الرئيس طالباني نموذجاً للوطنية العراقية والقيادة الديمقراطية

بقلم: فيصل يوسف *

في كلمة ألقاها عقب انتخابه رئيساً وعد مام جلال الطالباني الشعب العراقي بأنه سيعمل على إيجاد “عراق جديد خال من الاضطهاد الطائفي والقومي والتسلط والطغيان وإقامة دولة عراقية مستقلة وموحدة على أسس من الفيدرالية وحقوق الإنسان وحق المواطنة المتساوية للجميع واحترام الهوية الإسلامية للشعب العراقي باعتبار الإسلام دين الدولة ومصدراً للتشريع مع الاحترام الكامل للأديان الأخرى”.وBildunterschrift:أنه سيعمل “مع المؤسسات الدستورية الأخرى على إيجاد حكم ديمقراطي يصون الحريات وحقوق الإنسان العامة والخاصة ويسعى لاجتثاث الإرهاب الإجرامي والفساد المستشري والتلاعب بأموال الشعب…..”.

كما وعد بتوفير الظروف التي تؤدي في النهاية إلى رحيل القوات الأجنبية بعد “استكمال بناء القوات المسلحة القادرة على القضاء على الإرهاب وصيانة العهد الجديد ومنع التدخل الخارجي
الآن وبعد مضي أربع سنوات من استلام الطالباني للرئاسة فهل أستطاع الرئيس الوفاء بوعوده ومشاريعه؟؟
  السنوات الأربع من عمر رئاسة الطالباني وأن كانت صعبة على كل العراقيين من جميع النواحي الأمنية والسياسية والاقتصادية ألا أنها شهدت نموذجاً حياً لإحياء مشروع الدولة الحديثة والتي يطمح إليها المواطن العراقي الذي أصابه الكثير من  الويلات والكوارث في ظل النظام السابق الذي لم يستثن أياً من فئات الشعب العراقي من جوره وبطشه ولاشك إن حكمة  الرئيس الطالباني ونجاحه هو في امتثاله للقيم والتقاليد الديمقراطية وابتعاده عن سلوكيات قيادات الأنظمة الشمولية في إدارة الحكم والتي نعني بها هنا القيادة الاستبدادية التي ينظر فيها القائد لأتباعه بشكل هرمي معتقداً أنه وحده الذي يجيد التفكير وأن على الآخرين أن ينفذوا فقط ما يقول.
فالرئيس طالباني وبكل توجهاته النظرية وترجماتها العملية يحاول التأسيس للأرضية  اللازمة  لبناء عراق حر فيدرالي تعددي في إطار وحدة الروح العراقية.ثابته السعي نحو الحرية والعدالة والشفافية وتكريس ثقافة الاعتراف بالآخر في الداخل والخارج وهو يمارس السياسة كعلم ودراية تامة بأنها فن ممارسة الممكن وإرادة التغيير، واضعاً نصب عينيه مصلحة العراق وشعبه من خلال العمل على تمكينهم من ممارسة حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاجتماعية بشكل فردي وجمعي بعيداً عن الشعارات والأساليب الديماغوجية التي تقفز على حقائق الواقع وهو يشرف على إدارة التغيير مستثمراً كل الظروف لتحقيق أهدافه من خلال قيادة جماعية تشترك فيها هيئة الرئاسة والحكومة والبرلمان وكافة المؤسسات المعنية بالرأي والعمل الجماعي .
لانأتي بجديد إن تحدثنا عن الصفات الدبلوماسية العديدة في شخصية الرئيس  الطالباني ،لكن الجديد إن هذا القائد الكردي  قد أستطاع أن يخيب ظنون كل الذين كانوا يشككون بنوايا القيادة الكردية ودورها في دمقرطة ووحدة العراق فالطالباني وبدعواته الجدية  المستمرة  للوحدة الوطنية العراقية ووفق أسس تعددية تحترم حقوق مكوناتها القومية والدينية أستطاع أن يجعل من نفسه رمزاً قومياً ووطنياً  لدى كل العراقيين بمختلف قومياتهم وأديانهم.

 
لذلك نراه  يمارس  دوره القيادي الملتزم  سواء أكان في إقليم  كردستان العراق أم  في العاصمة بغداد مراقباً لأداء الدولة بجميع سلطاتها، ممثلا لصفة الرئيس الممثل للإرادة الشعبية بامتياز.فمنذ انتخابه كرس ما كان يريده ويتمناه شعب  العراق وأصدقاءه “فلم يعد  الطالباني زعيماً كوردياً أو رئيس حزب كوردي، ولا يحسن به أن يكون كذلك، بل تجاوز ذلك إلى ذروة الوطنية العراقية، إلى رئاسة الجمهورية، والجمهورية تعني العمومية، إلى رئاسة الدولة، والدولة هي المجتمع العمومي، هي تجريد المجتمع وتحديده الذاتي، فقد صار رئيس جميع العراقيين، بحسب المنطق السليم، لا بحسب ما نتمنى فقط”
إن جردة لبعض المهام التي  قام بها الرئيس الطالباني في العام المنصرم فقط كفيل للبرهنة بما ذكرناه أنفاً فقد تمكن وفريق عمله من إقرار اتفاقية جلاء القوات الأجنبية عن البلاد بشروط ميسرة للعراق من عدة جوانب وتكريس سيادته وتعزيزه وتوفير عوامل الأمان له في منطقة مضطربة بالتوترات والصراع على الأدوار الإقليمية وحماية اقتصاد العراق من المطالبين بتعويضاتهم التي لحقت بهم من جراء حروب صدام حسين واحتلاله للكويت وبجهوده مع الفرقاء العراقيين من جهة والطرف الأمريكي من جهة أخرى فقد حازت الاتفاقية على شبه إجماع وطني وتفهمتها الدول المحيطة بالعراق أيضاً.

كما أن الشعب العراقي الآن مقبل على استحقاقات انتخابية على صعيد مجالس المحافظات والبرلمان والرئاسة للبدء في مرحلة جديدة من بناء دولتهم وفق المبادئ  الديمقراطية المتعارف عليها و القائمة على  الاحتكام للقوانين و الفصل بين السلطات الرئيسية وتكريس مبدأ المواطنة حقوقاً وواجبات، وكذلك السعي لعلمانية الدولة و إقرار القوانين التي من شانها توفير أوسع مشاركة شعبية في القرار الوطني وأحترام دول الجوار وعدم التدخل في شؤونها والمحافظة على وحدة العراق أرضا وشعبا ومن اجل ذلك انشغل مام جلال ومعه القيادة الكردستانية في نطاق سياسة كردية جديدة تجاه قضية مدينة كركوك الشائكة رحبت بها الكتل البرلمانية الرئيسية في العراق وفق مبدأ تقاسم السلطة  بالتزامن مع حركة إصلاح سياسي تهدف إلى فصل مؤسسات إقليم كردستان عن الأحزاب السياسية.

ومشروع آخر للإصلاح والتغيير في صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني وتشكيل اللجان من اجل هذه الغاية لمحاربة ظواهر الفساد  داخل الدوائر الحكومية وأعتماد المؤسساتية في كافة هيئاته وإعطاء صلاحياته لنائبيه الاثنين وهو يتنقل من مقر لآخر محاورًا الكوادر والمؤازرين لإقناعهم بمشروعه معتمداً على مؤهلاته العديدة  والتي من أهمها امتلاكه للرؤية الاستراتيجية ، وقدرته على جعل أعضاء الاتحاد الوطني الكردستاني ينفذون تلك الرؤية عن قناعة واستثمار القوى الحزبية بما يحقق أهداف التنظيم ويحقق الرضا النضالي في توازن وانسجام واستثمار الظروف المتغيرة لتحقيق مايصبو إليه والمحافظة على وحدة  الاتحاد الوطني الكردستاني وتقوية دوره في خدمة الشعب الكردي والمشروع الديمقراطي للعراق وبناء مؤسساته الدستورية .


أما الجوانب الأخلاقية المطلوب توفرها  في أي مشروع فهي من الأساسيات والبديهيات  التي يتسم بها مشاريع الطالباني فهو أنموذج نضالي لايأبه في الدفاع عن نفسه أمام المتصيدين لخطا صغير هنا أو هناك
فالمعروف عنه انه لايفضل أحداً على الآخر ولا يجعل صداقته مع البعض تؤثر أوتعترض سبل المعاملة العادلة مع الجميع بعيدا عن آليات الإقصاء والتشنيع في حق المعارضين والمخالفين وتمجيد السلطة ومدح الزعيم الأوحد والقائد الملهم .هذه العقلية السائدة في الأنظمة الشمولية السائدة في البلدان التي ترزح تحت قبضة الديكتاتوريات والأحزاب التي تتنج مثل هذه الأنظمة .
.أجل لقد وفى المام جلال بوعوده ممثلاً شرعياً عن الإرادة الشعبية العراقية واضعاً العراق على نفس السكة التي تسلكها الدول المتحضرة في سعيها للتقدم والازدهار وهو في كل معضلة تواجهه العراق يلجا لأساليب دستورية لحلها مبتعدا لابل محاربا لثقافة العنف والإقصاء واضعاً مكانها  كل ما يجلب الخير للوطن والمجتمع ولم يكن غريبا عليه رفضه التوقيع على حكم الإعدام بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين على الرغم من إن الأخير استثناه  في ذروة جبروته من عفو عام للعراقيين المعارضين جميعاً.
لابد من الانحناء وخلع القبعات احتراما وتقديراً لجهود الرئيس  المام جلال الطالباني في بناء العراق الديمقراطي الفدرالي وتعزيز وحدة حزبه وفق أسس ديمقراطية ومؤسساتية فهاهو يناشد رفاقه المناضلون في الإتحاد الوطني الكردستاني عبر مشروعه لتنظيم العمل بين حكومة إقليم وكردستان والأحزاب الكردستانية وخاصة الإتحاد الوطني الكردستاني:
ستكونون انتم آذان وأعين الإتحاد الوطني الكردستاني في دوائر مؤسسات حكومتنا، ولستم العصا الغليظة على رؤوس موظفي الدولة، لايمكنكم التدخل في أمورهم ولا يمكنكم فرض إرادتكم عليهم.

أنتم حماة القانون وحكم القانون، ولستم من تنتهكون القانون وسلطات المؤسسات الحكومية.


عليكم أن تكونوا قدوة لعصرنة الحكومة ومؤسساتها وعصرنة الحياة أيضا.


عليكم أن تحترموا مؤسسات الحكومة لا اختراقها.


عليكم أن تكونوا مثالاً للإنسان المخلص والقانوني، أن تتظروا إلى الناس جميعاً كأنهم أخوانكم وأقرباؤكم وعليكم الابتعاد عن المحسوبية والمنسوبية والوساطة.

*عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…