اشتداد وتيرة الاضطهاد بحق الكرد السوريين

شلال كدو

لا شك ان المرسوم رقم / 49 / الذي اصدره الرئيس السوري مؤخراً، يستهدف بالدرجة الاولى وجود الشعب الكردي في سوريا والانقضاض عليه شيئاً فشيئاً، من خلال دفعة الى الهجرة القسرية الداخلية والخارجية، لاخلاء مناطقه وتركها عرضة للتعريب.

اذ لايجوز بموجب المرسوم الجديد حق التملك والبيع والشراء والايجار والاستئجارلكافة العقارات من اراضي زراعية ومنازل ومحال تجارية، الا بعد موافقات امنية حصرية، وكذلك موافقات من وزرات الدفاع والداخلية والزراعة، في سائر قرى ومدن وبلدات كردستان سوريا، الموازية للحدود التركية،

وبالتالي شل الحركة الاقتصادية وانعدامها، وبذلك يكون هذا المرسوم في حال تطبيقه، اخطر بكثير من مشروع الحزام العربي المقيت، الذي سلب الكرد في سبعينيات القرن المنصرم مساحات واسعة من اراضيهم الزراعية، ومنحها الى مستوطنين عرب استقدموا من المحافظات الداخلية، بهدف تغيير ديمغرافية كردستان سوريا، فضلاً عن خلق حزام بشري عربوي عنصري بين الكرد على جانبي الحدود السورية التركية، لفصل ابناء القومية الكردية الواحدة عن بعضهم البعض.
ولكن اياً كانت نتائج الحزام المقيت، فأنه اقتصر على محافظة الجزيرة وعلى الشريط الحدودي بطول 375 كم وعرض من 10 – 15 كم، اما المرسوم الذي نحن بصدده، فيشمل سائر اماكن تواجد الكرد، من مدينة ديريك الى مدينة عفرين مروراً بالقاشلي وسري كانيية وكوباني..

اي كردستان سوريا برمتها، الامر الذي يدل وبوضوح شديد، وبما لا لبس فيه، بأنه يستهدف الكرد ارضاً وشعباً، وهو اخطر مشروع عنصري يهدف الى محو وجود شعب عريق يعيش على ارض آبائه واجداده الاوائل منذ قرون خلت، لذلك لا بد من مقاومته بكل السبل الديمقراطية والمدنية والسلمية، وتسخير كافة الطاقات والامكانات من اجل اسقاطه او الغائه.

وامام هذا الوضع التصعيدي، واشتداد وتيرة الاضطهاد بحق الكرد السوريين من قمع وتنكيل واعتقالات وقتل معمد من قبل اجهزة السلطة، هناك حراك سياسي ونضالي حقيقي بدأ يلوح  في الافق، ويترجم بخطوات عملية من قبل الغالبية العظمى من فصائل الحركة السياسية الكردية في سوريا، عدا تنظيمان اثنان هما حزبا الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا بقيادة السيد حميد درويش، وحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا بقيادة السيد اسماعيل عمر، اذ قررت الاحزاب الاخرى في كل من اللجنة العليا للتحالف الديقراطي الكردي في سوريا، ولجنة التنسيق والجبهة الديمقراطية الكرديتين، الذين يضمون ثمانية احزاب كردية – قررت – النزول الى الشارع، وقيادة الاعتصامات والمظاهرات السلمية والاحتجاجات، حتى الغاء هذا المرسوم العنصري، وما تظاهرة الاحد 2 / 11 / 2008 امام البرلمان السوري والتي اعتقل على اثرها معظم قادة الاحزاب الكردية، الا ترجمة جدية وملموسة لهذا الحراك الجديد، ولعل من شأن هذه المرحلة التي ستشهد حراكاً حقيقياً، ان تفرض استحقاقات جديدة، وتضع مختلف اطراف الحركة السياسية على المحك، دون ان يتمكن هذا الحزب او ذاك من الضحك على الذقون، واللعب بمشاعر الناس، وايهام الرأي العام عبر اعلام مضلل، والاختباء خلف الشعارات الرنانة…!
ويرى المراقبون للشأن الكردي السوري، بأن الهروب من الاستحقاقات النضالية في هذه المرحلة بالذات، ليست الا استمراراً بالالتزام بالخطوط الحمر والخضر، التي وضعتها الاجهزة الامنية للحراك الحزبي والسياسي الكردي في سوريا، وان الاحتقانات الشديدة والمتراكمة لدى مختلف شرائح الجماهير، يتطلب الشروع في تغيير الاسلوب النضالي المتبع منذ نصف قرن من قبل الحركة الكردية، والذي اثبت للقاصي والداني بأنه عقيم ولا جدوى منه، وببساطة شديدة فقد ادى تقاعس الحركة وعجزها عن القيام بمهامها التي تأسست من اجلها، الى عزوف الشارع الكردي عنها، والتوجه – حسب رغبة السلطة – صوب اجزاء كردستان الاخرى، وبالتالي افراغ كردستان سوريا من اجيال شابة كاملة، التي تؤمن بعدالة قضيتها وضرورة النضال الجاد والتضحية من اجلها.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…