تساؤلات من العتمة في الشمس قراءة وتساؤلات في كلمة السيد عبد الحميد درويش

زارا سيدا

مساحة معتمة في لا وعي كل منا أحياناً كثيراً ما نود أن لا ترى النور, مليئة ببركان من الأسئلة التابوية المحرمة , ملئها الحيرة و الشك والظن , نحتفظ فيها بكل الكلمات والآراء والمشاهد التي نخشى تبنيها, لا جهلاً بل خوفاً من أن ينقلب السحر على الساحر ويبيت الشك يقيناً , تدندن آذاننا أو تجحظ أبصارنا عندما يمر طيف أو نغم ما ذو صلة به , أوعندما ( يلعب الفأر بعبِنا ) .

نخرجها في هذه القراءة أسئلة مطروحة  منثورة في الشمس (الوعي), ننفض عنها غبار العتمة وأسن اللا وعي .

لن يكون هذا سجالاً مخجلاً , بل هي دعوة لإعمال العقل لبناء أجوبة رصينة نحن بأمس الحاجة لها اليوم , لنعيد معاً بناء خطاب سياسي كردي يترقي و متطلبات المرحلة .

الأجوبة متروكة لكل من يجد في نفسه المسؤولية أمام هذا الواقع الذي يتربص به ليكون أسوأ مما يريدون , متمنياً أن نتحلى بروح لا يشوبه شخصانية أو نزوة انتقام .

 
في تزامن وتوافق واضح لا لبس فيه مع قرار مكتب الأمن القومي في القيادة القطرية لحزب البعث  القاضي ب ( منع الاحتفالات العامة إلا بموافقة وزارة الداخلية ، ومنع رفع الأعلام الكردية ، وتحويل رافعيها إلى محكمة أمن الدولة بتهمة الخيانة العظمى واقتطاع جزء من سوريا )  ألقى سكرتير الحزب التقدمي عبد الحميد حاج درويش  كلمة في ندوة تمحورت حول أزمة التحالف ورؤية حزبه “في القضايا الوطنية و القومية”_ نشرت في عدة مواقع انترنيتيه _  نقرأ منها ما هو متوافق ومتزامن مع قرار مكتب الأمن القومي في القيادة القطرية لحزب البعث , تزامن يثير لدى أي كردي أسئلة يخجل أحياناً ويخاف أحياناً أخر أن يتحول الشك إلى يقين لديه , عن الأسباب والتوقيت والدوافع , إذ يقول : ” قام وفد مشترك من التحالف و الجبهة بنشاط هام بين الأوساط العربية و السريانية حيث التقينا وفودا عديدة من الوجهاء و المثقفين العرب و السريان الذين ابدوا تعاطفا واضحا مع قضيتنا و لكنهم في نفس الوقت أشاروا إلى بعض الممارسات التي تقلقهم مثل رفع الأعلام و الصور و الشعارات   (كردستان ..) و هل هي تمثل دعوة إلى الانفصال ؟؟ ” إن التوافق في المضمون والتزامن بينهما يثيران بركان من الأسئلة عن الدافع والغاية من حديث السيد درويش ؟!!!!! هل هي فعلاً (حرب بالوكالة) ؟ , من هي الجهة التي يوجه إليها السيد درويش خطابه (النظام أم الحركة) ؟, ما هو أوجه العقلانية والموضوعية في هذا الخطاب ؟ … هل هي محاولة تخفيف الضغط على النظام و جر الحركة إلى الصراعات الهامشية الداخلية  ؟!!
كذلك عرض السيد درويش رؤية حزبه وشخصه عن أزمة التحالف التي لن أدخل في حيثياتها ’ إلا أنني سأفكر بصوت مقروء, متسائلاً يعترف التقدمي وسكرتيره أيضاً الآن, بحديث الأخير في الشق المتعلق بالتوافق والفساد الإداري في كردستان العراق , ونفي تحدثه عن الشق الآخر (تصرفات لا أخلاقية بدرت عن كوادر الصف الأول في قيادتي YNK   و PDK ) كما روِّج في الشارع , لكنه أصر على أن تصدر رسالة من المجلس العام للتحالف تكذب هذا الحديث على لسانه , وكان له ذلك رغم معارضة البارتي واليساري .

مادام السيد السكرتير واثق من كلامه لماذا الإصرار على الدفاع عن نفسه ؟ , ما الغاية من حديثه عن الفساد الإداري في كردستان العراق , و التحقيقات في ملف فساد مكتب حزبه في السليمانية لم ينسى بعد ؟.

أدان الحزبان الكردستانيان – أحزاباً ومؤسسات الإقليم الفدرالي- النظام السوري بلهجة شديدة , إدانة لجريمة قتل ثلاثة شبان كرد عشية نوروز هذا العام .

هل كانت إدانة السيد درويش للحزبين الكردستانيين رداً على إدانتهما تلك للنظام , وهو من كان معترضاً على التوقيع على بيان الحركة في إدانة الجريمة بحجج واهية , إلا أنه تفهم ما سيؤول إليه موقعه في الشارع والتاريخ الكردي للأبد ؟!!!!! .

كذلك هل هي محاولة أخرى للنيل من عزيمة الشارع الكردي وتبخيس وتحجيم صورة الحركة الكردية أمام الجيل الشاب وبذلك تحقق سياسة قاتلة لقضيتنا القومية ؟ !!!
 كما وصف السيد عبد الحميد درويش سياسة حزبه طيلة الخمسين عاماً  مضت ب ” الموضوعي و العقلاني ” الذي ينم ضمناً عن أن هناك نهج آخر مغاير (لا عقلاني ولا موضوعي) غالباً ما يصفه ب ” الغلو و التطرف ” وهو تعبير ومصطلح درج هذا الحزب على استعماله منذ تبني الخطاب السياسي الكردي لدى عدد من الأحزاب مصطلحات ذات دلالة جغرافية أو تاريخية مثل ) جنوب غرب كردستان – الجزء الكردستاني الملحق بسوريا – كردستان سوريا – كردستان الجنوبية الغربية ….

(.

تشرح القواميس العقلانية بأنها الاعتماد على العقل أكثر من العاطفة  في اتخاذ القرارات , بعبارة أخرى الاحتكام إلى المنطق , والموضوعية بأن تفكر اعتماداً على الحقائق , دون التأثُر بوجهة نظرك أو عواطفك .

والغلو بجعل الأمر يبدو ذو أهمية أو خطورة أو تهويل  …..

أكثر مما هو عليه في الوقع (الحقيقة).

والتطرف هو ما يعتقد الغالبية بأنه لا منطقي و غير مقبول .

من هذه التعريفات البسيطة ننطلق متسائلين هل نهج التقدمي سياسة (موضوعية) معتمدة على الحقائق – تاريخية أو جغرافية – دون تأثر برؤيته الخاصة ؟, لماذا تتقاطع رؤاه مع رؤى النظام في توصيف متبني تلك المصطلحات بالمتطرفين مثلاً وفي محطات أخرى طيلة الخمسين عاماً ؟!! , ما هو المنطق المحتكم إليه لدى التقدمي في سياساته طيلة ال50 عاماً ؟ , أيهما غلو و تطرف كردستان سوريا أم الأقلية الكردية في سوريا ؟!! , هل من الموضوعية وصف 12 آذار2004 أو إحياء ذكرى شهدائها بالفتنة ؟
يستطرد السيد درويش في كلمته  ” لا بديل لنا عن إقناع العرب و السريان بحقوقنا و ليس الجري في الأسواق و رفع الأعلام و الشعارات ”  .

ينطلق التقدمي من رؤيته التصنيفية للسياسات الحزبية بين العقلانية و المتطرفة ليصنف (النضال) السياسي الديمقراطي إلى ” الهادئ البعيد عن العنف و التطرف و بعيدا عن التزييف ”  , ليست في قواميس السياسة بكل لغات العالم كلمة نضال “هادئ ” لعل السيد درويش استخدم هذا الاصطلاح ليتجنب آخر وهو السلمي , إذ أن ما رمى إليه بقوله ” الجري في الأسواق و رفع الأعلام و الشعارات ”  هو التجمعات والتظاهرات الاحتجاجية , التي تندرج ضمن النضال السلمي الديمقراطي , ولا يتردد السيد السكرتير في إبداء استيائه من هذا النوع من النشاطات منذ عودتها إلى الشارع السوري , ويكتفي التقدمي بإصدار نشرة نصف شهرية إلى جانب بعض المقالات و اللقاءات في الانترنيت , و لقاءات مع الفعاليات العربية والسريانية في المعارضة (طاولة الحوار) , والموالية أيضاً أحياناً مثل المدعو محمد الفارس  أو محمد الصوان وغيرهما  .

يتبادر إلى الذهن : ما هي الجدوى النضالية للنشرات الشهرية ؟ .

وما هي الجدوى النضالية للاحتجاجات والتظاهرات ؟!! , أيهما أكثر تزييفاً لحقيقة مطالب الشعب الكردي , النضال الورقي أم النضال الجماهيري ؟!! .

لماذا يصر التقدمي حصر الفعل السياسي في العلاقة التوافقية مع العرب والسريان ؟ , هل نصب التقدمي العرب والسريان قضاة ورقباء على قضيتنا القومية؟!! .

 

” نعتقد بأن أي أسلوب نضالي يتبع من أية جهة أخرى لابد لها ,حتى تكون مجدية -ومفيدة- وأن تحظى بإجماع القوى الوطنية التي تعمل من أجل التغير السلمي الديمقراطي وخصوصا الوسط العربي ” (نشرة الديمقراطي).

 أيهما الحلقة الأضعف في المعادلة الوطنية ليقنع الآخر بحقوقه , السريان أم الكرد ؟!! , كيف يفسر التقدمي حمى بناء الكنائس في المناطق الكردية ؟!! قد يكون السؤال الجوهري هل سينفتح النظام على الكرد وقضيتهم لو مارسوا السياسية التي يطالب التقدمي بممارستها كي ننئي بها- السياسة- عن أن ” تستغلها الجهات الشوفينية لإضفاء طابع الانعزالية على شعبنا وإلحاق المزيد من الأذى به ورفع وتيرة الاضطهاد بحقه ” (نشرة الديمقراطي).

ماذا فعل كل{ محمد } من شهداء 20 آذار حتى يقتل بكل ذاك الحقد ؟!! , هل أثارت ابتساماتهم و بهجتهم بنوروزهم حفيظة ” الجهات الشوفينية” وماذا فعلت الجهات اللا شوفينينية من النظام لفضح الجريمة ومعاقبة الجناة ؟!! وهل فقه السيد إسماعيل عمر رئيس حزب الوحدة –حليف التقدمي حتى الآن – بأن الكردي يقتل في سوريا لا لشيء سوى لأنه كردي , على العكس من تصريحاته إبان استشهاد شيخ شهداء الكرد الدكتور محمد معشوق الخزنوي حين قال ” الانتماء القومي الكردي – الكردايتي – ليست خطاً أحمر,ولا يقتل أحد في سوريا بسبب الكردايتي  ” (Rojava.net – حزيران 2005).

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي في مشهد الصراع السوري، تُستدعى رموز التاريخ الإسلامي بشكل متكرر من قبل الفصائل المختلفة، كلٌّ بحسب توجهه وهويته. ومن بين تلك الرموز، يبرز اسم الدولة الأموية / بني أمية / الأمويين بقوة في خطاب بعض الجماعات والفصائل ذات الطابع السنّي، خصوصاً تلك التي ترى نفسها امتداداً لـ”أمجاد الماضي”. لكن استحضار بني أمية اليوم، في سياق شبه حرب أهلية…

د. محمود عباس   بعد مجريات الأحداث المتسارعة في سوريا، وتحوّل ما يُسمّى بالحكومة الانتقالية إلى واجهة مفرغة من الوطنية، خاضعة بالكامل لهيمنة هيئة تحرير الشام، ومُلتحقة بالإملاءات التركية، لم يعد أمام الحراك الكوردي خيار سوى الإعلان، وبشكل صريح وحاسم، أن المنطقة الكوردية ستدار بشكل مستقل عن المركز، إلى أن تتضح ملامح سلطة سورية بديلة، مدنية، لا مركزية، تؤمن بالنظام…

ابوبکر کاروانی. من خلال عقد مؤتمر للوحدة والموقف الكردي الموحّد في روج آفا، دخلت القضية الكوردية في ذلك الجزء من كوردستان مرحلة جديدة ومهمة. وتتمثل في توحيد القوى الكوردستانية في روج آفا على أساس تمثيل الذات كناطق باسم شعب كوردستان في هذا الجزء من كردستان، ولحلّ قضية عادلة لم تُحل بعد. هذه الخطوة هي ثمرة جهود للقادة، وضغوط ومساندة الأصدقاء،…

نظام مير محمدي* لطالما كان الملف النووي الإيراني أحد التحديات الأساسية على الساحة الدولية. فمنذ الأيام الأولى لنشاط مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، سعى النظام الحاكم جاهداً، عبر خلق العقبات وتقديم معلومات منقوصة، إلى إخفاء الطبيعة الحقيقية لبرنامجه النووي. هذا النهج المخادع، الذي أكدت عليه مراراً وتكراراً السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مطالبةً برقابة…