لا ادري لماذا اكتب هذا المقال في الترحيب بشخص لا يزال يسمى “شيخ” وفق طرح عشائري، بل وهو يدعو الى دور عشائري ، ويسعى لذلك ضمن أطروحة أصبحت معلومة..
مع انه دوما يكرر –كما فهمت – البعد الاجتماعي للدعوة، وليس السياسي..!
بسبب العيش الدائم في ظلال القيم القديمة -والتي لا أنكر وجودها، فهي واقع- ولكني أرى أن الكثير منها لم تعد ملائمة لظروف ومستجدات العصر بعناصره المتجددة وتغيراته الأعمق على كل صعيد..
وبالتالي فإن الحاجة الى ديناميكية خاصة تصبح ضرورية في ظل هذه المتغيرات.
فكرا ووعيا لأساسياتها -كما هم مبدعوا العالم كله- لكي يحسنوا صياغة القيم، او إعادة صياغة القيم- بما يلائم هذا التغير المستمر كنتيجة لانعكاسات التطور التكنولوجي فكريا ونفسيا وواقعيا في كل الأبعاد..
إذا لماذا أكتب هذا المقال الترحيبي برمز عشائري- وهو، بالمناسبة، يحتج على مصطلح العشائري، فهو يفرق بين “القبيلة” و”العشيرة”..
ويرى القبيلة هي الأكبر وهي التي ينتسب إليها ويدعو إليها..!
اكتب المقال لأني كونت انطباعا إيجابيا عنه في أكثر من محطة التقيته فيها مباشرة او غير مباشر..
التقيت به على قناة الجزيرة أكثر من مرة ومنها اللقاء الخاص بالحوار حول مفهوم دعوته الى القبلية وتنشيط قيمها الاجتماعية..
وترك لدي انطباعا جيدا حول أسلوبه في عرض أطروحته..
ووجدته فاق الكثيرين من المثقفين الذين يحاورون بعضهم في الفضائيات، من حيث هدوء نبرته، وحسن انتقائه لكلماته، وجهده المستمر لتوضيح أطروحته بروح إنسانية أخلاقية..
والتقيت به في أمسية –أو الأمسية الأولى التي تم فيها الإعلان عن أول نشاط لمنتدى بدرخان في القامشلي- والذي كان لي شرف المساهمة في تأسيسه-
وكانت الدعوة وجهت لمختلف الأطياف السياسية والثقافية والعرقية والدينية…على أمل التأسيس لعلاقة أكثر تفاعلا بين الاختلاف في مجتمعاتنا التي اعتادت في ثقافة مشوشة على البعد الواحد..
وفق شعار ضمني -او علني-: إما أنت معي أو ضدي..
او إذا لم تفكر مثلي فأنت خائن..
أو ..
او..
أو أنني وطني خِلقة وأنت…!!الخ.
أو أن الجنة احتكار لي ..
او أن الصواب هو ملكي فقط..
او أن عقلي وحده هو الذي يدرك كاملا..الخ
وقد ألقى السيد حميدي دهام كلمة -أذكر أني حينها – وجدتها الكلمة الأكثر تعبيرا بالرغم من كلمات كثيرة ألقيت ومن مثقفين في مستويات مختلفة..
وبالمناسبة فقد كان السيد “جاد الكريم جباعي” مدعوا لإلقاء محاضرة..
وقرأها ونوقشت ..
والتقيته في داره في قرية “تل علو” في اليوم الأول من شهر آذار في العام الذي غادر فيه الى خارج سورية..
واستقبلنا –بعض مثقفي ديرك – وبناء على رغبة أبداها لأحد العاملين في بناء داره الكبيرة ، والتي استضاف فيها الرئيس مسعود البارزاني ..
ذهبنا اليه ووجدناه مقيما في خيمة –بيت شعر- والمنقلة تغني لألسنة النار الجميلة وهي تأكل الحطب الملقى إليها تغذي توهجها..
فتبعث الدفء في المحيط في وقت هو بداية الربيع ولكنه لا يزال يحتفظ ببعض بقايا الشتاء من لسع البرد..
وتحادثنا ,,تحاورنا في مواضيع مختلفة على طريقة دردشة طيبة وممتعة….أذكر منها حديثا عن أن البعض قال له: أن الشمر ربما يعودون الى جذور سومرية..
(وذكّرته بأن هناك من ألّف كتابا عنوانه: إذا لم يكن السومريون كردا فمن يكونون..؟
وذكر كيف أن الشمر قبلوا بزواج أبي الشاعر الكردي معروف الرصافي من إحدى الشمريات-وهذا تسامح لا يكون دائما في أعراف الشمر أن تتزوج شمريه من غير شمري..
وكان يسرد ذلك وكأنه مسرور به..
واذكر قال مداعبة ظريفة:
ثلاثة من أطايب الحياة ولكن المانعين شوشوا على طيبها:
– الطعام لذيذ، ولكن لاءات الأطباء وممنوعاتهم شوشت علينا هذه اللذة.
– النساء مؤنسات ومحببات ولكن الاتحاد النسائي شوش علينا هذا التحبب وهذا الأنس.
– والكلام انس ومتعة ولكن المخابرات شوشت علينا حرية الاستمتاع به..
ولقد كونت هذه اللقاءات المباشرة وغير المباشرة انطباعا دعاني الى كتابة هذا المقال مرحبا به..
ينعكس ايجابيا على العلاقات الاجتماعية، فضلا عن انه دوما يبدي تعاطفه وتأييده للكرد وحقوقهم في المناسبات المختلفة..