التهجّم على حزب العمال الكردستاني ظلماً وظلاماً

صالح عزّاوي
sa.azzawiy@googlemail.com

كان بودي أن أكون كردياً، وملماً بحال الأحزاب الكردية، لأتمكن من التفصيل في الإجابة على أخي في الدين (العارف بالطريق)، أحمد ريناس، عزّه الله وأكرمه، إن كان في قلبه نيةُ حسنة.

ويشهد الله تعالى أنني احترم الأكراد دون تمييز وتفريق، قضيةً وشعباً وأرضاً.

واخترت لنفسي مساندة هذه القضية طوعاً، بما فيه قدرتي وطاقتي وظرفي.

لستُ كردياً كي أكون متحزباً.

لكن هل تسمح لي ديمقراطية الكرديّ، أن أقارن وأدرس وأختار الحزب أو الحركة التي هي أقرب للصحة والصواب، حسب ما أراه؟.

وإن لم تسمح لي شلةٌ صغيرة  من الأكراد بالتعبير عن أفكاري، فلا ضرر في ذلك، لعلمي بأن الشعب الكردي، هو ديمقراطي بأكمله، ويسمح لي بذلك.
واضحٌ لأي مراقبٍ خارجي، وجودُ خللٍ ما، في هذه الحوارات التي تجري على المواقع الكردية الالكترونية.

فترى الذباب يسب النسر!، وترى الفوضوي يشتم الملتزم!.

وما هنالك من سفسطائية تعبر عن حقد، وردةِ فعلٍ عاطفيةٍ مفتقرةٍ للحجةِ من جهةٍ وللصدقِ من جهةٍ أخرى!.

وهذا يكتب باسم مستعار!، وذاك يقول لفلان: لا تتدخّل في شأن الأكراد!.

ويشبه الوضع كسوق لبيع الخضار أو المواشي، مع الأسف!.

والأنكى، أن هناك من يدّعي ويزعم نفسه كاتباً وسياسياً (ناطق بالعربي)، لكنه لا يعرف صياغة جملة وربطها بجملةٍ أخرى تليها!.

أليس حريّ بمن يسمي نفسه (كاتب وسياسي) واختار الكتابة بالعربية، أن يجيد العربية أولاً!؟.

فكيف يمكن أن تعطي الوزن لفكرتك، في الوقت الذي تحتوي فيه جملتك المؤلفة من ثلاثة كلمات على أربعة أخطاء!.

ويشهد الله أن العارف بالطريق، ريناس أحمد، ليس موضع هذا النقد.

فلغته رصينة وقوية.

ويحق له أن يسمي نفسه كاتباً – فأنا أعطيه الفيزا.
ولو أن الدم الكردي، أو من يجعل انتمائه لهذا الشعب، مبرراً لركاكة يقترفها بحق الكتابة بالعربية، فالأجدى به حينها الاهتمام بكرديته على أكمل وجه، كتابةً وقراءةً وتنظيراً وتفكيراً، ولا يكتب بالعربية، إلا بعد دراية وممارسة تجيز له اختيار العربية وسيلةً للتعبير عن رأيه وفكره وأحاسيسه.

إن للكتابة بلغتك الأم أو بأية لغة أخرى، حصانتها وأخلاقها واستحقاقاتها.

بل أفعلها بالكردية، وحينها، فلنرى خدماتك لنشر وتعميم اللغة الكردية، وعدد مقالاتك الكردية، ودورك في تنشيط لغتك الأم ذاتياً، وبين قومك، وحتى بين الأقوام الآخرى!.

هنا لست في موضع فرض الشروط والقيود، ما عاذ الله.

فموضع النقد، ليست اللغةُ بحدّ ذاتها، ولا رصانة اللسان وصياغة الجمل وحسب، بل هي منطق الفكرة ومنطلقها، وحجة النقد وصدقها، ومدى حملها لحسن النية، والرغبة في البناء والإصلاح.

فإني رأيت هجوم شريحة قليلة، وتحاملهم على حزب العمال الكردستاني ظلماً وظلاماً!!.

قِسْمٌ من هذه الشريحة، تستخدم أسماء مستعارة.

وعلى قلّة عديدهم، وفساد عدَّتهم، فما يظهر في المقالات، أنها تحمل طابع الكيد والتحامل والحقد المزمن، حتى لو افترضنا أن البعض، يستخدم اسمين أو ثلاثة!.

وأود هنا لفت الأنظار إلى مصداقية الحقيقة والأعداد الحقيقية  والأسماء الحقيقية، وأشيرَ لهامشية المستعار والزيف والتحريف.

ومن هنا أبدأ بمقالتي:
كنت في مدن وقرى كردستان العراق من 1 شباط 2008 حتى 25 أيار 2008، في فترة الاجتياح التركي الأخير.

ومكثت في المناطق الحدودية (عمادية – شيلاديز، ديرالوك)، في بادينان، بين شعب كردستان العراق، بحكم مهنتي كـ(موظف في مشروع عالمي لنزع الألغام).

والتقيت بالبشمركة وقادتهم وبالشباب والأطفال والشيوخ في الفترة التي كانت رحى كل الأحاديث تدور حول حزب العمال الكردستاني، حين كنا نسمع دوي الانفجارات والقصف في زاب.

و زرتُ مسبقاً المناطق الكردية في إيران، واستمعت للسكان المحليين هناك.

ومكثت في مناطق عفرين الجبلية التابعة لمحافظة حلب في مهمة رسمية في اشهر آذار، نيسان، أيار، حزيران، للكشف عن حقول الألغام على الحدود التركية السورية.

وكانت مجمل أعمالي ومهماتي تتم برفقة (عارفي طرق) أكراد.

وكانت إقامتي بينهم.

كما أن مجمل العمال الكادحين في تلك المناطق، هم من الطبقة الكردية الفقيرة.

أما زيارتي لتركيا، فكانت في تشرين الأول –  تشرين الثاني 2007 في محافظة (سيرت) لتمهيد الحقول وتنظيفها، في المرحلة التمهيدية لمشروع زراعة وتنمية (الفطور) بشكل صناعي في المحافظة.

وكان لي صحب جيد من موظفين وعمال ومترجمين وطلبة ومزارعين أكراد في تركيا.


وسبق لي أن اضطلعت على مجموعة نتاجات حزب العمال الكردستاني الأدبية والفكرية،  والتي كان آخرها (من دولة الرهبان السومرية نحو الحضارة الديمقراطية) و(الدفاع عن شعب).

بالإضافة إلى التاريخ النضالي الحافل الذي بدأ من مقاومات قلعة الشقيف في لبنان  ضد المحتل الإسرائيلي، مروراً بحملة 15 آب واستشهاد بيريتان وزيلان، واختطاف أوجلان من قبل الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية، مروراًَ بصمود وصبر العمال الكردستاني ضد كل محاولات التصفية الداخلية والخارجية عام 2004 في مواقف أشبه بالقلاع، وصولاً إلى التطورات السياسية والاجتماعية والميدانية (العسكرية) في السنتين الأخيرتين.
فهل  للعارفين بالطرق أن يدلوني على الطريق؟!.

أُصدّقُ مَنْ؟! وأُكَذِّب مَنْ؟!.

هل أصدِّق هذه الشرذمة التي تحقد على حزب العمال الكردستاني، وأكذّب ما رأته عيناي وسمعته أذناي!؟.

وفي سردي، أعلاه, تفاصيل وأحاديث وشهادات بحجم الجبال، لم أتطرق لها وكلها تخالف ما يقوله (رمكو وعارف الطرق)، بل سأترك التفاصيل لمشروعي القادم، وهو تأليف كتاب عن هذا الموضوع، وفيها أحاديث ضباط ورجال أمن عن حزب العمال والأحزاب الأخرى.

وأي منهم يشكل خطورة على الدولة السورية مثلاً؟ وأي منهم لعبة في يدها؟.

وكلها بالأسماء والأرقام والتواريخ.
أكثر ما عرّفني على حزب العمال الكردستاني هو بقائي بالقرب من مقاتليهم ومقاتلاتهم  لشهرين في منطقة (CHemankiy) في كردستان العراق جنوب (Kasrokiy) وشمال (Bakorman)، أثناء عمليات تنظيف سهل (CHemankiy) ضمن مشروع الأمم المتحدة لبناء الوحدة السكنية (CHemankiy) في أسفل جبل كارا غرب (KaniMazi – Sehdarey).

فكانوا يقومون بضيافتنا والحوار معنا بلباقة وأدب.

وبعيدين عن التطرف والتشدد، بل متفهمين وواعين.

واشدّ ما لفت الانتباه هو الدور الفعّال للمرأة المقاتلة في القيادة، والتأثير على المناحي الحياتية والفكرية.

كما أنهم كانوا أصحاب مواقف واضحة في احترام الشعب ورغباته.

وعدا الألغام التي قمنا بنزعها، وكلها زرعها الجيش التركي والبيشمركة أعوام (1997- 1998 -1999)، ومن قبل الجيش العراقي من عام 1983 إلى 1986.

أما ألغامهم، فهي واضحة الشكل والحجم.

فهم يصنعونها بأنفسهم يدوياً في علب السمنة، ولكلها خرائط ونصوص تعريفية بمكانها وتأثيرها.

وهذا يعبر عن أخلاق عسكرية إنسانية، يفتقرها الكثير من الجيوش والقوى المسلحة الأخرى.
الأهم – يشهد الله – أن الكتب الفارسية والعربية والصورانية والكوردية كانت أكثر من التركية.

والمتحدثون بالعربية، أكثر من المتحدثين بالتركية.

أما الكردية فكانت السائدة.

ويتطرقون للعربية، أثناء الحديث معي.

وإلى التركية حين  كانوا يودون الحديث عن موضوع، لا يرغبون في أن افهمه، أنا العربي، والعمال الكرد الذين كانوا معي.

فكانت التركية هي الوسيلة الناجحة للحديث السري.

لكن التركية ليست سرية بينهم، لأن الكل يفهم التركية، نظراً لسهولتها واحتواءها على مصطلحات كثيرة من العربية والفارسية والكردية.

ويسهل تعلمها بالنسبة لمن يتناولها مدة قصيرة.

ألمانيا  27 تموز 2008

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين نحن في حراك ” بزاف ” أصحاب مشروع سياسي قومي ووطني في غاية الوضوح طرحناه للمناقشة منذ اكثر من تسعة أعوام ، وبناء على مخرجات اكثر من تسعين اجتماع للجان تنسيق الحراك، وأربعة لقاءات تشاورية افتراضية واسعة ، ومئات الاتصالات الفردية مع أصحاب الشأن ، تم تعديل المشروع لمرات أربعة ، وتقويم الوسائل ، والمبادرات نحو الأفضل ،…

أحمد خليف أطلق المركز السوري الاستشاري موقعه الإلكتروني الجديد عبر الرابط sy-cc.net، ليكون منصة تفاعلية تهدف إلى جمع الخبرات والكفاءات السورية داخل الوطن وخارجه. هذه الخطوة تمثل تطوراً مهماً في مسار الجهود المبذولة لإعادة بناء سوريا، من خلال تسهيل التعاون بين الخبراء وأصحاب المشاريع، وتعزيز دورهم في دفع عجلة التنمية. ما هو المركز السوري الاستشاري؟ في ظل التحديات…

خالد ابراهيم إذا كنت صادقًا في حديثك عن محاربة الإرهاب وإنهاء حزب العمال الكردستاني، فلماذا لا تتجه مباشرة إلى قنديل؟ إلى هناك، في قلب الجبال، حيث يتمركز التنظيم وتُنسج خططه؟ لماذا لا تواجههم في معاقلهم بدلًا من أن تصبّ نيرانك على قرى ومدن مليئة بالأبرياء؟ لماذا تهاجم شعبًا أعزل، وتحاول تدمير هويته، في حين أن جذور المشكلة واضحة وتعرفها جيدًا؟…

عبدالحميد جمو منذ طفولتي وأنا أخاف النوم، أخاف الظلمة والظلال، كل شيء أسود يرعبني. صوت المياه يثير قلقي، الحفر والبنايات العالية، الرجال طوال القامة حالقي الرؤوس بنظارات سوداء يدفعونني للاختباء. ببساطة، كل تراكمات الطفولة بقيت تلاحقني كظل ثقيل. ما يزيد معاناتي أن الكوابيس لا تفارقني، خصوصًا ذاك الجاثوم الذي يجلس على صدري، يحبس أنفاسي ويفقدني القدرة على الحركة تمامًا. أجد…