متطلّبات الشراكة ومستقبل العمل المشترك

  افتتاحية جريدة الوحدة (YEKÎTÎ)
   مما لا شك فيه أن توحيد المواقف وحشد الطاقات وتنظيمها يحتلان أهمية قصوى في أي عمل نضالي، خاصة إذا كان هذا العمل يتعلق بقضية سياسية على مستوى قضيتنا الكردية التي لا تزال تنتظر الإنصاف، وبخصوصية الوضع الكردي المطبوع بالاحتقان والحرمان، وبالحالة التي وصلتها الحركة الكردية نتيجة التشتت الذي وصل إلى درجة لا يبررها منطق سياسي ولا تنوع اجتماعي.


فإذا أضفنا لهذه التحدّيات ضراوة السياسة الشوفينية التي تغذّي مبدأ التعالي القومي والسلوك الاقصائي وعقلية الشطب على الآخر، والتهرّب من لغة الحوار، واعتماد العنف والقمع في التعامل مع هذه القضية في إطار السياسة العامة للنظام، القائمة على زرع ثقافة الخوف ومحاولة تأبيد إحتكار حزب البعث لقيادة الدولة والمجتمع،
فإن المطلوب من أطراف هذه الحركة إستيعاب الحالة السورية الراهنة، وإعادة النظر في أدائها السياسي وامتلاك ثقافة ديمقراطية كافية لإزالة الحواجز التي تفصلها عن الآخر القومي الكردي والوطني السوري، والبحث عن توافقات وقواسم مشتركة، والتوصل معها إلى برامج الحد الأدنى..

وانطلاقاً من فهم واع لطبيعة ومتطلبات العمل المشترك الذي يعني أن جميع المتشاركين يجب أن يكون لديهم ما يمكن أن يتخلوا عنه، بقدر تمسّكهم بقضايا أساسية لا يمكن التفريط بها، فإن القاسم المشترك ينخفض مستواه مع تزايد عدد المتشاركين في أي عمل أو إطار.

ومن هنا يمكن فهم سياسة حزبنا الذي حمل على عاتقه دوراً هاماً في الساحة الكردية تنفيذاً لشعار المؤتمر الوطني الكردي الذي رفعه منذ سنوات على أمل إيجاد ممثلية تكون بمثابة مرجعية كردية, إزدادت الحاجة لها بسبب تصاعد شراسة الهجمة الشوفينية، خاصة بعد أحداث آذار الدامية عام 2004, كما شارك بفعالية في النضال من أجل تأطير المعارضة الوطنية, وكانت له مساهمة فعالة في بناء إعلان دمشق, وبهذه المساهمة، وبذلك الدور، كان لا بد للحزب من تنويع أشكال نضاله لتختلف عن بداية التسعينات عندما اضطر لمخاطبة الشارع الوطني السوري من خلال بيانات ملصقة بسبب غياب قنوات التواصل آنذاك, ونظّم الكثير من التجمعات والاعتصامات التي تطلبتها طبيعة تلك المرحلة والتي يحلو للبعض أن يتهم الحزب بالتراجع عنها, ناسياً بذلك إننا لم نعد كما كنا مجرد حزب يبحث عن دور حزبي أو دعاية حزبية, بل إننا نسعى دائماً في كل ما نقوم به لخدمة شعبنا وقضية التغيير الديمقراطي في البلاد .

ولما كانت هذه المهمّة جسيمة تفوق إمكانية حزب بمفرده, فإننا نحرص دائماً على حشد أكبر قدر ممكن من الإمكانات، انطلاقاً من قناعتنا بأن الإخلاص لقضية ما لا يقاس فقط بمدى التضحيات التي يقدمها حزب أو فرد, بل أيضاً بالقدرة على تأمين أقوى تضامن سياسي وشعبي، وحشد أكثر الطاقات، وتوفير أكبر الفرص في تحقيق النجاح لتلك القضية, واختيار الأسلوب النضالي الأمثل المنسجم مع طبيعة المرحلة والظروف المحيطة بها.

وقد يكون هذا الأسلوب على شكل بيان يأخذ قوته من عدد الموقعين عليه ومن دقة تشخيصه وموضوعية أهدافه, أو اعتصام يستمد فعاليته ليس فقط من كثرة المشاركين فيه, بل كذلك من اتساع مساحة المتضامنين معه من بين شركائنا الآخرين في الوطن.
  وفي الجانب الكردي، فقد آن الأوان للتخلص من تشنّجات الركام السلبي للعلاقات غير الطبيعية بين الأحزاب الكردية، والتصدّي لمختلف أشكال التآمر الشوفيني, ومنها عدم الوقوع في فخ العزلة التي يجهد النظام، لدفعنا لها، وحرمان القضية الكردية من عمقها الوطني ولجوء الحركة الكردية للتحرك المنفرد، لكي يسهّل بذلك مهمة الشوفينية في استعداء الرأي العام السوري، وإتهام أي مطلب أونشاط كردي بدوافع خارجية، وإيهام المكونات السياسية والقومية الأخرى بالخطر الكردي المزعوم.

ولذلك فإن هذه الحركة مطالبة بتفويت الفرصة على هذه السياسة, والتأكيد دائماً بأن شعوبنا المتآخية في سوريا تمتلك تاريخاً طويلاً من الكفاح المشترك، وإن المتآمرين على الوحدة الوطنية هم أضعف من أن ينالوا منها, وأن شعبنا الكردي يفتخر بأصدقائه الكثر الذين نراهن على التعاون معهم في إعادة الإعتبار للشراكة الوطنية وإنجاز مهمة التغيير الديمقراطي السلمي الذي يعني في جانبه الكردي إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا.

* الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)– العدد (183) تشرين1- 8 200م

لقراءة مواد العدد انقر هنا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد إذا كان الاستثمار من الأمور الهامة التي تأخذها بعين الاعتبار أيُّ دولة أو حكومة سواءً أكانت متطورة وشبه مستقرة أم خارجة لتوها من الحرب ومنهكة اقتصادياً؛ وبما أنَّ معظم الدول تشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر بكونه يساهم بشكلٍ فعلي في التنمية الاقتصادية، ويعمل على تدفق الأموال من الخارج إلى الداخل، ويجلب معه التقنيات الحديثة، ويعمل على توفير…

من أجل إعلامٍ حرّ… يعبّر عن الجميع نقف في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، نحن، الصحفيين والكتاب الكرد في سوريا، للتأكيد على أن حرية الكلمة ليست ترفاً، بل حقٌ مقدّس، وضرورة لبناء أي مستقبل ديمقراطي. لقد عانى الصحفيون الكرد طويلاً من التهميش والإقصاء، في ظلّ الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة ولاسيما نظام البعث والأسد، حيث كان الإعلام أداة بيد النظام العنصري لترويج…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* في الوقت الذي تتكشف فيه يوميًا أبعاد جديدة للانفجار الذي وقع في أحد الموانئ الجنوبية لإيران يوم 26 إبريل 2025، يتردد سؤال يعم الجميع: من هو المسؤول عن هذه الكارثة؟ هل كانت متعمدة أم عيرمتعمدة؟ هل يقف وراءها فرد أو تيار معين، أم أنها عمل قوة خارجية؟ سؤال لا يزال بلا إجابة حتى الآن!   التكهنات…

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…