبرز أصابع الاتهام نحو فلان من الحزب الفلاني  الذي وقع على كذا…..

وفلان كذا ووووو …إلخ.


والكل يغني على ليلاه ، فمجموعة تتفاوض على حقوقها مع الطرف أخر على الساحة السورية والأخرى تكشر عن أنيابها في الخارج وووو….الخ
فمنذ الاجتماعات الأولى التحضيرية لتأسيس التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا عام 1991 الذي حضره معظم الأحزاب الكردية الذي كان بمثابة أول خطوة على طريق توحيد الجهود نحو العمل الكردي المشترك و الذي بقي يتيماً أو إن صح التعبير بعيداً عن تلبية الغايات المرجوة منه .
 وبقي الحال عليه إلى أن فرضت أحداث آذار عام 2004 نفسها على الساحة الكردية كمتغير جديد لا يمكن التغاضي عنه أو كضرورة وطنية وقومية لا يمكن معالجتها بشكل إفرادي مما دفع القوى الكردية إلى الاجتماع حول طاولة الألم مرة ثانية  ، وأفرزت ما سميت بمجموع الأحزاب الكردية في سوريا التي هدفت إلى وضع الخطوات اللازمة لأي حراك كردي في سوريا ، لكنها بقيت دون فعالية أو تم التغاضي عنها أو تهميشها وانطلقت بعدها بعض من الأحزاب إلى البحث (عبر مؤتمرات أو اجتماعات أو ..)  بغية تحقيق شيئاً ما ، ولكن لم تظفر إلا بمكسب واحد وهو ترسيخ حالة التفكك الكردي وتعميقها أكثر فأكثر .
والسؤال الهام الموجه إلى رواد هذه المؤتمرات : ألم تنتهي جميع المؤتمرات إلى نهاية واحدة وهي ضرورة الإجماع الكردي في الداخل كي تبدأ الخطوة المنتظرة ؟ ألم يُطلب منكم التوجه إلى جميع المكونات والقوى المختلفة داخل الوطن والإتيان بصيغة عمل مشترك أو رؤية متوافقة قبل البت في طريقة المساعدة التي سيقدمها رعاة هذه المؤتمرات ؟ وهذا ما تجلّى بوضوح  في اللقاء التداولي للأحزاب الكردية في القاهرة برعاية معهد (اسبن).
 إذاً لماذا لا نقوم بهذه الخطوة من تلقاء أنفسنا  ونجتمع في الوطن أينما كان لنوفر جهد السفر ومشقته ومصاريفه ولنتجنب المسائلات …؟ فهل القيام بخطوة كهذه في رحاب الوطن أصعب من أختها في الخارج ؟  
 ويجب ألا ننسى بأن  فـرصة نجـاح أي عـمـل لتـحـقـيــق وحدة الصف الكـردي العـام أو خطو أية خطوة نحو وضع مسودة مشروع بدائي لأي إطار كان وتحت أي مسمى كان ، لا بد أن يشمل كافة فـصـائـل الحركة الوطنية الكردية  و جميع الفعاليات المعنية و إلا سيكون مصيرها النسيان وما أكثر ما ينسى في تاريخ حركتنا الكردية !
—–
عن جريدة دنكي كورد التي يصدرها الحزب الديمقراطي الكردي السوري (P.D.K.S) العدد (225) شباط 2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كلستان بشير الرسول شهدت مدينة قامشلو، في السادس والعشرين من نيسان 2025، حدثا تاريخيا هاما، وهو انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي الذي انتظره الشعب الكوردي بفارغ الصبر، والذي كان يرى فيه “سفينة النجاة” التي سترسو به إلى برّ الأمان. إن هذا الشعب شعبٌ مضحٍّ ومتفانٍ من أجل قضيته الكردية، وقد عانى من أجلها، ولعقود من الزمن، الكثير الكثير من أصناف الظلم…

إبراهيم اليوسف ما إن بدأ وهج الثورة السورية يخفت، بل ما إن بدأت هذه الثورة تُحرَف، وتُسرق، وتُستخدم أداة لسرقة وطن، حتى تكشّف الخيط الرفيع بين الحلم والانكسار، بين نشيد الكرامة ورصاص التناحر. إذ لم يُجهَض مشروع الدولة فحسب، بل تم وأده تحت ركام الفصائل والرايات المتعددة، التي استبدلت مفردة “الوطن” بـ”الحيّ”، و”الهوية الوطنية” بـ”الطائفة”، و”الشعب” بـ”المكوّن”. لقد تحولت الطائفة…

حوران حم مع انتهاء الكونفرانس الكردي في كردستان سوريا وتبلور ملامح وحدة الصف والموقف الكردي، تدخل القضية الكردية في سوريا مرحلة جديدة محفوفة بالفرص والتحديات. إذ إن اجتماع القوى الكردية رغم النواقص حول برنامج سياسي موحد يمثل محطة مهمة سيكون لها انعكاسات عميقة على المشهدين الإقليمي والدولي، كما ستفرض معادلة جديدة في العلاقة مع إدارة دمشق. ملامح التحول الكردي…

أنا، د. محمود عباس، ابن كوردستان العزيزة، الناطق باسم وجعها وأملها، وحامل راية قضيتها العادلة التي لن تُطوى، والمجسِّد لنبضها في كل شبر من ترابها الحر والمغتصب. أنتمي بقلبي وروحي وعقلي إلى كل تيار وفصيل ينبض بحب الوطن ويفوح من روحه عبق الحرية والكرامة: من برزاني الثورة الذي أبى الانحناء، إلى أوجلاني قنديل، مشعل الفكر ومفجِّر التمرد على الاستعباد، ومن…