حول وعود السلطة

 

محي الدين شيخ آلي*
اعتادت السلطات السورية على إطلاق الوعود تلو الوعود بخصوص إعادة النظر بوضع تلك الفئة من أكراد محافظة الحسكة التي تم سحب الجنسية منهم بموجب قانون إستثنائي  خاص بتلك المحافظة منذ1962 وكذلك وعود متكررة بصدد بعض القضايا الهامة في الداخل السوري كمسألة الإصلاح ومكافحة الفساد وضرورة إصدار قانون لعمل الأحزاب وضمان حرية إبداء الرأي والإفراج عن المعتقلين السياسيين ولكن دون جدوى أو ترجمة لتلك الوعود على أرض الواقع حتى الآن.
فالسوريون عموما والأكراد بوجه خاص باتوا على قناعة شبه كاملة بأن لا صدقية في وعود الحكومة ووسائل إعلامها ,خصوصا وأنها –أي الحكومة السورية –غير خاضعة للمساءلة أو المحاسبة من قبل سلطة تشريعية يمثلها برلمان منتخب بحرية, وأن مؤسسة القضاء غير مستقلة كما هو مفترض … كل ذلك في ظل استمرار حزب البعث الحاكم في تمسكه بالمادة 8 من الدستور الذي يبيح له الاستفراد بقيادة الدولة والمجتمع كما كان عليه الحال في رومانيا وحزبها الحاكم في عهد شاوشسكو وحزب جيفكوف في بلغاريا ………..الخ
إن الإبقاء على حرمان أكثر من ثلاثمائة ألف إنسان ( مجردين من الجنسية ومكتومين ) من محافظة الحسكة من حقهم الدستوري في حمل الجنسية السورية أثار على مر السنين موجات إدانة واستنكار بين صفوف الشعب الكردي في سوريا و حركته السياسية, كما  وحمل معظم المنظمات الحقوقية والفعاليات الإنسانية في الداخل والخارج لاتخاذ مواقف تضامنية ومفاتحة القيادة السورية ومناشدتها باتجاه إعادة النظر بقضية الإحصاء وإلغاء التمييز الذي على أساسه صدر ذلك القانون الإستثنائي سيء الصيت المتسم بطابع عنصري مكشوف, مما دفع العديد من رجال الدين الأفاضل وكذلك رجال الفكر والثقافة على اختلاف انتماءاتهم لاتخاذ مواقف  نبيلة  و رافضة حيال هذا الظلم اللاحق بشريحة كبيرة من سكان محافظة الحسكة ماعدا المرجعيات الكنسية المسيحية في سوريا التي بقيت صامتة .
في الآونة الأخيرة تجددت وعود السلطة بصدد قضية الإحصاء رافقتها هذه المرة دعوة من نائبة رئيس الجمهورية في دمشق ,حيث لم تمتنع الأحزاب السياسية الكردية المعنية بالدعوة من الاستجابة, وجرى أكثر من لقاء بهدف حمل القيادة السياسية على الإسراع في إلغاء إحصاء عام 1962 ونتائجه المأساوية المتعارضة على طول الخط مع جملة المواثيق والشرائع الدينية والدنيوية وكذلك مع نصوص الدستور السوري ,فكان الجانب الكردي محقا في دفاعه المتواصل وتمسكه بمبدأ ولغة الحوار المباشر رغم كل الشكوك التي تحوم حول سلوكيات ومآرب السلطة ومن بينها عزل الحركة السياسية الكردية عن إئتلاف المعارضة الوطنية الديمقراطية المتمثلة بإعلان دمشق الهادف إلى تحقيق تغيير  ديمقراطي سلمي متدرج يضمن إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا على قاعدة إلغاء جميع أشكال التمييز والاضطهاد ودستور حضاري يضمن المساواة والمواطنة الحقيقية .

5 /تموز/ 2006  حلب- سوريا

* سكرتير حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا- يكيتي-

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…