الكرد السوريون بين مطرقة الانتهازية الشعبوية والسلطة الاستبدادية حول مقالة «الموت… للأحزاب الكردية»

بقلم: حسين عيسو*

يعتبر الفكر النقدي محركا لحضارة الشعوب ومحرضا لها على إعمال العقل وتحفيز الفكر لتنمية مدارك الانسان وتطوره وكشف أخطائه فهو نضال عقلاني مستمر لأنه لايحاكم وضعا معينا أو تصرفا سيئا ثم يرتاح وانما هو دينامية مستمرة لكشف الحقائق وإظهار العيوب لتصحيح الأخطاء وهو النسغ الحيوي لحركة الحضارة ولذا فان الشعوب التي تخلو ثقافتها من النقد وتعتبره شتيمة وليس عملية فكرية لمحاسبة المخطئ لا تستفيد من دروس التاريخ وبذا تصبح عالة عليه وعدم وجود الفكر النقدي يخدم مصلحة الانتهازيين حيث سلاح الاتهام وما يسمى بالمهاترات التي تؤذي حركة الشعب كما يدعون يبقى سيفا مسلطا على رقبة كل من تسول له نفسه توجيه كلمة نقدية لجماعات تعتبر في أوهام البسطاء وبتحريض من هؤلاء الانتهازيين انتهاكا للمقدس وفي أضعف الأحوال مهاترة.
بداية أود التوجه بالشكر للسيد بير روسته م بخصوص مقالته “الموت..للأحزاب الكردية” والتي تنقد ما جاء في مقالتي “قراءة في وضع أحزاب المعارضة السورية” لأني كنت أعتقد أننا ككرد سوريين ما زلنا في مرحلة اللاوعي وغياب العقل لكثرة تكرار الاتهام بالمهاترات وخدمة مصالح العدو, ومع أن اسلوب السيد روستم يدفع بهذا الاتجاه الا أني أراها تفتح مجالا للسجال حول وضع الحركة الكردية السورية وما وصلت اليه, كذلك أتمنى أن ينضم الينا في هذا السجال كل “ما هب ودب” كما قال السيد روستم فإبداء الرأي لا يجب أن يكون مقتصرا على مجموعة تدعي النخبوية وامتلاكها وحدها للثقافة التي تجعل من حقها فقط ابداء الرأي في أي مسألة كانت لأن ابداء الرأي يجب أن يكون أيضا من حق الذي يعيش المعاناة.
بداية أود أن أشرح للسيد روستم ليس باسلوب معلم المدرسة كما حاول هو ولكن فقط لتذكيره بمعنى الثقافة والمثقف حسب اعلان مكسيكو لعام 1982 الذي يقول :”الثقافة تمنح الانسان القدرة على التفكير في ذاته وتجعله كائنا يتميز بالانسانية المتمثلة بالعقلانية والقدرة على النقد والالتزام الأخلاقي وعن طريقها يهتدي الى القيم ويمارس الاختيار” .

وهنا لي عتب على السيد روستم لأنه حاول ان يستخدم اسلوب “لاتقربوا الصلاة.” حين قام بتقطيع كلماتي لست ادري لماذا لكني أعرف أنه أخطأ واذا كان قد لقن على ذلك فكان عليه أن يعلم هو وملقنه أن مقالتي منشورة في عدة مواقع ومن قرأها يعرف أني أبديت كل الحب والاحترام للفرق الفولكلورية كجزء من ثقافتنا التي نفتخر بها وقصدي كان ضد الأسلوب المبتذل في استخدامها أما اتهامه لي بالدفاع عن الأنظمة الاستبدادية فقد خانه حس التقدير هنا أيضا لأني بداية قلت وكررت ويستطيع أي كان أن يقرأها بان هذه الأنظمة الاستبدادية من صنع الشوفينيين من القوميين العرب وأنها تسببت في المآسي والنكبات للشعب السوري منذ نصف قرن !, أليس كذلك يا أستاذ رستم يبدو أنك كنت مستعجلا في الرد فلم تقرأ حتى ما ذكرته بالتفصيل أما بخصوص حسي القومي ووعيي التحليلي فهو بسسب الفارق الذي بيني وبينك ولأني اعيش بين شعبي وفي بلدي ولأني لم أبع ضميري لأحد وأعيش الواقع وأحس بالمعاناة اليومية للانسان الكردي الذي جرد من جنسيته ويضطر الى أن يسجل ملكية منزله أو متجره الذي أفنى العمر في بنائه باسم شخص آخر قد لايضمن أن ينقلب عليه يوما ولذا يعيش في توتر دائم ولكنه مضطر لأن ليس من حقه التملك فهو مجرد من جنسيته لو كنت مكان هؤلاء ماذا كنت ستقول, ان الفرق بيني وبينك يا سيدي هو أني قرأت التاريخ جيدا وأعيش الواقع كما هو وليس عن بعد الفرق هو أني قرأت “معاهدة سيفر” ولم أسمع عنها في المجالس ممن سمعوا عنها ولكنك وأقول جادا أنك لم تقرأها فلو قرأتها لما ذكرتها كمثال بخصوص الجزء الكردي الذي ضم الى سوريا “سايكس بيكو” اقرأها هذه المرة وأنظر أين تقف الحدود الجنوبية لمنطقة الحكم الذاتي الكردي وبعدها ناقش في سايكس بيكو وغيرها من المعاهدات الدولية أقرأ التاريخ عن آشور وميديا والهوري ميتانيين والعرب وغيرهم ألا يقول دياكونوف أن الميديين حين احتلوا آشور قضوا على الأرستوقراطية فقط بينما أبقوا الآشوريين العاديين في أرضهم وحتى مع آلهتهم أي لم يبيدوهم وهكذا فهم مازالوا موجودين في هذه الأرض أقرأ كتب التاريخ لابن الأثير والطبري وغيرهم لتعرف أن العرب حين وصلوا الى الجزيرة في العام السابع عشر للهجرة كانت هناك قبائل من تغلب واياد “الذين رفضوا الإسلام فهجّروا”  كانوا موجودين في المنطقة الى جانب الكرد هل تعلم أن العرب موجودون هنا منذ ألف وأربعمائة عام وأن الأتراك وصلوا الى تركيا الحالية منذ ما لايزيد عن ثمانمئة عام والآن يعترف العالم كله بهم كدولة تركية وان المطالب هي بمنح الأكراد فيها حقوقهم الثقافية والسياسية والاعتراف بالمذابح ضد الأرمن .
هناك مقالة لي ردا على أحد الشوفينيين متهما الكرد بتكريد اسم رأس العين الى سري كانيي التي كانت ريش عينا ثم رأس العين كما قال فكان ردي “وهو أيضا منشور” بأن الاسم تغير عدة مرات وأنها كانت في العصر الهوري ميتاني حوالي القرن التاسع قبل الميلاد كما يقول الآثاري الألماني جرنوت فيلهلم كانت تسمى “سي كاني” أي الينابيع الثلاثين بالكردية وقبلها كانت أشو كاني في العصر االآشوري الوسيط ثم ريش عينا وعين الوردة وسري كانيي ورأس العين  وأنها تغيرت مع الزمن كثيرا حسب الشعوب التي حكمتها ألا يؤيد هذا قولي أن منطقة الجزيرة السورية هي كردية ولكن ليست خالصة بل هي آشورية وأيضا عربية واننا كلنا شركاء في سوريا اليوم سوريا “سايكس بيكو” سيدي الكريم هناك نوعان من الأساليب المستخدمة في تعامل الأمم مع بعضها ألا وهي “قوة الحق”أي الأسلوب الأخلاقي وخاصة اذا كان الطرف ضعيفا فليس أمامه سوى المطالبة بحقه أما الأسلوب الآخر وهو”حق القوة” الذي يستخدمه الأقوياء مثل الغرب وعندنا يستخدمها الشوفينيون من العرب والأتراك والفرس ضد الطرف الأضعف وهم نحن ولنا أن نطالب بحقنا أما من يحاول التهريج بالأسلوب الآخر ولا يملك القوة فهو اما انتهازي يخدم أطرافا شوفينية أخرى أو متهور, وأنا متأكد أنك لست واحدا منهما لكن أرى أن مشكلتك أنك لا تعرف جغرافية الجزيرة السورية ولا ديموغرافيتها فلو كنت تعرف ذلك لرأيت أن القرى الكردية والعربية والآثورية والحارات في المدن متداخلة فكيف ستفرزهم هل تفعل كما قال أحد الموجودين في أوربا أيضا بعد مأساة الكرد في ملعب قامشلو حين أعلن “حكومة كردستان سوريا في المنفى” وشكل وزارة تتألف منه وحده ثم طالب بوضع جدار آمن بين الكرد وغيرهم في الجزيرة ويومها نشرت مجموعة مثقفي كوباني رسالة موجهة له تطالبه بالعودة أولا الى أرض الوطن ثم المطالبة بما يريد ولم ينتبه هؤلاء بأن وزارته قد تشكلت منه ومن نرجسيته فقط !!!.
جميل أن يجلس أحدكم في مكان بعيد وعال ثم ينظر ويشتم ويتهم ما دام بعيدا عن واقع الحال ولكن عزاءنا هو أن هذا الوباء عام في شرقنا التعيس وهي ليست مشكلة المنظرين الكرد وحدهم !!!.
أما بخصوص من وشوش في أذني بأن هذه الحدود وجدت لتبقى فهما أولا شخصان عظيمان في الحركة الكردية المعاصرة أولهم الزعيم مسعود البارزاني والذي لا تستطيع أن تتهمه بالخيانة والحقد الذي يعمي البصيرة كما اتهمتني لأنك كما أعتقد تعرف تاريخ الزعيم مسعود البارزاني وحكمته ونضال عائلته منذ بداية القرن الماضي وبعد كل المآسي والأنفال والكيماوي والمقابر الجماعية قال : كردستان “حلم”وان الكرد سيبقون ضمن العراق الموحد “أليس هذا ماقاله الرجل السابق لعصره نور الدين ظاظا قبل خمسين عاما وحورب بسببها” أما الشخص الثاني فهو القائد آبو والذي بعد عقدين من الحروب والمعارك أخيرا قال الرجل العظيم أن الكرد لا يريدون الانفصال عن تركيا بل الحقوق الثقافية والسياسية ضمن الدولة التركية أما ثانيا فالذي وشوش لي هو ضميري لأني اعيش بين أهلي وأرى كم يعاني الانسان الكردي وأتألم لآلام طفل لا يجد الدواء بينما أنت ومن تعمل لمصلحتهم أمثال طلب هلال وغيره من الشوفينيين “لا اقول عن قصد لاسمح الله” ليس المهم عندكم ان تتم التضحية بكل الكرد السوريين أو تهجيرهم وهنا أود أن أوشوش في أذنك ولو أن ما أقوله هنا أيضا غير شعبوي وغير تعبوي وقد يجلب لي العديد من اللعنات والشتائم من أولئك المساكين الذين  ينتظرون الهجرة الى أوربا للخلاص من معاناتهم اليومية وغالبا ما يخدمهم في ذلك بعض قيادات الحركة الكردية السورية لتأمين هجرتهم الى أوربا وقبولهم هناك لا أقول في سبيل مصالح مادية خاصة ولكن قد يكون السبب خدمة للقضية في أوربا ولتشكيل لوبي كردي هناك ثم هل تعلم أن الآثوريين يحاربون هذا العمل بالنسبة لمن يسفرون أبناء شعبهم لأنهم يرونها كما يقولون تؤدي الى تفريغ الأرض من سكانه ألا ينطبق هذا علينا أيضا ألا ترى هناك الآلاف العديدة من الكرد الذين تركوا أرضهم وألا تعلم بأن أكثر من قائد في حركتنا الكردية السورية لهم جنسية أوربية اضافة الى جنسيته السورية والباقون على الطريق وهل تعلم أنه ممنوع لدى جميع شعوب الأرض وحتى الدول الحرة أن يكون للسياسي جنسية مزدوجة هل سمعت بحكاية النائبة التركية “قاوقجي” حين وجدوا أن العذر الوحيد الذي يستطيعون به طردها من المجلس بعد رفضها السفور هو اكتشافهم أنها تحمل جنسية مزدوجة, قد تقول لي ان مسئولي المعارضة في العراق كانوا يحملون جوازات سفر غير عراقية ولكن السبب أيضا مردود لأن صدام كان يعدم من يقف في وجهه ولكن ولتعتبر هذه أيضا خدمة مني للسلطة الاستبدادية لاعترافي أنها تتعامل مع قيادات الحركة الكردية السورية كما تعامل الحكومات الأوربية معارضيها وبمنتهى الديمقراطية والا فقل لي متى أعتقل أي منهم ان الاعتقال لسنين والتعذيب والقتل والنهب والتهجير وسحب الجنسية من حصة الكردي العادي أقصد هنا غير القيادي سجلها أيضا كمأخذ علي.
وبخصوص مصطلح كردستان ولكي تشرحه لي بشكل أفضل ٍارسل لك في المرة القادمة خارطة محمود الكاشغري في القرن الحادي عشر حتى تستطيع أن تشرحها لنا نحن البسطاء بشكل أفضل.
أما بخصوص د.نورالدين ظاظا وانتباهه للخطأ فانه يحتاج الى أكثر من مقالة وأترك الحديث عن معاناته والشتائم والاتهامات التي كانت تكال له من قبل من دفعوك لنشر هذه المقالة فانها تحتاج الى صفحات وقد أنشرها في المرة القادمة وان كنت أربأ بهذا الرجل الذي يرتاح الآن في قبره في المنفى والذي  كان همه الوحيد هو خدمة شعبه وخلاصه وفي سبيل ذلك لاقى الكثير من النظام الشمولي والانتهازيين في الحركة الكردية السورية على حد سواء فقد آن له أن يرتاح بعد كل ما قاساه, ولكن اريد منك أن تشرح لي الفرق بين ما قلته أنا وردك أنت ألم تقل أنه بعد أن رأى معاناة رفاقه في الاعتقال قام بتغيير الاسم الى كردي بينما أنا قلت بعد ان وجد الشوفينيين وقد استغلوها في اضطهاد الكرد السوريين جميعا غير الاسم بالله عليك حاول استخدام ضميرك وليزعل منك من يزعل هل الاهتمام بعدد من المعتقلين أهم من الاهتمام بشعب بأكمله !!!.

· كاتب سوري كردي مستقل

المصادر:

  –   الحوريون تاريخهم وحضارتهم         جرنوت فلهلم  ترجمة  د.

فاروق اسماعيل
            –   مدخل الى حضارات الشرق القديم      ف.فون زودن   =         =           =
   –   كتاب ميديا   ا م دياكونوف              ترجمة   د.وهيبة شوكت
   –    المشكلة الكردية في الشرق الأوسط     د.

حامد محمود عيسى
   –   الكامل في التاريخ  ابن الأثير
   –   تاريخ الطبري
   –   عظمة آشور               هاري ساغز           ترجمة  خالد أسعد وأحمد سبانو

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…