رغم التطورات المستجدة التي تشهدها مناطق عديدة من الشرق الأوسط ، يظل الملف الإيراني هو الحدث الأبرز على سطح التضاريس السياسية للمنطقة ، وخاصة بعد العرض الأمريكي بالتفاوض مع إيران واشتراطه بوقف تخصيب اليورانيوم ، ليخلق بذلك ديناميكية جديدة بسبب المغريات التي حملها خافيير سولانا الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية، ويفتح صفحة جديدة تستبعد الخيار العسكري ، وتضع إيران أمام خيارات حاسمة، خاصة بعد أن وصل ابتزازها إلى حدود لا يمكن للمدافعين عن الحلول الدبلوماسية لأزمة ملفها النووي مثل الصين وروسيا مواصلة الاعتراض على تحويل هذا الملف إلى مجلس الأمن
وبعد أن استنفذ الجهد الأوروبي في إدارة هذه الأزمة اعتماداً على الإغراءات الاقتصادية والتكنولوجية من أجل إقناع إيران للقبول بوقف التخصيب ، لأن تلك الإغراءات لم تمتد إلى تقديم الضمانات السياسية والأمنية التي تمتلكها أمريكا بالأصل والتي تطالبها إيران بإعطائها دوراً إقليمياً متميزاً واستشارتها في الترتيبات الأمنية في الخليج، أو ضمان عدم السعي لتقويض وإسقاط نظام الحكم في طهران مقابل الخدمات التي يمكن أن تقدمها للغرب عموماً، مثلما فعلت في حروب تحرير الكويت والعراق وأفغانستان ، لذلك فإن دخولها ـ أي أمريكا ـ على الخط التفاوضي ، قطع الطريق أمام ذرائع النظام الإيراني الذي تغطى بلباس الراغب في الحوار ليكسب بذلك العديد من النقاط ومنها الغطاء الروسي الصيني في مجلس الأمن ، وعلى هذا الأساس يمكن القول أن المستهدف بالمبادرة الأمريكية الأخيرة بالتفاوض ليس إيران بالدرجة الأولى ، بل بكين وكذلك موسكو التي سوف تستضيف في منتصف تموز القادم قمة مجموعة دول الثماني وتنتظر من هذه القمة مكاسب هامة لن تفرط بها من أجل الملف النووي الإيراني التي ستكون الموعد الحاسم للرد الإيراني على العرض الأوروبي الأمريكي الذي حمله خافيير سولانا،علماً أن كل من موسكو وبكين استفادتا من الغياب الأمريكي عن الحوار مع إيران وتمكنتا من التأثير على حوارات مجلس الأمن حول العقوبات الاقتصادية التي يمكن اتخاذها بحق إيران استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجمع المراقبون أن مجال المناورة بدأ يضيق أمام النظام الإيراني الذي، رغم امتلاكه لأوراق تفاوضية كثيرة، غير الملف النووي، مثل العراق الذي يسهم في تعقيد حالة الفوضى فيه وعدم تمكينه من تجاوز الأزمة الأمنية ، إضافة إلى ورقة حلفائها الدوليين مثل الصين وروسيا اللذان تجمعهما مع إيران مصالح اقتصادية ، وحلفاء إقليميين مثل سوريا وفي لبنان وفلسطين ، فإنها الآن أمام خيارين: إما المقايضة التي ستوفر لها بعض المكاسب ، أو المواجهة التي ستعزلها عن العالم وتفاقم أزمتها الداخلية ، حيث تعاني من عدم استقرار اجتماعي واقتصادي ومن انتشار البطالة وفشل برامج الإصلاح التي وعد بها ، كما تعاني من ديون ضخمة ساهمت في تضخمها تكاليف التسلح النووي الذي يتمسك به نظام طهران ليغطي فشل السياسة الداخلية ومنها التنكر لعدالة القضية الكردية، عن طريق إشغال الإيرانيين بقضايا خارجية .
ونظراً لما عرف به النظام الإيراني من مرونة سياسية وبراغماتية معروفة في إدارة مصالحه، فإن إقدامه على المقايضة، وتسوية مواضيع الخلاف المختلفة بطرق دبلوماسية هو الأقرب من بين التوقعات ، وسوف تشمل المقايضة أوراقها الإقليمية ومنها التحالف مع سوريا وحزب الله وحماس والملف الأمني العراقي الذي يحتاج إلى كسب بعض الوقت في تحجيم التدخلات الإيرانية في شؤونه الداخلية ودعم المليشيات الطائفية .
ليساهم ذلك، مع التطورات الأخيرة التي شهدها العراق، في التقدم على طريق الاستقرار ، خاصة بعد مقتل الزرقاوي الذي لا بد أن يكون له تأثير في إضعاف النهج التكفيري وتراجع العمليات الإرهابية التي تتغطى بلباس المقاومة ، والتي ترافقت مع استكمال تشكيلة الحكومة العراقية التي سبقتها حكومة إقليمية في كردستان وما حققته هذه وتلك من تذليل العديد من العقبات أمام العملية السياسية التي تبذل المزيد من الجهود حالياً لإقناع بعض الأطراف السنية المعارضة للانخراط فيها، ومعالجة الملف الأمني ووضع الخطط اللازمة لذلك ، مثلما حصل في بغداد وتعميمها على المناطق المتوترة الأخرى،وتشكيل ضغط سياسي على دول الجوار للكف عن دعم الإرهاب وحل أزماتها السياسية الداخلية على حساب الشعب العراقي ، مثلما حصل في تركيا التي طغت فيها القضية الكردية على السطح عبر احتجاجات شعبية عمت ديار بكر ومرسين واستنبول وغيرها في آذار الماضي ، والتي أخذت طابعاً سلمياً سحبت البساط من تحت أقدام المؤسسة العسكرية التي تتحجج بمحاربة الإرهاب والعنف، ووضعت تركيا أمام ضرورات التحرر من هيمنة العسكر وإقامة دولة ديمقراطية تؤمن للشعب الكردي حقوقه القومية على غرار ما حصل في كردستان العراق ، النموذج الأكثر سطوعاً على أن الحقيقة الكردية لن تبقى للأبد رهينة التضليل والإنكار .
أما في سوريا ، فإن السلطة تثبت يوماً بعد يوم عدم صلاحيتها للتغيير وتصر على التعامل مع الداخل الوطني بالمزيد من عمليات القمع والاعتقال التي طالت العديد من الرموز الثقافية والسياسية وأنصار حقوق الإنسان وتقديمهم لمحاكم مدنية تتحكم الأجهزة الأمنية في قراراتها لإطلاق أحكام جائرة على غرار الأحكام التي طالت معتقلي ربيع دمشق وفي مقدمتهم البروفيسور عارف دليلة .
وتأتي هذه الاعتقالات في محاولة من السلطة لإخفاء ضعفها وإرهاب المجتمع وإبقائه صامتاً تجاه ما تجري من عمليات فساد وتسلط، ومن تدهور خطير لأوضاع مختلف فئات الشعب السوري وغياب للحريات الأساسية ، وما يعنيه ذلك من تفاقم الأزمة العامة ،التي تستدعي حلولاً جذرية تعيد علاقة الدولة والسلطة مع المجتمع وتصوغ العلاقات السياسية والاجتماعية في ظل أجواء تسودها حريات التعبير والمشاركة والرأي والدعوة إلى مؤتمر وطني سوري عام ، ازدادت الحاجة له أكثر من أي وقت مضى، في ظل الأزمة السياسية والأوضاع الاقتصادية الخانقة التي ترفد المعارضة كل يوم بقوى اجتماعية وسياسية جديدة ، الأمر الذي يجعل من عملية التغيير الديمقراطي مهمة وطنية داخلية ملحة ، تتمسك بها أطراف إعلان دمشق التي تقدمت خطوة جديدة باتجاه استكمال آليات الإعلان وهيكلته التنظيمية من خلال عقد الاجتماع الأول للمجلس الوطني المؤقت،على طريق التغيير المنشود الذي تشاركها في الأهداف أطراف أخرى، ومنها جبهة الخلاص الوطني ، لكنها تختلف عنها من حيث الوسائل والآليات وخاصة ما يتعلق منها بالمراهنة على نتائج لجنة التحقيق الدولية، التي قدمت تقريرها لمجلس الأمن في الرابع عشر من حزيران، حيث ضمنته مجريات التحقيق ومدى تجاوب الأطراف والجهات المعنية بما فيها السلطات الرسمية السورية، لكنها تركت الاستنتاجات والأحكام للتقرير القادم بعد طلب التمديد لعمل اللجنة مدة سنة وموافقة مجلس الأمن على ذلك.
وعلى الجانب الكردي في سوريا فإن الأوضاع العامة في المناطق الكردية تزداد احتقاناً بفعل السياسة الشوفينية التي تتمترس خلف تفسيراتها المضللة لأحداث آذار 2004 والتي تعمل على إيهام الرأي العام الوطني السوري بالخطر الكردي المزعوم وتسعى لاستحصال المزيد من القرارات والقوانين الاستثنائية المتعلقة بالشأن الكردي ، حيث نجحت في نقل هذا الاحتقان إلى الشارع الذي يشهد حالة من الشك وعدم الثقة بين أبناء الوطن الواحد .
وإلى دوائر الدولة التي تصاعدت فيها حمى التمييز القومي الذي يتواصل بالتضييق على العاملين الأكراد فيها ، كما عادت في المناطق الكردية ظاهرة الملثمين والجرائم الغامضة التي تثير علامات الاستفهام والقلق حول مسؤولية السلطة.
..مقابل ذلك فإن القضية الكردية تواصل حضورها السياسي كقضية وطنية ديمقراطية ، حيث يشهد الخط البياني للتضامن معها ، والدعوة إلى إيجاد حل ديمقراطي لها تصاعداً ملحوظاً ، ويترافق هذا الاهتمام مع محاولات متنوعة للبحث عن مرجعية كردية تمتلك حق القرار والتمثيل الكردي ، ومن تلك المحاولات ما جرى في مؤتمر بروكسل في 27 ـ 28 أيار الماضي ، والذي جاء في الأصل استدراجاً لمؤتمر واشنطن في 12 آذار ، الذي أعلنت أهدافه على أنها تتحدد بتأطير طاقات الجالية الكردية السورية في أمريكا الشمالية وتعريف الرأي العام الأمريكي بالقضية الكردية في سوريا .
لكنه تجاوز تلك الأهداف إلى الدعوة لتشكيل مجلس وطني كردي سوري في بلجيكا .
ورغم قناعتنا بأن مثل هذه الدعوة تستمد مشروعيتها من مبررات وطنية ملحة ، خاصة بعد أن حظيت القضية الكردية في سوريا باهتمام ملحوظ يستدعي إيجاد مرجعية تحدد أهدافها وتعبر عن إرادة الشعب الكردي فيها ، وتعمل على صيانتها من الانحراف والاستثمار ،فإن ما جرى في بروكسل أدرج عملياً في إطار نقل مركز القرار الكردي إلى خارج موقعه الطبيعي في الداخل ، وهو ما يهدده بالابتعاد عن الواقعية الممكنة والافتقاد للمصداقية المطلوبة ، وكذلك تحجيم دور الحركة الكردية المنظمة وانتزاع المبادرة منها في قيادة العمل الكردي ، وهو ما يهدد أيضاً باللا مسؤولية والضياع،.
لكن هذا وذاك لا يعني أبداً الانتقاص من دور ومكانة الخارج الكردي لأنه جزء وامتداد طبيعي لشعبنا الكردي في الوطن ، وبإمكان هذا الخارج أن يقدم خدمات كبيرة لهذه القضية من خلال تعريف الرأي العام الدولي بعدالتها وتقديم الدعم المطلوب لنضال الحركة الكردية ، كما أن المستقلين من فعاليات ورموز اجتماعية وثقافية واقتصادية ، سواء كانوا في الداخل أو الخارج ، هم جزء من الحركة الوطنية الكردية ، ويملك العديد منهم إمكانات كبيرة لا بد من أخذها بعين الاعتبار في عملية حشد الطاقات وتنظيمها في أي إطار أو مرجعية كردية منشودة ، لكن محاولات الاستهتار والاستخفاف بالداخل وحركته ، مثلما جرى في بروكسل ، لم يكن مقبولاً في أي حال من الأحوال .
ولما كان تحفظ معظم أطراف الحركة الكردية، وخاصة الجبهة والتحالف، انصب على مكان المجلس وقيادته ، فإن مشروع عقد المؤتمر الوطني الكردي في سوريا في الداخل، وبمبادرة من الحركة الكردية ، تزداد الحاجة إليه لأنه:أولاً يعبر عن إرادة شعبنا الكردي ، ويلبي –ثانياً- ضرورات المرحلة ويحمي –ثالثاً- هذا المطلب من الاستثمار الخاطىء، لذلك فإننا نجدد تأكيدنا على ضرورات انعقاده وإشراك مختلف الأطراف الكردية في مساعي التحضير له ، ونعتقد أن الخطوة الأولى على هذا الطريق هي اعتماد الرؤية المشتركة لحل القضية الكردية في سوريا التي أقرتها الجبهة والتحالف كورقة عمل للمناقشة والتعديل لتصبح رؤية مشتركة كردية عامة، يشكل الموقعون عليها هيئة العمل الكردي المشترك تقوم في إطار مهامها، إلى جانب توحيد الموقف الوطني الكردي حيال المستجدات السياسية، بالتحضير للمؤتمر الوطني الكردي المنشود في سوريا .
27 حزيران 2006
اللجنة السياسية
لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا
ـ يكيتي ـ
ونظراً لما عرف به النظام الإيراني من مرونة سياسية وبراغماتية معروفة في إدارة مصالحه، فإن إقدامه على المقايضة، وتسوية مواضيع الخلاف المختلفة بطرق دبلوماسية هو الأقرب من بين التوقعات ، وسوف تشمل المقايضة أوراقها الإقليمية ومنها التحالف مع سوريا وحزب الله وحماس والملف الأمني العراقي الذي يحتاج إلى كسب بعض الوقت في تحجيم التدخلات الإيرانية في شؤونه الداخلية ودعم المليشيات الطائفية .
ليساهم ذلك، مع التطورات الأخيرة التي شهدها العراق، في التقدم على طريق الاستقرار ، خاصة بعد مقتل الزرقاوي الذي لا بد أن يكون له تأثير في إضعاف النهج التكفيري وتراجع العمليات الإرهابية التي تتغطى بلباس المقاومة ، والتي ترافقت مع استكمال تشكيلة الحكومة العراقية التي سبقتها حكومة إقليمية في كردستان وما حققته هذه وتلك من تذليل العديد من العقبات أمام العملية السياسية التي تبذل المزيد من الجهود حالياً لإقناع بعض الأطراف السنية المعارضة للانخراط فيها، ومعالجة الملف الأمني ووضع الخطط اللازمة لذلك ، مثلما حصل في بغداد وتعميمها على المناطق المتوترة الأخرى،وتشكيل ضغط سياسي على دول الجوار للكف عن دعم الإرهاب وحل أزماتها السياسية الداخلية على حساب الشعب العراقي ، مثلما حصل في تركيا التي طغت فيها القضية الكردية على السطح عبر احتجاجات شعبية عمت ديار بكر ومرسين واستنبول وغيرها في آذار الماضي ، والتي أخذت طابعاً سلمياً سحبت البساط من تحت أقدام المؤسسة العسكرية التي تتحجج بمحاربة الإرهاب والعنف، ووضعت تركيا أمام ضرورات التحرر من هيمنة العسكر وإقامة دولة ديمقراطية تؤمن للشعب الكردي حقوقه القومية على غرار ما حصل في كردستان العراق ، النموذج الأكثر سطوعاً على أن الحقيقة الكردية لن تبقى للأبد رهينة التضليل والإنكار .
أما في سوريا ، فإن السلطة تثبت يوماً بعد يوم عدم صلاحيتها للتغيير وتصر على التعامل مع الداخل الوطني بالمزيد من عمليات القمع والاعتقال التي طالت العديد من الرموز الثقافية والسياسية وأنصار حقوق الإنسان وتقديمهم لمحاكم مدنية تتحكم الأجهزة الأمنية في قراراتها لإطلاق أحكام جائرة على غرار الأحكام التي طالت معتقلي ربيع دمشق وفي مقدمتهم البروفيسور عارف دليلة .
وتأتي هذه الاعتقالات في محاولة من السلطة لإخفاء ضعفها وإرهاب المجتمع وإبقائه صامتاً تجاه ما تجري من عمليات فساد وتسلط، ومن تدهور خطير لأوضاع مختلف فئات الشعب السوري وغياب للحريات الأساسية ، وما يعنيه ذلك من تفاقم الأزمة العامة ،التي تستدعي حلولاً جذرية تعيد علاقة الدولة والسلطة مع المجتمع وتصوغ العلاقات السياسية والاجتماعية في ظل أجواء تسودها حريات التعبير والمشاركة والرأي والدعوة إلى مؤتمر وطني سوري عام ، ازدادت الحاجة له أكثر من أي وقت مضى، في ظل الأزمة السياسية والأوضاع الاقتصادية الخانقة التي ترفد المعارضة كل يوم بقوى اجتماعية وسياسية جديدة ، الأمر الذي يجعل من عملية التغيير الديمقراطي مهمة وطنية داخلية ملحة ، تتمسك بها أطراف إعلان دمشق التي تقدمت خطوة جديدة باتجاه استكمال آليات الإعلان وهيكلته التنظيمية من خلال عقد الاجتماع الأول للمجلس الوطني المؤقت،على طريق التغيير المنشود الذي تشاركها في الأهداف أطراف أخرى، ومنها جبهة الخلاص الوطني ، لكنها تختلف عنها من حيث الوسائل والآليات وخاصة ما يتعلق منها بالمراهنة على نتائج لجنة التحقيق الدولية، التي قدمت تقريرها لمجلس الأمن في الرابع عشر من حزيران، حيث ضمنته مجريات التحقيق ومدى تجاوب الأطراف والجهات المعنية بما فيها السلطات الرسمية السورية، لكنها تركت الاستنتاجات والأحكام للتقرير القادم بعد طلب التمديد لعمل اللجنة مدة سنة وموافقة مجلس الأمن على ذلك.
وعلى الجانب الكردي في سوريا فإن الأوضاع العامة في المناطق الكردية تزداد احتقاناً بفعل السياسة الشوفينية التي تتمترس خلف تفسيراتها المضللة لأحداث آذار 2004 والتي تعمل على إيهام الرأي العام الوطني السوري بالخطر الكردي المزعوم وتسعى لاستحصال المزيد من القرارات والقوانين الاستثنائية المتعلقة بالشأن الكردي ، حيث نجحت في نقل هذا الاحتقان إلى الشارع الذي يشهد حالة من الشك وعدم الثقة بين أبناء الوطن الواحد .
وإلى دوائر الدولة التي تصاعدت فيها حمى التمييز القومي الذي يتواصل بالتضييق على العاملين الأكراد فيها ، كما عادت في المناطق الكردية ظاهرة الملثمين والجرائم الغامضة التي تثير علامات الاستفهام والقلق حول مسؤولية السلطة.
..مقابل ذلك فإن القضية الكردية تواصل حضورها السياسي كقضية وطنية ديمقراطية ، حيث يشهد الخط البياني للتضامن معها ، والدعوة إلى إيجاد حل ديمقراطي لها تصاعداً ملحوظاً ، ويترافق هذا الاهتمام مع محاولات متنوعة للبحث عن مرجعية كردية تمتلك حق القرار والتمثيل الكردي ، ومن تلك المحاولات ما جرى في مؤتمر بروكسل في 27 ـ 28 أيار الماضي ، والذي جاء في الأصل استدراجاً لمؤتمر واشنطن في 12 آذار ، الذي أعلنت أهدافه على أنها تتحدد بتأطير طاقات الجالية الكردية السورية في أمريكا الشمالية وتعريف الرأي العام الأمريكي بالقضية الكردية في سوريا .
لكنه تجاوز تلك الأهداف إلى الدعوة لتشكيل مجلس وطني كردي سوري في بلجيكا .
ورغم قناعتنا بأن مثل هذه الدعوة تستمد مشروعيتها من مبررات وطنية ملحة ، خاصة بعد أن حظيت القضية الكردية في سوريا باهتمام ملحوظ يستدعي إيجاد مرجعية تحدد أهدافها وتعبر عن إرادة الشعب الكردي فيها ، وتعمل على صيانتها من الانحراف والاستثمار ،فإن ما جرى في بروكسل أدرج عملياً في إطار نقل مركز القرار الكردي إلى خارج موقعه الطبيعي في الداخل ، وهو ما يهدده بالابتعاد عن الواقعية الممكنة والافتقاد للمصداقية المطلوبة ، وكذلك تحجيم دور الحركة الكردية المنظمة وانتزاع المبادرة منها في قيادة العمل الكردي ، وهو ما يهدد أيضاً باللا مسؤولية والضياع،.
لكن هذا وذاك لا يعني أبداً الانتقاص من دور ومكانة الخارج الكردي لأنه جزء وامتداد طبيعي لشعبنا الكردي في الوطن ، وبإمكان هذا الخارج أن يقدم خدمات كبيرة لهذه القضية من خلال تعريف الرأي العام الدولي بعدالتها وتقديم الدعم المطلوب لنضال الحركة الكردية ، كما أن المستقلين من فعاليات ورموز اجتماعية وثقافية واقتصادية ، سواء كانوا في الداخل أو الخارج ، هم جزء من الحركة الوطنية الكردية ، ويملك العديد منهم إمكانات كبيرة لا بد من أخذها بعين الاعتبار في عملية حشد الطاقات وتنظيمها في أي إطار أو مرجعية كردية منشودة ، لكن محاولات الاستهتار والاستخفاف بالداخل وحركته ، مثلما جرى في بروكسل ، لم يكن مقبولاً في أي حال من الأحوال .
ولما كان تحفظ معظم أطراف الحركة الكردية، وخاصة الجبهة والتحالف، انصب على مكان المجلس وقيادته ، فإن مشروع عقد المؤتمر الوطني الكردي في سوريا في الداخل، وبمبادرة من الحركة الكردية ، تزداد الحاجة إليه لأنه:أولاً يعبر عن إرادة شعبنا الكردي ، ويلبي –ثانياً- ضرورات المرحلة ويحمي –ثالثاً- هذا المطلب من الاستثمار الخاطىء، لذلك فإننا نجدد تأكيدنا على ضرورات انعقاده وإشراك مختلف الأطراف الكردية في مساعي التحضير له ، ونعتقد أن الخطوة الأولى على هذا الطريق هي اعتماد الرؤية المشتركة لحل القضية الكردية في سوريا التي أقرتها الجبهة والتحالف كورقة عمل للمناقشة والتعديل لتصبح رؤية مشتركة كردية عامة، يشكل الموقعون عليها هيئة العمل الكردي المشترك تقوم في إطار مهامها، إلى جانب توحيد الموقف الوطني الكردي حيال المستجدات السياسية، بالتحضير للمؤتمر الوطني الكردي المنشود في سوريا .
27 حزيران 2006
اللجنة السياسية
لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا
ـ يكيتي ـ