الأكراد والدين الجديد !!

علاء الدين عبد الرزاق جنكو

عندما كنت طالبا في المرحلة الجامعية بكلية الشريعة في جامعة محمد بن سعود الإسلامية عام 1994كتبت موضوعا ضمن سياق مادة – كتابة البحث –  بعنوان : التنصير في كردستان ، حينها نبهت من خلال البحث أن وضع كردستان من الناحية العقدية سيكون في تحول !!
حينها لامني بعض الأخوة الكرد على هذا الظن السيء بشعبي ، لكني وبالنظر إلى المقدمات كنت متوقعا أن تأتي النتائج طبيعية .
ومع هذا الاعتقاد أجزم أن الكردي الذي يغير دينه من الإسلام إلى غيره إنما هو نتيجة ردة فعل لموقف عاطفي لا يمت بأية صلة إلى مسألة القناعة أو أفضلية هذا الدين على ذاك .
بينت في بحثي المذكور أسبابا لتوقعاتي ، على أن أهمها على الإطلاق هو الموقف الإسلامي والعربي – خاصة – الرسمي وأحيانا الشعبي المتشنج من القضية الكردية ، بل وحتى من الأكراد أنفسهم !!
كما لا يخفى على أحد أن المنظمات التبشيرية تعمل بجد ونشاط ، وهي مدعومة من قبل دولها ، وهذا حق طبيعي لها ، فالساحة الكونية واسعة لكل المبادئ ، يسيطر عليها من يعمل .
والمطلع على حركة التنصير التي سبقت مرحلة الاستعمار بعد الحرب العالمية الأولى ، سيصل إلى بعض أهداف هذه الحركة .
لم يتوقع المبشرون الأوائل تحويل المسلمين إلى المسيحية بهذه الصورة ، لذا قال صموئيل  زويمر : ( ليس هدفنا تحويل المسلمين إلى مسيحيين ، إنما نريد أن نصنع مسلمين بلا إسلام !! ) .
وبالعودة إلى خبر تنصير مجموعة من الشباب الكرد في كردستان ، والنظر في أسباب تحولهم سنرى أن السبب الذي ذكرته أنفا أهمها ، إضافة إلى الدعم المادي الذي يتلقاه هؤلاء الشباب من تلك المنظمات التي توصف بالإنسانية لخدماتها التي تقدمها للمحتاجين ، في الوقت الذي يندر وجود منظمات إسلامية ، بل وحتى الموجودة تتهم بأنها داعمة للإرهاب !!
والسؤال الذي يطرح نفسه : ما أثر هذا التحول على الشارع الكردي ، وكيف تنظر الحكومة الكردية إلى هذا الحدث ؟
لا شك أن حرية الاعتقاد حق لكل شخص أينما كان ، لكن غير المقبول أن يتم التلاعب بالاعتقاد ، كونه مقدس عند الجميع بغض النظر عن نوعه .
فعلى المستوى التنظيمي الحزبي الصغير لو غير أحد أعضائه حزبه ربما يقبل بعودته إذا علم أنه عاد مقتنعا ، لكن الحزب لا يقبل قطعا أن يكون هذا العضو متلاعبا بمنهجه ونظمه ، فكيف لو كان التلاعب بمعتقد مقدس ؟!!
أتصور أن تدين الغالبية العظمى للشعب الكردي بالإسلام يعطي له الحق أن تسن حكومته ضوابط وقوانين لحماية معتقده ، تكون – أي تلك الضوابط – مستنبطة من الاعتقاد نفسه ، حتى يقطع الطريق أم الإرهابيين والمتشددين الذين يبررون أعمالهم الإجرامية بالاستناد إلى النصوص الشرعية .
أما الشارع الكردي ، فأتصور أن الأفضل له أن  لا يولي للقضية أية اهتمام ، كون الذين تحولوا للمسيحية لن يؤثروا إلا على أنفسهم ومعتقدهم فقط .
وفي هذا المقام أنتهز الفرصة لإسماع إخوتنا المسلمين في كل العالم والعرب خاصة ، أن الكردي مهما كان مخلصا لدينه لا يقبل أبدا أن يدين بدين ثم يحسب على أعدائه !!
فعلى الرغم من إخلاص الأكراد للإسلام منذ أن أشرقت أنواره وإلى يومنا هذا ، نجد اليوم من العرب من يتهمنا أننا عملاء للصهاينة !! بل صهاينة !!!!
قد يتحول كردي أو اثنان أو ألفان إلى المسيحية …..

لكن الكرد بمجموعهم لن يغيروا دينهم حتى لو تحول كل المسلمين في العالم إلى مسيحيين !!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…