الدكتور شمدين شمدين
ما زالت الأنظار مشدودة إلى شاشات التلفزة ، وما زالت القلوب تدق وتدق فرحا تارة ، وحزنا تارة أخرى ، والمونديال مازال يخطف الجماهير في العالم اجمع ، وكل بفريقه معجب ، وكل لأجل فريقه يصرخ ، ويقاتل وأحيانا يدفع دمه ثمنا لانتصار هذا الفريق ، وفي أوربا أرض الحدث مازال الساسة بانتظار الرد الإيراني على مقترحاتهم ، بشان وقف تخصيب اليورانيوم وهم إذ يقدمون لإيران جزرة كبيرة بل سلة جزرات ،يحذرونها في الوقت نفسه من عواقب الرفض التي يصر الرئيس نجاد على قدرة بلاده على مقاومة هذه التهديدات،وهو بالتأكيد يملك من وسائل الردع الكثير ، فالعراق الجار يعج بأصحاب ورفاق درب عاهدوا الرفاق في إيران على الوقوف إلى جانبهم في حال التعرض لأية عواقب جراء برنامجها النووي ، وهي أي إيران تملك القدرة على إثارة الاضطرابات في العراق وأيضا في أفغانستان وفي الخليج أيضا ،علاوة عن سلاح النفط ومنظمات الرفض العربي كحزب الله وحماس وغيرها ممن يعتبرون طهران السند والحليف
وحزب الله نفسه مازال مع فرقان الوطن أو شركاء الوطن بانتظار نتائج الحوار اللبناني التي أصبحت قضية تضاهي في صعوبة حلها قضية الشرق الأوسط ، بالرغم من توصل المجتمع الدولي إلى رؤية مشتركة لحل هذه القضية على أساس دولتين إحداها لإسرائيل وأخرى لفلسطين ، ولكن مازالت الرؤية الفلسطينية والعربية بعيدة عن التصور الغربي لحل هذه المعضلة الكبرى ، وهنا ربما يكرر العرب نفس الغلطة التي ارتكبوها حين رفضوا مع إسرائيل قرار التقسيم ،الذي كان يعطي النسبة الكبرى من ارض فلسطين التاريخية للعرب لا عشرون بالمائة فقط كما هو مطروح الآن ، والعرب الذين يؤثرون كثيرا الأقوال على الأفعال ،مازالوا منتظرين لنتائج الحرب في الصومال ومدى نجاح المحاكم الإسلامية في إحكام قبضتها على مدن و أراضي هذا البلد ، الذي نزف كثيرا ولم يجد بعد من إخوته بل أشقائه أي بوادر لمد يد العون والمساعدة ، رغم ورود أخبار عن مؤتمر للمصالحة في السودان ، الذي يعاني هو ذاته من اضطرابات ومشاكل كان أبرزها مشكلة الجنوب ، والمجازر في دارفور ، هذا البلد المهدد بالانقسام مازال مثل الصومال ينتظر أشقائه العرب ، ومازال شعبه معجبا اشد الإعجاب بخطابات وتحليلات العقيد القذافي ، الذي وجه دفة سفينته باتجاه إفريقيا حين مل من الشعارات العربية والنقاشات العربية ،وهو يبتكر بين فينة وأخرى حلولا جد مقبولة للصراعات الدامية في العالم العربي ،فهو لا يطالب برمي إسرائيل إلى البحر بل يطالب وكحل للمشكلة المستعصية بإقامة دولة اسراطين وبذلك يذوب اليهودي ضمن الغالبية العربية ذات الخصوبة العالية ، ومثل القذافي الحالم بالديمقراطية الجماهيرية ، يظهر الرئيس اليمني كممهد لعهد للديمقراطية وتداول السلطة ،ومن اجل تحقيق هذا الهدف قرر الرئيس الاكتفاء بالسنوات الثماني والعشرين في حكم البلاد ،وقرر ترك السلطة للعباد إلا إن العباد اندفعوا بالملايين رافضين تخلي الرئيس عن الترشح والسلطة ،مذكرين العرب بالقائد الكبير جمال عبد الناصر الذي أرغمته الجماهير على العودة للسلطة رغم الهزيمة ، وعلى قولة المصريين الذي نعرف خير من الذي لا نعرفه ، أصر اليمنيون على القائد وحتى لا تصبح سابقة في العالم العربي يتنازل فيها الرئيس طواعية عن السلطة ،فلا مكان لنيلسون مانديلا بين العرب ، وخاصة بين الشباب العربي الذي انقسم مؤخرا بين نانسي عجرم التي مازالت تطبطب على كتف حبيبها وتدلعه ،وبين صديقتها وزميلتها الجميلة والرشيقة هيفاء التي مازالت تبحث عن رجب حتى يبعد صاحبه عنها ،والظاهر إن صاحبه لا يراعي العيش والملح الذي تناوله مع رجب ، وفي القلاع المرممة بملاليم الفقراء ، مازالت الأضواء مسلطة على بقايا خيالات وأصداء للرحابنة وأم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم ونجاة وماجدة الرومي التي أخذت تعلن يوميا اعتزالها الغرام ،وكأنها ترسل إشارات وعلامات استفهام عن قيمة هذا الغرام ،حين يحرم صاحبه من الحرية والحياة الكريمة المبنية على القيم والمثل المتوارثة عبر التاريخ ، قيم المحبة واحترام الآخر والكلمة الطيبة التي تجعل الألفة والتسامح تنتشر بين الناس ، وتبني أجيالا منفتحين على الآخرين ومدافعين عن حرية الآخرين ،لان الإنسان لا يكون حرا إلا إذا كان الآخرون أحرار ، ومن اجل هذه الحرية مازالت بغداد تدفع من لحمها ودمها الكثير، ومازالت الجماعات المسلحة مصرة على التخلص من الأمريكان بكل الوسائل الممكنة ، فالغاية عندها تبرر الوسيلة ، وسقوط الضحايا في المساء تمحوه بركات الآذان في الصباح ، وفي الصباح أيضا تصدح فيروز بصوتها الرنان سلم لي عليه وقل له إنني اسلم عليه ، واطمئن لي عليه وقل له إنني أبوس عينيه.
ونحن إذ نقبل كل الوجوه المتعبة والمغتربة في أوطانها وخارج أوطانها ، نقر إن لكل منا ليلاه وكل منا مازال يغني بطريقته الخاصة على ليلاه السمراء والشقراء والسوداء والبيضاء والخرساءوالثرثارة ايضا.