محمد غانم وأسرار الرقم (( 6 ))

إبراهيم اليوسف

 

6-6-2006- الحكم بالسجن سنةً كاملةً على الكاتب السوري محمد غانم ، وتخفيف ذلك إلى ستة أشهر..!..- يا للرقم “6”!!..ياللوخزات الستة في شغاف الروح…!- يا للنبأ الذي يأتي! – هكذا- كما تناقلته وكالات الأنباء عن الصديق ، الصحفي ، والأديب ، والإنسان، والمناضل السوري محمد غانم الذي تم اعتقاله في 31-3-2006 ، ولما يزل رهن الاعتقال في ” سجن الرقة ” المركزي ، بعد أن قرر قاضي الفرد العسكري  في الرقة الحكم عليه، بهذا الشكل….!يقينا ً، أن محمد غانم لينتمي إلى ذلك الأنموذج الإنساني والوطني الشريف ، في سوريا ، ممن يعبرون بصدق ، وبشفافية عن مواقفهم- كيفما كانت –دون مراءاة، وكما يفكرون ، يحدوهم في ذلك حب  الوطن ، والإنسان على أكمل وجه ….!

لقد مارس محمد غانم , لاسيما عبر الصحافة الألكترونية – مؤخراً، بخاصة، وضمن خط سيره الكتابي، والإبداعي ، الذي بدأه منذ ثلاثة عقود، – أصلا – مهمة تبني صوت المظلومين أياً كانوا، في هذا الوطن , دون أن يتورع البتة عن قول كلمته – عالياً – إزاء الفاسدين , ولعل ذكره اسم عبد الحليم خدام – حرفيا – وهو على رأس مهامه القيادية، بعيد أحداث 12 آذار 2006 ضد مواطني بلده الكرد، وكان ذلك – مغامرة – لم يكن أحد ليجرؤ- آنذاك – على القيام بها، بهذا الشكل , كي يدفع – لقاء ذلك- ضريبة موقفه , ويعتقل بضعة عشر يوماً , ويواصل الكتابة في موقعه – سوريون – والذي يدل اسمه – فحسب – على حبه لكل أبناء سوريا , بعيداً عن أي تصيّد لما يمكن تسميته ب: زلة قلم , أو زلة ألكترونية , فيما إذا كانتا كذلك ، ما دام أنه يخرج على النّواميس المعروفة ، بحسب هذا العرف ، أو ذاك……!.
ومحمد غانم , ذلك الطفل الإنسان , والرجل- الرجل، الأكثر شهامةً , ونبلاً ، وغيريةً- مهما اختلفت مع” بعض” آرائه – في ما إذا اختلفت ، ليعد من الأنموذج الأكثر حباً لأبناء وطنه , جميعاً , ولوطنه كاملاً , من أقصاه إلى أقصاه ، معتبراً أن أي مظلمة، أو أية أنة على امتداد , خريطة سوريا، إنما هما لتقعان في بيته , وعلى “عياله” وهذه لعمري خصلة يجب الانتباه إليها…!
لعلي ، وأنا أؤكد أن الحوار , ينبغي أن يكون هو الساحة الرحبة التي تجمع بين سائر وجهات النظر ، المختلفة، تحت السقف الإنساني , والوطني , لا أن يكون اللجوء إلى ” سجن” صاحب القلم , وتغييبه، مؤقتاً , ما دام أن السجن السياسي عبر عمره الطويل –  في نهاية المطاف –  أثبت أنه ليس تلك الوسيلة الناجعة  التي يمكن عبرها ترويض المرء- الأصيل ، أياً كان ، وخاصةً صاحب الموقف والقلم – وتلقينه الدروس ، في أي مجال , يعتقد أنه أخطأ فيه , بل أن الحوار – كنقيض أخلاقي وأدبي ومعرفي للسجن – يمكن أن يفضي إلى نقاط الالتقاء المطلوب، أكثر , خاصةً على القواسم المشتركة المتوخاة، في ظل تقاسم ” الحقيقة” بين سائر وجهات النظر…!
محمد غانم , صديقي – الطّفل – يقيناً ليس لي إلا هذا الحبر أذرفه , وأنا أتلقى اليوم خبر الحكم عليك , ومحاولة إقصاء يراعك ، إلى مدة زمانية ، وهو أسلوب لا يجدي مع أصحاب الرأي ، والمواقف ، حتّى وإن كنت قد أخطأت هنا أو هناك ، وبحسن نية، أصلاً ، مادمت لا تعرف الحقد الحقيق على سواك ، شأن كل مبدع أصيل ، لا سيما إذا عرفنا أن لا أحد يقبل أن يكون عبارة عن كائن مستنسخ عن سواه ، في بلده ، بل مسخ، مهمش ، ببغاوي ، لأن كلاً منا ليعمر بلده برأيه ويراعه ، وبالرأي الآخر المختلف ، لا عبر الممالقة ، والزلفى ، والتربيت على الأكتاف، زيفاً ، كما لا تقبل ، ولا أقبل ، وكما لا يقبل أي وطني شريف، على امتداد خريطة بلدنا سوريا، وهو أكبر داء ينبغي أن نشير إليه!
حسناً ، صديق قلبي ، وروحي ، وأخي الذي لم تلده أمي ، سأظل طويلاً- مثلك وعيالك- أتذكر الرقم – 6 – ( أجفل ) أجفل  من  أجلك ، أنى سمعته، أو قرأته، في سياق سداسيته ، أو خارجها ، دون أن أملك ما أقدمه لك ، إلا تحية مدويةّ، ستصلك – مؤكداً – وأنت قابع في – سجنك نجّاك منه رب العالمين! – تعوّل على أصدقائك الطلقاء الكثير – تأوينا إلى قلبك ، كي نخذلك على عاداتنا!، وتعود إلينا ، تمارس حبك لسوريا، وأهلها ، تواصل حربك الضروس على الفساد، كي نعلم مرة أخرى، كل من موقعه، أنك البار الذي تحب إنسانك ، و بلدك ، لا كما ترجمت رؤاك غلطاً، ورحت تدفع ضريبة ذلك ، كرة أخرى….

وا أسفي……!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…