أعلام و أفكار

 موسى زاخوراني

 

يقال والحديث على ذمة الراوي، أن أحد شوارع القامشلي، قد ازدان بالأعلام البرازيل و الأرجنتين و ألمانيا و فرنسا و ايطاليا، و غيرهم من أعلام الدول التي تعلق الجماهير عليها الآمال في إحراز لقب بطل العالم لكرة القدم لعام 2006 وكان كل صاحب منزل في هذا الشارع قد رفع علماً من هذه الأعلام على باب داره سوى شخص واحد يدعى عباس، تفرد وبخلاف كل سكان الشارع يرفع علم البعث ، مما أثار دهشة و فضول الآخرين وعلى الأخص السيد سليم الذي سأل عباس عن سبب رفعه لهذا العلم الذي لا يمت بأية علاقة بموضوع رفع تلك الأعلام فأجابه عباس قائلاً :

إن ثوابتنا الوطنية و مبادئنا العقائدية تفرض علينا تمجيد هذا العلم دون غيره وفي كل مناسبة وإن جميع منطلقاتنا النظرية  توجب علينا ذلك لم لهذه العلم قدسية وما تشكله من دليل لغد مشرق زاهر !! وتنفي أية مساومة على هذا الأمر مهما تعددت الضغوطات الخارجية و اشتدت المؤامرات الصهيونية و الإمبريالية الساعية إلى النيل من سلطة هذا الحزب للتأثير على صمود بلادنا وذلك لما يعنيه هذا الحزب من معاني الشموخ والعزة و الافتخار و الانتصار ما شهد التاريخ مثيلاً لها في العصر العربي الحديث .

فرد عليه سليم و كله ذهول واستغراب واستذكر الماضي والحاضر وأحوال البلاد والعباد وقال : وما علاقة الحزب والإمبريالية والصهيونية وحركات التحرر والتمرد وغيرها مما أتيت على ذكره بهذه الأعلام يا رجل !! .

فهي كما نراها جميعاً  ترمز لدول مرشحة للفوز بكأس العالم لكرة القدم وبلدنا سوريا لم تحظى بالوصول إلى المستوى الذي نتمناه ونسعى إليه وهي كذلك منذ بداية تنظيم هذه المباريات ولا أظنك جاداً فيما تقول إن لم يكن الأمر مرده الغيرة والحسد وغيرها إذاً ليس هناك من داع لرفع هذا العلم وليس بين الفرق المشاركة كافة ، فريقاً باسم فريق البعث كما لم يستطع فريقنا الوطني الوصول لهذا المستوى من المنافسة والمكانة رغم قدراتنا الخطابية و … والأسباب عدة لا فائدة من ذكرها – إذا تركنا أضرار ذكرها جانباً – .
فرد عباس وبلهجة الواثق من نفسه : أنا أعلم بكل ما تقوله ، وما تقصد من وراءه ، ولكن عليك أن تعلم إن كل ما تراه وتقوله ليست إلا نتيجة للدعاية الصهيونية وسيطرة اللوبي الصهيوني ، على القرارات الدولية بما فيها ذات العلاقة بمثل هذه المباريات .

فالرياضة هي الأخرى لم تسلم من تحكم الصهيونية العالمية والدول الدائرة في فلكها ولولا ذلك لكان لنا ما يليق بنا من مكانة يشهد لها التاريخ ومستوى ينسجم وتاريخنا وحضارتنا وفضائلنا على العالم منذ قرون عديدة .

ونعلم جيداً إن لا معنى لرفعكم هذه الأعلام سوى السعي لتدخل بعض هذه الدول في شؤوننا الداخلية وتحقيق مشاريعها المعروفة وهذه خيانة وطنية .

ودليل على استقوائكم بالخارج وتفضيلكم للأجنبي الكافر علينا .
حينها أدرك سليم الأثر الذي تركه عملية غسل الدماغ ، في نفس هذا الإنسان وغيره .

ورأى أن من الصعوبة بمكان أن لم يكن بالمستحيل إقناعه بفجاجة الآراء والأفكار التي فبركتها الآلة الديمقراطية ونظرية المؤامرة والتي لعبت ولا تزال في اتساع الهوة ، بين ما يراه وما نراه وإن زمناً طويلاً وجهوداً مضنية وشاقة تلزم لردم الهوة بين هذه الأداء ، حيث لم يستطع إقناع عباس ، بأن لا معنى لرفع هذا العلم بين أعلام الدول تتبارى لنيل البطولة بهذه اللعبة المشهورة ، واكتفى أخيراً بأن أقسم له باليمين القاطع ، بأن لم يرفع علم ايطاليا لإهانة بلده وإن الدافع الوحيد لذلك ، هو إعجابه بالأداء الرائع لفريق ايطاليا ، وأقسم ثانية وثالثة على أنه لا يفضل ايطاليا على وطنه سوريا رغم يقينه بأنه لن يصدقه بل ورغم استعداده لدفع ( 300 ألف ل.

س ) ، ورهن داره أيضاً لقاء أن تحط به طائرة ما على أرض إحدى تلك الدول ولكن ما العمل سوى أن يقول الحقيقة ما يدور في داخله من حب لوطنه سوريا وأكثر من أي بلد آخر .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…

  نظام مير محمدي * شهد البرلمان الأوروبي يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، انعقاد مؤتمرين متتاليين رفيعي المستوى، تمحورا حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران وضرورة محاسبة النظام الحاكم. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدث الرئيسي في كلا الاجتماعين. في الجلسة الثانية، التي أدارها السيد ستروآن ستيفنسون،…

المهندس باسل قس نصر الله بدأت قصة قانون قيصر عندما انشقّ المصوّر العسكري السوري “فريد المذهّان” عام 2013 — والذي عُرف لاحقاً باسم “قيصر” — ومعه المهندس المدني أسامة عثمان والمعروف بلقب “سامي”، حيث نفذ المذهان أضخم عملية تسريب للصور من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، شملت هذه الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب وتعاون الإثنان في عملية…