حول توقيف ثلاثة من متسلقي الجبال الألمان في آغري

في الأيام الماضية قامت مجموعة من قوات الدفاع الشعبي (HPG) بتوقيف ثلاثة من متسلقي الجبال الألمان عندما تواجدوا في مناطق أنشطتها العسكرية دون إذن مسبق ، وأعلن المسؤولون في منظومة المجتمعات الكردستانية (KCK) بأن هذا العمل كان بمبادرة قيادة قوات الدفاع الشعبي في منطقة سرحد ، ونتيجة للسياسات العدائية التي تمارسها الحكومة الألمانية ضد الشعب الكردي ، وأنه ليس هناك أية مشكلة للشعب الكردي مع الشعب الألماني ، وسيبذلون جهودهم من أجل إطلاق سراح الموقوفين في أقرب فرصة .
هذا الحدث يدفع كل كردي إلى التفكير في سياسات الدولة الألمانية نحو الشعب الكردي في التاريخ الحديث وتقييمها بشكل هادئ بعيداً عن التجني والحكم المسبق .

الاهتمام الألماني بالشعب الكردي بدأ منذ الحكم العثماني في القرن التاسع عشر عندما قاموا بتأسيس الألوية الحميدية للسلطان العثماني عبد الحميد ، وقاموا بتدريبها وتعليمها وتزويدها بالسلاح والمعدات العسكرية ، هذه الألوية التي لعبت دوراً بارزاً في إبادة الشعبين الكردي والأرميني والأقليات الأخرى .

وتطورت علاقاتهما بعد ذلك إلى درجة أن هتلر يقول ما معناه ” لقد كان أتاتورك قدوتي في كفاحي” ، واستمرت تلك العلاقات فيما بعد بأشكال مختلفة ، فكل أدوات ووسائل التعذيب ، ووسائل القمع من أسلحة ومدرعات وقنابل وتدريب عناصر الاستخبارات والتعذيب ، المستخدمة ضد الأكراد من طرف البوليس التركي كانت ولا زالت من مصدر ألماني ، وواصلت الدولة الألمانية تزويد الدولة التركية بكل ذلك رغم الاحتجاجات الكثيرة المتواصلة من جانب المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني في ألمانيا وتركيا ، بالإضافة إلى مواقفها السياسية المنحازة إلى جانب الدولة التركية ، وتسببها في إحباط كثير من المواقف الأوروبية التي كانت ستقف إلى جانب نضال الشعب الكردي .

والدولة الألمانية هي التي قدمت كل الدعم من مواد خام ومعدات وخبرة ، لصدام حسين لإنتاج الأسلحة الكيميائية التي استخدمت في حلبجة والقرى الكردية والتي ذهب ضحيتها 12 ألف كردي من النساء والأطفال وعشرات الآلاف من الجرحى والمعوقين .

ونرى يومياً قيام البوليس الألماني بركل وضرب المتظاهرين الذين يحملون أعلام الكونفيدرالية وصور القائد آبو ، ومداهمة منازل وأماكن عمل الأكراد المتعاطفين مع حركة التحرر الكردستانية ، كل ذلك يتجاوز ممارسات البوليس التركي نحو أكراد الشمال .

مختصر القول هو أن الدولة الألمانية تلتزم بما تتعهد به للدولة التركية أكثر من الدولة التركية ذاتها في سبيل المصالح والمكاسب الاقتصادية لشركاتها العاملة في تركيا ، وهي تتخلى عن مبادئها الإنسانية والتزاماتها بمبادئ حقوق الإنسان إذا كان الأمر متعلقاً بالشعب الكردي ، وهي التي تغاضت عن قتلة شرفكندي في سبيل بعض المصالح الاقتصادية مع دولة الملالي .

وكثير من المواقف الأخرى ، فالديموقراطية وحقوق الإنسان الموجودة في ألمانيا هي للألمان فقط ، أما التعامل مع الآخرين فيتحدد حسب المصالح الاقتصادية بينما الشعب الألماني بعيد عن هذه السياسات تماماً ويعبر عن رأيه من خلال منظماته المدنية التي تمثله ، وقرار حظر محطة ROJ كان آخر هذه التصرفات التي تتعارض مع القوانين الألمانية ذاتها ، بينما استطلاعات الرأي التي تجريها المؤسسات الألمانية تشير إلى أن 77 % من الشعب الألماني يعترض على هذا الإجراء .

لاشك أن الكردي المضطلع على هذه المواقف يتضايق من هذه المواقف ، وهذا ما حدث مع قيادة قوات الدفاع الشعبي في منطقة سرحد ، ورغم ذلك ليس هذا سلوك حركة التحرر الكردستانية ، فليس في سياساتها إلحاق الأذى بالمدنيين ، وأجواء الحرب السائدة في كردستان من جراء التمشيطات والعمليات العسكرية المستمرة تؤدي إلى مبادرات محلية قد تخطئ أحياناً .

الأمر الغريب هو قيام بعض الأطراف الكردية بمنتهى السرعة بكيل اتهامات بالإرهاب والإدانة لمجمل حركة التحرر الكردستانية المعاصرة ، حتى بدون الإشارة إلى السياسات العدائية التي تمارسها الدولة الألمانية والتي أوجزنا بعضها آنفاً ، ودون الإشارة إلى أجواء الحرب التي تفرضها الدولة التركية على الشعب الكردي في الشمال ، وجاءت إدانتهم أقسى وأعنف من أصحاب الشأن وهما الدولة الألمانية والدولة التركية .

وكان حرياً بهذه الأطراف أن تلتزم بضبط النفس وأن تُذكِّر الأطراف المعتدية باعتداءاتها مع إدانتها للطرف الكردي ، كما أن هذه الأطراف الكردية لم تقم بإدانة أية من الممارسات العدائية التي ورد ذكرها آنفاً .

إننا في حزب الاتحاد الديموقراطي PYD ننبذ كل أشكال العنف التي تتجاوز حدود الدفاع المشروع ، وندين كل أشكال الإرهاب وخاصة إرهاب الدولة ضد المواطنين العزل وندعو الدولة الألمانية إلى التخلي عن سياساتها المعادية للشعب الكردي في سبيل مصالحها الاقتصادية مع الدولة التركية .

ونقول للأطراف الكردية كفانا إذلالاً لأنفسنا في سبيل إرضاء الآخرين .
15 تموز 2008 
PYD اللجنة التنفيذية لحزب الاتحاد الديموقراطي
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…