روني علي
باستثناء الطرف الكردي المحسوب على العمال الكردستاني، فإن كل الأطر الكردية كانت لها دورها في الأطر التجميعية، سواء من جهة التأسيس أو الانخراط أو الانسحاب، وكل منها كان يدعي عند المقدمات، بأنه يقدم على ذلك نزولاً عند الحاجة الموضوعية الملحة، وأن في خطوته خدمة للقضية الكردية، ومساهمة في رص الصفوف وتوجيه دفة الموقف الكردي إلى حيث الارتقاء والتفاعل مع الاستحقاقات، وأن الأطر المؤتلفة قد تشاركت في القواسم السياسية المشتركة أو في حدودها الدنيا ..إلخ.
وحين النهايات كانت التصريحات تأتي على النقيض من ذلك، في أن الإطار انحصر في أجندات معينة، وأنه لم يعد يواكب والتطورات الحاصلة، أو أنه عاجز عن التعبير عن إرادة الشارع الكردي، إلى جانب أنه قد أصبح حكراً على الطرف الفلاني أو خاضعاً لإملاءات الجهة الفلانية أو فقد مبررات وجوده، إلى آخر ما تحمل مثل هذه الديباجات من فتاوى ومبررات..
هذه الأسطوانة، بتنا نسمعها بين الفنية والأخرى، وما زالت لها وقعها حتى اللحظة، حتى أضحت المسألة في نظر المراقب للوضع، وكأن قضية تشكيل الأطر التجميعية، أو الدخول فيها والخروج منها، ليست سوى مجرد لعبة نلهو من خلالها بمفردات العمل السياسي، وإلا فكيف لنا أن نفسر أن حزباً سياسياً (ينبغي) أن يكون ممتلكاً لرؤية وبرنامج سياسي، ولا بد أن يكون له في تحليل الوقائع القدرة على استنباط الآليات وسبر الآفاق، يؤسس أو ينخرط وينسحب دونما مراجعة أو وقفة، سواء من جهة المقدمات أو من جهة النتائج، خاصةً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار، أن من ينسحب من إطار ما، نراه بعد حين وقد انخرط في آخر، على أنه أكثر تعبيراً عن مواقفه وخطه النضالي، ثم ما يلبث وقد دخل في إشكاليات مع نسيجه الجديد ..!.
باعتقادي، أن القضية برمتها تفتقر إلى البعد المعرفي في تشكيل الأطر، أو مصداقية التفاعل مع الحاجة والضرورة لوجودها، بحكم أن الأطر التجميعية القائمة – وعذراً من الكل – سواء من جهة التشكل أو الخروج منها، هي خاضعة بالدرجة الأولى لإشكالية ردود الأفعال والمزاجية والنزعات الشخصية، التي تسير وتوظف سياسية الحزب الكردي أكثر من استنادها إلى مرتكزاتها، أو انسجامها مع ضروراتها، وهي أسيرة مربعات محكومة ومفروضة أكثر من كونها حاجة نضالية، بمعنى آخر، هي تلبية لحالات الانكسار أكثر ما تكون ارتقاءً للموقف والأداء السياسي، ولنا في الوقوف عليها، من حيث ماذا قدمت وماذا أضافت وبماذا ارتقت وفي أي مفصل سياسي غيرت أو امتلكت إرادة التغيير، الإجابة على ما نذهب إليه، وإن كان البعض قد يعتبر أن مجرد الاستمرار أو الحفاظ على الشكل القائم، هو إنجاز سياسي، أو مجرد الوصول إلى صيغة التشكيل هو بحد ذاته انتصار، وهنا تقع الطامة الكبرى، كون الوصول إلى تشكيل صيغ جامدة بموازاة قضية بحجم القضية الكردية، وسط إرهاصات ومخاضات المشاريع التي تجتاح المنظومات الفكرية والثقافية، وتدك معاقل التوازنات والاصطفافات التي خلفتها العقود المنصرمة، هي عقدة تقف وراءها شعور باللا قدرة واللا موقف، وأيضاً برهان على عدم الامتلاك لخيارات الفعل ..
فلو استبعدنا العامل الخارجي، ولا أقصد هنا ما هو خارج الحدود، وتتبعنا الخط البياني في تشكيل هذه الأطر، لوجدنا أن بعضها – التحالف – واكبت إحداثيات الحرب الباردة وما زال قائما ضمن منظومات التغيير، وآخر – الجبهة – جاء كتحصيل حاصل أثناء دخول التحالف في تشكيل المجلس العام، أي دخول المستقلين إلى صفوفه، وآخرها – التنسيق – عبر عن رسالته على أنه مولود من تداعيات الهبة الآذارية، وأنه وريث الفعل الميداني ونتيجة طبيعية لما حصل في القامشلي إبان اغتيال الشيخ الخزنوي، إضافةً إلى أن أطرافه كانوا يعتمدون على البعد الفكري، وأنهم من ورثة مدرسة الخامس من آب في تسويقهم لمشروعهم، بمعنى آخر، أصبحنا أمام ثلاث اصطفافات سياسية، وكل منها تدعي برسالة لم ندرك حقيقتها بعد، وذلك مقارنة مع ما يحصل داخل كل منهما على الاستقلال، وبينهما كمجموع، أي لم ندرك بعد الغاية من وجودها سوى ما تصدر عنها بعض البيانات، وما تخوضها من بعض أشكال التصارع على اللا فعل، وإن كنا – ومن باب الانسجام مع الحقائق – نسجل للتنسيق بعض النشاطات الميدانية، وبعض المواقف التي كانت تنسجم مع نبض الشارع، وذلك في بداياته..
وحتى تكون اللوحة مكتملة، لا بد من القول، بأن غالبية أطراف الجبهة كانوا سابقاً من المؤسسين أو المنخرطين في التحالف، وما تشكيل الجبهة إلا نتيجة لانسلاخ البعض عن جسمه الأم في التحالف، أو تعرضه إلى عمليات قيصرية أدت إلى حالة التشظي في جسمه وبقاء الجزء منه في التحالف، والأمر كذلك بالنسبة إلى غالبية أطراف التنسيق، الذين انتقلوا من موقع إلى آخر – التحالف، الجبهة – ليستقر بهم المقام أخيرا في تشكيلتهم الجديدة ..
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال لا بد وأن نطرحه، ترى لماذا كان هذا الكل في التحالف، ثم ماذا تغير حتى أداروا له ظهورهم، وما الذي استجد في الوقائع ليشكل حاملاً في بناء الجبهة، ثم ما الذي حصل من تداعيات جذرية وجوهرية ليجد البعض طريقه إلى الخروج والاتجاه نحو تشكيل التنسيق، وبعد كل هذا وذاك، ما الذي كان يفرقهم حين الخصومة، وما الذي يجمعهم الآن وهم – ككل – من اشد المنادين بضرورة تجميع الكل تحت سقف الإطار الكردي الشامل، مع أن المعادلة في الحالة السياسية الكردية هي على ما هي عليها، ودعوات كل منهم ما زالت على حالها من حيث البعد السياسي وأحياناً الفكري، أضف إلى ذلك من هي الجهة التي وقفت على تجربتها سواءً الأولى أو الثانية، عبر رؤية سياسية، وتوصلت إلى استنتاجات عملية بأنها كانت تخطو في كل مرة خطوات أكثر ارتقاءً من سابقتها، ناهيكم عن أن البعض من المنخرطين في هذه الأطر كان يلتحق في مواقفه مع الطرف المحسوب على العمال الكردستاني، ثم ما ينفك ويظهر أنه على خلاف معه حين يجتاز محنته، وأن الكل كان يخطو الخطوة ذاتها حين كانت الشدائد تفرض نفسها على كاهل الأطر الكردية، وأقصد هنا ما رافق هبة آذار، وانقلبت عليه بقدرة قادر، كأن ما حصل جاء على غفوة من أصحابها ..
هذه الأسطوانة، بتنا نسمعها بين الفنية والأخرى، وما زالت لها وقعها حتى اللحظة، حتى أضحت المسألة في نظر المراقب للوضع، وكأن قضية تشكيل الأطر التجميعية، أو الدخول فيها والخروج منها، ليست سوى مجرد لعبة نلهو من خلالها بمفردات العمل السياسي، وإلا فكيف لنا أن نفسر أن حزباً سياسياً (ينبغي) أن يكون ممتلكاً لرؤية وبرنامج سياسي، ولا بد أن يكون له في تحليل الوقائع القدرة على استنباط الآليات وسبر الآفاق، يؤسس أو ينخرط وينسحب دونما مراجعة أو وقفة، سواء من جهة المقدمات أو من جهة النتائج، خاصةً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار، أن من ينسحب من إطار ما، نراه بعد حين وقد انخرط في آخر، على أنه أكثر تعبيراً عن مواقفه وخطه النضالي، ثم ما يلبث وقد دخل في إشكاليات مع نسيجه الجديد ..!.
باعتقادي، أن القضية برمتها تفتقر إلى البعد المعرفي في تشكيل الأطر، أو مصداقية التفاعل مع الحاجة والضرورة لوجودها، بحكم أن الأطر التجميعية القائمة – وعذراً من الكل – سواء من جهة التشكل أو الخروج منها، هي خاضعة بالدرجة الأولى لإشكالية ردود الأفعال والمزاجية والنزعات الشخصية، التي تسير وتوظف سياسية الحزب الكردي أكثر من استنادها إلى مرتكزاتها، أو انسجامها مع ضروراتها، وهي أسيرة مربعات محكومة ومفروضة أكثر من كونها حاجة نضالية، بمعنى آخر، هي تلبية لحالات الانكسار أكثر ما تكون ارتقاءً للموقف والأداء السياسي، ولنا في الوقوف عليها، من حيث ماذا قدمت وماذا أضافت وبماذا ارتقت وفي أي مفصل سياسي غيرت أو امتلكت إرادة التغيير، الإجابة على ما نذهب إليه، وإن كان البعض قد يعتبر أن مجرد الاستمرار أو الحفاظ على الشكل القائم، هو إنجاز سياسي، أو مجرد الوصول إلى صيغة التشكيل هو بحد ذاته انتصار، وهنا تقع الطامة الكبرى، كون الوصول إلى تشكيل صيغ جامدة بموازاة قضية بحجم القضية الكردية، وسط إرهاصات ومخاضات المشاريع التي تجتاح المنظومات الفكرية والثقافية، وتدك معاقل التوازنات والاصطفافات التي خلفتها العقود المنصرمة، هي عقدة تقف وراءها شعور باللا قدرة واللا موقف، وأيضاً برهان على عدم الامتلاك لخيارات الفعل ..
فلو استبعدنا العامل الخارجي، ولا أقصد هنا ما هو خارج الحدود، وتتبعنا الخط البياني في تشكيل هذه الأطر، لوجدنا أن بعضها – التحالف – واكبت إحداثيات الحرب الباردة وما زال قائما ضمن منظومات التغيير، وآخر – الجبهة – جاء كتحصيل حاصل أثناء دخول التحالف في تشكيل المجلس العام، أي دخول المستقلين إلى صفوفه، وآخرها – التنسيق – عبر عن رسالته على أنه مولود من تداعيات الهبة الآذارية، وأنه وريث الفعل الميداني ونتيجة طبيعية لما حصل في القامشلي إبان اغتيال الشيخ الخزنوي، إضافةً إلى أن أطرافه كانوا يعتمدون على البعد الفكري، وأنهم من ورثة مدرسة الخامس من آب في تسويقهم لمشروعهم، بمعنى آخر، أصبحنا أمام ثلاث اصطفافات سياسية، وكل منها تدعي برسالة لم ندرك حقيقتها بعد، وذلك مقارنة مع ما يحصل داخل كل منهما على الاستقلال، وبينهما كمجموع، أي لم ندرك بعد الغاية من وجودها سوى ما تصدر عنها بعض البيانات، وما تخوضها من بعض أشكال التصارع على اللا فعل، وإن كنا – ومن باب الانسجام مع الحقائق – نسجل للتنسيق بعض النشاطات الميدانية، وبعض المواقف التي كانت تنسجم مع نبض الشارع، وذلك في بداياته..
وحتى تكون اللوحة مكتملة، لا بد من القول، بأن غالبية أطراف الجبهة كانوا سابقاً من المؤسسين أو المنخرطين في التحالف، وما تشكيل الجبهة إلا نتيجة لانسلاخ البعض عن جسمه الأم في التحالف، أو تعرضه إلى عمليات قيصرية أدت إلى حالة التشظي في جسمه وبقاء الجزء منه في التحالف، والأمر كذلك بالنسبة إلى غالبية أطراف التنسيق، الذين انتقلوا من موقع إلى آخر – التحالف، الجبهة – ليستقر بهم المقام أخيرا في تشكيلتهم الجديدة ..
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال لا بد وأن نطرحه، ترى لماذا كان هذا الكل في التحالف، ثم ماذا تغير حتى أداروا له ظهورهم، وما الذي استجد في الوقائع ليشكل حاملاً في بناء الجبهة، ثم ما الذي حصل من تداعيات جذرية وجوهرية ليجد البعض طريقه إلى الخروج والاتجاه نحو تشكيل التنسيق، وبعد كل هذا وذاك، ما الذي كان يفرقهم حين الخصومة، وما الذي يجمعهم الآن وهم – ككل – من اشد المنادين بضرورة تجميع الكل تحت سقف الإطار الكردي الشامل، مع أن المعادلة في الحالة السياسية الكردية هي على ما هي عليها، ودعوات كل منهم ما زالت على حالها من حيث البعد السياسي وأحياناً الفكري، أضف إلى ذلك من هي الجهة التي وقفت على تجربتها سواءً الأولى أو الثانية، عبر رؤية سياسية، وتوصلت إلى استنتاجات عملية بأنها كانت تخطو في كل مرة خطوات أكثر ارتقاءً من سابقتها، ناهيكم عن أن البعض من المنخرطين في هذه الأطر كان يلتحق في مواقفه مع الطرف المحسوب على العمال الكردستاني، ثم ما ينفك ويظهر أنه على خلاف معه حين يجتاز محنته، وأن الكل كان يخطو الخطوة ذاتها حين كانت الشدائد تفرض نفسها على كاهل الأطر الكردية، وأقصد هنا ما رافق هبة آذار، وانقلبت عليه بقدرة قادر، كأن ما حصل جاء على غفوة من أصحابها ..
هذه هي السياسية التي نمارسها، ونكون في حالة خصومة إذا ما أراد البعض أن يمد بالإصبع صوب نقاط الخلل فيها، أو إذا ما حاول البعض أن يصل إلى الاستنتاج بأن تشكيل مثل هذه الأطر جاءت لتخدم فكرة الزعامة التقليدية، حيث أن من يعتبرون أنفسهم من تلك الطينة، حاولوا الاحتماء ببعض من الذين كانوا يعتبرونهم سابقاً أرقام حزبية – والكلام لهم مع اعتذاري منهم – يأتون بهم إلى تحت السقف، ليكون الظهور بمظهر أن كل إطار يحتوي أكثر من طرف، وقد يكون الصراع دائراً على الأعداد، وأن الطرف الفلاني أكثر عدداً من الآخر، دون أن يكون الحامل السياسي والغاية من تشكيل الإطار وارداً في الحسبان ..
وللحديث بقية.
وللحديث بقية.