حالة السجون وأوضاع السجناء في سوريا

إعداد المحامي رديف مصطفى رئيس مجلس إدارة اللجنة الكردية لحقوق الإنسان

مقدمة :

في ظل الاهتمام المتزايد للمجتمع الدولي مؤخراً بقضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني وما يتفرع عن ذلك سواءً بصفة مستقلة ,أو بوصفها من العناصر الأساسية للنظام العالمي الجديد (العولمة )التي لا كما يصورها البعض في ا طار حركيتها العالمية ستؤدي إلى فرض هيمنة نموذج ثقافي أحادي بل على العكس تماماً ستؤدي هذه الحركية إلى سقوط النمط الثقافي الأحادي السائد في مجتمعاتنا ,والذي يستند إلى مؤسسات شمولية استبدادية وظيفتها تعقيم العقل وصياغته بطريقة جامدة لا تقبل التنوع والتعدد والاختلاف عقل يبيح استبداد الخاصة ويعمل على تجهيل العامة .
إن هذا الاهتمام يشكل دفعاً قوياً للتأكيد على عالمية قضية حقوق الإنسان بعيداً عن التذرع بوهم الخصوصية, ودون أية مواربة أعتقد بأن اهتمامنا بهذه القضايا ,قضايا
الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني لا يتأتى أبداً من منطلق التقليد الأعمى للغرب ,أومن قبيل الترف الفكري كما يوحي البعض بل من منطلق فهمنا ووعينا
الواقعيين لهذه القضايا وأهميتها الجوهرية والكبرى في كونها ضرورات إنسانية وحضارية ووطنية تتعلق بحاضرنا ومستقبلنا كمجتمعات ودول ,وتعد بحق المدماك الأساسي لعملية البناء والإصلاح والتقدم في مسارها وصيرورتها المجتمعية والوطنية نحو بناء الدولة الديموقراطية دولة الحق والقانون .

يهدف تقريرنا هذا إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان والتعريف بها وتبيئها من أجل توطينها وتجذ يرها في ثقافتنا المحلية فيما يخص حقوق السجناء كما يهدف إلى رصد الانتهاكات وتوثيقها وفضحها بغية المساهمة في الحد من تلك الانتهاكات التي تقع على حقوق السوريين بشكل عام والسجناء منهم بشكل خاص .

أهم العهود والاتفاقيات والقواعد لدولية لحماية حقوق السجناء :

لاشك أن هذه الاتفاقيات والقواعد الخاصة بحماية حقوق السجناء لم تكن وليدة الصدفة بل جاءت ثمرة مخاض نضالي شاق وطويل شارك فيه السجناء أنفسهم ,لتأكيد حقوق إنسانية وقانونية خاصة بهم تلتزم بها الدول كافة دون أي تمييز ,حيث نصت المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه (لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة )كما تؤكد المادة السابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حظر التعذيب وتجريمه وتؤكد المادة العاشرة منه على معاملة جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية ,تصب في إطار احترام الكرامة المؤصلة في الشخص الإنساني وأن يراعي نظام السجون معاملة المسجونين معاملة يكون هدفها الأساسي إصلاحهم وإعادة تأهيلهم ودمجهم في محيطهم المجتمعي,كما أكدت المادة الرابعة من العهد على عدم التذرع بالأوضاع الاستثنائية وحالات الطوارئ في ممارسة جرم التعذيب دون أي تمييز بين كافة المواطنين أياً كان عرقهم أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم وقد ذهبت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إلى أبعد من ذلك في تعليقها العام 7/16على المادة السابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدينة والسياسة حيث تؤكد بأنه ليس كافياً لتنفيذ هذه المادة حظر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو جعله جريمة ,وبما أن هذه الحالات من الانتهاكات تحدث ,ينبغي على الدول ضمان الحماية الفعالة عبر آلية ما للإشراف0
ـ مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين لعام 1979
ـ مبادئ آداب مهنة الطب المتصلة بدور الموظفين الصحيين لا سيما الأطباء في حماية المسجونين والمحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية لعام 1982
ـ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984
ـ قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة قضاء الأحداث قواعد بكين لعام 1985
ـ مجموعة المبادئ الخاصة بحماية كل السجناء الخاضعين لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن لعام 1988 ـ قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية للتدابير غير الاحتجازية (قواعد طوكيو) لعام 1990
ـ الإعلان الأممي المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992
ـ قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم مؤتمر هافانا لعام 1990
ـ المبادئ التوجيهية التي أقرها مؤتمرها هافانا بشأن دور أعضاء النيابة ودور
المحامين في منع الجريمة ومعاملة المجرمين في عام 1990 .

أهم المعايير المتبعة في مجال حقوق السجناء :

1ـ القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء أوصى باعتمادها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في جنيف عام 1955 حيث أقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراريه 223ج ـ و24 المؤرخ في يوليو 1957 و 2076د ـ 162 المؤرخ في 13/ مايو 1977ويؤكد هذا المعيار على حق السجناء في التمتع بالكرامة الإنسانية الأصيلة وبكل ما يتفرع عنها من حقوق كما يؤكد على حق السجناء في الحصول على الانتصاف القضائي العادل.
2-  المؤتمر الحادي عشر للأمم المتحدة الخاص بمنع الجريمة والعدالة الجنائية الذي انعقد في بانكوك عام 2005 والذي أكد على :
ـ منع ضرب النزلاء أو تعذيبهم أو استعمال الشدة معهم
ـ منع إهانة النزلاء بأي شكل من أشكال الإهانة سواء باللفظ أو الفعل أو الإشارة
ـ منع تشغيل النزلاء في أعمال مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية
ـ توفير الرعاية الصحية والطبية والأدوية للنزلاء ,ونقل من يحتاج منهم للمستشفيات المختلفة إن لزم الأمر وحسب ما يوصي به طبيب المؤسسة
ـ توفير الغذاء والشراب الصحي والمناسب
ـ توفير الأمانة والسلامة
ـ ضمان حق الشكوى والمتابعة الجدية لها
ـ توفير وسائل الاتصال للنزلاء بذويهم ومحاميهم
ـ تزويد النزيل بالمعلومات الكافية والواضحة عن حقوقه و واجباته في السجن
ـ مراعاة قواعد تصنيف النزلاء,ووضع كل واحد منهم في المكان الذي يتلائم مع فئته الجرمية أو صنفه أو مدة عقوبته أو سنه
ـ الحق في التنفيذ العادل للقوانين

الأوضاع السياسية والقانونية في سوريا وتأثيرها على حقوق الإنسان:

إن سوريا بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب , يعيش فيها العرب والكرد والآشوريين كمكونات أصيلة إلى جانب أقليات أخرى كالأرمن والتركمان والسريان فيهم
المسلم والمسيحي والدرزي والعلوي والإسماعيلي أي أنها عبارة عن لوحة فسيفسائية يتداخل فيها الأنا بالأخر وهذا التنوع يعد بحق نعمة ينعم بها السوريون.
يعيش السوريون ضمن أوضاع اقتصادية مزرية حيث الفقر والبطالة وحسب التقارير الرسمية لا يتجاوز دخل الفرد في سوريا /790/ يورو سنوياً وثلث السكان يعيشون تحت خط الفقر علماً بأن هناك مصادر غير رسمية تؤكد بأن ثلثي سكان سوريا يعيشون تحت خط الفقر والثروة عموماً مركزة بيد 5 إلى 7 بالمئة من السكان والاقتصاد السوري عموماً يتآكل من الداخل نتيجة آفة الفساد والرشوة المنتشرة على نطاق واسع جداً في سوريا .
أما بالنسبة للمتتبع للمشهد السياسي السوري فهو لا يحتاج للكثير من العناء ليكتشف بأن سوريا لم تعرف في  تاريخ تجربتها السياسية أي حياة ديمقراطية حقيقية سوى فترة قصيرة جداً دامت حوالي أربعة سنوات فقط في الخمسينات تلتها التجربة الناصرية في الوحدة بين مصر وسوريا والتي أجهزت على الحياة السياسية عبر إلغاء الأحزاب قانوناً ومنعها من النشاط وفرض حالة الطوارئ أما في عهد الانفصال وتحديداً في عام 1962 أقدمت الحكومة على ارتكاب كارثة إنسانية بحق المواطنين الأكراد في الجزيرة حيث أقدمت بموجب إحصاء جائر على تجريد حوالي مائة وعشرون ألف مواطناً كردياً من الجنسية السورية لم تعاد إليهم الجنسية حتى اليوم رغم الوعود المتكررة ورغم أن عددهم حالياً حوالي ثلاثمائة ألف مجرد حسب إحصاءات غير دقيقة .
في الثامن من آذار عام 1963 قام مجموعة من الضباط البعثين والناصرين بانقلاب عسكري , وأعلنت صبيحة ذلك اليوم حالة الطوارئ التي ما زالت سارية المفعول حتى يومنا هذا , أسست لنظام يشبه في منطقه وعقله وبنيته الأنظمة الاشتراكية الشمولية نظام شمولي استبدادي شديد المركزية اعتمد حكم الحزب الواحد الذي أمم النقابات والمؤسسات والجمعيات وألحقها مباشرة بالسلطة التنفيذية التي تفردت بها الدوائر الأمنية حيث انتشر القمع وتمنهجت الانتهاكات لحقوق الإنسان وانتشرت ظاهرة الفساد والإفساد والرشوة بشكل واسع جداً مترافقة مع البيروقراطية والروتين مما أنتجت دولة أمنية بامتياز تعطلت فيها المؤسسة التشريعية المتمثلة بمجلس الشعب ولم يبقى لها أي دور فعلي وصودرت الحريات ومنعت الصحافة الحرة ، ولم يصدر إلى الآن أي قانون للأحزاب وقانون المطبوعات المعمول به ربما كتب في مخفر للشرطة وتصبح الأوضاع اكثرقتامة عند ما نتحدث عن أوضاع حقوق الإنسان و ربما أسوا فترة شهدتها سوريا في هذا المجال هي فترة الثمانينات عندما أقدم التيار الإسلامي على سلوك عنفي ساهم هو بدوره في انتهاكات حقوق الإنسان ردت السلطة بعنف شديد تسببت بإعدامات و اعتقالات واسعة جدا وتتسبب باختفاء الآلاف ما زالوا مفقودين حتى هذا التاريخ و كثر المنفيون و شهدت السجون أبشع أنواع التعذيب تميز بها سجن تدمر الذي أغلق مؤخراً عموماً السياسات الرسمية السورية تجاه معاملة السجناء السياسيين تتغير تبعاً لسياسات الدولة تجاه مختلف خصومها السياسيين ، ولا شك إن هذا الملف يشكل بداية محنة طويلة وشاقة للسجين
وأهله ورغم وعود الإصلاح التي طرحها الرئيس المرحوم حافظ الأسد والتي أطلقها بشكل أوسع الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم فشلت السلطة على الأقل حتى الآن في تحقيق وعود الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولا زالت السلطة تستند في حكمها إلى مجموعة من القوانين الاستثنائية تخالف العهود والمواثيق الدولية وتتسبب فيانتهاكات حقوق الإنسان أبرزها:

1- إعلان حالة الطوارىء السارية المفعول منذ 8 آذار 1963 والتي تعتبر باطلة قانوناً نظراً لمخالفتها الصريحة والواضحة للشروط الشكلية والموضوعية التي نص عليها قانون الطوارىء رقم /51/ لعام 1962 علاوة على مخالفتها لنص الدستور السوري النافذ علماً بان دستورية هذه القوانين والمراسيم الاستثنائية لم تطرح على بساط البحث يوماً0
2- المرسوم رقم /6/ الخاص بمناهضة أهداف الثورة والنظام الاشتراكي ، علماً بأنه حوكم العديد من الشيوعيين بموجب هذا المرسوم ، فتصوروا بأننا ما زلنا نعيش بعد مضي كل هذه السنين في حالة الثورة!؟
3- القانون رقم /49/ الخاص بالحكم بالإعدام على من ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في سوريا0
4- القانون الخاص بأمن حزب البعث رقم /52/ لعام 1979 0
5- المرسوم الخاص بإنشاء محكمة امن الدولة العليا الاستثنائية لعام 1968والتي لا تقبل قراراتها أي نوع من أنواع الطعن إضافة إلى أن نيابتها تتخذ دور الخصم والحكم في أن واحد0
6- المرسوم رقم /14/الصادر في العام 1969 وبالأخص المادة /16/منه والخاصة بحماية الموظفين الأمنيين يساهم في الإفلات من العقاب حين يرتكب هؤلاء جرم التعذيب إن هذه المراسيم والقوانين الاستثنائية استخدمت ولا زالت تستخدم كسيف مسلط على رقاب العباد في انتهاكات حقوق الإنسان ومصادرة حريته عبر محاكم استثنائية غير عادلة في ظل قضاء غير مستقل يتبع للسلطة التنفيذية ويخضع لهيمنة السلطات الأمنية فعلياً ولا شك أن الدستور السوري النافذ والمعطل فعلياً بموجب حالة الطوارئ المعلنة أيضاً يعاني من مشاكل عديدة في مدى تلائمه مع العهود والمواثيق الدولية من جهة ومساهمته في انتهاك حقوق الإنسان السوري  من جهة أخرى يحتوي الدستور السوري على المادة الثامنة التي تميز بين السورين على أساس سياسي فهذه المادة تنص على أن الحزب الحاكم هو الحزب القائد للدولة والمجتمع وعموماً هذا الدستور صيغ وفق المنطق البعثي كما أن هذا الدستور لا يعترف بمكونات السوريين القومية كالكرد والآشوريين وهم محرومون من أبسط حقوقهم القومية إضافة إلى نص الدستور على أن يكون رئيس الجمهورية مسلم وهذا يشكل تميزاً دنياً واعتداءً على حق المواطنة

نظام السجون وأماكن الاحتجاز أنواعها وتبعيتها :

صدر نظام السجون في سوريا بموجب القرار رقم /1222/ تاريخ 20/6/ 1929 ثم صدرت عليه تعديلات لاحقة غالبيتها غير جوهرية حيث صدر القرار رقم / 2151/ تاريخ 26/2/1949 وبموجبه تم تسليم إدارة السجون إلى ضابط وصف ضباط الشرطة بدلاً من الجهاز الخاص.

والمرسوم رقم 67 تاريخ 24/3/1965 بخصوص إحداث شعبة خاصة سميت بشعبة السجون ارتبط بها أربعة فروع هي :
ـ فرع ذاتية السجناء
ـ فرع التأهيل والتعليم
ـ فرع الإطعام وفرع الشؤون الإدارية
ثم تلا ذلك صدور القرار التنظيمي رقم /848/ لعام 1965 تلاه المرسوم رقم /1623/
الذي ربط شعبة السجون بمعاون وزير الداخلية .
آخر تعديل على نظام السجون جاء بموجب القرار رقم /1/ لعام 1981 والذي قسم السجون إلى ثلاث فئات أطلق عليها تسمية : فروع  ـ  أقسام  ـ  مخافر .

أنواع السجون :

1- الفروع وتضم سجون دمشق ـ حمص ـ حلب ـ اللاذقية ـ الحسكة
2ـ الأقسام وتضم سجون بقية المحافظات السورية وفي كل محافظة سجن
3ـ المخافر وتضم سجون المناطق وبعض النواحي الكبيرة
4ـ معاهد الإصلاح الخاصة بالأحداث وهي تتبع  لوزارة الشؤون الاجتماعية
5ـالأماكن السرية للاحتجاز وتضم السجون ونظارات الفروع الأمنية وتخضع لإدارة الأجهزة الأمنية

تبعية السجون :

تتبع السجون السورية لوزارة الداخلية وهناك بعض السجون العسكرية التي تضم مدنيين تتبع لوزارة الدفاع هذه التبعية بحد ذاتها تعد مشكلة كون موظفي وزارة الداخلية والدفاع والأجهزة الأمنية يعدون من العناصر الشديدة الالتصاق بالسلطة الحاكمة فأي خصم لها يعدونه خصماً شخصياً لهم وينكلون به متى وقع بين أيديهم و هذا لا يخدم ثقافة إصلاح السجين

تصنيف السجناء الموقفين والمحتجزين :

قبل الخوض في هذا الموضوع مباشرة أود الإشارة إلى موضوع هام هو التفريق بين السجناء السياسيين والسجناء العاديين أو الجنائيين فيبدأ الفرق بينهما منذ لحظة
الاعتقال الأولى حيث يجري اعتقال السجين السياسي عن طريق الجهات الأمنية ودون أية مذكرة قضائية وتكون الحالة عادةً مترافقة بالعنف والشتم والإهانة أما بالنسبة للسجناء الجنائيين فجهة الاعتقال في الغالب جهات شرطية وفي أغلب الأحيان تكون مزودة بمذكرة قضائية ونادراً ما تترافق بالعنف ،بالنسبة لمكان الإقامة مكان
الاحتجاز غالبا ما يكون مجهولا بالنسبة للسجين السياسي وإن عرف فبعد فترة زمنية قد تطول بينما بالنسبة للجنائي فهو معلوم دوماً أما بخصوص الزيارة فهي شهرية بالنسبة للسياسي تقتصر على الأقارب من الدرجة الأولى والمحامي إن تمت أما زيارة الجنائي فهي أسبوعية وتضم الأهل والأصدقاء والمحامين كذلك بالنسبة للفسحة فهي مختلفة السياسي يخرج إليها مرتين في الأسبوع كل مرة نصف ساعة فقط وهي خاضعة لمزاج الجهاز المشرف بينما مرتين في اليوم للسجين الجنائي عادةً يوضع السياسيون في زنازين فردية ويوضعون بأعداد كبيرة في غرف صغيرة جداً في أماكن الاحتجاز السرية بينما يوضع الجنائيين في غرف مشتركة, بالنسبة للقراءة والمطالعة ومتابعة وسائل الأعلام يستطيع السجين الجنائي القراءة في المكتبة الخاصة بالسجن ويحصل على وسائل الأعلام من راديو وتلفاز بينما السياسي عادةً معزول عن العالم الخارجي ومؤخراً جرى الحديث عن توزيع الصحف الرسمية وأحيانا السماح بالتلفاز بشكل مقنن, كذلك السياسي يخضع للتعذيب والإهانة, الجنائي تعذيبه أقل, يمنح السجين الجنائي ثلاثة أرباع المدة لحسن السيرة والسلوك  بينما يحرم منها السجين السياسي الذي هو بالأساس حسن السيرة والسلوك وربما سجن لأنه كذلك .
يقوم نظام السجون السوري على أساس التفريق بين السجناء وقد نصت مواده من 32 إلى 40 على ذلك والتي تقضي بالتفريق بين الرجال والنساء والأحداث موقوفين أو محكومين ويسمى ذلك بالتفريق الإجباري علماً بأنه لا يطبق بشكل سليم مع العلم أن هذا التفريق يشمل التفريق في غرف النوم وصالات العمل وغرف الطعام وساحات الفسحة وعلى أساس الفرق بين الموقفين و المحكومين والتفريق بين فئات الجرائم ومدة الأحكام والسوابق القضائية ويقضي النظام بالتفريق على الشكل التالي :
1ـ المحكوم عليهم بالسجن حتى ثلاث سنوات
2ـ المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة لمدة أقل من عشر سنوات
3ـ المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤقتة أكثر من عشر سنوات
4ـ المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة
وكما تقضي المادة /37/ من نظام السجون بوضع النساء المومسات المحكوم عليهن في غرف خاصة ضمن قسم النساء .

التعذيب في السجون السورية :

تنص المادة /30/ من نظام السجون السوري على :
(يحظر على جميع الموظفين و عمال الحراسة أن يستعملوا الشدة بحق الموقوفين أوان يلقبونهم بألقاب محقرة أو يخاطبونهم بلسان بذيء أو يمازحونهم) وينص الدستور السوري النافذ في المادة 28 ف 3 على أنه لا يجوز تعذيب أحد جسدياً أو معنوياً أو معاملته معاملة مهينة وحدد القانون عقاب من يفعل ذلك كما نصت المواد319 و391 من قانون العقوبات السوري على تجريم التعذيب والمعاقبة عليه كما أن سوريا من الدول المصادقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية دون المصادقة على البرتوكل الملحق وذلك تجنباً للشكاوي التي يقدمها الأفراد ورغم أنها تقدم تقارير إلى اللجنة الخاصة في الأمم المتحدة فهي لم تقدم على تنفيذ توصيات اللجنة حتى الآن كما أن سوريا انضمت مؤخراً في عام 2004 إلى اتفاقية مناهضة التعذيب,  مع التحفظ على المادة عشرين منها0
رغم كل هذه القوانين والمواد والاتفاقيات فالضرب والتعذيب وجميع ضروب المعاملة القاسية والمهينة للكرامة لا زالت تمارس في السجون السورية وخاصة في أماكن الاحتجاز السرية على قدم وساق وبأساليب بشعة وما زال التعذيب يمارس بصورة نظامية كضرب من ضروب العقاب ويستخدم كأداة لخلق الرعب والخوف خصوصاً بالنسبة للسجناء السياسيين عبر وسائل محلية ومستوردة 0 لن أخوض كثيراً في هذا الملف المؤلم ولكن عبر نظرة سريعة نلاحظ وأود الإشارة بأن
معلوماتي عموماًهي من الضحايا  وذويهم ومن و المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان بأن ملف التعذيب خضع لتطورات نسبية ملحوظة على الأقل بالنسبة للبدني منه فهو خف إلى درجة كبيرة رغم انه لا يزال ممنهج وأسوأ فتراته كانت في الثمانينات حيث شهدت السجون الكثير من حالات القتل تحت التعذيب وكان يمارس في سجون تميزت بسمعة سيئة جدا كسجن تدمر والمزة و سجن صيد نايا العسكري إلا أن الافراجات المتتالية والتحسن النسبي في المعاملة أد يا في الوقت الراهن إلى تقليص جريمة التعذيب التي كانت منتشرة على نطاق واسع في السجون وفي السنوات الأخيرة شهدت بعض السجون والفروع الأمنية أيضاً حوادث قتل تحت التعذيب عام 2004مثلاً قتل عدة مواطنين أكراد،على خلفية إحداث 12اذارعلماً بأن عام 2005و2006 لما يشهدا أية حوادث قتل تحت التعذيب ولكن مازال هناك الكثير من المعتقلين ومزاعم التعذيب موجودة بكثرة حقيقة هناك المئات من التيار الإسلامي والعديد من نشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان
وحوالي المئتين من النشطاء السياسيين الأكراد في السجون غالبيتهم يزعم تعرضه للتعذيب بينما في السابق كان التعذيب يخص الإسلاميين أولاً بدرجة أشد ثم جماعة بعث العراق ثم اليسار ثم الأكراد ثم غيرهم أما الآن فهو يمارس عموماً بشكله النفسي ويشهد تقلصاً ملحوظاً في شكله البدني ويمارس التعذيب على السجناء الجنائيين أيضاً وخصوصاً في جرائم السرقة والمخدرات ولازال يستخدم كوسيلة لنزع الاعتراف علماً بأنه لا دور للقضاء السوري مطلقاً في مزاعم التعذيب ولم تقم السلطات إلى الآن بتعويض أحد أو تأهيله أو انتصافه قضائياً أو معاقبة معذبيه بل على العكس فهي مازالت تعتمد القوانين التي تفلت من العقاب ولا شك أن السلطات السورية مطالبة بإجراء تحقيق قضائي عادل وشامل عن طريق لجنة تحقيق متخصصة في جميع مزاعم التعذيب  وينبغي أن تتمتع هذه اللجنة بصلاحيات التحقيق في جميع الوفيات في الحجز وفي بيان مصير جميع الذين اختفوا في السجون ويجب على اللجنة أن تنشر على الملأ النتائج التي تتوصل إليها والتوصيات التي تقدمها كما يجب عليها أن تقدم كل من تثبت مسؤوليته عن ارتكاب الانتهاكات إلى قضاء عادل ونزيه ومستقل وأن تقوم بإبلاغ عائلات من توفي أو أعدم في الحجز عن مكان دفن الضحايا وإذا أمكن إعادة رفاتهم إليهم من أجل فتح هذا الملف ومعالجته بغية تجاوزه ومن ثم تأمين الضمانات الكافية من أجل تأهيل وتعويض ضحايا التعذيب والاعتقال لمدة طويلة وخصوصاً الذين تعرضوا للحبس الأفرادي من دون محاكمة أو حوكموا أمام محاكم استثنائية والعمل على إخضاع السجون إلى رقابة قضائية صارمة.

الطعام والشراب والنظافة :

تنص المادة /20/ من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على :
(توفر الإدارة لكل سجين في الساعات المعتادة وجبة طعام ذات قيمة غذائية كافية للحفاظ على صحته وقواه جيدة النوعية وحسنة الإعداد والتقديم) وكما(توفرلكل سجين إمكانية الحصول على ماء صالح للشرب كلما احتاج إليه ) تقدم في السجون السورية وجبتان يومياً لكل سجين قيمتهما بحدود مبلغ نصف دولار تقريباً فطبيعي أن تكون كميات الأكل قليلة وأن لا يحتوي على القيمة الغذائية الكافية للمحافظة على صحة السجين مما يضطر إلى شراء الطعام من الندوة بثمن غالٍ والفقير لا يستطيع الشراء والقفة التي يجلبها الأهل معهم أثناء الزيارة تتعرض للقرصنة وعموماً فإن أوضاع السجون أفضل بكثير من أماكن الاحتجاز السرية،والسجون
السورية عموماً لا تحظى بالعناية والاهتمام اللازمين بالنظافة ولو في الحدود الدنيا سواءً فيما يتعلق الأمر بتقديم الموارد اللازمة لنظافة السجناء من حيث الاستحمام وقص الشعر وحلاقة الذقن وتنظيف الملابس أما بما يتعلق بنظافة غرف النوم و الزنازين والأسرة والبطانيات والساحات أثناء زياراتي الشخصية إلى العديد من
السجون السورية كمحامي كان العديد من السجناء تنبعث منهم رائحة الحموضة ولحاهم كثة وشعرهم طويل وبادية عليهم مظاهر الاتساخ0

الزيارة :

حقيقة إنه في ظل الأوضاع المزرية والظروف الاستثنائية والمأساوية أحياناً التي يعيشها السجناء تتصف الزيارة بأهمية خاصة كونها تعد النافذة التي تطل على العالم
الخارجي وتبقي على الأمل في الحياة وسماع الأخبار الأهل, والسجناء الذين حظو بالزيارة كان وضعهم أفضل من وضع غيرهم بكثير ورغم التحسن الذي طرأ من هذه الناحية ألا أنه ما زال هناك العديد من المعتقلين السياسيين لا يحظون بالزيارة وخصوصاً في فترات بداية الاعتقال رغم أنه لا يوجد ما يشير في القوانين والنظم السورية إلى منع الزيارة عن السجين عموماً زيارة المحامي للسجين لا تحظى بالسرية والزيارات المريحة لا يحظى بها إلى المدعومين أو من يدفع أكثر من السجناء إلى إدارة السجن وتعاني الزيارة إلى السجون السورية من مشاكل عدة أهمها :
– الابتزاز المادي والمعنوي للسجين وذويه وعدم مراعاة ظروف القادمين منهم من مسافات بعيدة0
– معاملة النساء الزائرات معاملة غير لائقة أحياناً لا تليق إلا بالبهائم
– التلاعب بالقفة المجلوبة من قبل الأهل وأحياناً منع إدخالها من أجل إجبار السجين
على الشراء من ندوة السجن0

الصحة والاكتظاظ :

غالبية أبنية السجون في سوريا بنيت وفق شروط أمنية دون مراعاة الشروط الصحية ولا شك أن أماكن الاحتجاز السرية تعتبر أماكن غير صحية بالمطلق وعلى الرغم من نص المادة /90/ من نظام السجون السوري على تأمين سرير حديد صغير لكل سجين مع فرشة قطن ووسادة وغطاء قطني في الصيف و غطائين أحدهما صوف في الشتاء،ونص المادة/92/ بخصوص التدفئة والإضاءة وتأمين الخدمة الصحية وتنظيمها إلى أنه هناك مشكلة حقيقية في تطبيق القانون عندما يكون لمصلحة السجين فالسجون السورية عموماً تشتهر بالاكتظاظ وغالبية السجناء يفترشون الأرض منهم من لا يحصل سوى على بطانية واحدة أما بالنسبة لأماكن الاحتجاز السرية فهي حقيقة لا تليق حتى بالبهائم حيث يحشر العشرات في أقبية رطبة قذرة مليئة بالصراصير والحشرات لا تتسع عملياً لشخصين أو ثلاثة حسب نظام السجون مراحيضها داخلية وتحدث إلي الكثير من المعتقلين عن ابتكار أساليب للنوم والحركة عجيبة وغريبة كالنوم بالدور وطريقة التمدد وغيرها حيث يعاني نزلائها من
قلة النوم وقلة الحركة والتقمل, تنتشر بينهم الأمراض الجلدية ويصاب معظمهم بالبواسير الشرجية والربو ونظراً لسوء الخدمات الطبية قد تنتج في كثير من الأحيان
أمراض جلدية تستعصي على العلاج لاحقاً,( ومحظوظون هم السجناء الذين إذا كان بينهم طبيب وتجربة الدكتور عبد العزيز الخير معروفة في سوريا في هذا المجال حيث قام بإنقاذ حياة العديد من السجناء) .
إذا ما استثنينا بعض الأغنياء والمدعومين في السجون السورية فإن باقي السجناء لا يحظون بالرعاية الصحية الكافية فزيارات  الطبيب قليلة وكميات الأدوية غير كافية وتخضع العلاقة بين السجين والطبيب إلى الابتزاز المادي خصوصاً أطباء السنية والمريض يضطر إلى دفع رشوة إلى إدارة السجن لجلب الدواء له وكثيراً ما ترفض إدارة السجن إدخال الدواء للمرضى السابقين كما أن غالبية السجون السورية لا تحتوي على غرف خاصة للعزل الصحي بالنسبة للمصابين بالأمراض السارية و كل هذا طبيعي أن يؤثر على زيادة معدل الوفيات والتي من المؤسف إنني لم استطع إجراء إحصائية لها في ظل غياب الإحصاءات الرسمية 0 وما يزيد الطين بلة بخصوص زيادة الاكتظاظ هو التوقيف الاحتياطي وعدم وجود نيا بات عامة في أقسام الشرطة التي تقوم هي بالتوقيف في الجرائم المشهودة مباشرة وقد يترك
الضبط مفتوحاً لعدة أيام 0

إدارة وحراس السجون :

بالنسبة لأماكن الاحتجاز السرية ونظراً لالتصاق أجهزتها الإدارية الشديد بالسلطة ولوجود نصوص قانونية تساهم في إفلاتهم   من العقاب جراء انتهاكهم لحقوق السجناء فهم ينكلون بالسجناء ويبتزون أهلهم عن طريق سماسرة تابعين لهم حيث يتقاضون الرشاوي برياحة تامة عموماً الرشوة والفساد منتشرتان في جميع السجون السورية وتتجسدان في العديد من الحالات :
– مقايضة حقوق السجين بمبلغ مالي لقاء استعمال الهاتف أو إرسال رسالة  أو زيارة الطبيب أو شراء الدواء 0
– حل الخلاف بين السجناء على قاعدة من يدفع أكثر للجهاز المشرف 0
– المعاملة السيئة لعوائل السجناء الزائرين بغية إجبارهم على دفع رشاوي 0
– حدثت حالات من الإستغلال الجنسي للنساء السجينات 0
– انتشار المجزرات في السجون وخصوصاً في سجن حلب المركزي وسجن عدرا في دمشق  على خلفية الفساد والرشوة 0
عموما الكادر الإداري المشرف على السجون غير مختص ولا يعرف شيئاً عن حقوق السجناء ولا يقوم هذا الجهاز بتعريف السجناء بحقوقهم التي هو نفسه لا يعرف عنها شيئاً خصوصاً أن السجون العسكرية تابعة لوزرة الدفاع ويشرف عليها جهاز الشرطة العسكرية 0

– التعليم والتدريب المهني في السجون :
– يوجد في بعض السجون السورية كسجن دمشق المركزي مدرسة تضم صفوف مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي كما يحتوي على ورشات تدريب مهني  كهرباء – سيارات – حدادة – ميكانيك وتوجد مكتبات في السجون بما فيها سجن صيدنا يا العسكري وتحتوي على مراكز لمحو الأمية وجرى الحديث مؤخراً عن مراكز وقاعات لتعليم الكمبيوتر 0  إلا أن التعليم والتدريب المهني عموماً لأن الجهاز الإداري المشرف على السجون لا يبدي أي إهتمام جدي بذلك و كذلك الطلاب يلجأون إلى التعليم والتدريب المهني لا للتعلم بل للتهرب من ظروف وقساوة السجن إضافة إلى آن التشغيل يكون بأجر زهيد جداً 0عموماً السجون الجنائية توجد فيها حالياً مجلات وكتب ووسائل إعلام ومكتبات أما في أماكن الاحتجاز السرية  فالوضع مختلف فلا تدخلها سوى صحافة السلطة ومؤخراً سمح بالتلفاز على نطاق ضعيف ، وقد حرم العديد من الطلبة الجامعيين من إكمال دراستهم حيث منعتهم إدارة السجن من تقديم الإمتحان 0

– المعاملة بين السجناء :

يحظى السجناء القدامى بنفوذ واسع داخل غرفة السجن ويحصلون على وضع متميز على حساب النزلاء الجدد خصوصاً الأغنياء منهم بالإتفاق الغير مشروع مع إدارة السجن ويسمى أقواهم زعيم قاووش 0 له زلم ومعاونين من زملائه يحوز هؤلاء تلفزيونات وبرادات وأجهزة موبايل وبطانيات يستعملونها بالأجرة داخل الغرفة تقسم الإجرة غالباً بينهم وبين إدارة السجن عبر الرشاوي ، ونظراً لقلة الطعام وسوء الخدمات الصحية وعدم توفر الطبابة المجانية والدواء المجاني بشكل كافي يضطر السجناء الفقراء إلى القيام بأعمال مهنية لا تليق بالبهائم تصل إلى الإستغلال الجنسي وممارسة اللوطة بأجر حيث حدث ذلك في سجن حلب المركزي ،
وفي حالات الاعتداء التي تحصل بين السجناء وهي كثيرة تحسم دائماً لمصلحة الغني والقوي تحت أنظار إدارة السجن وبعلمها مقابل تلقي الرشوة ، في الحقيقة وباختصار السجون غابة بسرية بإمتياز

– العقوبات والتفتيش في السجون :

لا شك آن الجمع بين المجرمين من فئات متعددة والتكبيل بالحديد والسجن الانفرادي لمدة طويلة يشكل نوعا من العقوبات اللاشرعية داخل السجون إضافة إلى عقوبات الضرب والتعذيب .
أما بخصوص التفتيش فليس هناك أي دور رقابي فعلي للقضاء والسجون تابعة لوزارة الداخلية ولجان التفتيش الخاصة تتصف بعدم الجدية والفاعلية وهي لا تقدم على اتخاذ أية إجراءات جدية وحقيقية لوقف التجاوزات الحاصلة في السجون  وتتسم الزيارات التفتيشية للسجون بالشكلية نظرا لضلوع لغالبية لجانه في عمليات الفساد التي تحصل من قبل إدارة السجن تحت حماية الأجهزة الأمنية الضالعة أيضا.

العمل داخل السجون :

هناك نوعين من العمل داخل السجون احدهم يسمى السخرة يقوم به السجين الفقير لصالح الغني و يعد من الأعمال المهينة للكرامة الإنسانية ويقتصر على غسل الثياب و الجوارب و الجلي مقابل اجر زهيد جدا أما بالنسبة للعمل مع إدارة السجن في المطبخ أو المطعم أو الفرن فأجره الشهري لا يتجاوز ستة دولارات أما العمل في الو رشات وهو على نطاق ضيق جدا كذلك لا يتجاوز أجره الشهري عشرة دولارات إضافة إلى بعض الأعمال اليدوية البسيطة التي لا تأمن دخلا .
ولابد من أن أشير إلى عدم استقلالية القضاء وانتشار الاستثنائي منه وغياب مبدأ سيادة القانون وانتشار الفساد والرشوة وعدم تشجيع العمل سواء من حيث توفيره أو منح الأجر المناسب لقاءه اثر بشكل كبير على أوضاع السجناء .

الأحداث والنساء :

يوجد في سورية ثلاثة معاهد إصلاحية للذكور في دمشق ومعهد نسائي إضافة إلى معهد الأحداث الجانحين في حلب وهذه المعاهد تتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية وهي لا تخلف كثيرا من حيث أوضاعها المزرية عن باقي السجون ولا أبالغ إذا قلت بأنه إذا دخل طفل غير جانح بالخطأ إلى هذه المعاهد قد يتخرج منها مجرما .
سجون النساء لا تختلف أوضاعها  عن سجون الرجال وكعبء إضافي ثقافة المجتمع تعادي المرأة السجينة ويستغل ضعفها نتيجة لهذه الثقافة السائدة .

دور الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان في حماية حقوق السجناء :

ليس لوسائل الإعلام السورية أي دور يذكر في نشر ثقافة حقوق الإنسان والتعريف بها سوا ء المرئية منها أو المقروءة أو المسموعة ولا أذيع سرا إذا قلت لان مجلس الشعب والنقابات وباقي المؤسسات أيضا لا تلعب أي دورا مهم في حماية هذه الحقوق كونها ملحقة فعليا بالسلطة الحاكمة.أما بالنسبة لمنظمات حقوق الإنسان فهي أصلا تعتبر في سورية خارجة على القانون ولم يمنح أي منها الترخيص القانوني ولا يسمح لها بزيارة السجون بل على العكس يتعرض نشطائها للملاحقة و الاعتقال ولا يزال العديد منهم قيد الاعتقال أو قيد المحاكمة وربما وسيلتها الوحيدة هي الانترنت حيث لا تتوانى السلطة عن حجب المواقع الغير موالية لها قدر المستطاع ولا يوجد مطلقا أي تعاون بين الدولة والمنظمات الغير الحكومية التي لا تعترف بها الدولة أصلا .

خلاصة:

– رغم مظاهر التحسن التي طرأت على العديد من الملفات التي ذكرناها سابقا في سياق التقرير فيما يخص عدد المعتقلين الذي كان بالآلاف حيث انخفض إلى المئات منهم حوالي أربعمائة من التيار الإسلامي وحوالي مائتي كوردي والعشرات من نشطاء المجتمع المدني كما طرأ تحسن نسبي بخصوص طريقة الاعتقال و ممارسة التعذيب والمعاملة إلا أن السوريين بحاجة ماسة إلى آليات وضمانات قانونية و حقيقية وجدية بغية تعزيز هذا التحسن والحفاظ على ديمومته كي لا يتم النكوص إلى الوراء تارة أخرى .
– هناك مشكلات حقيقية تتعلق بالقوانين السورية المخالفة للعهود والمواثيق الدولية فضلا عن عدم التزام الدولة بها علما بان الدولة في كثير من الأحيان لا تلتزم
بدستورها وقانونها نظرا لسيادة القوانين الاستثنائية .
– عدم استقلالية القضاء وانتشار القضاء الاستثنائي على نطاق واسع وانتشار الفساد والرشوة فيه
– تفشي ظاهرة الاعتقال التعسفي وممارسة التعذيب البدني والنفسي وضروب العاملة القاسية وعدم القيام بأي خطوة باتجاه تأهيل ضحاياه أو تعويضهم .
– انتشار أماكن الاحتجاز السرية وإبقاء بعض السجناء في السجون حتى بعد انقضاء فترة حكمهم
ـ تبعية السجون لوزارة الداخلية وقدم نظامها ومنع المنظمات الحقوقية من ممارسة أي دور رقابي عليها .
ـ وجود القوانين المساعدة على الإفلات من العقاب وانتشار التوقيف العرفي .

توصيات  ومقترحات :

1- إصدار نظام سجني جديد يتبع السجون إلى وزارة العدل ويخضعها لرقابة قضائية فعالة

2- إلغاء كافة أماكن الإحتجاز السرية 0
4- المنع الفعلي لكافة أشكال التعذيب والعمل على تأهيل ضحاياه وتعويضهم 0
5- إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وفتح ملف المفقودين ونشره علناً وتطبيق بنود إتفاقية مناهضة التعذيب ورفع التحفظ عنها 0
6- إخضاع الجهاز المشرف على السجون إلى دورات تدريبية في مجال احترام حقوق الإنسان بغية تنفيذ المعايير الدولية المتعلقة بمعاملة السجناء .
7- إلغاء كافة أشكال الاستثناء من الحياة العامة من قوانين ومحاكم وحالة طوارىء وغيرها .
8- إلغاء المادة الثامنة من الدستور وإجراء الإصلاحات و التعديلات الدستورية من اجل احتواء كافة مكونات المجتمع السوري ومن اجل إلغاء كافة القوانين والتشريعات التي تخالف العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان .
9- تامين استقلال القضاء والعمل بمبدأ سيادة القانون وإجراء الفصل الفعلي بين السلطات و وضع آليات فعالة لمكافحة الفساد والرشوة من اجل تقليص ظاهرة الفقر والبطالة .
10- القيام بحملة إعلامية عبر وسائل الإعلام المختلفة تهدف إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان والتعريف بها .
11- إعطاء الفرصة الحقيقية للمؤسسات التشريعية والنقابات والجمعيات بعد تحريرها منتبعيتها للسلطة إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان من اجل ممارسة دورها في مراقبة الانتهاكات وتقنين وضعها و دعمها ماديا ومعنويا .
12- إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة تعنى بحقوق الإنسان تلعب دور الوسيط بين السلطة والمنظمات الغير حكومية .
13- حل قضية الشعب الكوردي حلا ديموقراطيا عادلا وفق العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ضمن إطار الوحدة الوطنية في البلاد وضمان حقوق باقي الأقليات من اجل إزالة بؤر التوتر والاحتقان ومن اجل تعزيز السلم الأهلي وفق معايير جديدة .
14- رفع تقارير دورية عن أوضاع حقوق الإنسان للأمم المتحدة والعمل على تنفيذ توصياتها السابقة .

وشكرا

سورية كوباني
10/5/2006
المحامي :
رديف مصطفى
RADEFMOUSTAFA@YAHOO.COM

ملاحظة: هذا التقريرعرض في مؤتمرصحفي في القاهرة بمقر المنظمة العربية للإصلاح الجنائي بتاريخ 10/7/2006الى جانب تقارير من اثنى عشر دولة عربية سيتم توزيع جميعها في كتاب .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…