قراءة مختصرة في أدبيات الأحزاب الكردية في سوريا (الحلقة الرابعة)

محمد قاسم

نتائج
كنتيجة لما سبق استعراضه فقد برزت ظواهر يمكن اختصارها في ما يلي:
1-  ظهرت حالة قيادية عجزت- نسبيا- عن استيعاب الظروف بنوعيها(الذاتية والموضوعية) وعلى المستويات المختلفة (المحلية والإقليمية والعالمية).
2- نشأت حالة حزبية تنظيمية هشة، محورها الإثارة العاطفية، والارتباط النفسي التقليدي (التابعي) وربما كان السيد عبد الحميد درويش- وهو من المؤسسين الأول للحزب الكردي الأول عندما أتيح له – بعد حبس القيادة – أن يستفرد بإدارة الحزب،ولاسيما بعد أن انشق عنه بعض زملائه– محمد نيو وصلاح بدر الدين..وغيرهما-  وكرّس حالة الاستئثار بقيادة الحزب.ربما كان يتحمل القسط الأكبر باعتباره من المؤسسين والمستمرين حتى يومنا هذا..

ونستدل على هذا الرأي بواقعتين –على الأقل- هما:
1-وجوده على رأس القيادة الحزبية،منذ أكثر 40 عاما بصفة سكرتير  في الفترة بين عامي 1965و2008.
2- وجود الأشخاص أنفسهم في هرم القيادة ما عدا الحالات التي تم فيها الانقسامات..
 فأصبح نهجا عاما لدى هؤلاء ولا يزال.
 ليس فقط لديهم،وإنما أصبح أسلوبا مكرسا في سيكولوجية القيادة الحزبية-واقعيا-وفي جميع الفصائل التي تم فيها الانقسامات.

( بل لقد أصبح مرَضا سياسيا) حوَّل الفكر والأداء لدى السياسيين-الحزبيين- إلى مجرد شعارات – وهي ، حالة عامة في أحزاب المنطقة أيضا-ولكنا لا نتمناها ولا نتقبلها ايضا في أحزابنا..!
ولا يبرر وجود الحالة في الشرق الأوسط-أو العربي-أن نتبع الوسائل نفسها،وقد ثبت فشلها أداء ونتائج..!ولا نقصد بالمثال انه الوحيد الذي يمارس هذا الأمر..بل قصدنا أنه الأقدم-وهذا واقع -..ليس إلا..
ولكي نصل إلى الغاية من بحثنا هذا وهو:
 معرفة ما تشتمل عليه أدبيات الأحزاب الكردية في سوريا، فلعله يكون مفيدا أن نستعرض الشعارات التي تتصدر الجرائد المركزية- إن جازت التسمية- للأحزاب الكردية.
(وهذه الشعارات مأخوذة من مطبوعات تعود إلى ما قبل الحادي عشر من آذار 2004 بعدة سنين،وربما يكون قد تغير بعض منها بطريقة أو بأخرى، خاصة بعد 12 آذار 2004 ولكني لم أجد حاجة إلى متابعتها..لأنها –في الحصيلة –من إنتاج القيادات ذاتها، والتي تحمل السمات المذكورة من: التمسك بالقيادة، والاستماتة من اجل البقاء بالرغم من قناعة الجميع بالقيمة الضئيلة لهذا الموقع في ظل الحالة الراهنة لوضع الأحزاب الكردية، بل لوضع الأحزاب في سوريا عموما..

خاصة بعد أن كادت تفقد القيمة النضالية لها .
ولكن يبدو إن الشعور بالوجود -وان كان مزيفا- أصبح قيمة في نظر الحزبيين..إلى درجة أكاد أشعر بنوع من الشفقة على نمط تفكيرهم، وصيغة حياتهم المأساوية –بالمقاييس الصحية للحياة العاملة والعامة-
ومن المؤسف أن مفهوم (قيمة) الكرامة  لم يعد له معنى محدد وواضح في ذهنية وسيكولوجية أغلبها.

.فلم يستفيدوا مثلا من سلوك المجتمعات المتقدمة في التعامل مع حالات النجاح والفشل في السياسة..!!
عندما يشعر المسؤول الحزبي في أوروبا بعدم قدرته على تحقيق أهدافه خلال الفترة المخصصة لذلك، سرعان ما يستقيل ويعيد ترتيب أوراقه ليعيد الكرة في النضال  من اجل أهدافه..

بخلاف المسؤول الحزبي في بلادنا..والذي شعاره (ومبدؤه):
((على الجماهير أن تتكيف مع وضعي –مهما كان-)).وطبعا هذه حالة مشوهة من الناحية النفسية –سياسيا-..! وهي من أهم أسباب الكوارث التي تقع في الحالة القيادية –حزبيا وسلطويا- حتى على مستوى الدولة..إنها دلالة عدم ثقة بالجماهير ..فضلا عن الشعور بالوحدانية في القدرة القيادية..وهذا خطر شخصي وخطر جماهيري معا.
 ( وهنا لا بد من التنبيه إلى أن  الحالة الحزبية لها خصوصيتها ” سيكولوجيتها الخاصة ” وإن المناخ الاجتماعي ذو تأثير عليها بشكل عام.
فالأحزاب جزء من الحالة الاجتماعية،ولهذا فإن المجتمع يعتبر مسؤولا -إلى درجة كبيرة -عن السماح باستمرار هذا الواقع المتخلف والمؤلم..ويقع عليه عبء التصدي للظاهرة بروح ناقدة وفاعلة, ومسؤولة..!
ولعل هذه الخطوة التي نقوم بها  تندرج ضمن شيء من هذا التوجه..وهو دراسة نقدية لواقع الحياة الحزبية،لعلها تثير التساؤلات لدى الحزبيين أولا ،ولدى الجماهير –الحزبية خاصة وغير الحزبية أيضا- ثانيا.

للبحث عن جذور المشكلة وإيجاد الأجوبة(الحلول أو المعالجات).


مواطن الاتفاق في الشعارات الحزبية الكردية (سوريا)
  بغض النظر عن ترتيب الشعارات،  فإن الاتفاق حاصل على ما يأتي:
1- (( إزالة (أو- رفع)) الاضطهاد القومي، وإلغاء المشاريع العنصرية، والقوانين الاستثنائية بحق الشعب الكردي (أو- عن كاهل الشعب الكردي) في سوريا)).
2-(( تأمين الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية)).
3-  ((توفير الحريات العامة (أو- الديمقراطية ) القومية السياسية)) .
4-(( تحقيق المساواة و العدالة  الاجتماعية)) .
5- التأكيد على الانتماء السوري .


وإذا ما اعتبر خلافاً، فيمكن الإشارة إلى : مفهومي (( الطبقة)) و ((الجماهير الكادحة )) لدى حزب اليسار و دون العثور على ما يدل على رفض الآخرين .

وإن كان البارتي قد لا يحبذ التشديد على هذه المفاهيم في حين أن ( الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي ) وإن لم يذكر هذه المفاهيم، فإن مفهوم (( التقدمي )) لديه يجيز ها .

(9 )
 6- ((وحدة الحركة الوطنية الكردية)) لدى اليسار .

ولا ينكرها أو يرفضها  الآخرين .
7- تعبير : (( حقوق الإنسان )) و ((إطار وحدة البلاد ))لدى(الوحدة الديمقراطي ) ولا يرفضها الآخرون .
8- ((تمتين أواصر الأخوة العربية الكردية)) لدى البارتي ويتفق معه الآخرون .
9- فقط شعار (( مبدأ حق تقرير المصير للشعب الكردي في سورية )) يتبناه (الإتحاد الشعبي) وحده .
هذه( الشعارات واحدة يتفق الجميع عليها) – كما يبدو – ، بغض النظر عن ترتيبها، أو بعض اختلاف في لهجة التعبير عنها ، سواء كشعارات على الجريدة المركزية، أو في المنهاج، أو المنشورات الحزبية المختلفة .
 ولعل الشعار الوحيد الذي يبدو خاصا (بالإتحاد الشعبي )  وحده وهو ((حق تقرير المصير المبدئي للشعب الكردي في سورية)) لم نجد ما يؤيده لدى الآخرين .وحتى أصحاب الشعار نفسه أعلنوا أكثر من مرة بأنهم إنما يطرحون هذا الشعار في إطاره النظري كمبدأ فقط .

وبذلك فلا يبدو منه سوى بعض التمايز – ربما – بهدف سياسي داخلي فحسب (10).وكان للسيد صلاح بدر الدين دوره في هذه الصياغة كنوع من محاولة سحب البساط الجماهيري من تحت قدم غريمه السيد عبد الحميد درويش-وهما قطبا أول انقسام حزبي كردي في سوريا-خاصة وإنه اتخذ بعض مفاهيم مثل”الشعب الكردي” لقاء ما كان معتمدا من السيد عبد الحميد وهو “الأكراد في سوريا ” إضافة إلى مفهومي “اليمين”و”اليسار” بغاية استقطاب جماهيري أكثر منه فلسفة سياسية مدروسة ومستنتجة من واقع الشعب الكردي..!
كما أن (السياق العام للفكر الحزبي الكردي) لا ينفي هذا الحق باعتباره مبدأ إنسانيا عاما ، ومقررا من هيئة الأمم المتحدة .

ولعل الأحزاب تتجنب مثل هذا الطرح تحسبا لردة الفعل من الآخر – النظام- أي نظام ، وتحسبا لردة فعل  الشعوب العربية التي لا تتقبل مثل هذا الشعار في الوقت الحاضر على الأقل.إذا استثنينا بعض الشخصيات والجماعات المثقفة فيها،وهي في تزايد من حسن الحظ..!
وفي الفترة الأخيرة بدأ مصطلح كردستان يظهر في أدبيات بعض الأحزاب الكردية ..يكيتي مثلا..وقد سبقه إلى هذا المصطلح -ربما- حزب pkk  والذي أفرز حزبا باسم pyd..ولي بعض تحفظات على أسلوب هذا الحزب بالرغم من فاعلية لا تنكر ميدانيا لديه..ولكنه وبانتمائه إلى صيغة أيديولوجية تستمد جذورها من الرؤية  الماركسية”المعدلة”بتدخل من قيادته “الأوحد” السيد عبد الله أوجلان، يجعل الطابع الاستبدادي المطلق أهم سماته..ويخشى من  نهجه المشابه في جوهر أسلوبه،لما يقوم به حزب اليعث ذي التوجه الشمولي في الحكم والذي أنتج ما أنتج في العراق وفي سورية أيضا مع بعض الاختلاف الذي يعود إلى طبيعة القيادة وليس إلى اختلاف في طبيعة النهج ..!
وحتى في حالة الأحزاب التي ترفع هذا المصطلح فإني أشك في أنها قد قرأت الواقع بما فيه الكفاية من حيث مناسبته للواقع وللظروف.

ولمقدرة الشعب على تحمل نتائجه…وربما كان الدافع الأهم هو رد فعل من أحزاب أخرى،أو وسيلة لنوع من التمايز عن بعض الأحزاب، ودغدغة مشاعر الجماهير الحالمة بكردستان الكبرى..!
واخشي ما أخشاه أن يكون للظروف الخارجية، والمستجدات في العراق والمنطقة ؛ دور في ذلك..وهذا يشعر بالخوف ،ليس لأنه خطا بالضرورة،وإنما للخوف من أن لا يكون الحامل لهذه الشعار في مستوى القدرة على تحمل تبعاته ..!
– وإذا ما استعرضنا ما يرد في أدبيات الأحزاب الكردية السورية في العموم .

نلاحظ أنه لا يوجد خلاف بين الأحزاب في الخطوط العريضة ، خاصة وأنها جميعا ترتد – كما أسلفنا- إلى أرومة واحدة أساسا-الحزب الديمقراطي الكردي (أو الكردستاني) في سوريا والذي تأسس في عام 1957،وتتبارى الأحزاب في اعتبار ذاتها أنها امتداد له،عبر الاحتفالات المتنافسة في حشد الجهود لتعزيز ما تزعم..متجاهلة واقع التاريخ،ولا مبالية بوعي الجماهير –الحزبية وغير الحزبية- والتي تنساق في بعض الأحوال،بدرجة ملفتة، إلى لعبتها –للأسف-  .
 ويمكننا حصر هذه الخطوط العريضة في التالي :
أولا- المطالب وتشخيص معاناة الكرد .
ثانيا- تصور واقع الحركة السياسية الكردية في سورية (الإقرار بالجوانب السلبية فيه وضرورة المعالجة)
ثالثا- الاتفاق على ضرورة معالجة التشرذم (التعدد المفرط للفصائل الحزبية) .و المعتبر من الجميع حالة سياسية مَرَضية، والسعي لإيجاد صيغة تآلفية كمعالجة لها، سواء في إطار تحالفي أو جبهوي أو تنسيق..أو مرجعية.أو غيرها.


رابعا-الاتفاق بين الجميع حول الربط بين( الانتماء الوطني السوري) و(البعد القومي التاريخي والجغرافي للكرد).مع اعتراف الجميع بان الكرد يعيشون على أرضهم التاريخية(كردستان) وان تعددت أساليب التعبير عن ذلك.


وبما أننا اعتمدنا على (الدوريات  الحزبية) و(البيانات الختامية للمؤتمرات) فإن نوعا من التداخل بين المطالب والتشخيص كائن لا محالة .


1- ففيما يتعلق بالمطالب، وتشخيص المعاناة، نلاحظ الاتفاق حول (مطالب) :
* ضرورة التحولات الديمقراطية.


* إلغاء الأحكام العرفية، وقانون الطوارئ.
*  إصدار قانون الأحزاب.
* الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي التاريخي، ومعالجة قضيته القومية ضمن وحدة البلاد.


* إلغاء القوانين الاستثنائية، وخاصة (إحصاء 1962 والحزام العربي) وما ترتب عليها،والتعويض على المتضررين..من ذلك.


 *  الأخوة العربية الكردية و(ضرورة الحوار الواعي والمخلص والفاعل..)
*  حرية الانتخابات (بدون قوائم مغلقة أو ظل أو مفروضة … الخ).
*  تحسين الأحوال المعيشية لكافة المواطنين في سوريا مع مراعاة نتائج السياسات المتجاوزة بحق الكرد واصلاحها..


– باختصار:
 (توفير روح عصرية، منسجمة مع التطلع الإنساني، بمعناه الأوسع، ووفق مقررات هيئة الأمم المتحدة، والتي شاركت سورية في التوقيع على معظم هذه المقررات … والمبادئ الانسانية والدينية..

الخ.
 بمعنى،أننا لا نلمس ما يوحي بخلاف بين الأحزاب الكردية (الكثيرة في تعدادها)حول هذه القضايا وغيرها، مما لم  نذكرها تجنبا للإطالة- وإن اختلفت لغة التعبير عنها أحيانا -.


2- وأما عن تشخيص المعاناة:
 فالأمر فيه سواء لدى الجميع.

فكل الأحزاب تعبر عن شكواها  من:
 ` استمرار الحكومة في التنكر للوجود التاريخي للشعب الكردي في سورية، وتجاهل حقوقه القومية والديمقراطية.
 ` يرافق ذلك:
– اضطهاد قومي ..


– سياسية شوفينية..


– تدابير وقوانين استثنائية، من تجليات ذلك:
* الإحصاء الجائر عام 1962 والحزام العربي..
* فصل الطلاب والموظفين..
* سوء تطبيق الإصلاح الزراعي (غياب العدالة )..
* حظر اللغة الكردية وممارسة الثقافة الكردية..
·        تعريب أسماء المناطق والقرى والمدن و كل ما يشير إلى خصوصية الوجود الكردي بقصد طمس معالم الثقافة والوجود الكردي..ولا ادري لما لا يتجه الكرد عبر أحزابهم والقوى النشطة ثقافيا وسياسيا نحو هيئة الأمم المتحدة لمعالجة هذه الإجراءات المخالفة لقوانينها –وسوريا عضو في تأسيسها وفي أغلب مؤسساتها..؟!
·  وجود بورجوازية طفيلية..
·  عدم استقلال القضاء ..

تدخلات أمنية بدون مبررات قانونية..وفي كل شؤون المواطنين..


واعتماد التقارير الأمنية –المزاجية- وربما المستثمرة لمواقعها ماليا ومصلحيا..الخ.


* استقدام عرب لتوطينهم في أراضي الفلاحين الكرد.

وقد أصبح مصطلح “مستوطنات” معتمدة في الفترة الأخيرة..


* إهمال المنطقة الكردية،من جميع الجوانب ومنها:الخدمات والمرافق وعدم تثبيت ملكية العقارات ..إلا بموافقات أمنية معطِّلة..

الخ.


3-  وحول تصور الأحزاب الكردية في سوريا لواقع الحركة السياسية الكردية(الأحزاب) يتفق الجميع حول:
–  حالة التشرذم المفرط، والدعوة إلى معالجتها في صيغة تآلفية (تحالف – جبهة ..تنسيق..مرجعية..).


–  نبذ الخلافات والصراعات الداخلية والمهاترات.
–  تعزيز الروح الديمقراطية في الحياة الحزبية، ومع الجماهير الكردية وغير الكردية … الخ.


وقد تحققت في الآونة الأخيرة خطوات في هذا الاتجاه :
– إنشاء (تحالف من عدة أحزاب)
– إنشاء( جبهة من عدة أحزاب).
– حصول اندماج بين حزبين (الحزب الديمقراطي  التقدمي الكردي و الحزب  الاشتراكي الكردي).

أنباء عن حوارات بين أطراف حزبية ضمن التجمعات أو خارجها، وبين التحالف والجبهة أيضا .


إن هذا الأمر  مؤشر إيجابي نحو نمو حالة أكثر انفتاحا ووعيا في صفوف أبناء الحركة السياسية الكردية ، ونأمل أن تتطور إلى (سلوك ديمقراطي عملي) ينعكس على واقع الحركة إيجابيا فتصبح (القومية) قاعدة التفكير والسلوك لهذه المرحلة التي يعاني الكرد فيها من حرمانهم من شعورهم بقوميتهم .(من المؤسف أن كل هذه الحالات التحالفية والجبهوية ..و..هشة وتكاد تنهار..لأن الأساس الذي قامت عليه كان هشا باعتبارها محاولات التفافية على الجماهير للإيهام بخطوات جادة في لملمة الجهود الحزبية ضمن اطر متكاملة وفاعلة..

وكل ذلك فقط لإعطاء جرعات تمد في عمر المسؤول الأول في الحزب..والذي أصبح هو المحور في الأداء السياسي على حساب محورية العمل النضالي الحزبي –افتراضا-
ولقد أكتمل التصور لدى الأحزاب جميعا، بالجمع بين العناصر المذكورة سالفا 🙁 وحدة المطالب، وتشخيص المعاناة، ووحدة تصور واقع الحركة، ووحدة التصور حول معالجة التشرذم).

إضافة إلى( وحدة التصور حول الجمع بين الانتماء الوطني السوري التاريخي القومي الكردي).
  وهذه حالة مشتركة بين الأحزاب الكردية جميعا.

مهما بدت التعابير مختلفة..
ولئن طرحت اتهامات هنا وهناك، حول ارتباط بين بعض الأحزاب الكردية، أو تيارات فيها، وبين أحزاب كردستانية (p.d.k، y.nk  في كردستان العراق، وp.k.k في كردستان تركيا ..الخ ) فهي تصدق بنسبة ما تكون تيارات أو أفراد ذات مصالح مرتبطة بهذه الجهات ..

وهي تقل يوما بعد يوم، بحكم تنامي الوعي السياسي الكردي والكردستاني معا، وهذه علامة خير، خاصة إذا تخلت الجهات غير الكردية في التدخل والتوجيه من خلال الثغرات التي تعاني الأحزاب الكردية منها – وطبعا هذا لن يكون –.


  لذا فإن الاعتماد على “الذات الكردية” أساسا هو المنطلق الأكثر جدوى، في معالجة ما تعانيه الحركة – أو الأصح الكرد بشكل عام –.

بعبارة أخرى : 
إيلاء مسألة التربية أهمية كبرى في حياة المجتمع، وتوجيه الاهتمام نحو إيجاد المؤسسة الأسرية القادرة على أداء وظيفتها التربوية، وهذا ممكن، إذا استطعنا تقدير دور الوعي التربوي في حياتنا الاجتماعية ، ومن ثم الاهتمام من قبل الأحزاب، بإيجاد آليات مختصة لأداء هذا الدور الهام، إلى جانب الاهتمام بالعلاقات التنظيمية، والتي تتعثر أحياناً، لعدم مراعاة هذا الجانب.

إضافة إلى ما توفره الحالة العملية للتربية (في المدارس والتراث ..).

وطبعا على رأس هذه الإجراءات الجهد الكبير لترسيخ القيم الديمقراطية عمليا في ذهنية وسلوك أفراد المجتمع الكردي جميعا..وفي المقدمة  االحزبيون..
 ولنعد إلى موضوعنا .

فإن الانطباع ، أو الأصح ، النتائج المستخلصة مما سبق تجعلنا نقول :
* إن الكرد جميعا في سوريا ( أحزاباً وأفراداً …) متفقون على:
– الانطلاق نضالياً من واقع الجمع بين( الخصوصية الكردية في سورية وانتمائهم الوطني السوري) وبين (البعد القومي الكردي)الممتد بحكم – سايكس بيكو-  إلى خارج سوريا (كردستان العراق وتركيا وإيران وروسيا …).(11)
* وإن صيغة النضال – في حدها الأقصى-  سياسية، تقدمية، ديمقراطية، لا تتضمن عنفاً، إلا في حدود الدفاع عن النفس حيال تجاوزات غير محمولة.

وشديدة الأثر السلبي، وبأسلوب لا يجعله مصنفاً ضمن النضال المسلح بحال من الأحوال_(12) 
* الالتزام بالوسائل المقررة في الدستور:التعبير عن الآراء والمطالب بشكل بعيد عن العنف) وهكذا نرى على الصعيد النظري – سواء في صياغة الشعارات أو تحديد المطالب) أوالشكوى من الواقع المتشرذم أو التطلع نحو تأطير(وحدة )  الجهد النضالي ،أو العلاقة مع الأحزاب الكردستانية …الخ .

نرى الاتفاق حاصل بين الجميع -نظرياً على الأقل-  حول هذه المسألة إذا استثنيا شعار :
(( الاعتراف المبدئي بحق تقرير المصير للشعب الكردي في سوريا )) (13) .

والذي تفرد في طرحه (الاتحاد الشعبي الكردي).

وهذا نفسه بدا وكأنه يتدرج قبولا..

ويكاد يتكون –او يتبلور- فهم لهذه المسألة عبر اعتبار أن الكرد موجودون على أرضهم التاريخية،ولكنهم ألحقوا بدولة سوريا وعليهم أن يتكيفوا مع الوضع الجديد بحل يتم ضمن الحدود السورية ..وهذا ما تشير إليه أدبيات كل الأحزاب الكردية ..

وطبيعة التوجه الدولي –كما يبدو-للسياسة في المنطقة..ولعل السلطات أيضا بدأت تتحسس طبيعة الحل في شكل ما ضمن هذه النظرية،ولكن الاتجاه العروبي الأيديولوجي يقف عثرة أمام أي حل..لأنها لا حل لديها لأي مشكلة إلا على طريقة تفكيرها الأيديولوجي التي تعتمد تذويب كل المختلفين في بودقة العروبة بفهم فلسفوه وربطوه بمعنى الثقافة واللغة العربية التي تمثل لغة القرآن وبالتالي الإسلام والشعوب –بحسب هذه النظرية جميعا عروبيون بحكم إسلامهم ذي اللغة العربية..


أين هي المشكلة إذن؟.
محاولة الإجابة في الحلقة القادمة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…