ميثاق الشرف … بداية الخير

د .

علاء الدين جنكو

عندما قال الله تعالى في كتابه العزيز ( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) أراد أن يعطي درساً لعباده أن الحق لا يمكن أن يكون حكراً على أحد ..

فرأي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب كما قرر علماؤنا الأجلاء.

كما أني قد أختلف مع غيري في الرأي ولكني مستعد لفعل أي شيء من أجل أن أنشر الورود أمامه ليصل إلى منصة الرأي ويبدي عما يؤمن به بكل حريته .
أثمن للأخ المحامي إبراهيم حسين طرحه للدعوة إلى ميثاق شرف بين الكتاب، كما وأثمن أول تلبية لها من قبل أخي الكبير الأستاذ وليد عبد القادر لهذه الدعوة ليؤكد الطرفان مع اختلافهما في وجهة النظر في بعض المسائل على أن ذلك لا يمنع التقاءهما على الخير .

وإن سمحا لي بالانضمام لهما سيكون لي الشرف في ذلك مع أني تربيت على هذه المبادئ منذ نعومة أظفاري .

التطرف الفكري لا يأتي بخير مهما كان اتجاهه ومبدؤه سواء كان دينيا أو قوميا أو علمانيا.

والإقصاء وعدم قبول الآخر سلاح الضعفاء، ودليل على عدم النضج على الأقل في رأيي المتواضع .
كثير من الظواهر المتطرفة تطفوا على ميدان الكتابة والثقافة والفكر، ويتورط فيها البعض من كل الاتجاهات ولا يسلم منها إلا من رحم ربك .

وفي الآونة الأخيرة خرج البعض بظاهرة لم أكن أتصور من يؤمن بها من التيار العلماني الحر، ولا كيفية قبولها من قبل من يدعي حرية التفكير والرأي !!
إن لم تكن علمانيا فأنت إذن سلفي إرهابي وبالطبع عدو للديمقراطية وأمريكا وحكما إذن أنت عميل لإيران وحلفائها وفي نهاية المطاف أنت من تلاميذ ابن لادن والقاعدة !!
هذه المعادلة المتناقضة بكل أبعادها الطولية والعرضية نرى ملامحها في كتابات بعض الإخوة ممن يسوِّقون لهذا التوجه .
إن العلمانية كما فهمتها من منظريها الأوائل لا من المقلدين لها تقليدا أعمى أنها فصل مؤسسات الدولة عن سلطة الدين وفصل الدين عن السياسة، ولم يقل أحد بأنها محاربة المتدين فيما يراه سياسيا أو اقتصاديا بل وحتى اجتماعيا !!
يختلف المتطرفون في أصولهم الإيديولوجية لكنهم يلتقون في نقطة واضحة وأساسية وهي إقصاء الآخر وعدم قبوله ، فالعلماني الذي لا يقبل إلا من يدين بفكره ورأيه ويضع مخالفه في خانة أعدائه يكون كالإرهابي المتدين الذي يسير في نفس الاتجاه ويعمل من أجل نشر تلك المفاهيم !!
إن كان يتصور المتطرف سواء كان علمانيا أو دينيا أن الأرض لا تسعه مع غيره ، فأعتقد بأنه يتسبب في خلق أزمة فكرية مع الآخر من حيث لا يشعر .
للكل أن يطرحوا ما عندهم باحترام وعدم الإساءة للغير مهما كانت درجات الاختلاف عالية وساحة الانتقادات مفتوحة.

فالجمهور من القراء خير حكم، وحكمه عادل ولا يمكن وصفه بعدم الفهم لمجرد انه يخالف هذا أو يوافق ذاك .

مجال الرد في المناقشات الهادفة جميل ورائع ومفيد ويأتي بثماره ، ولكن عندما يكون النقد شتماً وسباً وتخويناً كما فعل أحدهم عندما تهجم علي، من أني لا أعرفه، واصفاً الحب والجمال وما كتبته ضمن سلسلة أدعو فيها إلى الارتقاء بهما بأنها سخيفة !!
أعتقد أن من يحمل مثل هذا الفكر وبنظرته السوداوية أولى له أن يطلق القلم لأنه يسيء إلى ذاته المسكينة التي أشفق عليها ويجعل من الآخرين يصفونه وكلماته المحترمة !! بكل إناء بما فيه ينضح !!

نعم ..

أتمنى أن نلتقي عند الكردايتي التي أقدسها وأتعبد الله بها وأكثر كتاباتي تدور حولها، فما يجمعني مع إخوتي الكتاب أكثر مما أختلف به معهم، ولنجتمع على ما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه .

ولنمهد الطريق الذي سيسير عليه أبناؤنا مفتخرين ومعتزين بآباء اختلفوا لكنهم في الوقت نفسه بنوا وزرعوا بيد واحدة أجمل الحدائق في مدرسة الكردايتي تملؤها الورود والأزهار بألوانها المختلفة ، نعم وبآرائها المختلفة ….

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…

بوتان زيباري   في قلب المتغيرات العنيفة التي تعصف بجسد المنطقة، تبرز إيران ككيان يتأرجح بين ذروة النفوذ وحافة الانهيار. فبعد هجمات السابع من أكتوبر، التي مثلت زلزالًا سياسيًا أعاد تشكيل خريطة التحالفات والصراعات، وجدت طهران نفسها في موقف المفترس الذي تحول إلى فريسة. لقد كانت إيران، منذ اندلاع الربيع العربي في 2011، تُحكم قبضتها على خيوط اللعبة الإقليمية،…