بصدد ذكرى صدمة أحداث 11 سبتمبر الارهابية ومسبباتها


محمد محمد ـ  المانيا
نظرا لهول وبشاعة تلك الأحداث الارهابية ولتأثيراتها النفسية الحادة على المجتمع الأمريكي وحتى الغربي والانساني بشكل عام وعلى النخب وصناع القرار الأمريكي ـ الأوربي بشكل خاص، يمكن وصف تلك الأحداث الشريرة بأنها هزت العالم وسياسته معا.

وبهذا الصدد يمكن القول، بأن هناك العديد من الدوافع الشريرة لدى بعض المجموعات السلفية الارهابية ولدى بعض التيارات القوموية العروبية والتركية المتطرفة الشوفينية، والتي تنمي مشاعر العدائية للغرب الديموكرتي ولحضارته المتألقة.
ويمكن ايجاز بعض من تلك الدوافع كالتالي:
ـ نتيجة التربية الغير صحيحة والطويلة منذ أجيال وأجيال، الداعية الى الكراهية والغاء الغير، وما نشرت وتنشر بشكل غير موضوعي وحقيقي للتذكير بأيام الفتوحات القديمة التي كانت تتهيء للمسلمين أو العثمانيين في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والاندلس وجنوب شرق أوروبا، آنذاك في ظل وجود التناقضات والصراعات الكبيرة بين شعوب الامبراطوريتين المشهورتين  في الشرق الأوسط: الفارسيةـ الميدية أو الساسانية مؤخرا والرومانيةـ البيزنتية، وبوجود التناقضات الحادة حتى بين الدولة السياسية وبين الكنيسة المسيحية في أسبانية، واستعانة أتباع الكنيسة, بسبب ذلك الصراع, بالمسلمين الأمازيغ في شمال أفريكا واستقدامهم وجلبهم الى أسبانيا عبر السفن مقابل وسائل العيش، ومن ثم تسخيرهم في مواجهة الادارة السياسية، وذلك لصالح أتباع الكنيسة هناك.

ومن ثم بسبب الصراع الشديد بين االقسم الكاتوليكي الروماني الغربي ـ Rom وبين القسم الأرثوزكسي البيزنتي الشرقي ـ Konstantinopel  من جهة، وبين هذا  الأخير بنفس الوقت وبين البلغار والصرب من جهة أخرى.

الأمر الذي أدى ببيزنتا أن تستعين بقبائل المسلمين والعثمانيين في أسية الصغرى وجلبهم الى مناطق المواجهة مع خصوم بيزنتا المذكورين سابقا.

ثم ان تلك الفتوحات الاسلامية كانت تحدث خصوصا في ظل غياب الوسائل والأسلحة التكنولوجية لدى الأطراف المتصارعة أنذاك، أي بخلاف العصر الحالي الذي فيه الغرب هو المصدر الأساسي للتكنولوجيا، وعن بعد يتم التسديد واصابة الأهداف المعادية بدقة، الأمر الذي يحتم النصر على الأعداء.

وهكذا تمكن الغرب خلال عدة أسابيع بتحرير افغانستان والعراق كاملا، وبعدد محدود جدا من ضحايا جنوده.

بمعنى أن تذكير أولئك المجموعات والتيارات السلفية والقومية بتلك الفتوحات تدفع بهم أن يفكروا ويحاولوا القيام بفتوحات جديدة في العالم.

ـ دافع الحسد السلبي لدى تلك التيارات وسلطاتها من التطور التكنولوجي الاقتصادي الحضاري الجمالي للغرب، ولعدم تمكنهم من الوصول الى ذلك، فهم يعادون تلك الحضارة، ويهددون بتدميرها.

ـ استفادة تلك التيارات والسلطات من ظروف الصراع بين الكتلتين الشرقية والغربية السابقتين اثناء الحرب الباردة السوداء، بحيث كانت كلتيهما تتسابق بتقديم الدعم الاقتصادي والعسكري والعلمي والتدريبي لبعض من تلك السلطات والمجموعات، مما أدى ذلك الى زيادة غرورها, والتفكير بالقيام بفتوحات حديثة في العالم.

ـ استغلال بعض السلطات العربية والتركية والاسلامية لتلك المجموعات السلفية والتيارات القوموية المتعصبة، وذلك بدفعها بعدم المطالبة بالحريات وبالتغيير في بلدانها، بل توجيهها في مسارات مقاومة اسرائيل ومصالح القوى الدولية.

ـ اضافة الى تلك الدوافع المذكورة، هناك دافع أساسي أخر  لزيادة معاداتها وكرهها للغرب، وهو أنه عندما قام الغرب بحماية بعض مناطق الكورد الجنوبيين المهددين منذ عام 1991.

فبعد انتهاء الحرب الباردة تلك, بدأ الغرب الديموكراتي الى حد ما, بالاهتمام النسبي الاستراتيجي بالقضية الكوردية وخصوصا في الجزء الجنوبي، فدافع بقوة لاصدار قرار دولي لمجلس الأمن سنة 1991 بعد الانتفاضة والهجرة المليونية بانشاء بعض المناطق الآمنة هناك، ومن ثم مواصلة الغرب حماية تلك المناطق ( بشكل أقوى أمريكا- بريطانيا ) حتى تحرير العراق سنة 2003، وذلك رغم تكاليف ومعارضة السلطات الغاصبة المجاورة وحتى الغير المجاورة لتلك الحماية, ورغم مقاتلة PDK ، YNK ، PKK، لبعضها البعض، وتعامل العديد من قيادات تلك الأطراف مع السلطات الغاصبة، لتضر بالمصالح الاستراتيجية للشعب الكوردستاني، وبالمشروع الغربي الديموكرتي في الشرق الأوسط أيضا.

من هنا، تبينت للسلطات الغاصبة لكوردستان، وحتى للعديد من القوى القومية والاسلامية القومية السياسية المنظرة المتطرفة للعرب وللترك والى حد ما لبعض الايرانيين، مدى ذلك الالتفات الغربي الى مآسي الكورد، وقيمت (  بشد الياء) ذلك، حسب عقليتها ومنطقها الشوفيني، وكأن الغرب تجاوز بذلك الخطوط الحمر المزعومة ويهدد الأمن القومي المزعوم ووحدة أراضي دول تلك السلطات.

وبهذا الصدد بدأت حتى الأنظمة والقوى القومية العروبية الاسلامية النفطية الشوفينية المتطرفة الأخرى في المنطقة تتعاون بشكل أكثر أيضا مع السلطات الغاصبة تلك، بمقاومة وعرقلة تحقيق الأماني الكوردية المشروعة من جهة، وبمعاداة الغرب ومساعيه النبيلة تلك من جهة ثانية.

فبدأت تلك السلطات والأنظمة والقوى المذكورة، ورغم بعض تناقضاتها التقليدية الجانبية، تزيد من التعاون والتآمر المشترك بتخطيط المشاريع الاجرامية والارهابية باتجاه الكورد والقوى الديموكراتية الأخرى في المنطقة وباتجاه الغرب الديموكراتي وتهديد حضارته.

فكانت النتيجة، أن قامت تلك السلطات والقوى وبتأييد ضمني من قبل السلطات التركية والايرانية أيضا، بزيادة التمويل والاهتمام، في التسعينيات، بالمؤسستين المشهورتين المستقلتين زعما، المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الاسلامي، وتفويض تلك السلطات لهاتين المؤسستين, ولأجهزتها الأمنية المختصة، بتأسيس مجموعات ارهابية بهذا الخصوص، مثل جماعة أنصار الاسلام، لتحوي الى جانب بعض العرب والافغان من القاعدة، على عدد من أغبياء من الكورد أيضا، وذلك كتخطيط موجه، ليتم ابداء ذلك للغرب،  مساهمة بعض الكورد المغرر بهم أيضا في تلك المجموعات المعادية له، خصوصا أن السلطات التركية الخبيرة التقليدية ومنذ سيفر ولوزان، بطريقة محاولة جعل الكورد وبرامجهم السياسية قدر الامكان معاديا للغرب، تزود دوما الأنظمة الغاصبة الأخرى بتلك الخبرات، وذلك على أساس أنه مهما ناضل الكورد من أجل حقوقهم دون تأييد الغرب، فلا يمكن أن ينجحوا في نضالهم تلك، بل سوف يتشردون ويظلون متخلفين اقتصاديا واجتماعيا أكثر وسوف ينصب ذلك في مصلحة السلطات الغاصبة بشكل أكثر.

وكذلك قامت تلك الجهات باستغلال وجود مجموعات القاعدة الارهابية في افغانستان وخلاياها المنتشرة في الشرق الأوسط وفي EU-USA-RUS، بتمويلها وتسخيرها في معاداة وتهديد الغرب الديموكراتي، وكأن تلك السلطات أرادت أن تقلد USA، عندما كانت تسخر تلك المجموعات في زمن الحرب الباردة في أفغانستان ضد الاحتلال السوفيتى هناك، من جهة، ومن جهة أخرى عمدت تلك السلطات والقوى والمؤسسات المذكورة منذ التسعينيات أيضا، على زيادة تمويلها لبعض المؤسسات الاعلامية الصحفية العربية وللعديد من المثقفين ورجال الأعمال من العرب والترك والاسلاميين الآخرين الذين يقيمون منذ فترة طويلة في EU-USA-RUS، لكي يقوموا وفق مهاراتهم وخبراتهم الملمة حول طبيعة الأوضاع وكيفية الحركة واستحدام الأساليب هناك، بتنسيق حركة تنقل واقامة ودراسة تلك المجموعات الارهابية والدعاية لمعاداة الغرب، فضلا عن أن تلك السلطات والقوى والمؤسسات قامت منذ التسعينيات أيضا، بانشاء مؤسسات صحفية وتلفزيونية فضائية حديدة مستقلة مزعومة في الداخل والخارج وليتم اختيار اداراتها المختصة العروبية القومية الاسلامية الشوفنية المتطرفة من قبل تلك السلطات والقوى والمؤسسات المذكورة، لكي يقوموا أيضا بالترويج للارهاب والتحريض على معاداة قوى التحرر والديموكراتية والكوردستانية في المنطقة وعلى معاداة EU-USA.

وكانت النتيجة لتلك المشاريع الهمجية، تنفيذ العديد من العمليات الارهابية، من أبرزها في USA في 11.09.01 ومن ثم لاحقا في أسبانيا 2004 وفي العراق الجديد بشكل متواصل وفي لندن 2005 وغيرها.

هكذا وقد زادت ولاتزال تلك السلطات والقوى والمؤسسات من افعالها الهمجية تلك ضد الكورد والقوى الديموكراتية في المنطقة وضد الغرب الديموكراتي، خصوصا بعد تحرير العراق وبعد أن تبين لهم دور وآفاق الوضع الكوردستاني الحالي والمستقبلي في المنطقة ومدى العمل التنسيقي المتبادل الحالي والمستقبلي بين هذا الدور وبين القوى الديموكراتية في المنطقة وبين EU-USA .

فمن المهم جدا الانتباه بأن أحد الأسباب الرئيسية لتهديد تلك السلطات والقوى والمؤسسات للغرب (وخصوصا ضد USA كونها هي الأقوى والأكثر تأثيرا)، والذي أدى الى أحداث 11.09.01 الارهابية هو بسسبب حماية الغرب لبعض مناطق الكورد الجنوبيين منذ 1991, ويكاد هذا السبب، هو أكبر حتى من سبب دعم وتعاطف الغرب لقضية شعب اسرائيل.

هكذا، على الشعب الكوردي وقواه الوطنية الديموكراتية، أن يقدر جيدا، حجم تكلفة حمايتهم تلك والحالية والمستقبلية على الغرب, وبالتالي يجب أن يتم أكثر فأكثر تعزيز التفاهم والتنسيق معا بذكاء وصدق، وبحيث أن يتمكن الشعب الكوردي المهدد وقواه السياسية والنخبوية الوطنية من اثبات الجدارة والأداء المتقن بصدد التعاون المشترك وتسهيل المساعي أمام الغرب في العراق والمنطقة معا وذلك لصالح الحريات والديموكراتية والاستقرار ومكافحة الارهاب والدكتاتورية والشوفينية، وخدمة للمصالح المشتركة بشكل عام.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…