يومَ لا ينفع فيه الاعتذار..يا ميشال

لوركا فرمان بونجق

يبدو أن الجنرال لم يقرأ التاريخ جيداً، وعلى وجه الخصوص تاريخ شعوب المنطقة، أو ربما لم يتسنى له الوقت الكافي لقراءة هذا التاريخ، لأنه في غمرة البحث عن منصب ، نسيَ كتب التاريخ وكتب الأخلاق أيضاً، ففي الوقت الذي يتعاطف الأكراد فيه مع الشعب اللبناني للخروج من محنته الحالية ، وقد تجلى هذا في كثير من المناسبات ، ولم يبخل الكتَاب الأكراد في إبراز هذا التعاطف من خلال كتاباتهم التي تناولت ولا تزال تتناول المحنة اللبنانية بالكثير من الاهتمام ، وذلك محبةً بهذا الشعب المغلوب على أمره من قبل أمثال الجنرال التائه.
وعندما استلًّ والدي قلمه ليكتب في اتفاق الدوحة ونتائجه، استغربنا منه ذاك الاهتمام الشديد بلبنان، ورداً على استغرابنا قال : ينبغي أن نتعلم الكثير من هذا الشعب الجميل ، وعنونَ مقالته بـ (درس في الفيزياء) وكان يقصد الفيزياء الوطنية اللبنانية التي تغلبت على كل الصعوبات التي كانت من صنع عون وأتباعه.
واليوم وبدون مناسبة، وبدون سابق إنذار، بانت نواياه المختبئة والتي كان لا بد لها أن تظهر، ولكنها كانت تنتظر هذه اللحظة ، ودون أية مبالاة بمشاعر أبناء الشعب الكردي ، الذي لم يلجأ يوماً إلى تجريح الآخرين لا من قريب ولا من بعيد ، بل كان حريصاً على إظهار المودة للآخرين ، والحفاظ على متانة جسور المحبة والأخوة بين أبناء شعوب المنطقة.
واليوم وبعد أن استفزني هذا الرجل وبدأت بكتابة هذه الأسطر، نهرني والدي قائلاً : دعيه وشأنه فإن الرجل قد خَرِفَ ، ولكن هذه الجملة بالذات دفعتني أكثر لكي أُبيِّنَ استيائي ممن يجد الناسُ لهم التبريرات حتى ولو كانوا من ذوي القربى.

فالقضية الكردية والإنسان الكردي مبدآن مقدسان، ولا يحق لأحدٍ أن يمس هذه المقدسات، حتى ولو كان جنرالاً متهالكاً.

قد لم أستطع أن أعبر عن حزني وغضبي من هذا التهكم بطريقة الكاتب المتمرس، ولكنني ربما استطعت أن أقول شيئاً كان يجب أن أقوله.

لشعوري بأن جيل الشباب لن يغفر لمثل هؤلاء، ولن ينتظروا الكبار حتى يردوا عليهم، أو يطالبوهم بالاعتذار يوم لا ينفع فيه الاعتذار…

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…