لم تكن جبال قنديل يوماً ما الموطن الثاني للأكراد السوريين الثوريين، وإنما يمكن لأي زائر لمناطق جنوب شرق تركيا في قرى الكردية والمدن الكردية فيها أن يحس بأن الموطن الكردي السوري الثاني يمكن أن يكون في أي مناطق التي يسكنها الأكراد سواء أكانت (في تركيا أو العراق أو حتى إيران بالرغم من بعدها نسبياً) حيث شارك الأكراد السوريين في الثورات التي كانت تقوم في تركيا والعراق فمثلاً الكثير من قواد البيشمركة في أيام المرحوم ملا مصطفى البارزاني كانوا من الأكراد السوريين، وكذلك ساعد البارزاني في تأسيس أول جمهورية كردية في إيران (جمهورية مهاباد 1946) أي أن المصير الكردي مرتبط أينما وجدوا أو ناضلوا وهذا الأمر ليس بغريب في المنطقة التي يسكنها (العرب والكرد والترك)
وقد كثرة المقالات التي كانت تصدر في مجلة صوت كردستان التي كانت تصدرها قيادة الـ pkk تصف قيادة الأحزاب الكردستانية في العراق بالعميلة والخائنة، ولم تتوقف الأمور إلى هذا الحد وإنما تجاوزت لتتقاتل البنادق الكردية فيما بينها ويقع الكثير من أبنا ء الكرد السوريين شهداء لصراع الكردي العراق أو التركي (ولم يكن لهم فيها ناقة أو جمل).
عن آلية وحجم التطوع:
تذكر الأحزاب الكردية وبحسب مصادرها (أن عدد المتطوعين في حزب العمال الكردستاني يتراوح أعدادهم مابين 5-6 ألاف متطوع) وقد ساعد على هذا التطوع تحسن العلاقات السورية مع حزب العمال الكردستاني بوجود زعيمها عبد الله أوجلان في دمشق، وقد اتفقت المصالح السورية والعمال الكردستاني وقتها لأسباب ومنها: حاجة الطرف السوري لورقة ضغط على تركيا بشأن ملفي المياه ولواء اسكندرون وإشغال الكرد السوريين بقضية أكبر من القضية التي تطالب الأحزاب الكردية السورية بها وهي (الحقوق الثقافية والسياسية والاجتماعية).
أما مطالب حزب العمال الكردستاني وقتها كان المطالبة بكردستان الكبرى، والتي ساعدت السلطات السورية وقتها بالترويج لها بأن كردستان الكبرى موجودة في تركيا….
وتنامى لدى أنصار حزب العمال الكردستاني وقتها التطوع لمقاتلة الأتراك… خيراً من أداء الخدمة الإلزامية في الجيش السوري! وحتى أن الملاحقات بشأن تأدية الخدمة الإلزامية في سورية توقفت إذا علم بأن المطلوب قد التحق بحزب العمال الكردستاني… ولذلك فقد تطوع الكثير من أبناء الكرد السوريين وبخاصة في مناطق الثلاثة (عين العرب وديريك وعفرين)!
ويمكن القول أن أكثرها كانت في (عين العرب – كوباني وقراها) وقد ساعد على هذا التطوع الكوادر الأولى التي لجأت إلى سورية لحزب العمال الكردستاني وبمباركة سورية كما ذكرناها.
وظائف الكرد السوريين في حزب العمال الكردستاني:
بعد أن اعتقل عبدالله أوجلان تنامى دور الكرد السوريين في قيادات حزب العمال الكردستاني وذلك بعد أن ترك شقيق عبدالله أوجلان (أوصمان اوجلان) الحزب بانشقاقه عنه، وتشكلت أحزاب أخرى إقليمية من الحزب الأم ومنها (حزب الحل الكردستاني في العراق أو حزب الاتحاد الديمقراطي في سورية وانشقاق الوفاق الديمقراطي عنه أيضاً).
ربما يكون لأكراد سورية نسبة كبيرة في جبال قنديل، ولكن تبقى الساحة الأساسية في تركيا في مناطق (هكاري وشرناخ وجزيرة و….مناطق أخرى) والمناطق الجبلية تحت القيادة الكردية التركية ومنها (مراد قره ايلان وجميل بايق …وآخرون) وهذه أسماء حقيقية يعتمدها أنصار العمال الكردستاني الأتراك، ولكن يبقى لأكراد سورية خصوصية في استخدام الأسماء الحركية وذلك لسببين (1- للتمويه على الاستخبار التركية والسورية 2- عدم أذية أهاليهم في سورية في حال الإقدام على عمل عسكري أو سياسي ما يؤثر على الداخل السوري) ومنهم القائد (باهوز اردال) الاسم الحركي لآبن إحدى قرى ديريك (المالكية) وهو من أبناء عشيرة الأشيتا “اشيتي” الممتدة من القامشلي إلى ديريك) وهو في العقد الرابع من العمر، له وقع خاص في أذان الأكراد السوريين … وبخاصة إذا قام بالإعلان عن نتائج معركة وقعت بين (مقاتلي حزب العمال الكردستاني والجيش التركي) وكانت الغلبة للكرد، وهذه حالة طبيعية تروي التعطش القومي الكردي لأي شخص فيهم، وبخاصة إذا كان الشخص الذي يعلن عن نتائج الانتصارات هو شخص ينتمي إلى منطقة (تقع في مثلث حدودي تقريباً بين تركيا والعراق وفي سوريا) وذو شعبية في المناطق الكردية السورية (الحسكة وعين العرب وعفرين)…
أما ما يقال بأن أغلبية أنصار حزب العمال الكردستاني في سورية هم من عشيرة باهوز اردال فلا تمت إلى الحقيقة بصلة حيث (انتشر انصاره بين عشائر البرازية في عين العرب والكيتكان التي يتمي إليها عبد الله أوجلان في تركيا وأيضاً مراد قره ايلان) وأيضاً بين عشائر الدرباسية (ازيزان وكيكيان وقره كيج والأومرية والكوجرا وآلياني (ديريك) وحتى شيخان ودقوري… وعشائر أخرى فلا توجد منطقة كردية في سورية إلا ولها نصيب من مقاتلي حزب العمال الكردستاني ففي (منطقة رأس العين فقط تجاوز عددهم المئة شخص) والدرباسية أكثر من ذلك، وعين العرب أضعاف هذا العدد.
في سبب التنامي القومي الكردي في سورية:
يمكنني القول بأن الأمر يعود بجذوره إلى ما قبل تشكل الدولة السورية الحديثة فقد تأسست جمعية خويبون في بداية القرن العشرين حيث أسسها القيادات العسكرية العثمانية بالإضافة إلى بعض الرموز العشائرية الكردية ومن الذين انتموا إلى هذه الجمعية (مصطفى بيك وشاهين بيك من أغوات البرازية في عين العرب بالإضافة إلى أوصمان صبري اللاجئ من قرى تركيا فيما بعد وبعض أفراد العائلة البدرخانية التي توارثت جزيرة (بوطان) ابن عمر إلى بداية القرن العشرين وقامت بثورات عدة ضد العثمانيين ….وفي هذه البداية لم تكن هناك بعد خارطة سياسية للدول الموجودة حالياً (سورية تركيا العراق).
وبعد أن تم ترسيم الحدود واتفاقية سايكس بيكو قامت جمعية خويبون بمساعدة (ثورة الشيخ سعيد بيران في تركيا عام 1925).
ولكن وبعد قضاء الأتراك على تلك الثورة توجه العديد من قادته إلى العراق وسورية.
أما من بقي فقد تم اعدامه وزجه في السجون.
ولم تهدأ الثورة كردية في تركيا إلا في الفترة الممتدة مابين (1960-1979) بداية ثورة حزب العمال الكردستاني، وقبل ذلك تشكل على يد مثقفين كرد وعلى أنقاض جمعية خويبون جمعية أزادي واتحاد الشباب الكرد، في دمشق، وكانت هذه بداية تأسيس أول حزب كردي في 1957بعد أن اتجه الشركاء في الوطن من العرب إلى تأسيس أحزاب عربية خاصة بهم (حزب الاشتراكي العرب –وحزب البعث – اتحاد الاشتراكي) ولم تعترف الأحزاب الإسلامية والشيوعية بالخصوصية الكردية، مما جعل الكرد يرتدون إلى قوميتهم بعد أن خيبت أمالهم الأحزاب الموجودة على الساحة السورية, بالاضافة إلى تنفيذ بعض المشاريع بحق وجوده كقومية كردية مثل الإحصاء الذي نفذ في 5/10/19963ومن بعدها الحزام العربي التي تم بموجبه حرمان الآلاف من العوائل الكردية من الانتفاع بأراضيهم وتوطين فلاحين عرب من مناطق حلب والرقة في منطقة ممتدة لحوالي (300) كم تبدأ من غربي مدينة رأس العين وتنهني في المثلث الحدودي (العراقي – التركي – السوري) في عين ديوار وبعض المشاريع الأخرى منها (حرمان الكرد من الوظائف العسكرية والدبلوماسية –والفصل من الوظائف والمعاهد وبخاصة في مرحلة الثمانينات- وأيضاً كما ذكر الزميل عصام خوري غياب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مناطق انتشارهم).
ملاحظة أخيرة في المقال:
لم يلجأ أي طالب كردي حتى الآن من الدارسين في كردستان العراق إلى العمل العسكري مع حزب العمال الكردستاني! صحيح بأنهم ربما يلتقون بأقربائهم هناك، وهذا صعب جداً لأسباب كثيرة تتعلق بأمن المناطق التي يوجد فيها عناصر حزب العمال الكردستاني..
وأسباب أخرى ربما تتعلق بأمن الطالب الذي يدرس هناك!
( كلنا شركاء ) 22/11/2008