أمام العجز الأكيد للأحزاب الكردية عن القيام بمعالجة أزمتها ذاتيآ.. ماالعمل… وما هو الحل ؟

شادي حاجي

لاشك أن كل من قرأ الدراسة القيمة التي قدمها الكاتب المعروف الاستاذ محمد قاسم مشكورآ ، والذي نكن له كل الاحترام والتقدير لدوره والجهد الذي يبذله في مثل هذه المسائل المصيرية بالرغم من  وضعه الصحي ، والمنشورة في بعض المواقع الالكترونية الكردية تحت عنوان (أسباب أزمة الأحزاب الكردية في سورية) والمؤلفة من سبع حلقات، والنتيجة التي خلص إليها ، وهي العجز الأكيد للحركة السياسية  الكردية (الأحزاب الكردية) عن القيام بمعالجة أزمتها ذاتيآ ، وبالاعتماد على نفسها كحركة (أحزاب)، استنادآ الى الأسباب والتجارب التي ذكرها الكاتب… والتي تمتد الى أكثر من ثلاثين عامآ.
يدرك المرء مدى حقيقة الأزمة (الكارثة) التي حلت بالحركة (الأحزاب) وبالقضية، ونتيجة لذلك أصبح  الشعب الكردي هو الخاسر الأكبر حتى اللحظة على الأقل من تلك السياسات الخاطئة.
لذلك ولأننا مازلنا في مسيرة التحرر ، ولوضع حل نهائي وبمشاركة وطنية قوية وحقيقية لهذه الأزمة  المستعصية، وفق الآليات الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان.
لابد للأحزاب الكردية من أن تقبل بالحوار لأنه ليس أمامنا غير الحوار ولابديل عنه لأن البديل هو  الصراع ولانعتقد أن هناك عاقل واحد سيختار الصراع لأن فيه هلاكه وهلاك الشعب، و كما لابد من  العودة الى ماتم التوصل إليه بين كل من الأطر الثلاث (الجبهة – التحالف – التنسيق) حول وثيقة الرؤية  المشتركة، والتحضير للمؤتمر الوطني وتشكيل ممثلية سياسية كردية موحدة، والبدء بمتابعة الحوار  من النقطة التي انتهت عندها ، وهنا السؤال يطرح نفسه كيف السبيل الى ذلك ؟ ومن هي الجهة القادرة  على دفع الأحزاب بذلك الاتجاه ؟ وهل الأحزاب وحدها قادرة على انجاز مثل هذه المهمة وهي التي  فشلت في تحقيقها ؟ .


بناء على ما تقدم، لابد من أن نوضح أن الأحزاب الكردية وقعت في خطأ تكتيكي، إذ أنها لم تترك الأمر في أيدي المستقلين أو اشراك بعضهم بل باشرتها بنفسها مفترضة حسن نية كل الأحزاب.

بينما نعتقد  بأن وجود المستقلين ذوي الخبرة والاختصاص بينهم كان سيساعد للتقليل قدر الامكان من الأسباب  لإثارة النزاع بين الأطراف، لذلك نقول لابد من البحث عن طرق وآليات اخرى أكثر عملية وأكثر  عقلانية، وبناء عليه وحسب وجهة نظرنا نقترح التالي عسى ولعل أن يكون فيه الفائدة المرجوة  والاقتراح هو:           
لابد من اختراق ما أو مبادرة ما من خلال السعي الجاد لولادة قوة ديناميكية تحرك وتقيم وتجمع  وتحضر لمؤتمر وطني لنبني معآ المرجعية المنشودة.

من خلال تشكيل لجنة أو هيئة تحضيرية للمؤتمر مكون من المستقلين الأكاديميين فقط من ذوي الخبرة والاختصاص (مثقفين – اعلاميين – قانونيين – علوم سياسية واجتماعية وما الى ذلك) أي من التكنوقراط ممن يتمتعون بالمؤهلات والقدرات والامكانات التي تمكنهم من الاقناع والتأثير على كل الأطراف بدون استثناء وتحظى بثقة واحترام  وتقدير الجميع، على أن يكون من بينهم ممثلين عن كل من الجزيرة وكوباني وعفرين، ليكون التمثيل عادلآ وشرعيآ في مثل هذا العمل الوطني النبيل، و التي يتطلب حكمة فائقة وحنكة سياسية عالية  والكثير من الدقة والجدية في العمل فما هي المشكلة مادام الهدف هو تحقيق المصلحة الوطنية العليا للشعب  الكردي في سورية، على أن تكون لها مهمة محددة (التحضير للمؤتمر)، وفترة زمنية محددة (تنتهي  بانعقاد المؤتمر الوطني المنشود).


على أن لا تكون اللجنة أو الهيئة التحضيرية للمؤتمر بديلآ عن الحركة الكردية، ولا بديلا عن هذا  الحزب أو ذاك الحزب، و أن  لا يصطف مع هذا الحزب في مواجهة الحزب الآخر وبدون شك فعلى  الأحزاب أن يصغي بهدوء الى الصوت الكردي المستقل الى صوت العقل الذي صمت طويلآ وافساح  المجال أمامه، و الذي سيكون صوت أكثرية الشعب الكردي التي كانت صامتة لا أن يتهربوا منه بعد  أن وصلت القضية الكردية العادلة الى مرحلة صعبة وحساسة وبحاجة الى قدرات وإمكانيات أكبر  والى صوت وخطاب واحد، وكما يجب أن يسمعوا الى صوت يردد كلام السيد المسيح ((من كان منكم بلا  خطيئة فليرمنا بحجر)).
ليس من حق أحد من الأحزاب أن يقرر وحده مصير شعب، وليس من حق أحد الهروب الى الأمام  واحتكار قضية شعب بأكمله لأنه يتمتع بالشرعية أو أنه الأكبر او حتى أنه المؤسس الأول للحزب في  سورية.

لأنه ليس بينكم من أطلق الرصاصة الأولى أو أنه فاز في انتخابات كردية كردية.


على أن يكون من اولى أولويات مثل هذه اللجنة أو الهيئة :
   1 – الدعوة الى التهدئة ومحاولة خلق الظروف المسرعة لنجاح وتخطي هذه المرحلة بأقل الخسائر  وبأسرع وقت ممكن، وعلى مراحل وبكل هدوء، و مطالبة الأحزاب بوقف العناد السياسي والقمع  السياسي والاعلامي التي تؤخر ولاتقدم وتخرب ولاتبني.
2 – العمل على اعادة الأمور واللحمة بين طرفي التحالف الى سابق عهده وازالة كل الأسباب التي  أدت الى ذلك.
3 – العمل على اجراء لقاءات مكثفة ماراتونية وعالية المستوى مع كل من الحزبين التقدمي بوجود  الاستاذ عبد الحميد درويش على رأس الحزب وكونه يمثل  تيارآ وتوجهآ سياسيآ واضحآ بالرغم من أن التيار تلقى ضربة قوية في الأونة الأخيرة، و الذي يدور في فلكه بعض الأحزاب، ويكيتي الذي  يمثل  أيضآ  تيارآ وتوجهآ سياسيآ واضحآ، والذي يدور أيضآ في فلكه بعض الأحزاب.

هذين الحزبين (التيارين) يعتبران مركزي استقطاب في الحركة السياسية الكردية في سورية، والتقارب بينهما سيسهل  العملية وسيسرع من انجاز المهمة، ولنكون منصفين أكثر علينا أن لا نقلل من دور البارتي الذي يمثل الجبهة في كل المحافل والذي يحاول جاهدآ أن يكون تيارآ سياسيآ وسطآ ومركز استقطاب ثالث الا أن  هذا التيار لم يتبلور بعد بالشكل المطلوب بسبب ضعف الأحزاب الداخلة معه في الجبهة وبالتالي عليه  أن يلعب دوره بشكل أفضل ويحزم أمره ويأخذ قراره النها ئي ويكون على قدر المسؤولية التاريخية  الملقاة على عاتقه.


4 – الاجتماع مع الأطر الثلاث (الجبهة – التحالف – التنسيق) ومحاولة التقريب بين وجهات النظر  السياسية بينهم واقناعهم للحصول على التخويل اللازم للقيام بهذه المهمة النبيلة ضمن الشروط التي  سيتم الاتفاق عليه فيما بينهم.
5 – اجراء لقاءات واقامة ندوات والقاء محاضرات في المناطق الكردية من ديريك الى عفرين مرورآ  بتربه سبي وقامشلو وعامودة ودرباسية وسره كانية وكوباني مع أبناء شعبنا الكردي بشكل عام لشرح  المهمة التي سيعملون على انجازها وأهميتها بالنسبة للشعب الكردي والقضية الكردية ومع العشرات  من المثقفين الكرد والمئات من الكوادر الجامعية ومع لجان وهيئات المجتمع المدني وكافة التعبيرات الكردية الأخرى ومطالبتهم بالمساعدة والمؤازرة لإنجاح المهمة ودعوتهم الى الدخول  في العملية السياسية نصرة للقضية الكردية العادلة في سوريا والاستعداد للمشاركة في المؤتمر الوطني  وفق الشروط الي سيتفق عليه لاحقآ.


طبعآ من حق البعض أن يتسائل ماذا لو رفضت الأحزاب أو  بعضها قبول مثل هذا الطرح ؟ وهذا  ماهو متوقع ، فكيف يكون السبيل الى  اقناعهم وإن لم يكن الى اجبارهم للقبول بمثل هذا الاقترح أو غيره من الاقتراحات ؟ وللإجابة على مثل هذا السؤال نقول: هناك طريقين أو سبيلين اثنين من الممكن استخدامهما:
1 – أن يستنفر كل فرد منا ويمارس حقه الديمقراطي والانساني وأن يتحمل مسؤولياته ويقوم بدوره الوطني كما يجب ويبادر بشكل فاعل الى الاشتراك والتعبير عن رأيه بكل حرية، ودون خوف  بالمناقشة والكتابة وتقديم المذكرات اللازمة بهذا الخصوص لإيصال صوته الى أصحاب القرار السياسي الكردي، وذلك من خلال الموقع الذي يتواجد أو يعمل فيه، والناس الذين يحيطون به والحزب الذي ينتمي أو يميل  إليه، أو من خلال منظمات المجتمع المدني الكردي، أو الشخصيات الوطنية المستقلة المهتمة بالشأن  الكردي، والنخب السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، و من خلال الأجهزة الاعلامية المرئية  والمسموعة والمقرؤة والمواقع الالكترونية الكردية المتعددة للضغط كل الضغط على قيادات الأحزاب بقبول الاقتراح وإن لم يحدث ذلك فليس لدينا إلا أن نسلك الطريق الأخر.


2- الدعوة الى القيام بالاعتصامات والتظاهرات والاضرابات عن الطعام من نوع آخر غير التي قامت  بها الأحزاب الكردية بموا جهة السلطات الحاكمة واجراءاتها الاستثنائية والعنصرية والتعسفية ضد  الشعب الكردي ، بل هذه المرة بمواجهة الأمناء العامين ورؤوساء وسكرتيري الأحزاب الكردية في  سورية لإرضاخهم لإرادة الشعب الكردي والقبول بهذا المطلب الوطني المصيري والى الالتزام  بمستقبل أفضل.
  26-06- 2008

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…