هوشنك اوسي يهذي بغرائب وعجائب عن الحركة الكردية في سوريا

بقلم : بلند حسين

لقد اعتدت ان اتصفح عناوين لمقالات بات يكتبها هذه الايام السيد (هوشنك أوسي) بغزارة دون ان تجذبني مضامينها مع الاسف ، لانه يركز في معظمها على السيد حميد درويش وحزبه الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا ، فلم ابالي بمضمونها لانه ببساطة يجتر فيها ما لاكه من قبله جوقة مضللة لا تهمها الا محاولة اطفاء اية شمعة قد تنير الدرب نحو الحرية والانعتاق ، كما ان مقالاته تلك لم تثير شهيتي للرد عليها رغم استجدائه وتحرشاته بالكتاب للانسياق وراء مهاتراته والدخول معه في حلقة مفرغة لاتخدم الا خصوم الشعب الكردي وقضيته القومية
ولان واقع حال السيد حميد درويش يرد ميدانيا على مثل تلك الاضاليل ويدحضها دون الحاجة الى محام للدفاع عنه ، فهو يزداد كاريزمية في الوسطين الكردي والوطني الديمقراطي (العربي والاشوري) ، السياسي منه والثقافي والاجتماعي ..

، كما ان حزبه يزداد توسعا جماهيريا وتنظيميا ، ولعل هذا ما يفسر استنفار السيد هوشنك وغيره من الكتبة للترصد لهذا الحزب وغيره من احزاب واطر الحركة الكردية في سورية التي تعيش حالة مقبولة من التعاون وتجاوز حالة المهاترات الى درجة باتت عقد مؤتمر كردي قاب قوسين لاختيار مرجعية كردية طال انتظارها ، لولا ظهور بعض الحالات السلبية بين الحين والاخر ، هنا وهناك ، والتي تحاول تسميم الاجواء بين اطراف الحركة وهي حالات مرضية بكل تاكيد تحاول اجهاض هذه المساعي النبيلة وتصب الماء بقصد او بدونه في طاحونة الذين يغيظهم ان تتوحد الحركة وان تتجاوز حالة التشرذم والمهاترات التي يتفانى السيد هوشنك اوسي وغيره في افتعالها وتاجيجها مع الاسف ..


ولكن لفت انتباهي اليوم مقال له بعنوان (غرائب وعجائب الحركة الحزبيَّة الكرديَّة في سورية!! ) وهو منشور في موقع (www.welate-me.com/ereb) ، ومؤرخ بـ ( دمشق 3/7/2008 ) ، فمنحته بعض من وقتي وقراته ، حيث تلمست فيه محاور اساسية وجدت من الضروري التوقف عندها قليلا:
1- تلمست لديه في مقاله هذا ، شعورا عميقا بالهزيمة على الصعيدين (الذاتي والموضوعي) ، الذاتي : نراه  يلوح (من دمشق) بسيفه الخشبي وبحقد دفين في كل الاتجاهات وفي وجه الجميع دون استثناء ، وهذه ظاهرة تفصح عن نفسية هي اشبه بنفسية محاربي طواحين الهواء ، وتعبر عن وجود حالة من الشعور العميق بالاغتراب الداخلي عن الوسط النضالي القومي الكردي في سوريا منجذبا خلف العواطف نحو خارج هذه الساحة ، مثلما تعكس حالة من العزلة المرضية الغارقة في هواجس (نظرية المؤامرة) الى درجة لم يعد يستثني احدا من قادة الحركة الكردية في سوريا بدءا من السيد حميد درويش وانتهاء بالسيد فؤاد عليكو ، ومرورا بالسادة (اسماعيل عمر ، عبدالحكيم بشار ، طاهر سفوك ..)  ، اما الموضوعي : فهو لايخفي انتمائه لمنظومة (PKK ) بل يتباهى بها ، ويلح في توسله الى القارئ لتحسين صورة (القائد) عبدالله اوجلان تلك الصورة التي بات يشعر بتحطمها وتشوهها ، ولايتردد في تحميل اطراف الحركة الكردية في سوريا مسؤولية هذا التشويه لدى الراي العام ، واجهاض مشروعه (التحريري) ، وفشل نظرياته (الفكرية) ، فهو يتالم في اعماقه على هذا الوضع من جهة ، ومن جهة اخرى لا يوفر جهدا في تبرير اخفاقات زعيمه المتكررة عسكريا وسياسيا وجماهيريا ، وهذه الحالة تعكس شعوره العميق بافول نجم هذا الـ(القائد) الذي لايخفي غضبه من عدم استيعاب الحركة الكردية في سوريا لـ(عبقريته) ، فهو يتهكم على واقع الحركة الكردية في سوريا عندما يقول : (يخبرنا التاريخ : حين ينشَّق الحزب على نفسه في هذا العالم، قد يتحوَّل إلى حزبين، أو ثلاثة، أو أربعة أو خمسة…، لكن، أن يصبح 13 أو 14 حزب، فهذا ما لا يمكن تسجيله إلاّ في كتاب غينيس للأرقام القياسيَّة!) ، ولكنه سرعان ما يصرح ومن حيث لايدري بحقيقة طالما تجاهلها انصار اوجلان ، حيث ان عموم الحركة الكردية في سوريا ورغم تشتتها كما يدعي هوشنك فانها اجمعت على موقف موحد ضد زعيمه ، فهو يقول : (حين أعلن حزب العمال الكفاح المسلّح ضدَّ النظام التركي في 15/8/1984، وقَّعت هذه الأحزاب، ما عدى الحزب الديمقراطي الكردي السوري، على بيان تنديد وشجب بهذه الخطوة ..) ، فهو بنفسه يقر بان اطراف الحركة اجمعت على موقف موحد منه باستثناء (حزب) يعكس بحجمه المجهري مكانة الـ(PKK) بين الوسط السياسي للحركة الكردية في سوريا ، مثلما يعكس لديه هذا الواقع حالة من الشعور الهستيري بانهيار عالمه الموضوعي المتمثل في هزيمة ملهمه وقائده الذي لم يستوعب هؤلاء (الجهلة) عظمته ، حيث تصل معه حالة الانهيار الى الذروة عندما يستنجد باطراف الحركة الكردية في سوريا للتضامن مع قناة (ROJ-tv) التي لم تكن الا بوقا لتكرار الاسطوانة التي لايكف السيد أوسي عن ترديدها ضد الحركة الكردية والترويج للتطرف والارهاب ضدها ، فيقول بخيبة : (لم نجد حزباً كرديَّاً سوريَّاً أصدر بياناً مندداً بالقرار السياسي الذي أصدرته الداخليَّة الألمانية حيال حظر نشاط “روج تي في” على الأراضي الألمانيَّة !؟) ..
2- كما انه لايخفي تحامله على التجربة الكردية في كردستان العراق ، ولايكتم غيظه وحنقه على قادتها واحزابهم (الاتحاد الوطني الكردستاني ، والديمقراطي الكردستاني) ، في مقارنة تعكس سهوا شعوره العميق بالخيبة تجاه الهزيمة التي مني بها قائده (الفذ) ، فيوشي للجهات الشوفينية بان الشعب الكردي في سوريا وحركته السياسية يميلون باتجاه كردستان العراق: (الكثير من قادة هذه الأحزاب الكرديَّة السوريَّة ، باتت تردد كالببغاوات كلام قادة كردستان العراق عن حزب العمال وتركيا.

فحين يمدح مام جلال طالباني ونيجيرفان بارزاني ديمقراطيَّة تركيا وأردوعان وحزب العدالة والتنمية، نجد ان بعض هذه الأحزاب الكرديَّة السوريَّة وقادتها وكتبتها يرددون نفس الكلام!.) ، ولا يستطيع ايضا ان يخفي التناقط الموجود في الطروحات الكردستانية لملهمه ومنظره اوجلان ، فبينما يدعو الى تحرير كردستان وتوحيدها كاملة ، وينصب نفسه عليها (رئيسا للرؤساء) ، نرى السيد هوشنك يثير الحساسية والفرقة بين اجزاء كردستان (ـه) ، عندما يتساءل بتهكم وسخرية : (السؤال الذي يطرح نفسه هنا: إنْ دارت الأيَّام، وخيّرت هذه الأحزاب ، بين ضمّ المناطق الكرديَّة السوريَّة إلى كردستان العراق أم لكردستان تركيا ، فسيختارون كردستان العراق ، خلافاً لمنطق الجغرافيا التي تعتبر كردستان سورية تتمة جغرافيَّة لكردستان تركيا، لسبب بسيط جدَّاً، هو منسوب الكيد والحقد العالي الذي تكنُّه هذه الأحزاب لحزب العمال وزعيمه أوجلان!!) ، وهنا ينسف بنفسه المنظومة الخيالية التي تغنى بها اوجلان حول تحرير كردستان تحت زعامته ، في الوقت الذي يقول بان اكراد سوريا معظمهم مهاجرون من تركيا ولابد من اعادتهم من حيث اتوا ، ويتباهى بنجاحه في اعادة قسم منهم ، كما لم يتردد في وصف تجربة كردستان العراق بخنجر في خاصرة الشعب العربي ، وكذلك لم تخنه الذاكرة في استحضار نسب والدته فور تحميله في الطائرة متوجها نحو ايمرلي ووو ، حتى ان السيد هوشنك لايطمئن ايضا على ضم المناطق الكردية في سوريا كـ(الحسكة) ، الى كردستان تركيا فهو المسكون بنظرية المؤامرة لايأمن له بال ، يقول : (الناظر لهذا الحقد والكيد، يخيّل له : أنه لو كانت الحدود التركيَّة، تضمُّ محافظة الحسكة ، ولم يكن هنالك شيء اسمه كردستان سورية، لربما حملت هذه الأحزاب / القبائل ، السلاح في وجه حزب العمال، شأنها شأن “حماة القرى” المرتزقة في تركيا، لشدَّة الحقد الذي تكنَّه للعمال الكردستاني!.) ، طبعا لاينسى ان يؤكد من جهته مقولة ملهمه حول الجذور التاريخية للقبائل والعشائر الكردية المهاجرة من كردستان تركيا والمطالبة باعادتها من (مهجرها) الى موطنها الاصلي ، فيقول : (في إطار الخوض في حقيقة أصول الكثير من القبائل والعشائر الكرديَّة السوريَّة ، مثلاً : عشيرة الأستاذ عبدالحميد درويش “آزيزان”، تعيد أصولها إلى شرف خان البدليسي، ولعبدالعزيز بدرخان، حسب ما أظنّ.

وعشائر الكوجر الرحُّل، الذي كانت تنتقل من الشمال إلى الجنوب، وقد لا يعود استقرارها في مناطق ديرك الحاليَّة بعد من مئة وخمسين سنة.

والكثير من العشائر الكرديَّة التي هاجرت من مناطق سرحد ووان وآمد وماردين… إلى سورية ، فضلاً عن العشرات من العوائل الكرديَّة الدمشقيَّة الحاليَّة كـ”الوانلي، المتيني، الملّي، الظاظا، الكرجوسلي، الدياربكرلي، المارديني، الأورفلي، البادكي، الموشي، الديركي (ديرك جبل مازي)، البارافي، الحسني، الحيدري…”، التي تشير إلى مناطق وعشائر كردستان تركيا) ..


3- رغم انه يبالغ بوجود كتلة جماهيرة في المجتمع الكردي في سوريا ، مازالت تناصر اوجلان وتدور في فلك منظومته (الفكرية) ، ويشخصها باولئك المنتمين الى الـ(PYD) الرديف للـ(PKK) ، الا انه مع ذلك لايخفى شعوره بالهزيمة والعزلة ، حيث يقول متحسرا : (سؤال آخر يطرح نفسه هنا : ما هو السبب الكامن وراء معاداة هذه الأحزاب لحزب العمال وزعيمه ، ومناصريه من الأكراد السوريين الذين ينضوون تحت سقف حزب الاتحاد الديمقراطي!؟.

هل هو حقَّاً علاقات العمال الكردستاني مع النظام السوري سابقاً!؟)، ويقوم بالتغطية على شعوره هذا بالعودة من جديد الى اسلوبه الوشائي الانتقامي ضد اطراف الحركة الكردية في سوريا ، فيقول : (يتحدثون كثيراً عن اللُّحمة الوطنيَّة والتلاحم الوطني، في دولة المواطنة والقانون، وفي نفس الوقت: يقولون: “لا زلنا في طور التحرر”، دون الإشارة إلى التحرر من ماذا!؟.

أمن السلطة السوريَّة أم من الجهل أم من الفقر…أم من ماذا!!؟.

الكثير من الأحزاب الكرديَّة السوريَّة، تتشدَّق بالوطنيَّة السوريَّة، لكنها تتجنَّب النشيد الوطني والعلم الوطني السوري في اجتماعاتها !!)، ولكنه لايستطيع التخلص من عقدة الهزيمة فيذكر بنفسه بنقاط ضعف منظومته التي يدور في فلكها ، فيمعن في الوقوع في التناقضات ، ففي الوقت الذي تتغنى فيه منظومته بالشعارات الكردستانية البراقة ، يعود هو ليبرر سبب خلو اسم  (PYD ) من كلمة كردي ، فيقول : (الكثير من منتسبي هذه الأحزاب، تعيب على حزب الاتحاد الديمقراطي عدم وجود مفردة “الكردي” في اسمه.

وعليه، فهو حزب ليس بكردي.

وكاتب هذه السطور، وجَّه فيما مضى نقداً كهذا لهذا الحزب ، لكن، فيما بعد تيقَّنت بأن هذا الاسم، ودون ذكر مفردة “الكردي” في اسم الحزب ، تقلل من توجُّس العربي والآشوري والسرياني من الانتساب لهذا الحزب أو التواصل معه، لأنه ليس حزب قوميَّة معنيَّة، بحدِّ ذاتها.

وعليه، تبقى أبواب هذا الحزب مفتوحة للعربي وباقي الأقليَّات القوميَّة الأخرى للانتساب إليه، إنْ هو أعجب ببرنامج هذا الحزب!.

) ، وهذا كما هو واضح عذر اقبح بكثير من الذنب ..

الحقيقة اكتفيت بهذه المحاور العامة ، وتجنبت كعادتي المحاور الخاصة التي تتناول شخصا او حزبا بعينه وهي كثيرة في متن مقال السيد هوشنك مع الاسف الشديد ، لان واقع كل من هذه الاشخاص والاحزاب يفصح بنفسه عن مدى حضورها ونضالها ومصداقيتها التي لاتمنح بكيل المديح والثناء والتعظيم وانما بالعمل والكفاح الميداني من اجل رفع الظلم والاضطهاد القومي عن كاهل الشعب الكردي وحمايته من المنزلقات السياسية والشعارات الخاطئة ، والعمل من اجل تامين حقوقه القومية في ظل نظام ديمقراطي تنتفي في ظله مظاهر التفرقة والتمييز ، مثلما لا يمكن كذلك ايضا تحسين القبيح وتجميله مهما كانت آلة التضليل قوية وبارعة ، وهي محاولة متواضعة فقط اردت بها انصاف الحركة الكردية في سوريا التي لاقت ولاتزال الكثير من الغبن والاجحاف ، رغم جوانب النقص والخلل التي لاشك تظهر هنا وهناك  في اداء اطرافها وان بشكل متفاوت ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…