أيها المسلمون ألا تخجلون ؟ انتصر أوباما الأسود ؟!!

د.

علاء الدين جنكو

دخل الصحابي الجليل بلال بن رباح على أبي بكر الصديق رضي الله عنه في لحظة اعتبرها نقطة تحول في حياته رضي الله عنه وهو أول صحابي أسود يعتلي الكعبة الشريفة ليؤذن عليها كاسرا كل قيود العنصرية التي كانت سائدة في العصر الجاهلي قبيل الإسلام ..
نعم دخل على أبي بكر بعيد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم طالبا منه الرحيل عن المدينة !!

قال له أبو بكر الصديق رضي الله عنه : ومن يؤذن لنا يا بلال ؟ قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رد عليه الصديق : بل إبق وأذن لنا يا بلال .
أمر ما كان لأبي بكر رضي الله عنه أن يتوقع ردا يجعله يراجع حساباته كأول خليفة للمسلمين !!
قال له بلال بنبرة امتزجت فيها مشاعر قوة الإيمان بمشاعر الانكسار أمام المعروف : إن كنت قد أعتقتني لأكون لك فليكن ذلك وإن كنت قد أعتقتني لله فدعني وما اعتقتني من اجله ..

فقال له أبو بكر بل أعتقتك لله يا بلال ،
ثم خرج بلال إلى بلاد الشام حيث بقي فيها مرابطا ومجاهدا ..

باراك أوباما ..

الأسود … ولكن هذه المرة ليست الكعبة الشريفة ، إنها رئاسة أكبر دولة في العالم ، والبيت الأبيض الذي سيكسر فيه كل قيود العنصرية المتبقية في مجتمع كان يكتب على أبواب مطاعمه إلى ستينيات القرن الماضي ممنوع دخول الكلاب والسود !!

اختيار يوجب التقدير والاحترام والاعتراف بأفضليته على مستوى العالم وكل الأنظمة السائدة فيه ، أيادٍ بيضاء من شباب في ربيع حياتهم يشاركهم كبار من اللونين يصفقون لانتصار رجل أسود على منافسه الأبيض في سباق رئاسة أقوى دولة في العالم !!
وبغض النظر عن كل النتائج والمواقف التي سيتخذها أوباما تجاه القضايا التي تخصنا نحن كمسلمين وشرق أوسطيين ، إلا أن فوزه واعتلاؤه كرسي الرئاسة هو انتصار لجانب من جوانب الإنسانية .

العدالة والمساواة بين البشر كفيلتان بالارتقاء بأي أمة ومجتمع ليسود ويقود العالم ، ومن هذا المنطلق قال منظرو السياسة الشرعية الإسلامية : ( دولة الإسلام ستزول إن كانت ظالمة ودولة الكفر ستدوم وتستمر إن كانت عادلة ) .

باراك اوباما ، هو انتصار لكل المبادئ والقيم والأديان والمذاهب الداعية للعدالة والمساواة بين البشر دون تمييز على أساس الدين والجنس واللون .
اوباما الذي صفق له كل العالم  خلَّف رجلا أساء لبلده وأمته في جميع ميادينها السياسية والاقتصادية والاجتماعية  عندما حاد عن مبادئها وعاش حياة الصلف والتكبر والعجرفة القائمة على أساس من ليس معي فهو ضدي .

باراك اوباما ..

الخطيب الماهر الذي استطاع أن يجذب إليه جمهوره المستمع له بابتسامته السمراء التي زرعت جذورها في أزقة قرية كينية وسط أفريقيا بين أشجار المانجو وغابات السافانا لتظهر وتلمع على عرش رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية !!
مظهر أعاد بنا أربعة عشر قرنا إلى الوراء، إلى لحظات تحرر العبيد والسود التي كان يقودها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما ختم دعوته في حجة الوداع مبينا فيها أنه لا فرق بين عربي وأعجمي ولا بين أبيض واسود إلا بالتقوى ..

وياليت شعري لو أن الذي رأيناه اليوم يا سيدي يا رسول الله بيننا نحن من ندعي أننا أتباعك من المسلمين ، لا أن تكون هذه المشاهد الحقيقة أما ناظرنا أحلاما نتمناها في وضح النهار ..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس في عالم يتأرجح بين الفوضى والنظام، يبرز المشهد السياسي للولايات المتحدة في ولاية دونالد ترامب الثانية (2025) كمحطة حاسمة لإعادة تعريف التوازنات العالمية. إن صعود ما يُمكن تسميته بـ “الدولة العميقة العصرية”، التي تجمع بين النخب الاقتصادية الجديدة والتكنولوجية والقوى السياسية القومية، يكشف عن تنافس ضمني مع “الدولة العميقة الكلاسيكية”، المتمثلة في المؤسسات الأمنية والعسكرية التقليدية. هذا…

تعرب شبكة الصحفيين الكُرد السوريين، عن قلقها البالغ إزاء اختفاء الزميلين أكرم صالح، مراسل قناة CH8، والمصور جودي حج علي، وذلك منذ الساعة السابعة من أمس الأربعاء، أثناء تغطيتهما الميدانية للاشتباكات الجارية في منطقة صحنايا بريف دمشق. وإزاء الغموض الذي يلف مصيرهما، فإننا نطالب وزارتيّ الإعلام والداخلية في الحكومة السورية، والجهات الأمنية والعسكرية المعنية، بالتحرّك الفوري للكشف عن مكان وجودهما،…

اكرم حسين في عالم السياسة، كما في الحياة اليومية عندما نقود آلية ونسير في الشوارع والطرقات ، ويصادفنا منعطف اونسعى إلى العودة لاي سبب ، هناك من يلتزم المسار بهدوء ، وهناك من “يكوّع” فجأة عند أول منعطف دون سابق إنذار. فالتكويع مصطلح شعبي مشتق من سلوك السائق الذي ينحرف بشكل مفاجئ دون إعطاء إشارة، لكنه في السياسة يكتسب…

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…