يستعد العالم لاستقبال مرحلة جديدة، بعد أن اقتربت سياسة القطب الأمريكي من نهاياتها دون بديل واضح المعالم، وهذا يعني أن الوضع الدولي يعيش حالة ترقب انتقالية، من أبرز عناوينها اقتراب موعد الإنتخابات الرئاسية الأمريكية في الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة أزمة إقتصادية حادة مع انهيار أسواق البورصة وانعكاساتها الخطيرة على المستوى العالمي اقتصادياً وسياسياً، وبروز بوادر جديدة لنزاعات إقليمية ودولية تمهّد لخارطة سياسية جديدة، خاصة على ضوء التحرك الروسي المعترض على سياسة التفرد الأمريكي بالسياسة الدولية
وعلى اقتراب حلف الاطلسي من حدود الأمن القومي لروسيا الاتحادية، التي رغم تأكيد المسؤولين فيها على رفض العودة إلى الحرب الباردة، فإن الكريملن بدأ ينسج علاقات جديدة تدخل بعضها ضمن إطار الإقتراب من المجال الحيوي الأمريكي..
ففي موضوع الملف النووي الإيراني، فإن الرفض الروسي لعقوبات جديدة في مجلس الأمن على طهران يضعف التنسيق بين الستة الكبار، ويخفف الضغط عن النظام الأيراني، ويهدّد بنتائج سلبية بالنسبة لملفات أخرى، مثل الملف النووي الكوري، حيث قرّرت (بيونغ يانغ) رفع الأختام الخاصة بوكالة الطاقة الذرية، وطرد مفتشيها، في إشارة للتمرد على القرارة الدولية..
ومما يؤكّد عودة الصراع الدولي، ولو بأشكال جديدة، الإعلان عن المناورات الروسية الفنزويلية المقرّرة في تشرين الثاني المقبل، وترحيب (شافيز) بإقامة قواعد عسكرية روسية في البلاد، وارتفاع حدة الخلاف بين واشنطن والعديد من دول أمريكا الجنوبية، مثل بوليفيا وهندوراس والإرجنتين وغيرها.
وتشير التطورات بأن الشرق الأوسط كذلك قد يعود ليكون من جديد ساحة للصراع بين الروس والغرب، خاصة بعد أن تعزّزت العلاقات بين روسيا وسوريا إثر زيارة الرئيس الأسد لموسكو في آب الماضي واتفاق البلدين على ترميم ميناء طرطوس من أجل استقبال الأسطول البحري الروسي.
ويلقى هذا التحرك الروسي تأييداً واضحاً من بعض الجهات، ففي حين دعا فيه (ساركوزي)، باعتباره الرئيس الحالي للإتحاد الأوروبي، إلى ضرورة التهدئة مع روسيا، فإن منظمة (شانغهاي) للتعاون، التي تضم الصين ودول آسيا الوسطى، أعلنت دعمها لروسيا ولسياستها الرامية لإعادة رسم خارطة المصالح الاستراتيجية في العالم إنطلاقاً من القفقاس.
وفي منطقة الشرق الأوسط، فإن حالة الترقّب والحذر تجد صداها في مختلف نواحيه، ففي لبنان تنعطف الأوضاع من حالة التوتّر والاقتتال إلى أجواء المصالحات والحوار، التي جاءت إثر تفهّم الأطراف المعنية لطبيعة الظروف الإقليمية الخطيرة التي تحيط بلبنان، والتي تتطلّب، حسب رأي المعنيين فيها، حداً أدنى من التفاهم في مواجهة التقلّبات الدولية المعقّدة، والمناورات الخارجية ، سواءاً ما تتعلق منها بالمواجهات المحتملة، أو بالمفاوضات الجارية على أكثر من مسار، وما يعنيها، هذا وذاك، من إستحقاقات وضغوط قد تنعكس على الساحة اللبنانية، ومن ضمن التقلبات الدولية والاقليمية التي دفعت اللبنانين للتجاوب مع دعوة رئيس الجمهورية للحوار، الذي لن يكتب له النجاح دون رعاية عربية أو خارجية، هو التحوّل في الموقف الفرنسي، باعتبار أن لبنان يدخل في إطار نفوذه التقليدي..
وفي هذا الموضوع، فإن الصفحة الجديدة التي فتحها الرئيس الفرنسي في علاقات بلاده مع دمشق، لم تكن بعيدة عن الضوء الأخضر لإدارة بوش التي اعتمدت منطق التهديد والعزلة في تعاملها مع النظام السوري، الذي تمكّن من قطف ثمار تعاونه مع ساركوزي من خلال تشكيل حكومة لبنانية حصل فيها حلفاء سوريا على الثلث المعطل، ورعاية دمشق للقمة الرباعية التي ترجمت وجمعت التوازنات الإقليمية والدولية، لأن مشاركة قطر كرئيسة لمجلس التعاون الخليجي، وحليفة لأمريكة وصديقة لإيران، وكذلك مشاركة تركية بثقلها الإقليمي، إضافة لفرنسا، الرئيسة الحالية للإتحاد الأوروبي، أعطت لسوريا دوراً مهماً من خلال اعتبارها جزءاً من حالتي التصعيد والتهدئة الإقليمية في آن واحد، مستفيدة في ذلك من أوراقها الإقليمية التي تمنح النظام السوري دوراً واضحاًً في أكثر من ملف، فهو مثلاً حليف لإيران وشريكها في النفوذ على الساحة العراقية، وهو بنفس الوقت، يقوم بتنظيم وربط هذا النفوذ مع مثيله في كل من لبنان والأراضي الفلسطينية، ورغم هذا التحالف فقد استطاعت السلطة السورية بناء علاقات جيدة مع تركيا، وعن طريقها كوسيط، تقوم بإجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، لتكون بذلك نقطة توازن بين ثلاثة أنظمة غير عربية في المنطقة، وتفتح ثغرة في جدار الحصار الأوربي بعلاقتها الجديدة مع فرنسا التي جمعتهما مصالح إقتصادية مشتركة، تتمثل في إبرام الكثير من العقود، ومنها عقد التنقيب عن البترول مع شركة (توتال) النفطية التي تحتل موقعاً متقدماً في الإقتصاد الفرنسي.
وفيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي وما ترتبط به من قضايا إقليمية، فإن الآمال تتضاءل في التوصل إلى نتائج ملموسة بالنسبة للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية فيما تبقى من عهد إدارة بوش التي تستعد للرحيل، خاصة وأن إسرائيل تعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي التي قد تنتهي بانتخابات برلمانية مبكرة..
ومن جهة أخرى يشير المراقبون أن إسرائيل لم تستطع إقناع الإدارة الأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية لإيران بسبب تقدم خيار الحل السلمي مع طهران التي ترغب بدورها في مواصلة التفاوض، ولو ضمن قنوات سرية مع الأمريكان، لأنها، رغم المكابرة، تتخوف من العقوبات المفروضة والمتصاعدة ومن نتائجها الخطيرة على إقتصادها المهدّد بالانهيار، وهي مستعدة لدفع الثمن من أوراقها الاقليمية، إذا اقتضت المصلحة، ومنها إنهاء الدور الإقليمي لذراعها اللبناني – سلاح حزب الله- والفلسطيني – حركة حماس – .
وفي ظل تراجع احتمالات توجيه هذه الضربة العسكرية لإيران، نظراً لتداعياتها على المنطقة عموماً، وعلى الاستقرار في العراق بشكل خاص، فإن استبدالها بعمل عسكري آخر، خاصة ضد حركة حماس في غزة، أمر وارد، وذلك بهدف إضعاف أحد الأوراق الإقليمية لإيران، خاصة وأن إشعال حرب جديدة ضد حزب الله في هذه المرحلة، قد يصطدم بعراقيل من شأنها تعطيل المفاوضات السورية الإسرائيلية، وكذلك التشويش على مشروع الحوار اللبناني الداخلي المدعوم فرنسياً، والذي يناقش موضوع نزع سلاح حزب الله.
أما في الداخل السوري فإن حملات القمع تزداد حدة، وتركّزت في الفترة الأخيرة على كوادر إعلان دمشق وقيادات ومنتسبي الحركة الكردية، وتتواصل الإعتقالات لتشمل مختلف أصحاب الرأي، بما فيهم مستخدمي الانترنيت..
ويتبيّن من سير المحاكمات، ومن طبيعة الإتهامات الموجّهة لمعتقلي إعلان دمشق وغيرهم، أن السلطة تخطّط لأحكام جائرة بحقهم في إطار محاولاتها الرامية لإنهاء الإعلان خوفاً من تحوّله إلى قوة هامة في المشهد السياسي ورافعة نضالية للتغيير المنشود.
وتستغل في هذا المجال ما تسميه بإخفاق سياسة العزل والحصار الخارجي بعد إعادة التواصل مع الإتحاد الأوروبي عبر البوابة الفرنسية، مثلما تراهن على بوادر عودة أجواء الحرب الباردة والإنخراط في سياسة المحاور الدولية، خاصة بعد التهيؤ الروسي لاستعادة نفوذه والبحث عن نقاط ارتكاز ومنها النظام السوري الذي يستعد بدوره للإنجرار خلف أي تكتل جديد لاستخدامه كورقة للضغط، مع مثيلتها ورقة العلاقة مع إيران، من أجل تحسين شروطه مع الغرب، والتفاوض مع إسرائيل من موقع أقوى، وإقناع الإدارة الأمريكية بالتحاور، واستعادة العلاقات مع دول الاعتدال العربي، وتمييع المحكمة الخاصة باغتيال الحريري.
واستغلال ما تقدم من أجواء في التغطية على عمليات التنكيل بكل القوى الداعية للتغيير في الداخل، وإقحام المحاكم المدنية وتوريطها في استخدام القانون السوري من أجل قمع أي نشاط أو حراك معارض، والاعتداء على استقلالية القضاء عن طريق إلحاقه بالتبعية الأمنية، والتعتيم على كل ما يجري في البلاد، بما في ذلك ما يتعلق بأرواح الناس ومصالحهم، وتهديد الاستقرار الداخلي، مثلما حصل مع التفجير الإجرامي المدان في منطقة السيدة زينب بدمشق.
أما في المناطق الكردية، فإن الإعتقالات طالت مؤخراً العديد من القيادات الكردية والمواطنين الكرد، في إطار السياسة الإستثنائية التي تمارس فيها بهدف تحطيم إرادة النضال، وعرقلة التطور العام للمجتمع الكردي..
وجاء المرسوم التشريعي رقم 49 مؤخراً لينضم عملياً إلى مجموعة التدابير العنصرية التي تستهدف تلك المناطق، لأن هذا المرسوم، رغم كونه يتخذ طابعاً عاماً، من الناحية النظرية، إلا أن المناطق المعنية به بالدرجة الأولى هي محافظة الحسكة والمناطق الكردية على الشريط الحدودي من محافظتي الرقة وحلب..
ويضيف هذا المرسوم تعقيدات جديدة لما قبله من قوانين إستثنائية تشترط الموافقات الأمنية في مختلف المعاملات العقارية، وما يعنيه ذلك من تعقيد مسألة التملك بالنسبة للمواطنين الكرد، مثل المرسوم التشريعي 193 لعام 1952 الذي يشترط التصديق من وزارتي الدفاع والداخلية بالنسبة لملكية الأراضي الزراعية..
وسوف يكون من شأن تطبيق المرسوم الحالي عدم تمكّن المواطن من وضع إشارة الدعوى أو الحجز والرهن وغيره على أي عقار بهدف حماية حقوق أصحابه.
وبذلك يعتبر المرسوم منافياً لحقوق الإنسان الأساسية في التملّك، وسوف يكون من شأنه أيضاً تعطيل العديد من المعاملات العقارية وإشغال المواطنين بهمومهم بدلاً من العمل على تغيير أوضاعهم نحو الأفضل، وإثارة الخلافات بين الناس، شأنه في ذلك شأن القانون الخاص بفلاحي وضع اليد الذي يثير القلق والمخــاوف من إثارة الفتن، خاصة بين الفلاحـين والملاكين الكــرد نتيجة التطــبيقات الشوفينية لقانـون الإصلاح الزراعي في منطقة الحـزام العربي التي حـرم فيها الفلاحـون الكرد من اللإنتفاع بأراضيها التي منحت لفلاحي الغمـر.
في 30/9/2008
اللجنة السياسية
ففي موضوع الملف النووي الإيراني، فإن الرفض الروسي لعقوبات جديدة في مجلس الأمن على طهران يضعف التنسيق بين الستة الكبار، ويخفف الضغط عن النظام الأيراني، ويهدّد بنتائج سلبية بالنسبة لملفات أخرى، مثل الملف النووي الكوري، حيث قرّرت (بيونغ يانغ) رفع الأختام الخاصة بوكالة الطاقة الذرية، وطرد مفتشيها، في إشارة للتمرد على القرارة الدولية..
ومما يؤكّد عودة الصراع الدولي، ولو بأشكال جديدة، الإعلان عن المناورات الروسية الفنزويلية المقرّرة في تشرين الثاني المقبل، وترحيب (شافيز) بإقامة قواعد عسكرية روسية في البلاد، وارتفاع حدة الخلاف بين واشنطن والعديد من دول أمريكا الجنوبية، مثل بوليفيا وهندوراس والإرجنتين وغيرها.
وتشير التطورات بأن الشرق الأوسط كذلك قد يعود ليكون من جديد ساحة للصراع بين الروس والغرب، خاصة بعد أن تعزّزت العلاقات بين روسيا وسوريا إثر زيارة الرئيس الأسد لموسكو في آب الماضي واتفاق البلدين على ترميم ميناء طرطوس من أجل استقبال الأسطول البحري الروسي.
ويلقى هذا التحرك الروسي تأييداً واضحاً من بعض الجهات، ففي حين دعا فيه (ساركوزي)، باعتباره الرئيس الحالي للإتحاد الأوروبي، إلى ضرورة التهدئة مع روسيا، فإن منظمة (شانغهاي) للتعاون، التي تضم الصين ودول آسيا الوسطى، أعلنت دعمها لروسيا ولسياستها الرامية لإعادة رسم خارطة المصالح الاستراتيجية في العالم إنطلاقاً من القفقاس.
وفي منطقة الشرق الأوسط، فإن حالة الترقّب والحذر تجد صداها في مختلف نواحيه، ففي لبنان تنعطف الأوضاع من حالة التوتّر والاقتتال إلى أجواء المصالحات والحوار، التي جاءت إثر تفهّم الأطراف المعنية لطبيعة الظروف الإقليمية الخطيرة التي تحيط بلبنان، والتي تتطلّب، حسب رأي المعنيين فيها، حداً أدنى من التفاهم في مواجهة التقلّبات الدولية المعقّدة، والمناورات الخارجية ، سواءاً ما تتعلق منها بالمواجهات المحتملة، أو بالمفاوضات الجارية على أكثر من مسار، وما يعنيها، هذا وذاك، من إستحقاقات وضغوط قد تنعكس على الساحة اللبنانية، ومن ضمن التقلبات الدولية والاقليمية التي دفعت اللبنانين للتجاوب مع دعوة رئيس الجمهورية للحوار، الذي لن يكتب له النجاح دون رعاية عربية أو خارجية، هو التحوّل في الموقف الفرنسي، باعتبار أن لبنان يدخل في إطار نفوذه التقليدي..
وفي هذا الموضوع، فإن الصفحة الجديدة التي فتحها الرئيس الفرنسي في علاقات بلاده مع دمشق، لم تكن بعيدة عن الضوء الأخضر لإدارة بوش التي اعتمدت منطق التهديد والعزلة في تعاملها مع النظام السوري، الذي تمكّن من قطف ثمار تعاونه مع ساركوزي من خلال تشكيل حكومة لبنانية حصل فيها حلفاء سوريا على الثلث المعطل، ورعاية دمشق للقمة الرباعية التي ترجمت وجمعت التوازنات الإقليمية والدولية، لأن مشاركة قطر كرئيسة لمجلس التعاون الخليجي، وحليفة لأمريكة وصديقة لإيران، وكذلك مشاركة تركية بثقلها الإقليمي، إضافة لفرنسا، الرئيسة الحالية للإتحاد الأوروبي، أعطت لسوريا دوراً مهماً من خلال اعتبارها جزءاً من حالتي التصعيد والتهدئة الإقليمية في آن واحد، مستفيدة في ذلك من أوراقها الإقليمية التي تمنح النظام السوري دوراً واضحاًً في أكثر من ملف، فهو مثلاً حليف لإيران وشريكها في النفوذ على الساحة العراقية، وهو بنفس الوقت، يقوم بتنظيم وربط هذا النفوذ مع مثيله في كل من لبنان والأراضي الفلسطينية، ورغم هذا التحالف فقد استطاعت السلطة السورية بناء علاقات جيدة مع تركيا، وعن طريقها كوسيط، تقوم بإجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، لتكون بذلك نقطة توازن بين ثلاثة أنظمة غير عربية في المنطقة، وتفتح ثغرة في جدار الحصار الأوربي بعلاقتها الجديدة مع فرنسا التي جمعتهما مصالح إقتصادية مشتركة، تتمثل في إبرام الكثير من العقود، ومنها عقد التنقيب عن البترول مع شركة (توتال) النفطية التي تحتل موقعاً متقدماً في الإقتصاد الفرنسي.
وفيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي وما ترتبط به من قضايا إقليمية، فإن الآمال تتضاءل في التوصل إلى نتائج ملموسة بالنسبة للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية فيما تبقى من عهد إدارة بوش التي تستعد للرحيل، خاصة وأن إسرائيل تعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي التي قد تنتهي بانتخابات برلمانية مبكرة..
ومن جهة أخرى يشير المراقبون أن إسرائيل لم تستطع إقناع الإدارة الأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية لإيران بسبب تقدم خيار الحل السلمي مع طهران التي ترغب بدورها في مواصلة التفاوض، ولو ضمن قنوات سرية مع الأمريكان، لأنها، رغم المكابرة، تتخوف من العقوبات المفروضة والمتصاعدة ومن نتائجها الخطيرة على إقتصادها المهدّد بالانهيار، وهي مستعدة لدفع الثمن من أوراقها الاقليمية، إذا اقتضت المصلحة، ومنها إنهاء الدور الإقليمي لذراعها اللبناني – سلاح حزب الله- والفلسطيني – حركة حماس – .
وفي ظل تراجع احتمالات توجيه هذه الضربة العسكرية لإيران، نظراً لتداعياتها على المنطقة عموماً، وعلى الاستقرار في العراق بشكل خاص، فإن استبدالها بعمل عسكري آخر، خاصة ضد حركة حماس في غزة، أمر وارد، وذلك بهدف إضعاف أحد الأوراق الإقليمية لإيران، خاصة وأن إشعال حرب جديدة ضد حزب الله في هذه المرحلة، قد يصطدم بعراقيل من شأنها تعطيل المفاوضات السورية الإسرائيلية، وكذلك التشويش على مشروع الحوار اللبناني الداخلي المدعوم فرنسياً، والذي يناقش موضوع نزع سلاح حزب الله.
أما في الداخل السوري فإن حملات القمع تزداد حدة، وتركّزت في الفترة الأخيرة على كوادر إعلان دمشق وقيادات ومنتسبي الحركة الكردية، وتتواصل الإعتقالات لتشمل مختلف أصحاب الرأي، بما فيهم مستخدمي الانترنيت..
ويتبيّن من سير المحاكمات، ومن طبيعة الإتهامات الموجّهة لمعتقلي إعلان دمشق وغيرهم، أن السلطة تخطّط لأحكام جائرة بحقهم في إطار محاولاتها الرامية لإنهاء الإعلان خوفاً من تحوّله إلى قوة هامة في المشهد السياسي ورافعة نضالية للتغيير المنشود.
وتستغل في هذا المجال ما تسميه بإخفاق سياسة العزل والحصار الخارجي بعد إعادة التواصل مع الإتحاد الأوروبي عبر البوابة الفرنسية، مثلما تراهن على بوادر عودة أجواء الحرب الباردة والإنخراط في سياسة المحاور الدولية، خاصة بعد التهيؤ الروسي لاستعادة نفوذه والبحث عن نقاط ارتكاز ومنها النظام السوري الذي يستعد بدوره للإنجرار خلف أي تكتل جديد لاستخدامه كورقة للضغط، مع مثيلتها ورقة العلاقة مع إيران، من أجل تحسين شروطه مع الغرب، والتفاوض مع إسرائيل من موقع أقوى، وإقناع الإدارة الأمريكية بالتحاور، واستعادة العلاقات مع دول الاعتدال العربي، وتمييع المحكمة الخاصة باغتيال الحريري.
واستغلال ما تقدم من أجواء في التغطية على عمليات التنكيل بكل القوى الداعية للتغيير في الداخل، وإقحام المحاكم المدنية وتوريطها في استخدام القانون السوري من أجل قمع أي نشاط أو حراك معارض، والاعتداء على استقلالية القضاء عن طريق إلحاقه بالتبعية الأمنية، والتعتيم على كل ما يجري في البلاد، بما في ذلك ما يتعلق بأرواح الناس ومصالحهم، وتهديد الاستقرار الداخلي، مثلما حصل مع التفجير الإجرامي المدان في منطقة السيدة زينب بدمشق.
أما في المناطق الكردية، فإن الإعتقالات طالت مؤخراً العديد من القيادات الكردية والمواطنين الكرد، في إطار السياسة الإستثنائية التي تمارس فيها بهدف تحطيم إرادة النضال، وعرقلة التطور العام للمجتمع الكردي..
وجاء المرسوم التشريعي رقم 49 مؤخراً لينضم عملياً إلى مجموعة التدابير العنصرية التي تستهدف تلك المناطق، لأن هذا المرسوم، رغم كونه يتخذ طابعاً عاماً، من الناحية النظرية، إلا أن المناطق المعنية به بالدرجة الأولى هي محافظة الحسكة والمناطق الكردية على الشريط الحدودي من محافظتي الرقة وحلب..
ويضيف هذا المرسوم تعقيدات جديدة لما قبله من قوانين إستثنائية تشترط الموافقات الأمنية في مختلف المعاملات العقارية، وما يعنيه ذلك من تعقيد مسألة التملك بالنسبة للمواطنين الكرد، مثل المرسوم التشريعي 193 لعام 1952 الذي يشترط التصديق من وزارتي الدفاع والداخلية بالنسبة لملكية الأراضي الزراعية..
وسوف يكون من شأن تطبيق المرسوم الحالي عدم تمكّن المواطن من وضع إشارة الدعوى أو الحجز والرهن وغيره على أي عقار بهدف حماية حقوق أصحابه.
وبذلك يعتبر المرسوم منافياً لحقوق الإنسان الأساسية في التملّك، وسوف يكون من شأنه أيضاً تعطيل العديد من المعاملات العقارية وإشغال المواطنين بهمومهم بدلاً من العمل على تغيير أوضاعهم نحو الأفضل، وإثارة الخلافات بين الناس، شأنه في ذلك شأن القانون الخاص بفلاحي وضع اليد الذي يثير القلق والمخــاوف من إثارة الفتن، خاصة بين الفلاحـين والملاكين الكــرد نتيجة التطــبيقات الشوفينية لقانـون الإصلاح الزراعي في منطقة الحـزام العربي التي حـرم فيها الفلاحـون الكرد من اللإنتفاع بأراضيها التي منحت لفلاحي الغمـر.
في 30/9/2008
اللجنة السياسية
لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا(يكيتي)