محمد قاسم
غدا العيد…
سيردد المسلمون في بلادي التكبير المعهود..
الله اكبر الله اكبر الله اكبر
لا اله إلا الله والله اكبر
الله اكبر ولله الحمد
وطبعا في بعض المناطق سيزيدون عبارات غيرها..
والجميع سيذهبون إلى الجوامع لصلاة العيد..
غدا العيد…
سيردد المسلمون في بلادي التكبير المعهود..
الله اكبر الله اكبر الله اكبر
لا اله إلا الله والله اكبر
الله اكبر ولله الحمد
وطبعا في بعض المناطق سيزيدون عبارات غيرها..
والجميع سيذهبون إلى الجوامع لصلاة العيد..
وسيخطب الخطباء متحدثين عن المحبة والسلام والحق والعدالة والإنصاف ..وكل القيم الإيجابية دينيا وأخلاقيا..كالعادة..!
وسيكون المسؤولون رؤساء وملوكا وأمراء..
ووزراء ..
و و محافظين..
و..و.الخ جالسين في الصفوف الأولى.
يستمعون بخشوع –طبعا أو تطبعا – إلى خطبة العيد..
والتي قد يستثمرها بعض الخطباء، فيتزلفون ويتملقون..أو على الأقل يحاولون ان ينأون بأنفسهم عما يظنونه لا يوافق الاتجاه العام للإدارة السياسية..!
ينسون او يتناسون قول الرسول صلى الله عليه وسلم:” أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر”.
فيفقدون الخطب مغزاها وغايتها التي وجدت من اجلها..!
وهكذا سينطبع المجتمع –في اغلبه- بمظاهر تبدو وكأنها تعبر عن عمق الفرح..
ولكنها–غالبا ما – تكون مظاهر تعبيرية اعتادها الناس، وأصبحت أشبه بتعبيرات آلية ظاهرية؛ لا تلامس الأعماق التي جفت من الفرح..وحمّلت أثقالا من الهموم المعيشية ..
وحيرة اختيار نموذج الحياة، بعد ان فقدت البوصلة الاجتماعية اتجاهها بتأثيرات من غياب قانون منظم للعلاقة بين السلطات والشعوب، وتدخلات بأساليب ذات سمات ذاتية-مزاجية- من السلطات في حياتهم..خاصة لدى النظم التي ارتضت الاستبداد وسيلة الحكم في أي صيغة كانت..!
هذه المظاهر شبه الآلية تتخذ تجليات مختلفة تشترك جميعا في أنها خالية من المعنى –على الأغلب- كرسم ابتسامة على الشفه تصنعا،وترديد عبارات فيها التودد مظهر، ولكن العمق قد يكون معاكسا -او على الأقل متخلفا- للمظهر في توجهه البادي..!
مع ذلك ستسير الحياة مع مجراها المعتاد وان كان الظاهر غالبا فيها..
ولكن…!
هناك قضايا منسية أبدا..
· في المشافي الكثير من الذين يحتاجون ملامسة قلوبهم بكلمة تسري عنهم..
تدخل الفرحة إلى قلوبهم..ترسم البسمة على شفاههم..وكما يقول المثل:ويا عالم هل يتمتعون بالخدمة المطلوبة في هذه المشافي من قبل كوادرها..بدءا من الطبيب ومرورا بالممرضات والإداريين وانتهاء بالأذان والخدمجية –كما يقال-..! ام….؟!
هل يستدر الحال الأليم الذي يعيشون فيها عاطفة هؤلاء المحتكين بهم..؟!
إنها مسألة قيم وتربية..!
في ظروف المجتمعات المعاصرة غلبت المظاهر، ولكن المضامين تتلاشى، مما يجعل المظاهر –مهما عظمت- قليل الفائدة..!
· في الحارات المنسية –الضواحي..الحارات الفقيرة عموما..الكثيرون الذين لا يجدون ما يقيم أودهم ..او يفرح نفوسهم من ثياب تناسب العيد، او..أو..الخ.
في حين تمتلئ موائد البعض –من حلال أو حرام،سرقة أو نتيجة جهد مشروع-
بأفخر الأطعمة..وأفخم مظاهر الأعياد..!!
· في السجون الكثير ممن لم يكونوا مستحقين السجن ..ولكنهم سجنوا..
لخطأ في الحكم..
أو فرضت الظروف عليهم مواقف زجت بهم في السجن..بدون إرادة منهم..
والأهم من ذلك أولئك الذين سجنوا بسب أفكارهم ومعتقدهم السياسي..-سجناء الرأي-وهؤلاء –غالبا-من المتميزين فكرا وجرأة وقيم إنسانية في تجل مفاهيم كالوطنية أو القومية أو التحرر أو مقارعة الظلم أو غيرذلك.
هذه المصيبة التي ابتليت بها شعوب الشرق في ذهنيتهم وسيكولوجيتهم..وعلى رأسها الطبقة السياسية العربية.
خاصة تلك التي تتسنم السلطة عبر وسائل غير مشروعة –لكنهم يضفون عليها فلسفة مصنعة لتبريرها-أيديولوجيا..!
ومن المؤسف ان هذه الذهنية بدلا من ان تثبت نفسها عبر الإجراءات الإيجابية في نظر الناس وقلوبهم..فإنها تمارس نوعا من السلوك الذي يزيد النفوس نفورا منها وبالتالي تكون مهيأة لأي تغيير يحصل –مهما كانت طبيعته- كما لاحظنا في العراق مثلا..!
من كان يتوقع ان يحصل ما حصل….؟!
وكالمثل الذي يقال -في الكردية- يرى بنفسه ما يجري واقعا ولكنه لا يتعظ..
والغريب ان المجتمعات الشرقية –والعربية منها – لا تتعظ بما يجري..!
في 12 آذار 2004 مثلا..حصل في سوريا ما سمي انتفاضة أو هبة الشعب الكردي..
فغطت مساحة سوريا بكاملها في منطقة العمق الكردي، ومناطق لا يوجد الكرد فيها إلا مهاجرون أو مهجّرون..تحت ضغوط مختلفة وخاصة التجويع الذي أصبح ظاهرة مستفحلة في الجزيرة السورية والتي أكدت دراسة من الأمم المتحدة في العقد السابع من القرن الماضي بأنها مؤهلة أن تطعم سكان العالم كله لفترة معينة..إذا استثمرت علميا..-ربما لمدة سنة كاملة..!
وزج الآلاف من الشباب في مطالع العمر والشيوخ والنساء أيضا..
في السجون وعذبوا..
وكان من الممكن ان يجري بحقهم فنون الإجراءات السلبية لولا ان تصرف الرئيس بحكمة فاصدر مرسوم العفو..ولكن..!
أين آثار ما حصل في النفوس..والقلوب..؟!
وما هي تداعياتها النفسية على المدى الطويل..؟!
سواء بالنسبة إلى المسؤولين..او الشعوب التي حكامها يضطهدون..!
والأيام دول، كما يقول أبو البقاء الرندي:
“هي الأيام كما شاهدتها دول=من سره زمن ساءته أزمان”
فهل تظل ثقافة زرع الكراهية تعتمد في حياة شعوبنا..؟
والى متى..؟!
وهل سيبقى السجن ثقافة النظم في بلادنا للمفكرين والسياسيين والمثقفين -وهم نخبة الشعب والقوة المبدعة فيه..-إلى ما لانهاية..؟!
……………………….
* كان المفروض ان ينشر هذا المقال في ليلة العيد.
ولكنه تأخر –للأسف-
ووزراء ..
و و محافظين..
و..و.الخ جالسين في الصفوف الأولى.
يستمعون بخشوع –طبعا أو تطبعا – إلى خطبة العيد..
والتي قد يستثمرها بعض الخطباء، فيتزلفون ويتملقون..أو على الأقل يحاولون ان ينأون بأنفسهم عما يظنونه لا يوافق الاتجاه العام للإدارة السياسية..!
ينسون او يتناسون قول الرسول صلى الله عليه وسلم:” أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر”.
فيفقدون الخطب مغزاها وغايتها التي وجدت من اجلها..!
وهكذا سينطبع المجتمع –في اغلبه- بمظاهر تبدو وكأنها تعبر عن عمق الفرح..
ولكنها–غالبا ما – تكون مظاهر تعبيرية اعتادها الناس، وأصبحت أشبه بتعبيرات آلية ظاهرية؛ لا تلامس الأعماق التي جفت من الفرح..وحمّلت أثقالا من الهموم المعيشية ..
وحيرة اختيار نموذج الحياة، بعد ان فقدت البوصلة الاجتماعية اتجاهها بتأثيرات من غياب قانون منظم للعلاقة بين السلطات والشعوب، وتدخلات بأساليب ذات سمات ذاتية-مزاجية- من السلطات في حياتهم..خاصة لدى النظم التي ارتضت الاستبداد وسيلة الحكم في أي صيغة كانت..!
هذه المظاهر شبه الآلية تتخذ تجليات مختلفة تشترك جميعا في أنها خالية من المعنى –على الأغلب- كرسم ابتسامة على الشفه تصنعا،وترديد عبارات فيها التودد مظهر، ولكن العمق قد يكون معاكسا -او على الأقل متخلفا- للمظهر في توجهه البادي..!
مع ذلك ستسير الحياة مع مجراها المعتاد وان كان الظاهر غالبا فيها..
ولكن…!
هناك قضايا منسية أبدا..
· في المشافي الكثير من الذين يحتاجون ملامسة قلوبهم بكلمة تسري عنهم..
تدخل الفرحة إلى قلوبهم..ترسم البسمة على شفاههم..وكما يقول المثل:ويا عالم هل يتمتعون بالخدمة المطلوبة في هذه المشافي من قبل كوادرها..بدءا من الطبيب ومرورا بالممرضات والإداريين وانتهاء بالأذان والخدمجية –كما يقال-..! ام….؟!
هل يستدر الحال الأليم الذي يعيشون فيها عاطفة هؤلاء المحتكين بهم..؟!
إنها مسألة قيم وتربية..!
في ظروف المجتمعات المعاصرة غلبت المظاهر، ولكن المضامين تتلاشى، مما يجعل المظاهر –مهما عظمت- قليل الفائدة..!
· في الحارات المنسية –الضواحي..الحارات الفقيرة عموما..الكثيرون الذين لا يجدون ما يقيم أودهم ..او يفرح نفوسهم من ثياب تناسب العيد، او..أو..الخ.
في حين تمتلئ موائد البعض –من حلال أو حرام،سرقة أو نتيجة جهد مشروع-
بأفخر الأطعمة..وأفخم مظاهر الأعياد..!!
· في السجون الكثير ممن لم يكونوا مستحقين السجن ..ولكنهم سجنوا..
لخطأ في الحكم..
أو فرضت الظروف عليهم مواقف زجت بهم في السجن..بدون إرادة منهم..
والأهم من ذلك أولئك الذين سجنوا بسب أفكارهم ومعتقدهم السياسي..-سجناء الرأي-وهؤلاء –غالبا-من المتميزين فكرا وجرأة وقيم إنسانية في تجل مفاهيم كالوطنية أو القومية أو التحرر أو مقارعة الظلم أو غيرذلك.
هذه المصيبة التي ابتليت بها شعوب الشرق في ذهنيتهم وسيكولوجيتهم..وعلى رأسها الطبقة السياسية العربية.
خاصة تلك التي تتسنم السلطة عبر وسائل غير مشروعة –لكنهم يضفون عليها فلسفة مصنعة لتبريرها-أيديولوجيا..!
ومن المؤسف ان هذه الذهنية بدلا من ان تثبت نفسها عبر الإجراءات الإيجابية في نظر الناس وقلوبهم..فإنها تمارس نوعا من السلوك الذي يزيد النفوس نفورا منها وبالتالي تكون مهيأة لأي تغيير يحصل –مهما كانت طبيعته- كما لاحظنا في العراق مثلا..!
من كان يتوقع ان يحصل ما حصل….؟!
وكالمثل الذي يقال -في الكردية- يرى بنفسه ما يجري واقعا ولكنه لا يتعظ..
والغريب ان المجتمعات الشرقية –والعربية منها – لا تتعظ بما يجري..!
في 12 آذار 2004 مثلا..حصل في سوريا ما سمي انتفاضة أو هبة الشعب الكردي..
فغطت مساحة سوريا بكاملها في منطقة العمق الكردي، ومناطق لا يوجد الكرد فيها إلا مهاجرون أو مهجّرون..تحت ضغوط مختلفة وخاصة التجويع الذي أصبح ظاهرة مستفحلة في الجزيرة السورية والتي أكدت دراسة من الأمم المتحدة في العقد السابع من القرن الماضي بأنها مؤهلة أن تطعم سكان العالم كله لفترة معينة..إذا استثمرت علميا..-ربما لمدة سنة كاملة..!
وزج الآلاف من الشباب في مطالع العمر والشيوخ والنساء أيضا..
في السجون وعذبوا..
وكان من الممكن ان يجري بحقهم فنون الإجراءات السلبية لولا ان تصرف الرئيس بحكمة فاصدر مرسوم العفو..ولكن..!
أين آثار ما حصل في النفوس..والقلوب..؟!
وما هي تداعياتها النفسية على المدى الطويل..؟!
سواء بالنسبة إلى المسؤولين..او الشعوب التي حكامها يضطهدون..!
والأيام دول، كما يقول أبو البقاء الرندي:
“هي الأيام كما شاهدتها دول=من سره زمن ساءته أزمان”
فهل تظل ثقافة زرع الكراهية تعتمد في حياة شعوبنا..؟
والى متى..؟!
وهل سيبقى السجن ثقافة النظم في بلادنا للمفكرين والسياسيين والمثقفين -وهم نخبة الشعب والقوة المبدعة فيه..-إلى ما لانهاية..؟!
……………………….
* كان المفروض ان ينشر هذا المقال في ليلة العيد.
ولكنه تأخر –للأسف-
ولا أظن ان التأخير افقده قيمة المضمون فيه.