قبول الاختلاف

هيبت معمو


رحمة الله على زيلو كونفوشيوس حين قال : كيف نخدم أمياً , أجاب : قل له الحقيقة حتى ولو أغضبته غير أنه يمتنع عن معارضة الحكم السيء .

فمنذ انقلاب 1963 والنظام السوري ينتهج شعارات وطنية مترافقة مع الاستبداد وزرع ثقافة الخوف , والعمل على تكريسها … على أوسع نطاق .
لا شك إن سمة التغيير خارج مفهوم السلطة والمعارضة في آن واحد فرضت نفسها بقوة على الراهن السوري , لأننا تراجعنا على صعيد وجودنا الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي والثقافي عندما شاركت مجموعة أحزاب كوردية في إعلان دمشق, أجري التفاف حول مطالب الكورد مما أدى إلى تنكر في دورهم وعدم إفساح المجال لإعطاء أية صفة شرعية لهم .

والحركة الكوردية بدورها لم تجرأ على إعادة النظر في مناهجها السياسية بالمستوى المطلوب , وإعادة صياغة جديدة في رؤيتها , ولم تعمل على إيجاد مظلة كوردية قادرة على الخروج من المفهوم الحزبي الضيق إلى فضاء الوطن .والاعتراف الدستوري بالوجود القومي الكوردي كثاني قومية في البلاد ( أرض وشعب ) وإيجاد مرجعية وطنية كوردية متمازجة ومتفاعلة تمتلك رؤية سياسية واضحة وقادرة على الاستمرارية وامتلاك القرار السياسي , وضرورة العمل على أن نكون شركاء فاعلين في المتغيرات الراهنة والمستقبلية .

ولكن ما تقوم به السلطة من قمع سياسي وثقافي عجزت الحركة الكوردية الخروج من أزمتها الداخلية المتفاقمة والانعزالية وغير قادرة على توحيد الخطاب السياسي والخروج بمطلب موحد ,أي إيجاد توافقات وطنية والنهوض بالوعي الثقافي لشعبنا الكوردي …لا السلطة و لا المعارضة تقبل المختلف قومياً , إن الأجهزة الأمنية في ممارساتها اليومية ومحاولاتها تهميش المواطن وتفكيك المجتمع السوري من خلال زرع الفتن وإثارة النعرات الطائفية بين مختلف مكونات المجتمع السوري وبكافة فصائله المغيبة عن المشاركة في القرار وفي ما يعنيه من فقر واستبداد متسلط ..

هذا ما يدفع الشعب للبحث عن إيجاد حلول تضمن له حريته وكرامته وتحقيق طموحاته في نيل الحرية والديمقراطية وإن هذا لن يتحقق في ظل هيمنة أدوات القمع المتجسدة في الأجهزة الأمنية , فالتاريخ يؤكد بأن التحولات والتبدلات تولد الحقائق خاصة في ظل العولمة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…

د. محمود عباس صرخة في وجه التكفير والخراب والإرهاب. من يهاجم المكون الدرزي في السويداء؟ من يحاصر مدنها، ويهدد شيوخها، ويحرّض على أبنائها بذريعة كلمة قيلت أو لم تُقَل؟ من نصب نفسه حاميًا للرسول الكريم وكأن الإسلام ملكيته الخاصة، وكأن نبي الرحمة جاء لقوم دون قوم، ولدين دون آخر، متناسين أن محمدًا عليه السلام نبي الإنسانية كلها، لا نبي التنظيمات…

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…