افتتاحية جريدة آزادي
بقلم: رئيس التحرير
المرسوم التشريعي رقم 49 تاريخ 10 / 9 / 2008 جاء في صيغة تعديل للقانون رقم41 لعام 2004 ، حيث يقضي هذا المرسوم بعدم جواز إنشاء أو نقل أو تعديل أو اكتساب أي حق عيني عقاري على كل عقار كائن في منطقة حدودية أو إشغاله عن طريق الاستئجار أو الاستثمار أو بأية طريقة كانت لمدة تزيد على ثلاث سنوات لاسم أو منفعة شخص طبيعي أو اعتباري إلا بترخيص مسبق سواءً كان العقار مبنياً أو غير مبني واقعاً داخل المخططات التنظيمية أم خارجها.
بقلم: رئيس التحرير
المرسوم التشريعي رقم 49 تاريخ 10 / 9 / 2008 جاء في صيغة تعديل للقانون رقم41 لعام 2004 ، حيث يقضي هذا المرسوم بعدم جواز إنشاء أو نقل أو تعديل أو اكتساب أي حق عيني عقاري على كل عقار كائن في منطقة حدودية أو إشغاله عن طريق الاستئجار أو الاستثمار أو بأية طريقة كانت لمدة تزيد على ثلاث سنوات لاسم أو منفعة شخص طبيعي أو اعتباري إلا بترخيص مسبق سواءً كان العقار مبنياً أو غير مبني واقعاً داخل المخططات التنظيمية أم خارجها.
وتحدد المناطق الحدودية بمرسوم آخر بناء على اقتراح وزارة الدفاع .
وتصدر التعليمات التنفيذية من وزارة الداخلية .
ويصدر الترخيص اللازم أيضا من وزير الداخلية أو من يفوضه بذلك ، وبناء على اقتراح وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وموافقة وزارة الدفاع ، وأن رفض وزير الداخلية للترخيص هو قطعي لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة..الخ ولا تسجل الدعاوى المتعلقة بطلب تثبيت أي حق من الحقوق المنصوص عليها ، ولا توضع إشارتها ما لم تكن مقترنة بالترخيص ..
هذا ملخص ما نص عليه المرسوم المذكور أعلاه ، ناهيك عن الغرامات المالية والعقوبات بالسجن لمدد مختلفة بحق كل من يخالف أحكام ومواد هذا القانون المعدل ..
ومن الوقوف على المرسوم والتأمل في مواده وتعقيداته يمكن استنتاج أن المرسوم يهدف إلى المزيد من إرباك المواطن بدل تقديم التسهيلات أو فك القيود والتعقيدات السابقة على المعاملات والإجراءات اللازمة في المناطق الحدودية المشار إليها في المرسوم وخصوصا محافظتي حلب والحسكة ولاسيما هذه الأخيرة حيث تعتبر في مجملها حدودية وقد امتازت بتعقيدات معاملاتها العقارية والزراعية والحد من التملك وخضوع قرارات الملكية أو نقلها إلى إنسان آخر لموافقة وزارة الدفاع التي نادرا ما تستجيب ، وبدلا من مواكبة العصر والمرحلة والحرص على راحة المواطن ، جاء المرسوم ليزيد من همومه وأعبائه إذ جعل من الصعوبة بل من المتعذر على الغالب حصول المواطن في المناطق المشار إليها على الرخص المقررة التي تقتضي موافقة وزارات ثلاث ودوائر وإدارات عديدة ليصار إلى امتلاك عقار أو منزل أو البيع أو التنازل أو الاستئجار أو الرهن، وكأن البلد قد حلت أزماته السكنية أو أنه في منأى عن التزايد السكاني و أن حركة تزاوج البشر وتأسيس أسر تقتضي سكن جديد قد توقفت..وأن وأن ..الخ
إن المرسوم الذي نحن بصدده تتعارض مواده كليا من حيث المبدأ مع بنود دستور النظام – بحسب رأي أصحاب الاختصاص – وتتعارض كذلك مع القوانين والمراسيم الأخرى التي تجيز امتلاك واستثمار الأجانب حتى الغير عرب للعقارات السورية ، ورغم النتائج الوخيمة التي يفرزها المرسوم كما ذكرنا من منغصات وتعقيدات للمواطن السوري أيٍ كان ومن مختلف انتماءاته القومية والدينية والسياسية ، إلا أن الجانب السياسي يبقى هو الأهم ، حيث يظهر أن للمرسوم أهداف أخرى هي سياسية تنتمي إلى مجموعة دراسات ومقترحات ذات العقليات والمشاريع العنصرية التي تمتد لعقود من الزمن ، فالمرسوم جاء من وحي العنصرية للحسابات المستقبلية وهو مثابة إكسير التفاعل من جديد لانتعاش السياسة الشوفينية ، وليضفي هماً جديدا ومشروعا آخر إلى جملة المشاريع العنصرية المطبقة بحق الشعب الكردي عبر تعاقب الأنظمة والحكومات السورية حتى الآن من إحصاء رجعي وحزام عربي سيئ الصيت وتعريب بغيض مثير للاشمئزاز والاستهجان ..
جاء المرسوم خلاف اتجاه التحديث والتغيير الذي يدعيه النظام، و عكس سياساته الخارجية وتعاطيه الجديد مع الوضعين الدولي والإقليمي ، وعلى خلاف متطلبات العصر والمرحلة التي تقتضي الحضارة والمدنية والامتثال لمبادئ العدل والمساواة تأسيسا لحياة سياسية جديدة أساسها الديمقراطية وسماتها دولة الحق والقانون ، وعلى نقيض مصالح الوطن والمواطن ، التي تتمثل في إرساء دعائم التنمية الاقتصادية وحل المشاكل والقضايا العالقة ، وتحقيق عوامل التفاهم والوئام وبناء مرتكزات الوحدة الوطنية عبر لغة الحوار باتجاه توفير الحريات الديمقراطية وإطلاق سراح سجناء الرأي والموقف السياسي وتقنين وتنظيم الحياة السياسية والنقابية والإعلامية وخلق فرص العمل وضمان العيش اللائق بحياة المواطن وعصره ، بل جاء المرسوم طعنة مؤلمة في خاصرة الوحدة الوطنية يثير النزعات العنصرية ، وينشر المزيد من عوامل الخلاف والاختلاف التي تثقل كاهل المواطن وتزيد من أعبائه ومعاناته ، جاء المرسوم ومعه حزمة من إجراءات القمع للمواطنين والاعتقال والاستجواب للسياسيين وأصحاب الرأي والموقف السياسي ، وتشديد القبضة الأمنية على الحياة السياسية ومقدرات البلاد ..
إن النظام الذي يخشى التعددية القومية والسياسية والدينية ولا يستطيع التوفيق والتجانس بين مكونات الوطن الواحد ويلجأ إلى إثارة أسباب الفرقة والتمييز واعتماد وسائل وسبل القهر والقمع ، فهو أعجز عن معالجة قضايا البلاد ومشاكلها ، وبالتالي أعجز عن أن يقود البلاد ويحقق مستلزمات تقدمها وتطورها ، وتبقى سياساته وإجراءاته وبالا عليه لا يستفيد منها سوى الخصوم والمتربصين بالوطن وبوحدة أبنائه الوطنية ..
إن النظام بإجراءاته وسياساته القمعية الشاملة لعموم مكونات الوطن القومية والسياسية عربا وكردا وسريانا..
إنما يعبر عن أزماته وضعفه وعجزه عن معالجة قضايا الوطن وهموم المواطن ومعاناته ، وتخلفه عن مواكبة المرحلة ومتطلباتها الملحة ، فهو بذلك يدفع الوضع باتجاه المزيد من التأزم والإرباك ، ويثير حفيظة الجماهير العريضة بكل انتماءاتها ومشاربها وقواها وطلائعها السياسية للنهوض الوطني العارم باتجاه الرفض الصارم لسياسات النظام وقوانينه وقراراته التي لا تخدم سوى عقلية الهيمنة والتسلط والاستئثار بالسلطة والثروة ..
من هنا فإن النظام مدعو إلى إلغاء مثل هذا المرسوم وهذه الإجراءات والعدول عن ممارساته القمعية وسياساته الجائرة ، وفتح صفحة جديدة مع الوطن والمواطن ومد جسور من الثقة عبر حوار وطني جاد ومتكافئ يؤسس لحياة سياسية جديدة ديمقراطية هادفة إلى بناء الإنسان والوطن دون تمييز بين أبنائه بسبب الجنس أو العرق أو الانتماء السياسي أو الديني أو المذهبي، وحل كافة قضاياه السياسية والاجتماعية والاقتصادية واعتبار القضية الكردية في البلاد قضية وطنية بامتياز ينبغي عدم التهرب من استحقاقاتها بل الإقدام بجرأة على معالجتها كإحدى أهم معضلات البلاد ، وذلك بإيجاد حل ديمقراطي عادل لها، وتوفير عوامل التلاحم والوئام بين الجميع بما يخدم وحدة البلاد وتقدمها ..
——
* افتتاحية آزادي العدد 402 تشرين الأول 2008
وتصدر التعليمات التنفيذية من وزارة الداخلية .
ويصدر الترخيص اللازم أيضا من وزير الداخلية أو من يفوضه بذلك ، وبناء على اقتراح وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وموافقة وزارة الدفاع ، وأن رفض وزير الداخلية للترخيص هو قطعي لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة..الخ ولا تسجل الدعاوى المتعلقة بطلب تثبيت أي حق من الحقوق المنصوص عليها ، ولا توضع إشارتها ما لم تكن مقترنة بالترخيص ..
هذا ملخص ما نص عليه المرسوم المذكور أعلاه ، ناهيك عن الغرامات المالية والعقوبات بالسجن لمدد مختلفة بحق كل من يخالف أحكام ومواد هذا القانون المعدل ..
ومن الوقوف على المرسوم والتأمل في مواده وتعقيداته يمكن استنتاج أن المرسوم يهدف إلى المزيد من إرباك المواطن بدل تقديم التسهيلات أو فك القيود والتعقيدات السابقة على المعاملات والإجراءات اللازمة في المناطق الحدودية المشار إليها في المرسوم وخصوصا محافظتي حلب والحسكة ولاسيما هذه الأخيرة حيث تعتبر في مجملها حدودية وقد امتازت بتعقيدات معاملاتها العقارية والزراعية والحد من التملك وخضوع قرارات الملكية أو نقلها إلى إنسان آخر لموافقة وزارة الدفاع التي نادرا ما تستجيب ، وبدلا من مواكبة العصر والمرحلة والحرص على راحة المواطن ، جاء المرسوم ليزيد من همومه وأعبائه إذ جعل من الصعوبة بل من المتعذر على الغالب حصول المواطن في المناطق المشار إليها على الرخص المقررة التي تقتضي موافقة وزارات ثلاث ودوائر وإدارات عديدة ليصار إلى امتلاك عقار أو منزل أو البيع أو التنازل أو الاستئجار أو الرهن، وكأن البلد قد حلت أزماته السكنية أو أنه في منأى عن التزايد السكاني و أن حركة تزاوج البشر وتأسيس أسر تقتضي سكن جديد قد توقفت..وأن وأن ..الخ
إن المرسوم الذي نحن بصدده تتعارض مواده كليا من حيث المبدأ مع بنود دستور النظام – بحسب رأي أصحاب الاختصاص – وتتعارض كذلك مع القوانين والمراسيم الأخرى التي تجيز امتلاك واستثمار الأجانب حتى الغير عرب للعقارات السورية ، ورغم النتائج الوخيمة التي يفرزها المرسوم كما ذكرنا من منغصات وتعقيدات للمواطن السوري أيٍ كان ومن مختلف انتماءاته القومية والدينية والسياسية ، إلا أن الجانب السياسي يبقى هو الأهم ، حيث يظهر أن للمرسوم أهداف أخرى هي سياسية تنتمي إلى مجموعة دراسات ومقترحات ذات العقليات والمشاريع العنصرية التي تمتد لعقود من الزمن ، فالمرسوم جاء من وحي العنصرية للحسابات المستقبلية وهو مثابة إكسير التفاعل من جديد لانتعاش السياسة الشوفينية ، وليضفي هماً جديدا ومشروعا آخر إلى جملة المشاريع العنصرية المطبقة بحق الشعب الكردي عبر تعاقب الأنظمة والحكومات السورية حتى الآن من إحصاء رجعي وحزام عربي سيئ الصيت وتعريب بغيض مثير للاشمئزاز والاستهجان ..
جاء المرسوم خلاف اتجاه التحديث والتغيير الذي يدعيه النظام، و عكس سياساته الخارجية وتعاطيه الجديد مع الوضعين الدولي والإقليمي ، وعلى خلاف متطلبات العصر والمرحلة التي تقتضي الحضارة والمدنية والامتثال لمبادئ العدل والمساواة تأسيسا لحياة سياسية جديدة أساسها الديمقراطية وسماتها دولة الحق والقانون ، وعلى نقيض مصالح الوطن والمواطن ، التي تتمثل في إرساء دعائم التنمية الاقتصادية وحل المشاكل والقضايا العالقة ، وتحقيق عوامل التفاهم والوئام وبناء مرتكزات الوحدة الوطنية عبر لغة الحوار باتجاه توفير الحريات الديمقراطية وإطلاق سراح سجناء الرأي والموقف السياسي وتقنين وتنظيم الحياة السياسية والنقابية والإعلامية وخلق فرص العمل وضمان العيش اللائق بحياة المواطن وعصره ، بل جاء المرسوم طعنة مؤلمة في خاصرة الوحدة الوطنية يثير النزعات العنصرية ، وينشر المزيد من عوامل الخلاف والاختلاف التي تثقل كاهل المواطن وتزيد من أعبائه ومعاناته ، جاء المرسوم ومعه حزمة من إجراءات القمع للمواطنين والاعتقال والاستجواب للسياسيين وأصحاب الرأي والموقف السياسي ، وتشديد القبضة الأمنية على الحياة السياسية ومقدرات البلاد ..
إن النظام الذي يخشى التعددية القومية والسياسية والدينية ولا يستطيع التوفيق والتجانس بين مكونات الوطن الواحد ويلجأ إلى إثارة أسباب الفرقة والتمييز واعتماد وسائل وسبل القهر والقمع ، فهو أعجز عن معالجة قضايا البلاد ومشاكلها ، وبالتالي أعجز عن أن يقود البلاد ويحقق مستلزمات تقدمها وتطورها ، وتبقى سياساته وإجراءاته وبالا عليه لا يستفيد منها سوى الخصوم والمتربصين بالوطن وبوحدة أبنائه الوطنية ..
إن النظام بإجراءاته وسياساته القمعية الشاملة لعموم مكونات الوطن القومية والسياسية عربا وكردا وسريانا..
إنما يعبر عن أزماته وضعفه وعجزه عن معالجة قضايا الوطن وهموم المواطن ومعاناته ، وتخلفه عن مواكبة المرحلة ومتطلباتها الملحة ، فهو بذلك يدفع الوضع باتجاه المزيد من التأزم والإرباك ، ويثير حفيظة الجماهير العريضة بكل انتماءاتها ومشاربها وقواها وطلائعها السياسية للنهوض الوطني العارم باتجاه الرفض الصارم لسياسات النظام وقوانينه وقراراته التي لا تخدم سوى عقلية الهيمنة والتسلط والاستئثار بالسلطة والثروة ..
من هنا فإن النظام مدعو إلى إلغاء مثل هذا المرسوم وهذه الإجراءات والعدول عن ممارساته القمعية وسياساته الجائرة ، وفتح صفحة جديدة مع الوطن والمواطن ومد جسور من الثقة عبر حوار وطني جاد ومتكافئ يؤسس لحياة سياسية جديدة ديمقراطية هادفة إلى بناء الإنسان والوطن دون تمييز بين أبنائه بسبب الجنس أو العرق أو الانتماء السياسي أو الديني أو المذهبي، وحل كافة قضاياه السياسية والاجتماعية والاقتصادية واعتبار القضية الكردية في البلاد قضية وطنية بامتياز ينبغي عدم التهرب من استحقاقاتها بل الإقدام بجرأة على معالجتها كإحدى أهم معضلات البلاد ، وذلك بإيجاد حل ديمقراطي عادل لها، وتوفير عوامل التلاحم والوئام بين الجميع بما يخدم وحدة البلاد وتقدمها ..
——
* افتتاحية آزادي العدد 402 تشرين الأول 2008