كمثال للاشارة الى العناد والتشبث بموقف معين رغم الادلة المخالِفة .
يروى ان راعيين شاهدا شيئا اسود في الجانب الآخر من الوادي.
فقال الاول انه طائر، وقال الآخر انه عنزة.
واشتد الخلاف بينهما حول هوية هذا الشيء، وإذا به يطير فجأة.
عندئذ قال الاول: “ألم اقل لك انه طائر؟”، فأجاب الآخر: “عنزة ولو طارت”
في أفغانستان توهموا وحاولوا أن يوهمونا وبعد كل مالحق بهم من قتل وهزائم وانكسار واختفاء وبعد أن لم يبق حجر على حجر ووصلت فلول القاعدة وطالبان الى الدول المجاورة وانتهى الأمر ببن لادن والملا عمر الى الاختباء في الكهوف وبقادتهم الآخرين الى معتقل غوانتينامو ظهر البعض منهم على شاشات الجزيرة القطرية ليعلنوا على الملأ ويبشروا الأمة أنهم انتصروا على العدو النصراني الصهيوني والعنزة تتابع الطيران .
في العراق وعدوا وتوعدوا بأن المقاومة ستزلزل الأرض تحت أقدام الغزاة وأن عملية طرد قوات الاحتلال مسألة أيام وبعد أن ذهبت عهودهم أدراج الرياح وقتل من قتل من الزرقاوي الى آخر أمراء – الدولة الاسلامية – وهزم من هزم واستسلم الباقون ونقلوا البندقية الى الكتف الأخر برعاية الحكومة التي سموها – عميلة – ما زالت فلولهم الهاربة الى خارج العراق تدعي النصر من على شاشات الفضائيات القطرية والسورية ومازالت العنزة تحلق عاليا.
في لبنان وبعد أن فرضوا على شعبه باسم المقاومة ومن وراء ظهر الحكومة الشرعية الديموقراطية دفع ثمن غال بمئات القتلى وآلاف الجرحى والمعاقين ومئات آلاف المهاجرين وخسائر بمليارات الدولارات وزعزعة أركان الدولة اللبنانية وتعميق الشرخ المذهبي قالوا بأن ذلك في سبيل التحرير دون أن يوضحوا تحرير ماذا أية منطقة أية بلدة أية أرض ؟ وكان هناك أم الانتصارات حيث بشر زعيم حزب الله بالنصر الالهي وحققت العنزة الطائرة أعلى رقم قياسي في عالم الطيران .
واذا كان مقياس الانتصار بحجم الكوارث وأعداد جثث الأطفال والنساء ودرجات التدمير البنيوي فستكون حركة حماس في أوج انتصاراتها وقد تنبأ قادتها القابعين في دمشق منذ اللحظات الأولى من حرب غزة بالنصر المبين وكان واضحا أنهم حسب موقفهم السياسي المعلن يرغبون في اطالة أمد العدوان الاسرائيلي بعد أن اختبأت قواتهم التنفيذية والقسامية وقياداتهم الميدانية تحت الأرض ولابأس أن تتضاعف أعداد الضحايا وترتفع بالتالي وتيرة الانتصار وقد بلغ استخفاف قادة حركة حماس الاخوانية بعقول الآخرين حدا لايمكن تصوره وتحول خطابهم النافر المضلل أداة استفزازية مرفوضة ومستهجنة لدى أوساط المثقفين والمتابعين وممثلي الرأي العام ومناضلي الحركات الوطنية والديموقراطية في سائر أرجاء المنطقة وقد بلغ الرياء والنفاق أوجهما في رسائل حركات الاخوان المسلمين البليغة في لغتها الانشائية الفارغة من المحتوى والتي تتضمن التهاني والتبريكات بمناسبة انتصارات حماس الوهمية وكانت رسالة الاخوان السوريين الأكثر مبالغة والأقل صدقية تماما بدرجة رسالتهم المتهالكة قبل أيام الى رئيس نظام الاستبداد في دمشق – شريكهم الشرعي في الانتصار وأشياء أخرى – كل ذلك وما زالت العنزة تطير وتطير وليس بغريب أن تجتاز حدود الجاذبية الأرضية.
من سوء حظ هذا الفسطاط انكشاف أمره أمام الجميع فهو يبحث عن سلطة الامارة كما طالبان وهو نصره المنشود وتنقصه الشجاعة لبيان ذلك وليس في وارد الانخراط في الصف الوطني والالتزام بالديموقراطية والعمل السياسي المشترك لا في ادارة الدول ولا في صفوف المعارضة الوطنية لأنه فشل في الحالتين ودفع الشعب والحركات الوطنية ثمن اختباره غاليا ولو كانت أطرافه الفاشلة المهزومة على قدر ولو بسيط من الالتزام بالمبادىء الوطنية والخلق القويم لتنادت بالاعتراف بالخطيئة والانسحاب وترك السياسة الوطنية لأهلها والاعتذار من الشعب على ما ألحقت به من أذية وعادت من حيث أتت اي الى بيوت الله ومجاميع الزكاة والفقه والارشاد وقضايا الطلاق ونكاح المتعة والمسيار وماطاب لهم وميراث الأنثى دون أي تدخل في السياسة وأية وصاية على العمل الوطني .