واقع الحركة السياسية الكردية في سوريا ومتطلبات المرحلة

  طريق الشعب *

    كثيراً ما أكد حزبنا بأن الحركة الوطنية الكردية في سوريا تعيش أزمة عامة وشاملة وأوضح أسبابها وكيفية مواجهتها، وأوضحنا حينها أننا لا نقصد حزباً معيناً أو مجموعة معينة، وإنما نتكلم عن الجسم العام للحركة، وما نريد الوقوف عنده الآن أنه لم يعد بخاف على أحد تعمق الأزمة التي تعصف بجميع مفاصل حياة الحركة الوطنية الكردية في سوريا.
    لن نعود فنكرر أسباب الأزمة وكيفية الخروج منها، فعلى الأقل كان لمؤتمر حزبنا الثاني عشر وقفة مناسبة أمام ذلك، وسبق أن أوضحنا رؤيتنا إزاءها بكل جلاء
ونرى الآن أن الأهم أن نذكر أنه بالترافق مع هذه الأزمة وفي خضمها يتم رفع وتيرة الموقف الشوفيني من الشعب الكردي واضطهاده، فتتزايد الاعتقالات في صفوف حركته الوطنية وتصدر العديد من القرارات والمواقف الضاغطة على الحركة ومنعها من التعبير عن مواقفها وتشتد القبضة الأمنية وأخيراً صدر المرسوم التشريعي رقم /49/ تاريخ 10/9/2008، الذي يحمل نتائج كارثية على حياة الشعب الكردي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، يضاف إلى ذلك تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد بنتيجة سياسات السلطة إضافة لعامل الجفاف مما أدى إلى ظهور شبح الجوع واضطرار آلاف الأسر إلى الهجرة إلى مدن الداخل بحثاً عن لقمة العيش، وتعرضه إلى حياة اقتصادية واجتماعية مزرية، وكذلك غياب الحريات الديمقراطية ولجوء السلطة إلى سياسات القمع لكل صوت وطني معارض.
إن أزمة الحركة الكردية في هذه الظروف الدقيقة بالذات تنعكس سلباً على نضال الشعب الكردي خاصة ونضال الشعب السوري عامة، إنها ستؤدي إلى التخلف عن تأمين ضرورات مواجهة الوقائع السياسية وابتعاد حركته السياسية عن جماهيرها الشعبية وقاعدتها الأساسية، وإضعاف الحركة السياسية الكردية ومنعها من التصدي لمهامها الأساسية.
    بدل أن تتوجه فصائل الحركة الوطنية الكردية إلى مواجهة مهامها الأساسية، فإنها تتوجه إلى الخلافات والصراعات الداخلية التي هي ثانوية بكل المقاييس، ويغلب التناقض الثانوي على التناقض الرئيسي، وبدل أن تتوجه لوضع الحلول المناسبة للأزمة، فإنها تتوجه إلى الكواليس ليحسن كل حزب وضعه الخاص أمام الأحزاب المنافسة، وغالباً ما يتم ذلك بأساليب هي أقرب إلى التآمر الحزبي الضيق والضار بمستقبل الحركة الوطنية الكردية وبالتالي بنضال الشعب الكردي.
    إن الوضع الحالي الذي تمر به الحركة الوطنية الكردية في سوريا مرفوض تماماً من جماهير الشعب الكردي في سوريا عامة ومن الأغلبية الساحقة من مناضلي حركته الوطنية، وبرأينا فإن هذا هو الشيء الأهم والأكثر ضرورة لمواجهة الأزمة العامة والشاملة التي نحن بصددها، فعندما يصبح الوضع مرفوضاً بهذا الشكل فإن ذلك يعني ضرورة العمل من أجل الانتقال إلى وضع أفضل، وهذا ما يمنح كل المناضلين على اختلاف مواقعهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية العزيمة والإصرار على العمل الجدي من أجل الخروج من المأزق الحالي وتحمل مسؤولياتهم من أجل التغلب على الأزمة الحالية وبالتالي تعزيز نضال الشعب الكردي وحركته الوطنية.
    إننا نتعقد أنه في مثل هذا الظرف الخاص، ظرف اشتداد وتيرة اضطهاد شعبنا الكردي من جهة وتعمق أزمة حركته الوطنية، لن يقف المناضلون مكتوفي الأيدي، ونعتقد أن وعي جماهير الشعب الكردي عامة ووعي مناضليه خاصة سيدفعان الأمور في الاتجاه الصحيح، اتجاه تعزيز نضال شعبنا الكردي، ونعتقد أيضاً أنه من الظلمة يخرج النور، ومن المحنة يخرج الانتصار، وإن عزيمة المناضلين ونضالهم الدؤوب سيؤدي إلى تجاوز الوضع الحالي.
إننا في الحزب اليساري الكردي في سوريا، إذ نرفع صوتنا عالياً للعمل على تجاوز هذه الأزمة نعلن ضرورة :
1-  إقامة اتحاد سياسي بين القوى المتقاربة سياسياً، وفي المقدمة منها قوى الخامس من آب، ونعتقد بأن هذا سيشكل بداية الصعود ودفن الأزمة.


2-  السير باتجاه تأطير الحركة الوطنية الكردية في سوريا في ظل مجلس وطني ونقدم بهذه المناسبة برنامجنا (الهيئة التمثيلية للشعب الكردي في سوريا) .
3-  تعزيز دور الحركة الوطنية والتقدمية والديمقراطية في سوريا، وإقامة أفضل العلاقات النضالية معها من أجل التغيير السلمي الديمقراطي.
4-  النضال من أجل تحسين المستوى المعيشي للجماهير الشعبية، وإطلاق الحريات الديمقراطية وإطلاق سراح كافة السجناء السياسيين وإلغاء احتكار السلطة.
———–
* الجريدة المركزية للحزب اليساري الكردي في سوريا – العدد (325) ايلول 2008

لقراءة مواد العدد انقر هنا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…