لماذا كل هذا الضجيج حول الاتفاقية العراقية الأمريكية !

حواس محمود

 كثرت في الآونة الأخيرة الكتابات الإعلامية والتعليقات الصحفية والتغطيات الفضائية حول الاتفاقية العراقية الأمريكية المزمع عقدها بين الطرفين قبل نهاية يوليو القادم
ومن دون الوقوع في فخ التـأييد المسبق، أو الرفض المطلق، قبل أن يتم توقيع الاتفاقية المذكورة فإنه يلحظ أن الغاية من التغطيات الإعلامية وبخاصة التي تتضمن رفض الاتفاقية ليس التحرك لمصلحة الشعب العراقي وتنبيهه بأخطاء مثل هذا التوقيع على الاتفاقية وإنما – وللأسف- خلط الأوراق والتحريض المسبق للرفض هكذا دون دراسة لبنودها ومضامينها وجوانبها وحيثياتها ، على غرار معالجة معظم قضايا الشرق الأوسط العالقة بدءا بفلسطين مرورا بالسودان وانتهاء بالعراق
ويجهل هؤلاء أو يتجاهل أن هناك دستورا عراقيا تم التصديق عليه،  بعد استفتاء الشعب العراقي عليه ولديه حكومة وبرلمان  منتخبين  بأغلبية الأصوات ، وأن الأمر يعود للشعب العراقي وحده ليقرر مصيره وخياراته الإستراتيجية
ثم إن عقد الاتفاقات الأمنية ليس غريبا على الحكومات العربية  فالعديد من الدول العربية عقدت اتفاقيات أمنية وسياسية وعسكرية مع الكثير من دول العالم في مراحل وفترات زمنية مختلفة ،  ولم نسمع ضجيجا إعلاميا كالذي نجده اليوم
إن الشعب العراقي هو صاحب المصلحة الحقيقية في قبول أو رفض هذه الاتفاقية أو غيرها وهذا لا يعني أن يبدي العرب رأيهم فيما يجري بالعراق ، لكن بشكل موضوعي تحليلي بالاستناد الى بينات وحقائق ووثائق لا الضرب بالمندل والتكهنات التي تفتقد المصداقية والمنطق السليم والعقلانية الراجحة
طالما أن الاتفاقية لم توقع حتى الآن فماذا يفيد كل هذه الضجة الإعلامية حول حدث لم يحدث وهو شأن منوط بالأيام القادمة ؟
ان الخطاب الإعلامي العربي يحتاج إلى مراجعة واعادة نظر فيه وهو مثخن بأساليب وإجراءات ووسائل لا ترقى لإعلام معاصر معافى من الأمراض التخلفية (التي تتأتى من الشعبوية والانطلاق من العاطفة وتحريضها )  ويستطيع تجسيد ورصد وتحليل الوقائع بروح ديموقراطية وحس إعلامي حرفي نزيه،  وذلك لكي يكون ضمير الشعوب العربية وناطقها المعبر عن تطلعاتها وطموحاتها بالعيش الحر الكريم بعيدا عن المهاترات والتخيلات والخزعبلات التي لا تؤثر على الحقائق في شيئ
وبما أن الاتفاقية لم توقع بعد فالمطلوب- بحسب الدكتور تيسير عبد الجبار الألوسي  ” اليوم ممن يدير المفاوضات – في العراق- أن يمضي بها بطريقة تستند إلى أوسع دعم رسمي وشعبي على خلفية وحدة وطنية واضحة وملموسة في الدفاع عن مصالح العراق وتجسيد ذلك في مسيرة التفاوض”

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي في مشهد الصراع السوري، تُستدعى رموز التاريخ الإسلامي بشكل متكرر من قبل الفصائل المختلفة، كلٌّ بحسب توجهه وهويته. ومن بين تلك الرموز، يبرز اسم الدولة الأموية / بني أمية / الأمويين بقوة في خطاب بعض الجماعات والفصائل ذات الطابع السنّي، خصوصاً تلك التي ترى نفسها امتداداً لـ”أمجاد الماضي”. لكن استحضار بني أمية اليوم، في سياق شبه حرب أهلية…

د. محمود عباس   بعد مجريات الأحداث المتسارعة في سوريا، وتحوّل ما يُسمّى بالحكومة الانتقالية إلى واجهة مفرغة من الوطنية، خاضعة بالكامل لهيمنة هيئة تحرير الشام، ومُلتحقة بالإملاءات التركية، لم يعد أمام الحراك الكوردي خيار سوى الإعلان، وبشكل صريح وحاسم، أن المنطقة الكوردية ستدار بشكل مستقل عن المركز، إلى أن تتضح ملامح سلطة سورية بديلة، مدنية، لا مركزية، تؤمن بالنظام…

ابوبکر کاروانی. من خلال عقد مؤتمر للوحدة والموقف الكردي الموحّد في روج آفا، دخلت القضية الكوردية في ذلك الجزء من كوردستان مرحلة جديدة ومهمة. وتتمثل في توحيد القوى الكوردستانية في روج آفا على أساس تمثيل الذات كناطق باسم شعب كوردستان في هذا الجزء من كردستان، ولحلّ قضية عادلة لم تُحل بعد. هذه الخطوة هي ثمرة جهود للقادة، وضغوط ومساندة الأصدقاء،…

نظام مير محمدي* لطالما كان الملف النووي الإيراني أحد التحديات الأساسية على الساحة الدولية. فمنذ الأيام الأولى لنشاط مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، سعى النظام الحاكم جاهداً، عبر خلق العقبات وتقديم معلومات منقوصة، إلى إخفاء الطبيعة الحقيقية لبرنامجه النووي. هذا النهج المخادع، الذي أكدت عليه مراراً وتكراراً السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مطالبةً برقابة…