Hisen65@hotmail.com
بيانات وفرمانات ملتهبة جلها مرتبك وغير منضبط في مدلولاته الاستراتيجية ، تصب في الراهن الكردي السوري تنأى عن فلترة ضميرية أو وجدانية, معظمها من النتائج التي تركتها الخلافات السياسية والتنظيمية المتفجرة في عمق التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا إلى أن زلزلته من أركانه, رغم كل ذلك لا تزال أطراف في اللجنة العليا من غير استثناء تخوض اتصالاتها من دون كللّ أو مللّ لتعزيز مكانتها السياسية على المستوى الداخلي وإلاقليمي بصورة وطيدة, والآخر ألاختلافي هو أيضا لا يزال ينقب في بطون الكثيرين لبرهنة (الواقعة المشهدية) عبر أوردتها الإعلامية النابضة, لطالما أراد الجميع السبر فيها والإطلاع على بواطنها السلبية منها والايجابية…
نص المقابلة :
برأيك ككاتب وكإعلامي – متابع – ما هي خلفيات الأزمة الراهنة داخل التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا, وأين تكمن محاور الخلاف والاختلاف من وجهة نظرك .؟؟
لعله يتكون لدى كل متابع لما تم ّ- بأسف- في التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا انطباع خاص عمّا دار في – حومة- الخلاف ، كلّ بحسب استنتاجاته، بل قل قبل ذلك بحسب ، رغباته، حيث لم ينظر من قبل كثيرين إلى ما تم إلا وفق تصورات مسبّقة، لا تتزحزح، وهنا لا ينجو من مثل هذا الحكم كلّ طرف من طرفي الخلاف…البتّة….!.
إن هذه الأزمة التي تمّت – وهاهي قد حطت أوزارها إساءاتٍ في أقل تقدير وربما بعد نفاد أسلحتها المحرمة وغير المحرمة- كي يتخندق كلّ في مكانه، بعد أن حقّقت غاراتها ما كان مرجواً منها، و حفرت عميقاً ، لتقدّم لنا مؤشراً خطيراً، بعد نصف قرن ونيّف من ولادة أول تنظيم كردي في سوريا ، بأننا أحوج إلى – لغة النقد- لتكون بديلاً عن لغة الإطراء التي كانت – إلى وقت طويل – تسود العلاقات بين مكونات هذا التحالف ، كما يبدو، من خلال الإمعان في النتائج ، كي تنقلب سريعاً إلى وجهها الآخر، كحالة طبيعية لحالة ليس فيها سوى أقصيين : الحب أو الكره ، الوئام أو الخصام ، بعيداً عن الاحتكام إلى لغة المنطق، التي نحن أحوج إليها…
.أما حول تشخيص الأسباب الداعية إلى الأزمة التي نشبت، وهاهي قد تركت وراءها – دماراً – بكل معنى الكلمة ، فإنه لا يمكن النظر إليها إلا من خلال جملة تراكمات، يبدو أنّها لم تكن تعالج بالشكل المطلوب في وقتها ناهيك عن وجود سبب مباشر – طبعاً- كان بمثابة –الصّاعق- الذي ترك خلفه كل هذا الدّويّ، والخسارة الأليمة.
أعتقد أن مهمة الصحفي تختلف تماماً عن مهمة “القاضي” الذي من حقه إطلاق حكم قيمة -لسائر المختلفين- عادة، كما هو مطلوب، ومن هنا ، فإنني لأضع مجموعة أسس- مفتوحة غير مكتملة ونهائية- أنطلق منها ضمن حدود دوري:
1- هل كانت الخلافات العرضية التي تتم ، تعالج بشكل يومي منذ نشوء هذا الإطار بمن فيه وحتى اللحظة…؟
2- إلى أية درجة تم القبول بـ -طاولة حوار- من قبل هذا الطرف أو ذاك ، كي يتم ّ وبوساطة الخيرين إزالة نقاط سوء الفهم ، ومواصلة العمل بروحيّة جديدة ، بعيدة عن آفة ” ماذا لي أنا ؟ ” و ثقافة : كيف أبعد الآخر
3- من استفاد في هذه – الحرب- التي خسر فيها جميعهم على حد سواء، حيث “لا غالب ولا مغلوب” بل كل دفع الضريبة ، كل منهزم ، وخاسر ، وكانت المحصلة أبعد من كل ذلك “أننا جميعا خسرنا….
ما تقويمك لما يحدث الآن داخل أروقة التحالف هل هو صراع أم اختلاف في الرؤى ..؟؟ أكد لي قيادي كردي : أن تسمية (صراع) لا تنطبق على الحالة القائمة في التحالف، بل إن التوصيف الأقرب للواقع هو (الاختلاف) على صلاحيات ومهام التحالف.
ما رأيك كمهتم بالشأن الكردي العام في تصريح هذا القيادي…؟
لعلي أستطيع تحديده – تماماً- بالتعامل بـ”ردّات الفعل” على أسس بعيدة عن المنطق، ولاسيما حين بات يتمّ اللجوء إلى – لغة التخوين- التي يخبئها كل منا ك- رصيد خاص- ليلجأ إلى استثماره ، أنّى انتهى شهر العسل بين أية علاقتين .إنني أرى أنه كان مطلوباً من كافة المختلفين –البحث عن سبل التلاقي – على كلمة سواء، لا فلسفة الاختلاف…! أجل، لقد مر التحالف بمنعطفات كثيرة ، أثناء تجربته، وكانت هناك دواع أعمق ، بحسب تقويمات الشارع الكردي، وضغوطات القوى الأخرى ـ كي تحدث-هزات ما- لكنه في كل مرة كنا نشهد التفافاً عاما حول القرار التحالفي، ضمن دورة هذه السيرورة التي كانت – القشّة- التي قضمت ظهر البعير، وأضعفها طراً، وهنا أتحدث عن مسؤولية كل طرف في ضرورة تفهم الآخر، لا في تقويم ما تم، وحصر المسؤولية……وفي المقابل، إن بين الأحزاب التي اختلفت الآن رصيداً وإرثاً كبيرين من علاقات التفاهم، والتضحية من أجل الآخر، المختلف معه، راهناً، ولا أروح أبعد، كان من الممكن أن تشكّل كابحاً لما آل إليه التحالف من حالة شبه إعدام ، إذ سيصار اللجوء إلى القبول-من جديد- بأحزاب شكلية ، لديكرة التحالف ، كما غيره من الأطر الأخرى……!.
ألا تتفق معي بان ما يجري الآن على صعيد (السياسية الكردية) هو هروب للبعض من المسؤوليات السياسية والوطنية الملقاة على عاتقهم .؟؟ أم انه فك وتركيب للإطارات القديمة التي لم تعد تنفع في الوقت الحالي ..
.؟؟
عموماً ، لا أريد أن أنصب نفسي لتوزيع شهادات حسن السلوك على غيري، فحسبي أن أقول كلمتي، بطريقتي الخاصة ، مؤكداً أن المعيار الوحيد للحكم على نضال أيّ طرف يكون عادة من خلال درجة– خدمة الآخر- على المديين : القريب والبعيد ، دون أن يوضع في الحسبان مدى توظيف ذلك لخدمة الحالة الحزبية.
يبدو أننا إزاء حالة التفكك التي نشهدها، سنترحّم على – زمان الأطر-الماضية التي كنا نأمل توحيدها، وهذا مؤشّر سلبيّ ، برأيي، لأن نشوء أطر جديدة ، دون أن يكون من خلال الحراك اليومي، في المقابل، سيشكل بالتأكيد تثبيطاً ضمن حالة ركودية، في الأصل، لا تخدم ديدن مسوّغات وجود هذه الأطر أصلاً…..!
يقال بأن الخلافات طرأت في قيادة التحالف لعدم اتفاق على إرسال ممثل لها إلى أمانة العامة لإعلان دمشق ..أم تعتقد أن ثمة دواعي أخرى وراء افتعال هذه الأزمة لر بما هي خارجة عن إرادة الجميع.؟
لست من هؤلاء الذين ينهلون من المعجم الاتّهامي، المشين الذي يكون النهل منه أصلاً في خدمة من لا يريدون الخير لنا جميعاً، و إن إطلاق حكم من قبلي – هنا- يدخلني في متاهة التجوّر على مهمة القاضي التي لا أستسيغها ـ هنا – ولاسيما أنها تصادر دور المتابع ، من خلال توصيف أحكام مطلقة ، و إجابات منجزة……!
هل في تصورك أن ما جرى في اجتماع مجلس العام للتحالف بتاريخ : 7/ 3/ 2008 من نقاشات ساخنة كانت سببا رئيسياً في توتير العلاقة داخل التحالف أم ان ثمة أسباب أخرى خارجة عن سيطرة الجميع …؟
لست من عداد أعضاء مجلس التحالف العام ، ولم أكن موجوداً أثناء الحوار المشار إليه ، ولم يطلب أي طرف ، لا مني ولا من سواي أن نتدخل، بل بالعكس هناك من نصح بعدم السعي في مجال العمل لإعادة الوئام بين المختلفين، هنا وهناك، وإن الإجابة بـ ” نعم ” أو ” لا ” تضعني فوراً في حومة الخلاف ، خارج الدور الذي أرتأيه لنفسي، كصاحب موقف، غير منحاز، إلا للمصلحة الأكبر، ولاسيما أن التخندق ” مع ” أو “ضد” من شأنه أن يوتّر لوحة الخلاف ، بدلاً عن إعادة المياه لمجاريها ، وهيهات ذلك ، مع إنه رغم ما توصلت إليه من نتائج غير مشجعة في هذا المضمار ، لا أعدم الأمل في عودة الروح إلى قوام هذا التحالف…..!
البيانات الصاروخية التي تنشر من خلال الإعلام الكردي الرسمي وتحمل رصيداً من الكلام القاسي ضد رموز كردية.
برأيك ألا تفقد القيادة الكردية هيبتها الجماهيرية نتيجة لهذه البيانات ..!! أم أنها الديمقراطية الملعونة عندما تأتي لا تنتظر دستورا من احد وتبوح ما في جعبتها دون حياء أو خجل ..
؟
بعيداً عن تقويم هذه الاتهامات أحب أن أبين هنا، أن الاتهامات عادة تفقد مصداقيتها حين نشوب أي خلاف بين طرفين، ولاسيما حين يكون من هذا الطراز، حيث انحدرت إلى درجة أنني سميتها بـ- الحرب الألكترونية الكردية الأولى – حيث انعدام الضوابط ، ولأطمئنك أن زمان التخوين قد ولى ، خاصة في مثل هذه المواقف، ولم تعد مقولة “إن “إعدام”وتحديداً” تخوين فلان لا يكلفني إلا سطراً في جريدة “والإعدام معنوي هنا، تنطلي على أحد، بل أحبّ أن أضيف ” أن التهمة نتاج حالة ضعف لا قوة” وقديما قال الكرد sixef kare qelsane ولقد كان ممكناً مناقشة كلّ وجهات النظر المخالفة في إطار شفاف وديمقراطي على نطاق واسع……
كيف ترى دور المثقف الكردي في هذه المرحلة..
وما المطلوب منه تحديداً..!! وهل بمقدوره الخوض في هذا الحراك الآني بحرية منفلتة ..؟
باستثناء حالات طفيفة جداً، لم يكن للمثقف الكردي – وهو هنا عندي ضمن مواصفات محدّدة- أيّ حضور يذكر، لأنه آثر أن يكون معزولاً، قصياً، على هامش ما يتمّ، وهي ليست المرة الأولى – للأسف- التي تبتعد هذه الأقلام عن التدخّل في قول كلمتها، حيث يجب، فهي قد دأبت – السكوت- عما يدور حولها حتى في حالات أشدّ حرجاً، وهو في أقل توصيف له – شطب على دوره الريادي- ومحاولة للقبول بالأمر الواقع، وعدم إزعاج أحد ، خاصة وأن كثيرين منهم في انتظار تطويب وتعزيز مكانته من خلال مباركة السياسي، إن لم تكن انطلاقته على هذه الطريقة، و يستوى هنا المستقل والحزبي على حد سواء …
برأيك ككاتب وكإعلامي إلى أي مستوى ستؤثر أجواء التحالف على دور الكرد في إعلان دمشق للتغير الديمقراطي ..؟؟
إنّ ما تمّ كان بمثابة طعنة في ظهر حالة عوّلنا عليها الكثير من الأمل، وكانت قد انطلقت من رحم 12 آذار ، لتسمّى بـ- مجموع الأحزاب الكردية، وتكاد تأخذ طابعاً مؤثراً ذا قيمة في أحد محطاتها القريبة ، لتكون لها لجنتها العليا ، وهو ما سيربك بلا أدنى شك، وإلى وقت غير قليل ، أيّ تواصل مع الكرد، بدلاً من تسهيل ذلك……
لا أريد أن أضرب المندل، أو أتصرّف على طريقة – قارىء الفنجان- لكنني أستطيع أن أجزم أن ما يتمّ حالياً، وعلى ضوء المقدمات الأليمة، إنما هو إيغال في ثقافة وخيار “القطيعة”، وهو دليل عن عجز عن مناقشة جوهر الخلافات ضمن ضوابطها وزمانها ومكانها، ومبعث ذلك ردّات الفعل العنيفة التي يتعامل خلالها من قبلنا مع بعضنا بعض، لمجرد اشتعال عود ثقاب الفتنة…!طبيعي جداً أن ما تم الآن ضمن هيكلية التحالف، ليس مؤشر خير قط، إلا إذا انطلقنا من مبدأ” التشفى بهذا ” الطرف أو ذاك، ولاسيما أن ما تم شكل خيبة كبرى للجميع، على حد سواء، وهو لم يحقق ولو مجرد إيجابية – بالمعنى البرهي والاستراتيجي على حد سواء، لأنه أضر بالجميع ، ولن ينجو أحد منا من الانضواء تحت هذا الحكم، نعم لم ننج ، فكلهم – أعني من هم في حومة الخلاف- وبغض النظر عن رسمية تمثيلهم ، أصدقاء أعزاء……!