الرياضة كأمثل حوار للحضارات

 كرم يوسف*


مع ميلاد كل آلة جديدة تسهم في تقدم البشرية ، واختصار المسافات، يحلو للمرء أن يقول :” إن العالم أصبح- حقا ً – قرية صغيرة، أو منزلاً أو..”، أن هذه الآلة ، تسهم في ريِّ ظمأ الدهشة ، في عينيّ هذا المرء ، ولنقل : هذا الإنسان الشرقي ،على وجه التحديد ، وهو لا يعرف عبر تاريخه الحديث ،إلا- العيش على الشكر- وتقليد الأوسمة ، للآخر ، وإذا أردنا الفصل في هذا الموضوع ، فإن العالم ليس إلا هذا الحاسب الذي يمكنك- الآن- من أن تجوب الكرة الأرضية، جالساً على كرسيِّك…!
صراع الحضارات ، الذي وثب كمفهوم جديد، إلى دائرة الضوء، بعد الحرب الباردة بين قطبين كبيرين، في هذا العالم، لم يبق اليوم منهما اليوم إلا القطب الأمريكي،جاء ليحيي من جديد، حروب الماضي، وأحقاده، ويترك جانباً ما كان جميلاً ، ورائعاً في تاريخ البشرية، هذا الأمر كان من شأنه أن يفرز مصطلح” العولمة” كواحد من الأساليب الأخيرةللانتشار، بعيداً عن تقويمه، هذا الشرق الذي ما عاد يجيد غير الدكتاتوريات والفساد وترك الآلة جانباً بل وبتر يدي من يحاول أن يفهم كيف” تصنع الآلة” أو يصنعها.
لعلَّ كل الملامح الإنسانية في تاريخ البشرية، والتي همشها دعاة صراع الحضارات في الغرب، هو الذي جاء ليحبو من جديد، ويبدأ يخلق” رزنامة “جديدة لأيامه الجديدة ، وهذا الذي يتجلّى بشكل أوضح، برأيي ،في منظمات/ ومجالس عالمية، بغض النظر عن تطبيق قرارات هذه المنظمات، والمجالس، لأنّ هذه المنظمات والمجالس، سواء أكانت: اقتصاديةأ وإنسانية علمية و….

هي التي تبشر بإعادة الروح، والصفاء إلى الإنسانية، والقضاء على ما هو الآن حيٌّ ومتبق من وجوه صراع الحضارت، وكذلك بغض النظر عن الحقد الذي تتبناه أسلحة التدمير الشامل، والأسلحة النووية وهي أسوأ الوجوه لصراع لحضارات .
الرياضة اليوم تحاول أن تعكس وجهاً جميلاً، من وجوه” حوار الحضارات” لأنها لا تجبر أي انسان، على التكلم بلغة الآخر ، فاللّغة فيها هي قواعد اللعبة ، وإنَّ ارتباط الملايين من البشر بهذه الرياضاتن ما هو إلا تعابير عن الإيمان بالبشرية الواحدة، سوداء أكانت ،أم بيضاء، أم برونزية أم…
ولكي لا نتجاوز حدود دائرة الصدق حول هذا الوجه الجميل، من حوار الحضارات، فإن الكثير من الدول تحاول من جديد، عبر حدود الملعب الجميلة، فرز أحقادها ، وتجلى ذلك في استقبال الرئيس الإيراني” خاتمي” منتخبه العائد، فائزاً على أمريكا، رغم من خروجه من مونديال 2002، أو من خلال المؤامرات على منتخبي المغرب عام ،1998وعلى منتخب الجزائر 1986، دون تبرئة أمريكا من صنع مقاصل الهواء الملوث بالخردل، أو النابالم.
إنَّ البشر، اليوم، في حاجة إلى العيش والسلام ،وإلى توسيع دوائر التفاهم والحوار، أكثر من حاجة مخططات دولهم إلى إغلاقها، وهو ما يُشاهد من خلال منتخبات أفريقية مثل: السنغال ، ونيحيريا، وتونس و… وهي تجد مكاناً دائماً لها في مونديالات كرة القدم على وجه الخصوص دون أن تجيد صنع الآلات والقنابل.
إنّ الحكومات التي تحترف صناعة الموت، وتصديره، لا تجيد إنجاب لاعب، وكرةٍ جميلة ، والمشاهد المونديالية هي التي تؤكد هذه الحقيقة.
أجل ،إنّّ الحكومات التي تحترف” الفساد” و”الظلم” هي أيضاً لا تستطيع بفسادها، وظلمها ،تشكيل منتخب ” معافى “غير فاسد!، العالم اليوم أحوج إلى الحوار ، أحوج إلى انتزاع الموت من سطوة الرصاصة، والخردل، والمشانق، سواء أكانت مسخرة في قتل مواطنيها ،أو قتل الآخرين….!
أكاذيب غزو العالم عبر منتخبات الكرة، أمور ما عاد يتبناها إلا القلة، لأنه وباعتقادي التام من يشجع البرازيل، أو الأرجنتين، لا يشجع تأريخها ،ورؤسائها ، ووزرائها ،ورؤساء بلدياتها، و مخابراتها.

إنما يعيد فتح صمامات جديدة من الحب، في قلبه، بدل تلك التي تضخ حقداً وكراهية.

——–

*كاتب كردي سوري

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…