رد من ديريك على جريدة يكيتي

عمر جعفر *

لم يكن متوقعا من نشرة (يكيتي) أن تسكت أكثر من هذا الوقت ، لأن القائمين عليها علموا علم اليقين بالخطوات العملية والتقارب الجاد بين الكرد والأخوة المسيحيين وبمباركة المطران متى روهم ، ولأن ذلك يأتي في مصلحة الكرد ولصالح الوحدة الوطنية ويؤدي إلى حماية المجتمع من الصراعات الطائفية والمذهبية والقومية والتي أصبحت اليوم موضة العصر في هذه المنطقة ، لذا فمن البديهي أن  المتضررين من هذا التوجه لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وليس من تفسير آخر لمحاربة المطران بهذا الشكل السافر واتهامه جزافا كما جاء في نشرة (يكيتي).

ولأنني عايشت أحداث ديريك عن قرب رأيت من واجبي إلقاء بعض الضوء على تلك التهم :
1 ـ تدعي نشرة (يكيتي) بأن المطران في مجالسه الخاصة يوسع الشرخ بيننا وبين طائفته، وهذا ادعاء لا يستند على دلائل واضحة لأحد سوى من نقل لهم من (المجالس الخاصة)، وهذا ليس لنا علم به، ولا أحد يقبل أن يصدق ما تسربه النشرة من (مجالسه الخاصة)، وتترك ما هو علني وواضح للجميع، نحن نأخذ ما نعايشه من مواقفه العلنية في اللقاءات العامة وعلى الملأ ، فهو بدون شك يدعو إلى المحبة والتسامح والتمسك بالقيم الإنسانية والاهتمام بحقوق المواطنة وأهميتها وفي أكثر من مناسبة، بدءا بأحداث آذار2004 ، وآخرها في 15/5/2008 في برابيت في احتفال جماهيري وبواسطة مكبرات الصوت عندما عبر عن الترحيب الحار بالأحزاب الكردية المدعوة منه شخصيا وبوجود السلطات المحلية وتركيزه على أهمية دور الكرد في المجتمع السوري.

فهل نأخذ منه هذا الموقف، أم نبحث عن (همسات) في مجالس خاصة وضيقة، إن كان ذلك الادعاء صحيحا، وهو ليس بصحيح، لأنه غير منطقي، ولأن المطران يحب أبناء طائفته حتما ولا يريد لهم الدخول في فتن وصراعات و(انتفاضات).

 2 ـ إما عن عبد المسيح قرياقس (البعثي الصدامي) كما تصفه (يكيتي)، فيوجد أمثاله كثيرون في المجتمع الكردي، هل وجهت (يكيتي) ولو مرة واحدة بعدم تشجيعهم أو محاسبتهم لتأتي وتعاقب المطران على سلوك عبد المسيح قرياقس ؟
3 ـ تتحدث النشرة عن (التوجيه المبطن للطائفة بعدم التعامل الاقتصادي مع الفعاليات الاقتصادية والمهنية الكردية ..الخ)، وهذا أيضا توصيف خاطئ للواقع فالعكس هو الصحيح، فعلى عهد المطران متى تتحسن العلاقات بخطى حثيثة من سياسية واجتماعية وثقافية، حيث الحضور الكثيف في المناسبات الاجتماعية مثل مجالس العزاء الصغيرة والكبيرة، ومساحة الالتقاء تزداد بين الكرد والمسيحيين مما يؤدي التقليل من الهوة القائمة فيما بيننا, ويجب تشجيع هذا التوجه بخطوات أكثر جدية وعملية في المستقبل، وليس عرقلته ، كما تفعل نشرة (يكيتي).


4 ـ عن حادثة إحراق سجن الحسكة /1993/ ، هل هذه مسؤولية المطران ؟ أم هي مسؤولية السلطة ؟ هل تريد (يكيتي) التشويش والتستر على المسئول الحقيقي ؟؟ ، فسلطة المحافظة هي المسئولة في هذا الحادث الخطير، والجميع وبما فيه المطران يدعون إلى محاسبة المسيئين والمستهترين بأرواح الناس، فكيف نحكم ونتهم ، ونرجع إلى نظرية المؤامرة لنلبس التهمة حسب رغبة (يكيتي).


5 ـ بالنسبة للوقوف إلى جانب النظام وخاصة (أحداث آذار 2004 ، اغتيال الشيخ معشوق الخزنوي) كيف تصرف المطران ؟ لقد كان الرجل الأول الذي قام بواجبه وجمع كل الطوائف والقوميات وحثهم على الحيطة والحذر من الدسائس، وكان يدعو إلى وقف الفتنة ، هل هذا يعني الوقوف إلى جانب السلطة ؟ ..

لا طبعا، فالحركة الكردية بمجموعها كان موقفها يدعو إلى وقف الفتنة… وامتد نشاط المطران، بدءا من رأس العين والحسكة وانتهاء في ديريك..

ولقد حضر في ديريك مع كافة الفعاليات الاجتماعية الكردية وبحضور ممثلي الأحزاب الكردية وألقى كلمة حثهم فيها على الوحدة الوطنية والى المساواة بين المكونات الأساسية للمجتمع الجزراوي، وشبهه بمثلث متساوي الأضلاع (الكرد – العرب – المسحيين) ويومها أيضا نقل على لسان مراسل (يكيتي) ونشر في مواقع الكترونية بأن المطران شبه هذا المجتمع بمثلث متوازي الأضلاع (لغبائه) كما نسب إلى المطران أقوال لم يصرح بها في ديريك، وقد تم الرد عليه من قبل اللجنة الاجتماعية للبلدة في ذلك الوقت.
أما بالنسبة لعزاء الشيخ معشوق الخزنوي فقد شاركت وفود كبيرة من الطائفة المسيحية في العزاء، ولكن شعارات (يكيتي) كانت تتقصد إغاظة الجميع الكرد قبل المسيحيين والعرب.
6 ـ إن السبب الأساسي في صب جام غضب (يكيتي) على هذا الإنسان المحترم ، فهو موقفه في المصالحة التي جرت في ديريك ، واحتفاله الأخير في (برابيت – كنيسة مريم العذراء) وترحيبه الحار بالأستاذ عبد الحميد درويش ووصفه له بالمناضل الكبير ، وكذلك ترحيبه بالأحزاب الكردية المشاركة في المهرجان.


ولعلمكم أيها القراء الأفاضل في مواقع الانترنت، فان المسئول الأول في (يكيتي) تحدث في اليوم الذي سبق المصالحة في ديريك (الساعة 11 ليلا)، بأنه (سيحرق الخيم المقامة للمصالحة في ديريك على رؤوس الجالسين فيها غدا)، فهل كانت هذه آخر محاولة من يكيتي في نشر روح التسامح والتآلف والتعايش التي وردت في مقدمة مقال نشرة (يكيتي) … ؟؟؟ !!.

* عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…