ألم يحن موعد إعلان قامشلو ..؟ ام انه سيبقى حلما جميلا

غمكين ديريك

 

في الآونة الأخيرة عقدت الكثير من المؤتمرات والكونفرانسات ، والتي تتضمن في جدول اعمالها القضية الكردية من جهة والقضية الديمقراطية والتحررية السورية من جهة اخرى ، والغريب في كل هذه الاجتماعات انها لم تتضمن ورقة عمل كردية ، لا في اجتماعات التي عقدت من اجل القضية الكردية ، ولا في المؤتمرات السورية العامة ، وذلك لفقدان هذه الورقة على ارض الواقع ، وعدم وجودها فعلياً على الرغم من القوة التي تمثلها والوزن السياسي والتنظيمي التي يتكلم الكل عنها ، الا انها تبقى حبراً على ورق ، لانها لم تجتمع في اطار موحد ، او انها لم تتفق على ورقة عمل مشتركة في الشأن السوري بشكل عام ، والشأن الكردي والقضية الكردية بشكل خاص ، وهذا ما يفقدها وزنها السياسي ، لابل يفتح السبيل والمجال للمتاجرة والمساومة عليها .
ولكن ظروف التطور السياسي في كردستان سوريا هي ظروف طبيعية لنشوء وتطور الحركة الكردية ، ولم تشهد هذه الحركة في تاريخها ظروف غير عادية لتظهر فيها طفرة او اختلال في توازناتها السياسية او ان تشهد انحرافا في خطها السياسي او انبعاثا، ولكن من غير الطبيعي ان تعيش هذه الحركة كل هذا التشتت وعدم الاجماع على صيغة مشتركة فيما بينها في المسائل الاستراتيجية والديمقراطية على الرغم من عدم وجود اختلاف متباين في برامج عملها التنظيمي والحزبي والسياسي .
طبعا لايمكن لهذه الحركة الاتحاد في خط واحد او تيار واحد ولا يمكن لها ان تقوم بالفرز الطبيعي القديم في الاجماع في ثلاثة تيارات اساسية ( يمين ويسار وحياد ) لان الظروف والشروط الدولية والمعاصرة تناقض هذا الطرح ايضا ، وتتجه نحو التعددية والتضامن فيما بين كافة التيارات ، او انشاء اطر مشتركة في برنامج عمل تكتيكي او استراتيجي مشترك ، على ان يحافظ كل تيار او حزب او فصيل على استقلاليته التنظيمية والحزبية ، وتظهر على السطح حركة سياسية وفعالية اجتماعية وثقافية حقيقية يضمن حقوق الفرد والمجتمع ويصون حرياتها الاساسية ويدافع عنها ويطورها ايضا ، ولكن تبقى الحركة الكردية بعيدة عن هذه الاطر ، ولم تستطع الانخراط او تفعيل هكذا اطارات الى الان ، ولا نستطيع ان نصنف هذا على اساس ان المصالح الحزبية والشخصية تحول دون ذلك فحسب ، بل ان الظروف التي مرت وتمر فيها الحركة الكردية في سوريا لم تشهد ما يجبرها على هذا الى الان ، ولم تشهد قيادات الحركة ايضا ما يجبرها على تحمل المسؤولية بشكل اخر او الاستعداد لكل الاحتمالات ، لان القيادة الكردية في سوريا هي قيادة حالة طبيعية ومستقرة من النضال السياسي وهي لاتفكر بان هذه الظروف قد تتغير ، او ان سلطة البعث قد تزول ، او من الممكن ان تتحقق احلام الكرد وطموحاتهم في مرحلة ليست بطويلة او بعيدة ، لذا فان الحركة او قيادات الحركة الكردية في سوريا لاتكترث للتطورات الدولية والتغيرات الجذرية في النظام العالمي الجديد ، والانظمة المجاورة لها ايضا ، لانها لاترى تطور او تغير في النظام الحاكم عندها فحسب ، وقد لاترى امكانية زوال هذا النظام من الوجود .
فهل تملك الحركة الكردية استراتيجية عمل ما بعد النظام ؟ ، وهل تستطيع هذه الحركة النضال من دون هذا النظام القائم ؟ ، او هل هي على استعداد ان تواجه اية نظام مستقبلي كمعارضة كردية حقيقية بعد البعث ؟ ، لانها لم تعرف سوى البعث نظاما ولا تفكر بدونه باي نظام الى الان على الاقل ، ولكن الا تستطيع الاتفاق على ورقة عمل مستقبلية نضالية تضمن الحقوق العامة والمشروعة للكرد ؟، كاستراتيجية نضال في المرحلة الراهنة ، والاستعداد وفق ذلك للمستقبل السوري والكردي في سوريا ، لانه ومن دون ورقة عمل مشتركة لايمكن الخوض في النضال السياسي او التوجه الى تحقيق المطالب القومية والوطنية والديمقراطية المشروعة للشعب الكردي في سوريا .
وهذا الاطار او الاجماع او ورقة عمل مشتركة يجب ان تصدر من اعلان كردي ،يقصد بها ترتيب البيت الداخلي والنظر فيما لها وما عليها ، وان كانت سياسة الاحزاب او المنظمات فيها التباين وعدم التوافق في الرؤى ، الا انها تشترك في الاسلوب والمنحى السياسي لحل القضية الكردية في سوريا ، وان لم تتفق فيما بينها على قيادة مشتركة او ممثلية للفئات الاجتماعية ، الا انها تتفق في برامجها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، وبذلك تستطيع الانضمام الى جبهة مشتركة واخذ التباين والاختلافات الاخرى بعين الاعتبار ، وكل حزب او تيار او فصيل او منظمة المجتمع المدني ، حرة في برنامجه السياسي والتنظيمي الخاص بها ،ولها حرية العمل التنظيمي الخاص بها ، الا انها تشترك في البرنامج العام لهذا الاعلان الذي سينبثق من مجموع هذه التيارات .
وفي النهاية نحن مضطرون ان شئنا ام ابينا ان نتفق على النقاط التي تجمعنا ، ونبذ النقاط والمسائل التي تفرقنا وتشتتنا ، ومضطرون لترتيب البيت الكردي الداخلي ، والتوجه الى الحوار الكردي الكردي اولا ومن ثم الانفتاح الى الاطراف الاخرى ( المعارضة العربية – السلطة …الخ ) ، لان الظروف الراهنة ( داخليا وخارجيا ) لم تعد تحتمل التاخير والتاجيل ، وهذه المهمة يقع على كاهل كل القوى والتيارات السياسية في سوريا وبشكل خاص على الجبهة والتحالف كونهما اكبر الكتل السياسية القيام بواجباتها لهكذا مهمة ، والبدء للتحضيروالاستعدادات اللازمة لعقد هكذا ( اعلان – مؤتمر حوار – مؤتمر وفاق – ترتيب البيت الكردي … الخ ماشاءت لها من التسميات ) وما علينا الا المساعدة والمشاركة الفعالة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…