افتتاحية جريدة آزادي *
في خضم الوضع السياسي المتفاعل دوليا وإقليميا ومحليا ، تجتاز سوريا مرحلة هامة من الصراعات والتناقضات التي تعبر بهذا الشكل أو ذاك عن كمّ من الأزمات المستعصية السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، تلك التي تضعها في نفق مظلم يصعب الخروج منه أو التكهن بما ينطوي عليه من الآثار والنتائج السلبية الضارة ..
وسط الأزمات الداخلية تلك ، والأجواء المتلبدة بالسحب الداكنة جراء الضغوط الدولية المتزايدة واقتراب موعد المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وغيره ، وبما يقتضي من إعادة ترتيب البيت الوطني من الداخل ومعالجة قضايا الجماهير ومشاكلها وأزماتها
في خضم الوضع السياسي المتفاعل دوليا وإقليميا ومحليا ، تجتاز سوريا مرحلة هامة من الصراعات والتناقضات التي تعبر بهذا الشكل أو ذاك عن كمّ من الأزمات المستعصية السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، تلك التي تضعها في نفق مظلم يصعب الخروج منه أو التكهن بما ينطوي عليه من الآثار والنتائج السلبية الضارة ..
وسط الأزمات الداخلية تلك ، والأجواء المتلبدة بالسحب الداكنة جراء الضغوط الدولية المتزايدة واقتراب موعد المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وغيره ، وبما يقتضي من إعادة ترتيب البيت الوطني من الداخل ومعالجة قضايا الجماهير ومشاكلها وأزماتها
بدلا عن كل ذلك جاء المرسوم التشريعي رقم 49 تاريخ 10 /9 / 2008 ليزيد الوضع تعقيدا ويضيف إليه كماً آخر من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، كون المرسوم بحيثياته ومواده والأسس التي بني عليها والاستعجال المفرط بصدوره ووضعه موضع التنفيذ قبل نشره بالجريدة الرسمية ودون مصادقته من البرلمان إنه لأمر بعث على دهشة الجميع ، فهولا يوحي بتوجه موضوعي ، ولا يساهم بأي شكل في عملية التطور والتقدم ولا ينتمي إلى عوامل خدمة الوطن وأبناء المجتمع ، بل يتعارض في جوهره مع الأنظمة والقوانين السارية ويتصادم مع مصالح الجماهير سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ..الخ
ففي الجانب القانوني يتعارض المرسوم مع العديد من مواد دستور البلاد المعمول به ، كما يتعارض مع السلطة القضائية والمحاكم المعنية أي أنه يصادر دور القضاء والمحاكم في هذا الشأن ويتناقض مع مبدأ “لا سلطة على القضاء ” ..
وفي الجانب السياسي ينطوي على خلق صراعات حدية بين أبناء الوطن الواحد ، و يردئ اللحمة الوطنية بدل تعزيزها والتئامها كما أنه يعبر عن استمرار السياسة الشوفينية المقيتة ضد الشعب الكردي ، ويضاف كونه مشروعا استثنائيا أخطر إلى جملة المشاريع والسياسات الشوفينية الجائرة المطبقة بحق الشعب الكردي من إحصاء عام 1962 وحزام عربي وسياسة التعريب وسياسة الاضطهاد والتشريد ليبقى الكردي في مناطقه دون سكن أو مأوى يلجأ إليه ليضطر للهجرة والبحث عن سكن في خارج مناطقه الأصلية ، وبالتالي فإنه ( أي المرسوم ) يشكل دليلا واضحا وبرهانا ساطعا على أن ليس هناك أي توجه أو حتى نية نحو معالجة قضايا البلاد ومن ضمنها القضية الكردية ، مما يثير الاشمئزاز وروح التألب السافر ضد النظام وقياداته دون استثناء ..
وعلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي تتضرر المؤسسات الاقتصادية الحكومية المعنية بالمباني والسكن والعقارات ، وتشل الحركة العمرانية في المناطق المعنية ( وخصوصا محافظتي حلب والحسكة ) لتنعكس سلبا على أصحاب العلاقة من المحامين والمهندسين والمقاولين وبالتالي خلق جيش آخر من العاطلين عن العمل أولئك الذين يعملون في مجال البناء بمختلف المهن والاختصاصات ، كما تتعطل حركة تجارة الأبنية والعقارات ، وتتناقص الرسوم والضرائب التي تجبى عن ريع السكن والعقارات ، بالإضافة إلى خلق المزيد من المشاكل الاجتماعية بسبب التجاوزات التي لا مناص من حصولها ، مما يساهم في تزايد قضايا الخلاف في المجتمع ، وتتفاقم أزمات السكن ومشاكلها ، لتنعكس بشكل مباشر على الأفراد والأسر المتزايدة ..
وفي غمرة التذمر والاحتجاج الجماهيري على المرسوم المذكور أعلاه ، توافدت عبر هالة كبرى ووسط ضجة إعلامية إلى محافظة الحسكة ( ذات الطابع الزراعي ) لجنة سميت بالوزارية مؤلفة من عدد من الوزراء والمدراء العامين برئاسة وزير المالية على أنها جاءت لتسمع عن كثب هموم أبناء المحافظة وقضاياهم بغية معالجتها كون المحافظة متضررة بسبب ندرة الأمطار والمياه للموسم الزراعي 2008 ..
والواقع أن هذه اللجنة ورغم ما حملتها من رزمة من المقترحات والتوصيات المعتادة قد أتت للتغطية بغية تمرير المرسوم المنوه عنه ، أي بصرف الأنظار إلى القضايا الآنية والهموم المعيشية المتراكمة والأزمات الخانقة ، ولتكون محط آمال الفلاحين والمزارعين من أبناء هذه المحافظة ، بما ادعت أن الجزيرة موضع اهتمام القيادة السياسية ، واستمرت اللجنة تحت يافطاتها المصطنعة ووعودها المعسولة دون أن تأتي بجديد ، خاصة وأن كل ما تطرقت إليه فيما يتعلق بالديون والقروض المصرفية و استجرار المواد العينية من بذور وأسمدة وغيرها كان قد عولج فيما مضى ، وتبجحت كثيرا بحجم الموازنة المالية المقررة للمحافظة المقدر بمبلغ ملياري ليرة سورية في حين أنها دون نصف ما رصدته لمحافظة اللاذقية على سبيل المثال رغم أن هذه الأخيرة أقل بما لا يقاس من محافظة الحسكة مساحة وسكانا ..
من هنا ، فإن الأساليب الملتوية والسبل المضللة لم تعد تنطلي على أحد ، كون الجماهير قد استوعبت سياسات النظام وممارساته الاستبدادية الجائرة واحتكاره للثروة والسلطة معا ، كما أنها بلغت مستوى من الوعي والإدراك تؤهلها لمعرفة الطرق والوسائل التي تخدم مصالحها التي لا تكتمل برأيها إلا في ظل الديمقراطية وتوفير الحريات العامة ..
لذلك فإن المجتمع السوري بكل مكوناته القومية والدينية والسياسية بعد أن أدرك كنه النظام وطبيعته وسياساته ، لم يعد يخشى رفع صرخة الحق وراية العدل ، بعد أن كسّر بجرأة حواجز الخوف عبر الخروج إلى الشوارع والساحات لمواجهة الاستبداد والتعبير عن رفضه وسخطه للسياسة المتبعة والإجراءات والقوانين الظالمة المطبقة بحق المجتمع السوري عامة والشعب الكردي خاصة، ولن يتوان قط ولا يحيد عن سبيل العمل بتفان من أجل حياة حرة كريمة ، لاسيما وأن بريق تفاعل المتغيرات الدولية يزداد تألقا وتتسع دائرة المستجدات أولاً بأول لتعم المعمورة ومن بينها بلدنا المتعطش للتحول والتغيير نحو بناء دولة الحق والقانون التي أساسها الديمقراطية وسماتها انتفاء الاستبداد والاضطهاد والقوانين والمحاكم الاستثنائية ، وضمان الحريات الديمقراطية ، وتبييض السجون من معتقلي الرأي والموقف السياسي ، وتحقيق المساواة التامة بالحقوق والواجبات بين الجميع بما يكفل حل كافة قضايا البلاد بما فيها قضية الشعب الكردي في إطار وحدة البلاد ، وضمان رغد العيش والحياة اللائقة بالعصر والمرحلة لكل أبناء المجتمع السوري ، وليعيش الجميع في محبة ووئام ..
ففي الجانب القانوني يتعارض المرسوم مع العديد من مواد دستور البلاد المعمول به ، كما يتعارض مع السلطة القضائية والمحاكم المعنية أي أنه يصادر دور القضاء والمحاكم في هذا الشأن ويتناقض مع مبدأ “لا سلطة على القضاء ” ..
وفي الجانب السياسي ينطوي على خلق صراعات حدية بين أبناء الوطن الواحد ، و يردئ اللحمة الوطنية بدل تعزيزها والتئامها كما أنه يعبر عن استمرار السياسة الشوفينية المقيتة ضد الشعب الكردي ، ويضاف كونه مشروعا استثنائيا أخطر إلى جملة المشاريع والسياسات الشوفينية الجائرة المطبقة بحق الشعب الكردي من إحصاء عام 1962 وحزام عربي وسياسة التعريب وسياسة الاضطهاد والتشريد ليبقى الكردي في مناطقه دون سكن أو مأوى يلجأ إليه ليضطر للهجرة والبحث عن سكن في خارج مناطقه الأصلية ، وبالتالي فإنه ( أي المرسوم ) يشكل دليلا واضحا وبرهانا ساطعا على أن ليس هناك أي توجه أو حتى نية نحو معالجة قضايا البلاد ومن ضمنها القضية الكردية ، مما يثير الاشمئزاز وروح التألب السافر ضد النظام وقياداته دون استثناء ..
وعلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي تتضرر المؤسسات الاقتصادية الحكومية المعنية بالمباني والسكن والعقارات ، وتشل الحركة العمرانية في المناطق المعنية ( وخصوصا محافظتي حلب والحسكة ) لتنعكس سلبا على أصحاب العلاقة من المحامين والمهندسين والمقاولين وبالتالي خلق جيش آخر من العاطلين عن العمل أولئك الذين يعملون في مجال البناء بمختلف المهن والاختصاصات ، كما تتعطل حركة تجارة الأبنية والعقارات ، وتتناقص الرسوم والضرائب التي تجبى عن ريع السكن والعقارات ، بالإضافة إلى خلق المزيد من المشاكل الاجتماعية بسبب التجاوزات التي لا مناص من حصولها ، مما يساهم في تزايد قضايا الخلاف في المجتمع ، وتتفاقم أزمات السكن ومشاكلها ، لتنعكس بشكل مباشر على الأفراد والأسر المتزايدة ..
وفي غمرة التذمر والاحتجاج الجماهيري على المرسوم المذكور أعلاه ، توافدت عبر هالة كبرى ووسط ضجة إعلامية إلى محافظة الحسكة ( ذات الطابع الزراعي ) لجنة سميت بالوزارية مؤلفة من عدد من الوزراء والمدراء العامين برئاسة وزير المالية على أنها جاءت لتسمع عن كثب هموم أبناء المحافظة وقضاياهم بغية معالجتها كون المحافظة متضررة بسبب ندرة الأمطار والمياه للموسم الزراعي 2008 ..
والواقع أن هذه اللجنة ورغم ما حملتها من رزمة من المقترحات والتوصيات المعتادة قد أتت للتغطية بغية تمرير المرسوم المنوه عنه ، أي بصرف الأنظار إلى القضايا الآنية والهموم المعيشية المتراكمة والأزمات الخانقة ، ولتكون محط آمال الفلاحين والمزارعين من أبناء هذه المحافظة ، بما ادعت أن الجزيرة موضع اهتمام القيادة السياسية ، واستمرت اللجنة تحت يافطاتها المصطنعة ووعودها المعسولة دون أن تأتي بجديد ، خاصة وأن كل ما تطرقت إليه فيما يتعلق بالديون والقروض المصرفية و استجرار المواد العينية من بذور وأسمدة وغيرها كان قد عولج فيما مضى ، وتبجحت كثيرا بحجم الموازنة المالية المقررة للمحافظة المقدر بمبلغ ملياري ليرة سورية في حين أنها دون نصف ما رصدته لمحافظة اللاذقية على سبيل المثال رغم أن هذه الأخيرة أقل بما لا يقاس من محافظة الحسكة مساحة وسكانا ..
من هنا ، فإن الأساليب الملتوية والسبل المضللة لم تعد تنطلي على أحد ، كون الجماهير قد استوعبت سياسات النظام وممارساته الاستبدادية الجائرة واحتكاره للثروة والسلطة معا ، كما أنها بلغت مستوى من الوعي والإدراك تؤهلها لمعرفة الطرق والوسائل التي تخدم مصالحها التي لا تكتمل برأيها إلا في ظل الديمقراطية وتوفير الحريات العامة ..
لذلك فإن المجتمع السوري بكل مكوناته القومية والدينية والسياسية بعد أن أدرك كنه النظام وطبيعته وسياساته ، لم يعد يخشى رفع صرخة الحق وراية العدل ، بعد أن كسّر بجرأة حواجز الخوف عبر الخروج إلى الشوارع والساحات لمواجهة الاستبداد والتعبير عن رفضه وسخطه للسياسة المتبعة والإجراءات والقوانين الظالمة المطبقة بحق المجتمع السوري عامة والشعب الكردي خاصة، ولن يتوان قط ولا يحيد عن سبيل العمل بتفان من أجل حياة حرة كريمة ، لاسيما وأن بريق تفاعل المتغيرات الدولية يزداد تألقا وتتسع دائرة المستجدات أولاً بأول لتعم المعمورة ومن بينها بلدنا المتعطش للتحول والتغيير نحو بناء دولة الحق والقانون التي أساسها الديمقراطية وسماتها انتفاء الاستبداد والاضطهاد والقوانين والمحاكم الاستثنائية ، وضمان الحريات الديمقراطية ، وتبييض السجون من معتقلي الرأي والموقف السياسي ، وتحقيق المساواة التامة بالحقوق والواجبات بين الجميع بما يكفل حل كافة قضايا البلاد بما فيها قضية الشعب الكردي في إطار وحدة البلاد ، وضمان رغد العيش والحياة اللائقة بالعصر والمرحلة لكل أبناء المجتمع السوري ، وليعيش الجميع في محبة ووئام ..
* جـريدة صـادرة عـن مـكـتب الثقـافـة والإعـلام المـركـزي لحــزب آزادي الكــردي في ســوريا – العدد (403) تشرين الثاني 2008